توطين المنهجية العلمية: مقاربات فلسفية ... تاريخية ومستقبلية

«إن المنهجيةَ بمفهومها الشامل لا تَنفصِل عن الهُوِية الحضارية، وهي تمثيلٌ للإطار الثقافي المَعنِي، تَضمُّ المشتركَ الإنسانيَّ العام من أدواتٍ منطقية، وآلياتٍ عقلية، ووسائلَ ذهنية، وإجراءاتٍ تقنينية، ومهاراتِ التفكير التحليلي الناقد الذي يتَّصِف بالاستقلالية والإبداع … ولكنها لا تقتصر على هذا؛ لأن العقول في واقعها الفعلي المنتج ليست «أشياء» يُمكِن أن تُصَبَّ في قوالبَ مُحدَّدة، وإنما هي قدراتٌ يجري تفعيلُها وإعمالها في اتجاهاتٍ مختلفة، ونريد لها اختيارَ اتجاهاتٍ محدَّدة؛ لذا تُجسِّد المنهجيةُ أيضًا عناصرَ الخصوصية الحضارية من قِيَم وتوجُّهات ومُنطلَقات حتى يُمكِن اعتبارُ المنهجية بمفهومها الشامل تمثيلًا لطابع الحضارة المَعنِية.»

تُثير «يُمنى طريف» إشكاليةً مهمة شغلَت فلاسفةَ العلم العربَ طويلًا، وهي الموقف من التراث في عصرٍ باتَ فيه المنهجُ العلمي هو طريقَ الحداثة، فهل العلاج أن نُولِّي التراثَ ظهورَنا إذا أردنا التحديث، أم هناك رؤية أخرى؟ تُعالِج «طريف» هذه الإشكاليةَ من خلال فرضيةِ أن العلم ظاهرةٌ إنسانية تنمو وتتطوَّر في سياقٍ ثقافي وحضاري، وليس صحيحًا أن العلم لا وطنَ له ولا هُوِية؛ إذ يجب التمييز بين المنهج والمنهجية؛ فالمنهج هو آلياتُ العقل البشري عمومًا في البحث، أمَّا المنهجية فتَشمَل التلاقُح بين آلياتِ البحث وبين رؤيةِ العالم والمنظومة القيمية؛ ولذا نجد المنهجيةَ الغربية، والمنهجيةَ الألمانية، والمنهجيةَ اليابانية، كلٌّ منها لها سِماتُها وخصوصيتها. ومن هنا ترى «طريف» إمكانيةَ وجودِ منهجيةٍ إسلامية لها خصوصيتُها، وخاصةً أن التراث العلمي العربي يَحمل بداخله مُقوِّماتِ هذه المنهجية، وبالأخص تراثُ الرياضيات.


هذه النسخة من الكتاب صادرة ومتاحة مجانًا بموجب اتفاق قانوني بين مؤسسة هنداوي والسيدة الدكتورة يمنى طريف الخولي. النسخة الصوتية صادرة ومتاحة مجانًا بدعم من المفوضية الأوروبية.

تحميل كتاب توطين المنهجية العلمية: مقاربات فلسفية ... تاريخية ومستقبلية مجانا

تاريخ إصدارات هذا الكتاب‎‎

  • صدر هذا الكتاب عام ٢٠١٩.
  • صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠٢٤.

عن المؤلف

يمنى طريف الخولي: أستاذ فلسفة العلوم ومناهج البحث، والرئيس الأسبق لقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة. ساهمت في إثراء الحركة الفكرية العربية بجهدها المتميز لنشر الثقافة العلمية ومنطق التفكير العلمي، وتفعيلِهما وتوطينهما في حضارتنا، من خلال كُتبها التي تتجاوز خمسة وعشرين كتابًا تأليفًا وترجمة، وأبحاثِها بالعربية والإنجليزية في دوريات علمية مُحكَّمة، محلية وإقليمية ودولية، فضلًا عن عشرات المقالات والدراسات، والمحاضرات التي ألقتها في جامعاتٍ ومراكز أبحاث شتى، من أقصى الشرق في كيوتو إلى أقصى الغرب في هاواي، وصولًا إلى قلب أفريقيا، ومرورًا بغالبية الدول العربية.

مثَّلت مصر وشاركت بأبحاثها في العديد من المؤتمرات الدولية في القاهرة والكويت وسوريا ولبنان والأردن وتونس والجزائر والسعودية والمملكة المغربية واليابان وماليزيا والولايات المتحدة الأمريكية. عملت زميلًا زائرًا بمركز الأبحاث الدولي للدراسات اليابانية في كيوتو، وبصفتها أستاذًا للدراسات العليا ساهمت في إنشاء قسم الفلسفة بجامعة أحمدو بيلو في نيجيريا؛ ثاني أكبر جامعة في أفريقيا بعد جامعة القاهرة، وقد بدأت الدراسة فيه عام ٢٠١٤م. زارت جامعات آيوا وهيوستن وهاواي بالولايات المتحدة الأمريكية، ودمشق والعين بالإمارات العربية.

وُلدت «يمنى طريف أمين الخولي» في آخر أغسطس عام ١٩٥٥م، لأسرة مهتمة بالعلم والثقافة. قضت شطرًا من حياتها الباكرة في إنجلترا، وحصلت على زادها الأول من مكتبة والدها الذي علَّمها «كيف تقتنص رحيق الحياة وآفاق الثراء الباذخ من صفحات الكتب»، حسبما تذكر في مقدمة كتابها «أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد»؛ حيث تناولت معالم فكر جدها الذي يقف بمنهجيته العقلانية في صفوف الإسلاميين الإصلاحيين والرعيل الأول من كبار أساتذة جامعة فؤاد الأول.

كانت «يمنى الخولي» دائمًا من الأوائل، واختارت دراسة الفلسفة عن يقين. حصلت على الليسانس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من جامعة القاهرة عام ١٩٧٧م، وعُيِّنت معيدة بقسم الفلسفة. وفي عام ١٩٨١م نالت درجة الماجستير عن رسالتها «فلسفة العلوم الطبيعية عند كارل بوبر»، وكانت أول دراسة عربية لهذا الفيلسوف الذي يُعَد من أهم فلاسفة القرن العشرين وفيلسوف المنهج العلمي الأول. وفي عام ١٩٨٥م حصلت على الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عن موضوع «مبدأ اللاحتمية في العلم المعاصر ومشكلة الحرية»، وتدرَّجت في المناصب الأكاديمية حتى أصبحت أستاذًا في يونيو ١٩٩٩م، ثم رئيسًا لقسم الفلسفة (من فبراير ٢٠٠٦م حتى فبراير ٢٠٠٩م).

أشرفت على أربعٍ وعشرين رسالة ماجستير ودكتوراه، وأجازت رسائل بجامعات مصرية وعربية. هذا بجانب عضوية لجان وجمعيات علمية عديدة، منها: لجنة ترقية أساتذة الفلسفة بمصر، ولجنة تاريخ وفلسفة العلوم بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، والجمعية المصرية لتاريخ العلوم، ولجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة، ولجنة علمية بمكتبة الإسكندرية؛ فضلًا عن عضوية مجلس إدارة الجمعية الفلسفية المصرية، وهيئات تحرير مجلات علمية. وقدَّمت استشارات لتطوير اللوائح وتوصيف المقررات وطرق تحكيم الأبحاث في جامعات مصرية وعربية ومؤسسات ثقافية على المستوى العربي.

وقد صدر العديد من الدراسات والمقالات التي تعرَّضت لإنتاجها الفكري في أنحاءٍ شتى من الوطن العربي، ورسالة ماجستير بعنوان «فلسفة العلوم عند يمنى طريف الخولي» بجامعة قسنطينة بالجزائر، وجارٍ إعدادُ سواها في جامعات أخرى.

وتقديرًا لعطائها الفكري نالَتْ أربع عشرة جائزةً علمية؛ منها جائزةُ مؤسسة عبد الحميد شومان للعلماء العرب الشبان (١٩٩٠)، وجائزةُ باشراحيل للإبداع الثقافي في الدراسات المستقبلية (٢٠٠٤)، وجائزةُ الدولة للتفوُّق في العلوم الاجتماعية (٢٠١١)، وجائزةُ جامعة القاهرة التقديرية (٢٠١٦)، كما اختارَتْها الكويت شخصيةَ مهرجانِ القرين الثقافي الثامن عشر عامَ ٢٠١٢؛ فكانت ثاني وآخِر سيدةٍ تحصل على هذا التكريم الرفيع، بعد حَرَم رئيس الجمهورية الأسبق سوزان مبارك. ووضع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت الشقيقة في هذا المهرجان كُتيِّبًا للتعريف بالدكتورة يُمنى جاء فيه: «تشعَّبت إسهاماتها في مجالات العلوم الإنسانية إلى حدٍّ يَصعب حصْرُه في محورٍ محدَّد، أو مجالاتٍ دون غيرها؛ ولهذا يستحيل إنصافُها أو تقديرُها حقَّ قدْرِها، مهما كُتِب عنها هنا وهناك؛ فهي حركةٌ علمية وفكرية دائبة، تَنشرُ وهجَها في كل مكان. إنها إحدى قامات الفكر والفلسفة في المنطقة العربية.»‎

رشح كتاب "توطين المنهجية العلمية: مقاربات فلسفية ... تاريخية ومستقبلية" لصديق

Mail Icon

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤