فصل في بيته
كان أبو العلاء من بيت علم وقضاء، ورياسة وثراء. تولى جماعة من أهله قضاء المعرة وغيرها، ونبغ منهم قبله وبعده كثيرون راسوا وساسوا، وكان فيهم العالِم والكاتب والشاعر. ولأهل المعرة اعتقاد كبير فيهم، ولِواذٌ بهم، وفزع إليهم في أمورهم. وذكروا أن كمال الدين بن العديم عقد فصلًا لتراجمهم وأخبارهم في كتابه: «دفع التحري عن أبي العلاء المعري»، إلا أني لم أظفر بهذا الكتاب مع كثرة بحثي وتنقيبي عنه، فاعتمدتُ في أكثر ما أذكره هنا على ما في «إرشاد الأريب» لياقوت، و«الكوكب الثاقب» لعبد القادر بن عبد الرحمن السَّلَوي، وتركت كثيرًا منهم لعدم تحققي من صحة أنسابهم وألقابهم، بسبب تحريف النسخ.
فمنهم: «جده الأدنى سليمان بن محمد أو أحمد»، الشهير بقاضي المعرة، وولي أيضًا القضاء بحمص، وبها مات سنة ٢٩٠هـ، وكان أبوه شاعرًا.
«عمه أبو بكر محمد بن سليمان» ولي القضاء بعد أبيه، وفيه يقول الصَّنَوْبَريُّ:
«أبوه عبد الله بن سليمان» ولي القضاء بعد أخيه محمد بن سليمان، وتوفي بحمص سنة ٣٧٧هـ، ومن شعره في رثاء والده:
ورثى أبو العلاء والدَه بقصيدة نونية أولها:
وسنورد مختارها عند الكلام على منظومه.
«أخوه أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان»، كان أسَنَّ من أبي العلاء، ومن شعره في الزهد:
«أخوه أبو الهيثم عبد الواحد بن عبد الله بن سليمان»، كان شاعرًا كأبيه وأخويه أبي المجد وأبي العلاء، ومن شعره:
وله في الشمعة:
قلت: ومهما قيل في الشمعة، فليس لقصيدة القاضي ناصح الدين الأرَّجَاني ضريب في هذا الباب، فقد بَذَّ بها من تقدُّمه وأعيا مَنْ بعده؛ إذ يقول:
ولولا خوف الإطالة لذَكَرْتها بتمامها لغرابتها.
وأتى بعد أبي العلاء جماعة ذكر منهم ياقوت ثمانية أسماء، وأضربَ عن ذِكر غيرهم اختصارًا، وغالبُهم تولوا القضاء بالمعرة، وكفر طاب، وحماة. ومنهم من تولى ديوان الإنشاء.
وإنما تركتُ ذكرهم لما قدمت من تحريف أسمائهم في النسخة.