الفصل الخامس

الأصل في الأصولين

لئن كان الأصل في اللغة هو ما ينبني عليه الشيء، فإنه بصدد نموذج قياسي إرشادي علمي إسلامي يضمُّ أبعاد الظاهرة العلمية وروحها ومعالمها وطبائعها وقِيَمها وموجهاتها في الحضارة الإسلامية، يمكن أن نجد الأصل الذي ينبني عليه مثل هذا النموذج كامنًا في الأصولَين: علم أصول الفقه، وعلم أصول الدين (= علم الكلام).

يتكاتف الأصولان، كلاهما منوطٌ به توطين الظاهرة العلمية في ثقافتنا المعاصرة، يلتقيان معًا كمبتدأ ومنطلق للعقل العلمي، نقضًا وإلغاء لأي زعم بغربة ثقافتنا عن روح العلم. أصول الدين باشتباكه مع العقائد والتصورات، يتصل بتصور حدود حلبة عالم العلم، بأنطولوجيا العلم وإبستمولوجيته، فيشتبك بفلسفة الطبيعة، مقابل اشتباك أصول الفقه بفلسفة المنهج أو الميثودولوجيا.

إن الطبيعة بمفهومها الواسع، والتي رآها علم الكلام: العالَم العلامة على وجود الخالق، هي الحلبة الكبرى للعلم التجريبي. وعلى الرغم من أن الطبيعيات لم تكن من المشكلات الكلامية الأساسية أو من العناوين التقليدية للمصنفات الكلامية، إلا أنها كانت منبثةً في كل هذا، واحتلَّت موقعًا فسيحًا كواحد من موضوعات ستة اشتمل عليها علمُ الكلام القديم، وهي التوحيد والقدر والإيمان والوعيد والإمامة، ثم اللطائف؛ أي الطبيعيات وموضوعها الجسم والحركة والزمان والمكان؛ أي الكون الفيزيقي، ويُفزع في مثل هذا إلى العقل. من هنا كانت الطبيعيات بمصطلحاتهم هي اللطائف أو دقيق الكلام المقابل لجليل الكلام وهو الكلام في العقائد التي يفزع فيها إلى كتاب الله.١

في فلسفة العلم ودراسات الظاهرة العلمية على الإجمال تدخل فلسفة الطبيعة في المقدمات التاريخية المفضية بشكل ما إلى العلم الطبيعي والتجريبي الحديث؛ لذا فإن تفهُّمَ أصولِه ومساره عبر التاريخ يستدعي تفهُّمًا لأصول وتطورات تصور الطبيعة عبر ملحمة الحضارة الإنسانية. أما تفهُّم هذه الأصول عبر ملحمة الحضارة الإسلامية تحديدًا، فيُحيلنا إلى علم أصول الدين، وذلك إذ نطرح السؤال: ماذا عن أصول تصور الطبيعة وتطوره في التراث الإسلامي؟

لقد أتَت الأصول وتراثنا الإسلامي بجملته، نتيجة لمعلول محدد هو الثورة العظمى التي أحدثَها نزولُ الوحي في المجتمع البدوي. وكان علم الكلام (= أصول الدين)، هو الآخر دائرة معرفية ترسمت حول الوحي، كنبتةٍ أصيلة نشأت قبل عصر الترجمة والتأثر بالفلسفة اليونانية، كأول محاولة لتفاعل العقل مع النص الديني/الوحي لتفهمه وإثبات مضامينه، فكان علم الكلام بحق أوسع وأهم المجالات لما أسماه محمد عابد الجابري العقلانية الإسلامية، أو كان كما رأى الشيخ مصطفى عبد الرازق، الفلسفة الإسلامية الشاملة حتى لعلم أصول الفقه بكل تألقه المنهجي. وذهب الإمام الغزالي إلى أن علم الكلام هو العلم الكلي بالنسبة للعلوم الدينية عمومًا، وسائر العلوم الدينية الأخرى — وهي الفقه وأصوله والحديث والتفسير — علوم جزئية.٢
ومن ثَم فعلى الرغم من أن منظور عصرنا قد يُبدي سلبيات في علم الكلام القديم، تفرضها المهام المنوطة به في إطار الظروف الحضارية والقصورات المعرفية لذلك العصر البعيد، فسوف تبقى إيجابية علم أصول الدين العظمى في أنه تشكُّل للعقل العربي الصميم، وتلمُّسه الخُطَى نحو إقامة الحجة وتكوين النظرية؛ فلم يكن إلا ممارسة للتفكير الفلسفي في القضايا التي أثارها نزول الوحي في المجتمع العربي، اتخذت شكل البحث في العقائد؛ لأنه الشكل الأيديولوجي المتفاعل والمثير للقضايا الفكرية. لقد كان علم الكلام أو أصول الدين بمثابة الفلسفة الإسلامية الخاصة التي شقَّت الطريق ومهَّدَته للفلسفة الإسلامية العامة،٣ أو بالتعبير الأثير لحسن حنفي علوم الحكمة. استفاد علم الكلام في مراحله المتأخرة من آتون التفلسف العقلاني؛ أي من المنطق، فكان ينمو ويتطور، ينضج … ينضج، فنضج حتى احترق كما يقول الأقدمون.٤ وانبعث من رمادِه فينق الفلسفة. وكان للمعتزلة خصوصًا دورهم في توجيه الفكر الكلامي إلى طريق أدى إلى الفكر الفلسفي الذي «عاش طور الحضانة تحت جناحهم».٥ وقد سبق أن أسهبَ ابن خلدون في إيضاح هذه القضية والمجرى الذي شقَّه المتكلمون بين الكلام والفلسفة التي ظهرَت بعد أن استوفى علمُ الكلام نضجَه، لتمثل دائرة أو مرحلة فكرية أعلى وأنضج أصبح الفكر والواقع مهيَّأَين لها. وكانت الفلسفة الإسلامية أكثر اتصالًا بصيرورة العقل البشري، وفي حلٍّ عن التمثيل الأيديولوجي الصريح، وإن كانت بالطبع لن تتحلل من روابطها به، وظل التوفيق بين الحكمة والشريعة من مهامها الكبرى ودوافعها القوية. فتميزت الفلسفة عن الكلام بأنها انطلقت من المفاهيم والمضمون الفكري لا من القضايا التي يُثيرها النصُّ القرآني في العالم الإسلامي بصورة مباشرة، وثانيًا لم تتخذ من عقائد الدين قاعدة مباشرة للبحث. وفي كل هذا كانت الطبيعة دائرة كبرى من دوائر بحوث الفلسفة الإسلامية، التي انقسمت بصفة أساسية إلى المنطق والإلهيات والطبيعيات، أو المنطق والميتافيزيقا والفيزيقا.
والخلاصة أن أصول تصور الطبيعة قد تخلق على أيدي المتكلمين/علماء أصول الدين المخولين بالدفاع عن الأمن الفكري في الداخل، ثم واصل مسيرته على أيدي الفلاسفة أو الحكماء المخولين بالدفاع عن الأمن الفكري في الخارج أو على حدود التفاعل مع الثقافات الأخرى.٦ الكلام والحكمة يطرحان نظريات في مقابل أصول الفقه والتصوف اللذَين يطرحان مناهجَ وطُرُقًا. وعلى الرغم من أن العقل والنقل في الكلام، وأيضًا المنطق في الحكمة موضوعان منهجيان، إلا أن الطابع النظري هو الغالب عليهما. وأُنيط بهما صياغة المفاهيم والتصورات، ويعنينا منها الآن تصور الطبيعة، وقد واصل مسيره من الكلام والحكمة ليصل إلى أولئك «الطبائعيِّين» وهم علماء الطبيعة العرب حملة لواء المرحلة الوسيطة من تاريخ العلم الرياضي والتجريبي.
وتجديدًا لوضع الطبيعيات؛ أي لتصور حدود حلبة عالم العلم من أجل نموذج إرشادي إسلامي أو منظور إسلامي علمي منطلق نحو المستقبل، ينبغي إحداث قطع معرفي مع علم الكلام القديم لتحويل الطبيعيات إلى كتاب فعلي؛ أي إلى ميدان للقراءة وموضوع للبحث المعرفي؛ فقد كانت الطبيعة في علم الكلام القديم مشكلة أنطولوجية، ولا بد أن تتحول إلى مشكلة إبستمولوجية في علم الكلام الجديد لتغدوَ مهمتُه هي تنضيد العقائد الدافعة إلى قراءة كتاب الطبيعة؛ أي إلى البحث العلمي.٧ وعلينا الآن أن نخطوَ خطوة أبعد نحو الأصول المنهجية لتلك الإبستمولوجيا؛ أي لقراءة كتاب الطبيعة … للبحث العلمي. وهكذا تبدو ضرورة مواصلة المسير من أصول الدين إلى أصول الفقه ليتكامل الأصولان في تبيئة الظاهرة العلمية وتوطين البحث العلمي.

•••

إن التجديد الفعال، الذي يحمل للهوية الحضارية الإسلامية صيروتَها ونماءَها، في أن تنطلق أصولُها من الماضي إلى المستقبل. وأصوليات العقل الإسلامي النظري والفلسفي والمنهجي هي أصول الدين وأصول الفقه. إنهما قادران على اقتحام العقدة المنهجية من حيث إن صُلْب أصلابها هو «النظر العقلي». كان الشيخ مصطفى عبد الرازق قد أسرف في إيضاح أن بدايات العقل الفلسفي الموروث جاءت من الأصولَين بفعل «النظر العقلي» والاجتهاد وإعمال الرأي٨ في مسائل وقضايا فرضَها الواقع الإسلامي قبل التأثر بفعل الوافد مع حركة الترجمة، وقبل أن تفعلَ الفلسفة اليونانية فعْلَها في توجيه العقل الفلسفي العربي. وفي مواجهة مؤرِّخي الفلسفة الغربيِّين والمستشرقين الذين ينفون عن العرب وعن الحضارة الإسلامية أية قدرة على الإبداع الفلسفي، يؤكد مصطفى عبد الرازق أن النظر العقلي وإبداع المسلمين الفلسفي الأصيل انبثق أولًا في العقيدة والشريعة … في الأصولَين: علم أصول الدين (= علم الكلام) المعنِي بالعقيدة، وعلم أصول الفقه المتصل بالشريعة. كلاهما علمٌ نمَا وترعرع بهَدْي القرآن، ولسدِّ حاجات الأمة الإسلامية. إن أصول الدين بمعية أصول الفقه تجسيدٌ للعقل النظري والعقلية المنهجية. كلاهما نشأ كإبداع أصيل للحضارة الإسلامية بفعل موجهاتها وكاستجابة لظروفها واحتياجاتها.
يقتضي التجديد في أصول الدين/علم الكلام إحداثَ قطعٍ معرفي، لكي تنتقل الطبيعة/الكتاب المنظور من الأنطولوجيا إلى الإبستمولوجيا، لتغدوَ المهمة المنوطة بالعقل الإسلامي المعاصر هي قراءة كتاب الطبيعة تأكيدًا لوجود الإنسان المسلم. إنه قطع جزئي تجديدي وليس بالطبع انفصالًا بائنًا أو قطيعة تامة عن تراثنا، على غرار ما تدعيه الحضارة الغربية، بل تواصلٌ حقيقيٌّ فعالٌ يقوم على جدلية الاستيعاب والتجاوز وجدلية الانفصال والاتصال.٩ فلم تكن الطبيعيات في علم الكلام القديم شيئًا إضافيًّا زائدًا أو مجرد ضميمة في اللطائف، بل إن الطبيعيات هي العالَم. وليس بدعًا أن تصبح أكثر محورية في علم الكلام الجديد المؤصل لنموذج إرشادي علمي من أجل قراءة كتاب الطبيعة. إن البحث المتعمق يبيِّن لنا كيف انصبَّت نظرية الوجود الكلامية على الطبيعة في شكل اهتمام المتكلمين الفائق بالجوهر وأعراضه، وأن علم الكلام القديم لا يبدأ بالذات والصفات بقدر ما يبدأ بنظرية العلم ثم نظرية الوجود.١٠ وهذه العوامل التي يمكن أن تعمل على تأسيس الموقف العلمي لم تكن فقاعاتٍ على السطح بل هي متجذرة في البنية المعرفية الإسلامية، كأن التوحيد — كما أشار حسن حنفي — افتراضٌ نظري تُفسَّر على أساسه الظواهر الطبيعية، أو رؤية موجهة للذهن نحو الطبيعة، فلا إثبات لله ولا تفكير فيه إلا بعد التفكير في الطبيعة وعالمها. «وكأن الدين لا يتأسس إلا في العلم الطبيعي. وفي هذا اتفق الكلام مع الحكمة، وأيضًا مع أصول الفقه والتصوف.»١١ ولإحياء وتفعيل لتلك العوامل، لكي يتحول البُعد الطبيعي الماثل في علم الكلام إلى فعالية وصيرورة متنامية باستمرار … إلى نضال معرفي وجهاد إبستمولوجي يتفانَى فيه أولو العزائم والشكائم حقًّا، العلماء في معاملهم … في معترك كفاحهم الضاري والنبيل. فهل يمكن أن يناظر هذا انتقالًا من عمومية مسئولية الإنسان عن أدوات العلم والمعرفة: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (الإسراء: ٣٦) إلى مسئولية عن الشكل الجديد لتآزُر هذه الأدوات — الحواس والعقل — وتكاملها في أقوى وأنضج صورة: المنهج العلمي التجريبي.١٢

وفي علم أصول الفقه تبدَّى أمامنا جهازٌ منهجي مكين، كان من أجل قراءة الوحي المسطور كما ينبغي أن يتمثَّل في الواقع الحي المعيش، وعرضنا محاولة لتنضيد هذا الجهاز المنهجي لإبراز كيف يمكن أن تمتدَّ فعالياتُه إلى التأسيس لقراءة الوحي المنظور أيضًا؛ للبحث في كتاب الكون والطبيعة والعالم والإنسان بما يقتضيه هذا من مناهج علمية ووسائل بحثية إجرائية من آليات وأسس ميثودولوجية.

لقد نشأ علم الكلام/أصول الدين نشأةً سياسية، وظل دائمًا مشتبكًا بالسياسة، أما أصول الفقه فقد احتفظ بمسافة ما بينه وبين المعترك السياسي، بل إن الإمام الشافعي في رسالته التي أسَّسَت هذا العلم عمل على «إعادة تأسيس نظري لمفهوم الأمر، والطاعة وحدودها، والإجماع وسلطته، وغيرها من المفاهيم و«الضوابط» الجديدة، التي نستشفُّ منها خوف صاحب «الرسالة» في أصول الفقه، وتحذيره من السقوط فريسة لمنطق رجل السياسة.»١٣ وظل علم أصول الفقه أقرب إلى التأصيل العقلي، ووضع قواعد الاستدلال لاستنباط الأحكام، معنيًّا بقضايا الأحكام الشرعية وأدلة الحكم والاجتهاد والتعارض والتراجيح والقوادح … وسواها من قضايا هي أساسًا منهجية بشكل أو بآخر، فلا غروَ أن كثرَت في أمهات المصنفات الأصولية كتُبٌ تحمل عناوينُها مصطلحَ المنهج، مثل: «معراج المنهاج» للجزري، و«شرح المنهاج» للأصفهاني، و«منهاج الوصول في علم الأصول» للبيضاوي، و«منهاج العقول في شرح منهاج الوصول» للبدخشي … وكما رأينا لم يكن أمرُ المنهج مجردَ لفظة تَرِد في عنوان أو حتى مصطلح، بل شقَّ طريقٍ للعمل البحثي، «المثمر» بتعبيرهم الجميل.

•••

هكذا يتبدَّى لنا أن العقلية المنهجية أو مَنْهجة العقلية من ناحية، والبحث في الطبيعة وموجهات الانكباب على قراءة الكتاب المنظور من الناحية الأخرى، وهما شرطٌ أوَّلي أساسي للبحث العلمي، لا يعودان الآن سلعة مستوردة، ليظلَّ البحث العلمي غربيًّا وغريبًا ومغتربًا عن واقعنا، نستورده مثلما نستورد أجهزةً وسلعًا أخرى جيدة أنتجها الغرب. إننا باحثون عن موقف علمي ينطلق من واقع الحضارة الإسلامية، ونقض المركزية الغربية وإدراك عقم التبعية العمياء والترديد الأصم، وتحمل مسئولية التعددية الثقافية. إنه التوطين العميق للبحث العلمي، ما دام ممكنًا استنطاق مكونات ثقافتنا ببعض معالم نموذج إرشادي علمي.

١  د. يمنى طريف الخولي، الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل، م. س، ص٧٥ وما بعدها.
ولئن كان المتكلمون قد أسمَوا الطبيعيات دقيق الكلام، فإنه في المصطلحات المعاصرة: العلوم الطبيعية المسلحة باللغة الرياضية هي العلوم الدقيقة Exact Sciences. وانظر في هذا محاولة جديرة حقًّا بالاعتبار قام بها أستاذ الفيزياء النظرية:
د. محمد باسل الطائي، دقيق الكلام: الرؤية الإسلامية لفلسفة الطبيعة، عالم الكتب الحديث، أربد، الأردن، ٢٠١٠. يوضح هذا الكتاب الجاد الذي يقع في أكثر من ثلاثمائة صفحة من القطع الكبير، كيف أن التصور العام لفلسفة الطبيعة الذي تخلق مع المتكلمين، ومثل خطوة جوهرية في تطور مفهوم الطبيعة وتصوره، إنما ينطوي على حصافة ومنهجية تداني كثيرًا بينه وبين تصور الطبيعة في فيزياء الكوانتم والنسبية المعاصرة.
٢  الإمام أبو حامد الغزالي، المستصفى من علم الأصول، تحقيق د. حمزة بن زهير حافظ، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، د.ت، ص١٢ من المتن.
٣  في تفصيل هذا: يمنى طريف الخولي، نشأة الفلسفة الإسلامية تطورًا لعلم الكلام: قراءة في الفكر العربي الحديث، في: الفلسفة في الفكر الإسلامي: قراءة منهجية ومعرفية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، هرندن، فرجينيا، الولايات المتحدة الأمريكية، ط١، ٢٠١٢، ص١٦٣–١٨٣.
٤  هذا التشبيه مأخوذ من تقسيم الأقدمين علومهم إلى ثلاثة أقسام: علم نضج حتى احترق وهو النحو والأصولان، وعلم نضج وما احترق وهو علم الفقه وعلم الحديث، وعلم ما نضج وما احترق وهو علم البيان والتفسير. انظر: أمين الخولي، مناهج تجديد، في سلسلة أعماله الكاملة، ج١٠، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٥، ص٢٢٩. وراجع الفصلَين الأخيرَين من: يمنى طريف الخولي، أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد، دار المعارف، القاهرة، ٢٠٠٠، حيث سبق ذكرُ هذا.
٥  حسين مروة، النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية، الجزء الثاني، دار الفارابي، بيروت، ط٦، ١٩٨٨، ص٤٩.
٦  د. حسن حنفي، من النقل إلى الإبداع، ثلاثة مجلدات، دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة، ٢٠٠٠، المجلد الأول: النقل، الجزء الأول منه: التدوين، ص١٥. والتعبير الجميل المذكور الذي يفضُّ نزاعًا بين جنود الكتيبة ضارًّا بها جميعًا، مأخوذ من هذا المصدر نفسه الذي جعل المتكلمين وزراء داخلية، والحكماء وزراء خارجية، ص٣٥.
٧  تفصيل هذا المخطط مطروحٌ في الكتاب المذكور: الطبيعيات في علم الكلام.
٨  في: مصطفى عبد الرازق، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية (١٩٤٤)، ٢٠٠٧. وانظر دراسة تحليلية دقيقة لمفهوم «الرأي» لغويًّا واصطلاحيًّا، وظهوره وتطوره ودوره في تأسيس فقه الإسلام وحضارته، في: أمين الخولي: مالك بن أنس، في: سلسلة الأعمال الكاملة لأمين الخولي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٤، ص٣٨٥–٤٠٣، حيث ينتهي إلى أن ظهوره المبكر كان أمرًا تقتضيه طبائع الأشياء، وأن الرأي يعني قوةَ النفاذ والقدرة العقلية على حل المشكلات حلًّا دينيًّا أو غير ديني، وأنه في تلك الحقبة المبكرة قد يرادف الرأي الفقه (ص٤٠١).
٩  انظر: يمنى الخولي، الطبيعيات في علم الكلام، الفصل الثاني.
١٠  المرجع السابق، ص١٤٥ وما بعدها. وراجع: الحسن بن متويه، التذكرة في أحكام الجواهر والأعراض، تحقيق د. سامي نصر لطف الله، دار الثقافة، القاهرة، ١٩٧٥.
١١  د. حسن حنفي، من العقيدة إلى الثورة، مكتبة مدبولي، القاهرة، ١٩٨٨. المجلد الأول: المقدمات النظرية، ص٦٢٧–٦٢٨.
١٢  يمنى الخولي، الطبيعيات في علم الكلام، ص١٥٤ وما بعدها.
١٣  د. عبد المجيد الصغير، المعرفة والسلطة في التجربة الإسلامية: قراءة في نشأة علم الأصول ومقاصد الشريعة، ط٢، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ٢٠١١، ص١٤٥. واضح من اختيارنا لهذا الاقتباس الذي أتى في سياق مخالف أن المؤلف رغم جهده الوافر، فشل في إقناعنا بدعواه، وهي أن علم أصول الفقه نشأ نشأة سياسية، وظل محكومًا بالسياسة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤