خاتمة
وبعد أن بلغتُ من مجموعي هذا الحدَّ رأيتُ الاعتراف بفضل مَن رشحَت أقلامُه بالآيات البيِّنات تتجلَّى بأنوار الحق اليقين: حضرة العالم الفاضل واللغوي الشاعر إبراهيم أفندي الحوراني الذي تكرَّم فاطلع على مسودات هذا المجموع، فغدا بَعد رمْقِه بنظرِه الكريم شامةً في وجنة المجاميع، وقد زيَّنته بدرر قصائدِه الغوالي من شعر صِباه؛ تحليةً لكتابي ورِفعة لمقامه في أعين الأدباء الذين يقدرون الشعر حقَّ قدره، ولما كان حقُّ الشعر بالشعر يُقْضى، ولبانات النفوس بغير القَريض لا تُنال؛ رأيت — مع جمود القريحة — أن أرضخ لِحُكم ما تدفعني إليه نفسي التي أبَت إلا إظهار الفضل وأربابه، فنظمتُ قصيدة ذكرتُ في أبياتها بعض صفاته؛ أقضي بذلك واجب الحمد، وإنما الأعمال بالنيات، ولا تُكلَّف النفس فوق طاقتها، فأقول:
هذا وقد قيل: إن كل تصنيف يَنبغي أن يحتويَ على ثمانية أشياء: معدوم قد اختُرِعَ، ومفرَّق قد جُمِعَ، وناقص قد كمُلَ، ومُجمَل قد فُصِّل، ومُسْهَب قد هُذِّب، ومُخلَّط قد رُتِّب، ومُبهَم قد عُيِّن، وخطأ قد بُيِّن.
فأما المعدوم الذي اختُرِع فهو: أولًا ما في هذا الندى من منظوماتِ بعض أدباء العصر الذين ما بَخِلوا علينا ببعضِ ما لديهم مما يَنطوي تحت الموضوع. ثانيًا: ما في مجموعنا من القصائد والمقاطيع التي أطْلع الإفرنجُ دُررها من بحور مَكاتبهم، فأهدَوْها إلينا بالأثمان الغالية، ونحن قد حُرِمنا منها. أما المفرَّق الذي جُمِعَ فهو شتات الأبيات، ولفيف المعاني، ضمها هذا المنزل الرحب. والناقص الذي كمل فهو ما تصرفَت به أيدي النُّسَّاخ على تَمادي الأيام، صرَفْنا الجهد في الاطِّلاع على أصله، أو إعادته إلى مثاله. أما المجمل الذي فُصِّل فما كان لمتجَر الكتب مِن رواج في بلادنا، يُجرِّئنا للإقدام على حَلِّ مُعقَّدها. أما المسهَب الذي هُذِّب والمخلَّط الذي قد رُتِّب … إلخ فهو ظاهرٌ للعِيان، لا يحتاج إلى زيادة بيان.
ورُبَّ معترض يقول: هذا كتاب صغير الحجم، غيرُ وافٍ بالمطلوب! فأقول: لو تحرَّيتُ ذِكرَ جميع أبيات العرب في هذا الموضوع لضاق دونها القِرطاس، ولكن رُمْتُ جمْعَ ما تفرَّق لا غير، وما لم تتناقَلْه الألسُن، وإلا لزدنا فوق المائة ألوفًا.
ولا أَغفُل عن الإشارة إلى عدم تعرُّضي لذكر الألقاب والرُّتَب التي كثيرًا ما توقِع المؤلِّفَ في التعقيد بين تقديم ذاك وتأخير هذا، لا سيما وفي رجال العصر قوم حَسبوا أن حصولهم على لقب العالم والفيلسوف أو غيره من الألقاب هو الفوز الحقيقيُّ المتبادَل بين أهل الأدب، كما أن التأخير لا يَخفِض مِن قدر المؤخَّر، خصوصًا والكتابُ مقتطَف من كتب ومؤلَّفات متعددة لا تسمح لنا بتبويبه. وأملي أن لا يكون قد أخطأ سهمي الغرض في تحرِّي ذِكْر ما لا يمسُّ الآداب؛ فقد نبذتُ ظِهْريًّا جميعَ ما علمتُه واطلعتُ عليه من الأبيات التي تَكفي الإشارةُ إليها عن الإسهاب.
ثم إنه إذا تمَّت الأماني أردَفتُ كتابي هذا بمجموعٍ آخر في الحِكَم، وغيرَه في غيره من سائر أبواب الشعر مما يَحتاج إليه الكاتب، فيكون مجموعة معانٍ نَصرف قصارى الجهد في تهذيبها إلى أن تَجيء كاملةَ الإتقان، والحمد لله على كلِّ حال.
-
«يا ليته ترك الذي هو مبصرٌ» صوابه «يا ليته ترك الذي أنا مبصرٌ».
-
«تمنعت بين البيض والشوس» صوابه «تمنعت بين الشوس والبيض».
-
«وكان بودي لو برزت إلى الحمى» صوابه «وما كان يجدي لو برزت من الحمى».
-
«أيا دارهم بالواديين قريبة نراك ولكن ما إليك وصول» صوابه «أيا دارها بالواديين قريبة نراك ولكن ما إليك سبيل».
-
«نعم كل من يهوى الجميل ذليل» صوابه «نعم كل من يهوى الجمال ذليل».
-
«بكت فاسنهلَّ الدمع في صحن خدها» صوابه «بكت فاسنهلَّ الكحل في صحن خدها».
-
«منها غلا ظمأ الغليل وما شفى» صوابه «منها غلا ظمأ العليل وما شفا».
-
«وإنك لا تدري غريمًا مطلته» صوابه «وإنك لا تدرين صبًا مطلته».
-
«خاليك زينب أحرقا قلبي جوى» صوابه «خالاك زينب أحرقا قلبي جوى».
-
«وتأملن صُنع الهوى بغريقه» صوابه «وتأملن صُنع الهوى بفريقه».
-
«محبتي صورت لي جسمًا» صوابه «حبته حبته صورت لي جسمًا».
-
«نحجت وأنى تنجح الظلَّام» صوابه «نجحت وأنى تنجح الظلَّام».
-
«وله في محنَّى» صوابه «محنإ».
-
«قالوا به جربٌ فقلت قفوا» صوابه «قالوا بها جربٌ فقلت قفوا».
-
«مقيريح الجفونِ من السهير» صوابه «مقيريح الجفين من السهير».
-
«بكل شيء فيه مستحسن» صوابه «بل كل شيء فيه مستحسن».
-
«طلعنا منكما الأنوار تهدينا» صوابه «طلعنا منكما الأنوار تأتينا».
-
«يا عابثًا بعداة الوصل يخلفها» صوابه «يا عابثًا بعدات الوصل يخلفها».
-
«مضغ الكلام ولا صبغ الأحاجيب» صوابه «مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب».
ولما كنت قد علقت اسم سيدي الخليل عوذة في جبين الكتاب وجب عليَّ أن أعقد عليه في الخاتمة خناصر المديح ثناء الوفاء: