روبوت أو الإنسان الآلي
رأيته واقفًا بالباب منتظرًا
في صورة شابهت تصوير إنسان
فقلت: من أنت؟ قال: العلم عدَّ أبي
ولي (الطبيعة) أم، ثم حياني
وراح يصحبني في مشية صدقت
فما تعثر بل قد جاز حسباني
وهو المكون من سلك ومن خشب
ومن حديد بمقياس وميزان
هو الجماد ولا روح تشع به
فكيف جاوب تبياني بتبيان
فرنَّ في ضحك من حيرتي ومضى
في سخره جد مغرور وفرحان
وقال: اعلم صديقي أنني بشر
للكهرباء ومن جدواك بنياني!
فكيف تفتنُّ في شعر الخيال ولا
ترى فواتن شعر لي ووجدان
انظر! تأمل! تجد ما صغت من عجب
فاق الخيال بإبداع وإحسان
للشعر والعلم في مرآي قد جمعا
للنابه المتسامي حيث يلفاني
وما أساطير (خيمي)١ حين تنظمها
أجل روعًا ولا أوهام (يونان)
قالوا هو الشعر إحساس وأخيلة
ألا تراها إذا ناجيت سلطاني؟
ألست تذكر عهدًا في الظلام مضى
وعهد نور بإعجاز وعرفان؟
ألست تلمح عهدًا للنشوء كما
تطير حلمًا إلى عهد السبرمان؟
ألا تجيش بأحلام منوعة
وبالعواطف ألوانًا بأزمان؟
ألا تحسُّ بدنيا لن يكون بها
إلا التسامي بمجهود وإيمان؟
انظر فها نحن في عصر تقوم به
بدائع العلم في نفع كإخوان
حتى الهواء غدا للناس مزرعة
وفي الصناعات سحر جد فتان
وفي الأثير حياة كلها عجب
كأنما سابقت جنات (رضوان)
تموج فيه مسراتُ الحياة بلا
حد، وتسبح فيه روح ديان
وليس وقفًا على شعب يخص به
ولا على ملة من دون أديان
انظر صديقي! تأمل! لا تقل أبدًا
إن الحضارة ليست وحي فنان
لا تصغ حقًّا إلى من طالما عبثوا
بالفن ما بين محموم وسكران
يموهون بألفاظ منمقة
على الحياة وكلٌّ غافل هاني
ويحسبون التنائي عن حقائقها
فنًّا، وفي العلم خصمًا، مثل عميان
وما دروا خير ما توحي الثقافة في
عصر يبدل أكوانًا بأكوان
•••
وعندما قمت من نومي على خجل
جعلت نظميَ هذا بعض قرباني
فإن أبى لي اصطحابًا من أخص بهم
شعري فحسبي أن أعليت ديواني
وليمتلك أدب الترصيع مزدهيًا
من شاء وليبق لي وحيي وقرآني
إني رضيت جمال العلم لي قبسًا
إن دان غيري بنجواه لشيطان!
١
اسم مصر القديمة.