فصل في مؤلفاته
قال أبو العلاء: لزمتُ مسكني منذ سنة أربع مئة، واجتهدتُ على أن أتوفر على تسبيح الله وتحميده، إلى أن أضطر إلى غير ذلك، فأمليتُ أشياء، وتولى نسخَها الشيخُ أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي هاشم، أحسنَ الله معونته، فألزمني بذلك حقوقًا جمة وأيادي بيضاء؛ لأنه أفنى فيَّ زمنه، ولم يأخذ عمَّا صنع ثمنه، والله يُحسن له الجزاء، ويكفيه حوادث الزمن والأرزاء. انتهى.
وقد رتبنا أسماء هذه الكتب على حروف المعجم، تسهيلًا على المطالع! واعتمدنا فيما ذكرناه منها على ما في «إرشاد الأريب» لياقوت، و«كشف الظنون» لمصطفى بن عبد الله الشهير بكاتب چلبي، وغيرهما من كتب التراجم والأخبار. وتكلمنا على ما وقفنا عليه منها بما يتسع له هذا المختصر:
-
(١)
أدب العصفورين: رسالة ذكرها ياقوت، وصاحب كشف الظنون.
-
(٢)
استغفر واستغفري: كتاب في المنظوم، به نحو عشرة آلاف بيت، ويقع في مئة وعشرين كراسة. ذكره ياقوت، وأهمله صاحب الكشف.
-
(٣)
إسعاف الصديق: في ثلاثة أجزاء، يتعلق بكتاب الجمل في النحو للزجَّاجي المتوفى سنة ٣٣٩. ذكره ياقوت، وصاحب الكشف.
-
(٤)
إقليد الغايات: كتاب لطيف، قصره على تفسير ما جاء من اللغز في كتابه: الفصول والغايات. ذكره ياقوت، وصاحب الكشف.
-
(٥)
الأمالي: لم يذكره ياقوت، وقال صاحبه الكشف: هو مئة كراسة ولم يُكمله.
-
(٦)
الأيك والغصون: ذكره ياقوت وصاحب الكشف في حرف الكاف في الكتب، ويسمى أيضًا بالهمزة والردف؛ لأنه بناه على إحدى عشرة حالة للهمزة في حال إفرادها وإضافتها. مثاله: سماء بالرفع والنصب والخفض، سماء بالتنوين، سماؤه سماءه سمائه بالحركات الثلاث مع الإضافة للضمير المذكر، سماؤها سماءها سمائها بها مع الإضافة للمؤنث، ثم همزة بعدها هاء ساكنة مثل: عباءة وملاءة. فإذا ضربت الإحدى عشرة في حروف المعجم الثمانية والعشرين، خرج من ذلك ثلاث مئة فصل وثمانية، وهي مستوفاة في هذا الكتاب. وذكر فيه أيضًا الأرداف الأربعة بعد ذكر الألف. ومبناه على العظات وذم الدنيا. ومقداره ألف ومئتا كراسة، تقع في اثنين وتسعين جزءًا كما ذكر ياقوت. وقال ابن خلكان: بلغني أن له كتابًا سماه الأيك والغصون، وهو المعروف بالهمزة والردف، يقارب المئة جزء، في الأدب؛ وحكى لي من وقف على المجلد الأول بعد المئة، فقال: لا أعلم ما كان يعوزه بعد هذا المجلد.
-
(٧)
بحر الزجر: يتعلق بكتاب «زجر النابح». ذكره ياقوت، ولم يذكر في كشف الظنون.
-
(٨)
تاج الحرة: في عظات النساء خاصة، وتختلف فصوله، فمنها ما يجيء بعد حرفه الذي يثبت ثبات الروي ياء التأنيث، كقوله: شائي وتشائي وتسائي ونحوها، ومنه ما هو مبني على الكاف، نحو غلامك وكلامك، ومنها ما يجيء على تفعلين، مثل: ترغبين وتذهبين. وأنواع هذا الكتاب كثيرة، ويقع في أربع مئة كراسة، كما في ياقوت وكشف الظنون.
-
(٩)
تضمين الآي: لم يذكره صاحب كشف الظنون، وقال ياقوت: هو كتاب مختلف الفصول؛ فمنه طائفة على حروف المعجم، وقبل الحرف المعتمد ألف، مثل أن يقال في الهمزة: بناء ونساء، وفي الباء: ثياب وعباب. ثم على هذا إلى آخر الحروف. ومنه فصول على فاعلين وعلى فاعلون وغير ذلك. والغرض أن يأتي بعد انقضاء الكلام بآية من الكتاب العزيز أو بعض آية، وربما يجيء بآيتين. قال: والسبب في تأليفه أن بعض الأمراء سأله أن يؤلف كتابًا برسمه، ولم يؤثر أن يؤلف شيئًا في غير العظات، والحث على تقوى الله، فأملى هذا الكتاب، ويقع في أربع مئة كراسة.
-
(١٠)
تعليق الجليس: مما يتصل بكتاب الجمل للزجَّاجي، في جزء واحد. ذكره ياقوت، ولم يذكر في الكشف.
-
(١١)
تفسير خطبة الفصيح: فسَّر فيه غريب كتابه خطبة الفصيح. ذكره ياقوت، وصاحب الكشف.
-
(١٢)
تفسير الهمزة والردف: في جزء. ذكره ياقوت ولم يُذكر في الكشف.
-
(١٣)
جامع الأوزان: فيه شعر منظوم على معنى يعم به الأوزان الخمسة عشر التي ذكرها الخليل، بجميع ضروبها، ويذكر قوافي كل ضرب، به تسعة آلاف بيت، ومقداره ستون كراسة في ثلاثة أجزاء. ذكرت ياقوت وصاحب الكشف.
-
(١٤)
الجلي والحلبي: هكذا ورد في نسخة ياقوت، وكتب مصححه: لعله «الحلي الحلبي». سأله فيه صديق له من أهل حلب، يُعرف بابن الحلي، مجلد واحد، وعشرون كراسة. ولم يذكر في كشف الظنون.
-
(١٥)
الحقير النافع: مختصر في النحو. خمس كراسات، كما في ياقوت والكشف، وذكره السيوطي في بغية الوعاة.
-
(١٦)
خادم الرسائل: في تفسير ما تضمنته رسائله من الغريب، سواء كانت من الرسائل الطوال، كالغفران والملائكة ونحوهما، أو ما دونها. ولم يذكر فيه إلا ما يحتاج إليه المبتدئون في الأدب، وسماه صاحب كشف الظنون: خادمة الرسائل.
-
(١٧)
خطبة الفصيح: تكلم فيه عن أبواب الفصيح في خمس عشرة كراسة، كما في ياقوت والكشف، وله تفسير غريبه، وقد مضى ذكره.
-
(١٨)
خُطب الخيل: تكلم فيه على ألسنتها في عشر كراسات، كما في ياقوت والكشف.
-
(١٩)
خماسية الراح: قال ياقوت: هو كتاب لطيف في ذم الخمر، ومعنى هذا الوسم أنه بني على حروف المعجم، فذكر لكل حرف تمكن حركته خمس سجعات مضمومات، وخمسًا مفتوحات، وخمسًا مكسورات، وخمسًا موقوفات. يكون مقداره عشر كراسات. وتصحف اسمه على صاحب كشف الظنون بحماسة الراح، فذكره في حرف الحاء.
-
(٢٠)
دعاء الأيام السبعة: ذكره ياقوت.
-
(٢١)
دعاء ساعة: ذكره أيضًا.
-
(٢٢)
دعاء وحرز الخيل: ذكره أيضًا.
-
(٢٣)
ديوان الرسائل: وهي ثلاثة أقسام كالغفران والسنديَّة ونحوهما، وسنذكر منها ما وقفنا على اسمه. ومنها ما دون تلك، كالرسالة الإغريضية، ورسالة المَنِيح. ومنها قصار كنحو ما تجري به العادة في المكاتبة. قال ياقوت وصاحب كشف الظنون: إنها تقع جمعيها في ثمان مئة كراسة. وقد طبع قسم من هذه الرسائل في بيروت وأكسفورد، وعندي منها نسختان مخطوطتان في إحداهما مكاتبات جرت بينه وبين ابن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، وهي التي لخصها ياقوت في إرشاد الأريب، وقد مضى أنه شرح رسائله في كتابه: خادم الرسائل.
-
(٢٤)
ذكرى حبيب: ذكره صاحب الكشف، وقال ياقوت: إنه مختصر في غريب شعر أبي تمام، سأله فيه صديق له من الكتاب. مقداره ستون كراسة في أربعة أجزاء. وقال ابن خلكان: إنه اختصر ديوان أبي تمام وشرحه وسماه: ذكرى حبيب. وفي مقدمة شرح ديوان أبي تمام للتبريزي أن أبا العلاء إنما ذكر في هذا الكتاب الأبيات المشكلة من شعر أبي تمام متفرقة. ومن فوائده التي نقلها عنه أن شعر أبي تمام إنما أغلق؛ لأنه لم يؤثر عنه، فتناقلته الضَّعَفَةُ من الرواة، والجهلة من الناسخين، فبدلوا الحركة بالحركة، وأوقعوا الناظر بما جَنَوْهُ في أم أدْرَاصٍ١ وتُغُلِّسَ، وغيَّروا الأحرف بسوء التصحيف، فغادروا الفهم خابطًا في عشواء؛ لأن تغيير الضمة إلى الفتحة والكسرة، يُنْشِبُ الفطنَ في حِبالة؛ فأما نقل الحاء إلى الخاء، والدال إلى الذال، فيحدث عنه إلباس، ويقرن به بلادة وإشكاس.
-
(٢٥)
الراحلة: ثلاثة أجزاء في تفسير لزوم ما لا يلزم. ذكره ياقوت فقط.
-
(٢٦)
راحة اللزوم: يشرح فيه ما في لزوم ما لا يلزم من الغريب، نحو مئة كراسة، كما في ياقوت والكشف.
-
(٢٧)
الرسالة الحضية: كذا ذكرها ياقوت.
-
(٢٨)
الرسالة الزعفرانية: ذكرها صاحب الكشف ولم يذكرها ياقوت.
-
(٢٩)
الرسالة السندية: ذكرت في ياقوت والكشف.
-
(٣٠)
رسالة العروض: هكذا في كشف الظنون، وفي نسخة ياقوت: الفرض بالفاء، ولعله القَرْضُ أو القريض بالقاف.
-
(٣١)
رسالة على لسان ملَك الموت: ذكرها ياقوت، ولا أدري إن كانت رسالة الملائكة أو غيرها.
-
(٣٢)
رسالة الغفران: كتبها لعلي بن منصور الحلبي المعرف بابن القارح، جوابًا على رسالة أرسلها له يذكر بها شوقه إلى لقائه، وينحي فيها على الزنادقة، ويتنقص الوزير المغربي صديق أبي العلاء. فأجابه برسالة الغفران، وضمَّنها فنونًا شتى من اللغة والأدب، ونحَا فيها نحوًا غريبًا، فاستطرد إلى الجنة، فوصفها وصفًا يُشَوِّق النفوس إليها، ويرغبها في نعيمها، وذكر النار وأهوالها بطريقة لا تسأمها النفس. وقد طبعت هذه الرسالة بمصر سنة ١٣٢٥، وعندي منها نسختان مخطوطتان، وبدار الكتب الخديوية بالقاهرة نسخة من كتب الأستاذ الشنقيطي — رحمه الله — وفي القُسْطنطينية العظمى نسخة أخرى في خزانة الكبريلي. وكنت في شوق لرسالة ابن القارح المذكورة، حتى ظفرت بها في مجموع نفيس وقع لي.
-
(٣٣)
رسالة الملائكة: اقتصر ياقوت وصاحب الكشف على ذكر اسمها، وقال أبو الفضل المؤيد بن الموفق الصاحبي في كتاب «الحكم البوالغ، في شرح الكلم النوابغ»: رسالة الملائكة، ألَّفها أبو العلاء المعري على جواب مسائل تصريفية ألقاها إليه بعض الطلبة، فأجاب عنها بهذا الطريق الظريف المشتمل على الفوائد الأنيقة. انتهى. قلت: وأسلوبُه فيها غريب، افتتحها معتذرًا للسائل بكبر سنه، وبُعد عهده بالمسائل النحوية والصرفية، وقربه من الموت. ثم بدأ في الجواب فقال: «أفَتُراني أدافِع مَلَك الموت، فأقول: أصل ملك مألك … إلخ». فساق هذا البحث في مناقشته مع الملَك، وأتى بشواهد من كلام العرب، إلى أن انتقل إلى بحث آخر، فقال: «فيقول الملَك: مَن ابن أبي ربيعة وأبو عبيدة، وما هذه الأباطيل؟ إن كان لك عمل صالح فأنت سعيد، وإلا فاخسأ وراءك، فأقول: فأمهلني حتى أخبرك بوزن عزرائيل، وأقيم الدليل على أن الهمزة فيه زائدة … إلخ». ثم انتقل إلى ناكر ونكير، فباحثهما عن اسميهما، وهكذا حتى أتم الإجابة عن الأسئلة في هذا السياق العجيب. وعندي من هذه الرسالة نسخة مخطوطة ضمن مجموع، وبدار الكتب الأزهرية بالقاهرة أخرى، وقد أوردها السيوطي بتمامها في كتابه الأشباه والنظائر النحوية.
-
(٣٤)
رسائل المعونة: وهي التي كتبها على لسان غيره. ذكرها ياقوت وصاحب الكشف.
-
(٣٥)
رسل الراموز: نحو ثلاثين كراسة. ذكره ياقوت.
-
(٣٦)
الرياش المصطنعي: في شرح مواضع من الحماسة الرياشية، ألَّفه للأمير مصطنع الدولة أبي غالب كليب بن علي، وكان أنفذ إليه نسخة من هذه الحماسة، وسأله أن يخرج على حواشيها شيئًا مما لم يذكره أبو رياش، فخشي أن تضيق الحواشي عن ذلك، فصنع هذا الكتاب في أربعين كراسة. ذكر في ياقوت والكشف.
-
(٣٧)
زجر النابح: يتعلق بلزوم ما لا يلزم، وذلك أن بعض الجُهال تكلم على أبيات من لزوم ما لا يلزم، يريد بها التشرُّر والأذيَّة، فألزم أبا العلاء أصدقاؤه بإنشائه، فأنشأه وهو كاره. مقداره أربعون كراسة في جزء واحد. ذكره ياقوت وصاحب الكشف. وله كتاب يتعلق بهذا ورد اسمه في نسخة ياقوت «بحر الزجر» وقد مضى ذِكْره.
-
(٣٨)
السادن: أنشأه في تفسير غريب كتابه الفصول والغايات، وما فيه من اللغز. مقداره عشرون كراسة. ذكره ياقوت وصاحب الكشف.
-
(٣٩)
السجعات العشر: موضوع على كل حرف من حروف المعجم عشر سجعات في المواعظ. ذكره ياقوت وصاحب الكشف.
-
(٤٠)
سجع الحمائم: تكلم فيه على لسان حمائم أربع، وكان بعض الرؤساء سأله أن يصنف له تصنيفًا يذكره فيه، فأنشأ هذا الكتاب، وجعل ما يقوله على لسان الحمامة في العظة والحث على الزهد. مقداره ثلاثون كراسة، في أربعة أجزاء. ذُكِرَ في ياقوت والكشف.
-
(٤١)
السجع السلطاني: يشتمل على مخاطبات الملوك والوزراء وغيرهم من الولاة. سأله فيه بعض مَنْ خدم السلطان، وارتفعت طبقته، ولم يكن له قدم في الكتابة، فطلب أن يُنْشَأ له كتاب مسجوع من أوله إلى آخره، ولا يشعر بما يريد لقلة خبرته بالأدب. فألَّف له هذا الكتاب. قال ياقوت: في أربعة أجزاء، وقال صاحب الكشف: إنه ثمانون كراسة.
-
(٤٢)
سجع الفقيه: جزء في ثلاثين كراسة. ذكره ياقوت وصاحب الكشف.
-
(٤٣)
سجع المضطرين: كتاب لطيف، عمله لرجل تاجر مسافر، يستعين به على أمور دنياه، ذكره ياقوت وصاحب الكشف.
-
(٤٤)
سقط الزند: وهو ديوان يشتمل على أكثر من ثلاثة آلاف بيت، ضمنه شعره في صباه. وسماه بذلك لأن السقط أول نار تخرج من الزَّنْد، فشبَّه شعره الأول به. قال التبريزي: لما حضرتُ أبا العلاء، قرأت عليه كثيرًا من كتب اللغة، وشيئًا من تصانيفه، فرأيته يكره أن يُقرأ عليه شعره في صباه، الملقب بسقط الزَّنْد، وكان يغير الكلمة بعد الكلمة منه إذا قرئت عليه، ويقول معتذِرًا عن تأبِّيه، وامتناعه من سماع هذا الديوان: مدحتُ نفسي فيه، فلا أشتهي أن أسمعه. وكان يحثني على الاشتغال بغيره من كتبه. انتهى. ولهذا الديوان شروح، أولها شرح لأبي العلاء نفسه سماه «ضوء السقط» وهو غير وافٍ، نقله عنه التبريزي، وأوْضَحَ مشكلاته، وذَكَر اللغة الغريبة، واقتصر في تفسير المعاني على ما لا بد منه. ثم تناوله أبو يعقوب يوسف بن ظاهر النحوي، فأصلحه وزاد فيه، وسماه: «التنوير»، وطبع بمصر غُفْلًا من اسم مؤلفه. ومن شرح هذا الديوان شرح الفخر الرازي، و«ضرام السقط» لمجد الدين أبي الفضل قاسم بن حسين بن محمد الخوارزمي المشهور بصدر الأفاضل النحوي، وقفت على نسخة منه في خزانة آل رفاعة بالقاهرة. و«الزوائد» لأبي رشاد الإخسيكتي، و«العمدة» لابن البارزي، وشرح ابن السِّيد البَطَلْيَوْسي وهو عزيز الوجود، وقعت لي منه أوراق من نسخة قديمة، فإذا به شرح على ديوان ممزوج من سقط الزند واللزوميات. وقد انتقد أبو بكر بن العربي على مواضع منه، فرد عليه ابن السِّيد في رسالة لطيفة، وقفتُ عليها وهي عندي، وللشيخ تاج الدين بن عبد الرحمن شرح على قصيدة لامية من هذا الديوان مطلعها:
ألا في سبيل المجد ما أنا فاعلسماه: «مراقي العلا، في شرح لامية أبي العلا». وهو عندي في مجموع.
-
(٤٥)
سيف الخطيب: هكذا في الكشف، وفي ياقوت «سيف الخطبة». وهو جزءان، يشتمل على خطب السّنة، فيه خطب للجمع والعيدين والخسوف والكسوف والاستسقاء وعقد النكاح، وهي مؤلفة على حروف من حروف المعجم، فيها خطب عمادها الهمزة، وخطب بنيت على الباء، وخطب على الدال، وعلى الراء، وعلى اللام، وعلى الميم، وعلى النون، وتركت الجيم والخاء وما يجري مجراهما؛ لأن الكلام المقول في الجماعات ينبغي أن يكون سَجْسَجًا٢ سهلًا. مقداره أربعون كراسة، وكان سأله فيه رجل من المتظاهرين بالديانة.
-
(٤٦)
شرح الرسالة الإغريضية: لم يذكره ياقوت، وذكره صاحب الكشف. مقداره عشرون كراسة. وللشيخ إبراهيم الفصيح بن صبغة الله الحيدري، من علماء أواخر القرن الثالث عشر، شرح على الرسالة الإغريضية، سماه: النوادر الحكمية والأدبية، ألفه برسم مصطفى باشا بن إبراهيم بن محمد علي والي مصر، وتوجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب الخديوية بالقاهرة.
-
(٤٧)
شرح كتاب سيبويه: في النحو، في خمسين كراسة، ولم يتمه. كما في ياقوت والكشف وبغية الوعاة.
-
(٤٨)
شرف السيف. قال ياقوت: عمله لنشتكين الدرزي الذي كان مقيمًا بدمشق، والسبب فيه أنه كان يوجه إلى أبي العلاء بالسلام، ويخفي المسألة عنه، فأراد جزاءه على ما فعل. وهو في جزءين. وفي كشف الظنون: «شرف السلف عشرون كراسة عمله لأمير الجيوش».
-
(٤٩)
الصاهل والشاحج: يتكلم فيه على لسان فرس وبغل. مقداره أربعون كراسة، صنفه لأبي شجاع فاتك الملقب بعزيز الدولة والي حلب من قبل المصريين، وكان روميًّا. ذكره ياقوت، وصاحب الكشف في الرسائل. وفي خطط المقريزي ج٢ ص١٥٤ رواية رواها أبو العلاء في الصاهل والشاحج، للبيتين: زر وادي القصر … إلخ.
والشاحج: البغل؛ وشَحيجه، وشُحاجُهُ: صوته.
-
(٥٠)
ضوء السقط: فسر فيه غريب ديوانه سقط الزَّنْد، مقداره عشرون كراسة. ذكره ياقوت وصاحب الكشف وابن خلكان. وقد فَصَل بعضهم الدرعيَّات من سقط الزند، وطبعها على حدة في بيروت، وسماها: ضوء السقط، وهو خطأ ينبغي أن يُتَنَبَّه له.
-
(٥١)
الطَّلُّ الطاهري: أنشأه لرجل يُعرَف بأبي طاهر. ذكره ياقوت، ولم يذكر في الكشف.
-
(٥٢)
ظهير العضدي: يتصل بالكتاب المعروف بالعضدي في النحو. ذكره ياقوت وصاحب الكشف والسيوطي.
-
(٥٣)
عبث الوليد: يؤخذ من عبارة ابن خلكان أنه اختصر فيه شعر البحتري وشرحه، واسم الكتاب لا يدل على ما قال. وقال غيره: إنه يتضمن أغاليط البحتري. وقال ياقوت: إنه يتصل بشعر البحتري، وكان سبب إنشائه أن بعض الرؤساء أنفذ نسخة ليُقابَلَ بها، فأثبت ما جرى من الغلط ليعرض ذلك عليه. وهو جزء واحد في عشرين كراسة. أقول: قد وقعت لي نسخة من هذا الكتاب، فوجدتها كما قال ياقوت، والخطأ الذي يذكره أبو العلاء تارة يكون من النسخة المرسلة إليه، وتارة من الناظم نفسه. ولهذا سماه بعبث الوليد تورية باسمه؛ لأن البحتري اسمه الوليد. والوليد أيضًا: الصبي، فكأنه قال: لعب الصبي وخلطه. ورتب فيه الأبيات التي تعرض لها على حروف المعجم باعتبار قوافيها، وله فيه فوائد وآراء؛ كقوله في بيت البحتري في وصف فرس:
قال: يروى الرُّسْتَمِينَ على الجمع وكذلك التُّبَّعِينَ، ويروى بالتثنية، والجمع أشبه؛ لأنه قال: أخواله، فجَمَع، وكذلك قال جدوده. فأَنْ تكون الأخوال والجدود لملوك كثيرة أشبه من أن تكون لملكينِ. انتهى كلامه. قلت: وقد يقال أيضًا في ترجيح ما رجَّحه أن لا وجه لتخصيص اثنين من تبابعة اليمن بالذكر؛ لأنه لم يسمع عن اثنين مخصوصين منهم امتازَا بشهرة تصرف إليهما الأذهان، إذا ذكر التُّبَّعان، وما يقال فيهما يقال في الرستمين، فرواية الجمع أرجح وأقرب إلى الصواب.
-
(٥٤)
عظات السور: ذكره ياقوت، ولم يتكلم عليه.
-
(٥٥)
العظة والزهد: لم يذكره ياقوت، وذكره صاحب الكشف في حرف الكاف في الكتب، وقال: مئة وعشرون كراسة.
-
(٥٦)
عون الجُمَل، قال ياقوت: يتصل بكتاب الزَّجَّاجي، عمله لأبي الفتح محمد بن علي بن أبي هاشم، وهو آخر شيء أمْلَاه. وفي كشف الظنون أنه شرح لشواهد جُمَل الزجاجي لم يتم، وكذلك في بغية الوعاة للسيوطي.
-
(٥٧)
الفصول: لم يذكره ياقوت، وذكره صاحب الكشف فقال: إنه غير الفصول والغايات، وهو أربع مئة كراسة.
-
(٥٨)
الفصول والغايات: هو الكتاب الذي زعم شَانِئُوه أنه عارض به القرآن الكريم، وسماه الفصول والغايات في معارضة السور والآيات، وسنُشبع القول في هذا الزعم عند الكلام على معتقده. وليس في هذا الكتاب إلا عظات ونصائح، والمراد بالغايات القوافي؛ لأن القافية غاية البيت أي منتهاه، وهو موضوع على حروف المعجم ما خلا الألف؛ لأن فواصله مبنية على أن يكون ما قبل الحرف المعتمد فيها ألف، ومن المحال أن يجمع بين ألفين. ولكن تجيء الهمزة وقبلها ألف، مثل العطاء والكساء، وكذلك الشراب والسراب في الباء، ثم على هذا الترتيب، وليست حروفه المبني عليها مستوية الإعراب، بل تجيء مختلفة، وفيها ما يجيء على نسق واحد. وقيل: إنه بدأ فيه قبل رحلته إلى بغداد وأتمه بعد عوده إلى المعرة، ومقداره مئة كراسة. ذكره ياقوت وصاحب الكشف. ويتعلق بهذا الكتاب: إقليد الغايات، والسادن، وقد مر ذكرهما.
-
(٥٩)
فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه. ضمنه بعض فضائله، ذكره ياقوت فقط.
-
(٦٠)
قاضي الحق: يتصل بكتاب الكافي في النحو لأبي جعفر النحاس المتوفى سنة ٣٣٨. ذكر في ياقوت والكشف.
-
(٦١)
القائف: ذكره صاحب الكشف في حرف الكاف في الكتب، وسقط من نسخة ياقوت المطبوعة، إلا أن في كلامه على كتابه المسمى بمنار القائف دلالة على أن له كتابًا بهذا الاسم.
-
(٦٢)
اللامع العزيزي، في شرح شعر المتنبي. صنَّفَه للأمير عزيز الدولة ابن تاج الأمراء أبي الدوام ثابت بن ثمال، مقداره مئة وعشرون كراسة. ذكره ياقوت وصاحب الكشف وابن خلكان وغيرهم، ومنه نسخة بخزانة لا له لي بالقسطنطينية رقمها «١٨٢٥».
-
(٦٣)
لزوم ما لا يلزم: هو ديوان كبير مرتب على حروف المعجم، يذكر كل حرف بوجوهه الأربعة: الضمة والفتحة والكسرة والسكون. ومعنى لزوم ما لا يلزم، أنه يلتزم قبل الروي حرفًا إذا غُيِّر لم يكن مُخِلًّا بالنظم. قال في خطبته: إنه ذكر فيه ما هو تمجيد لله الذي شرف عن التمجيد، أو تذكير للناسين، وتنبيه للغافلين، أو تحذير من الدنيا؛ فإن جاوز المشترط، فإن الذي جاوز إليه قول عريٌّ من المين. وهو أحد كتبه التي تكلموا فيها، وسنفصل القول فيه عند الكلام على معتقده وشعره. طُبع بالهند سنة ١٣٠٣ وبمصر سنة ١٨٩١–١٨٩٥ ميلادية. وكان الأديب الفاضل الشيخ أحمد الفحماوي النابلسي، نزيل مصر رحمه الله تعالى، مشتهِرًا بكتابة نسخ من هذا الكتاب، يتحرى فيها الصحة، ويطرزها بالحواشي المفيدة، ثم يبيع النسخة بعشرين دينارًا مصريًّا، فيتنافس في اقتنائها أعيان مصر وسراتها، وعندي منها نسختان. ووقعت لي نسخة مخطوطة من مختصر له، اسمه: مختار لزوم ما لا يلزم، تنقص أوراقًا من أولها، ويبتدئ ما فيها من أثناء قافية الباء المضمومة، ولذهاب أولها لم أقف على اسم مؤلفها. ولأبي العلاء شرح عليه سماه: راحة اللزوم، وله أيضًا: زجر النابح، وبحر الزجر، والراحلة. وكلها تتعلق باللزوميات، وقد مضى ذكرها.
-
(٦٤)
مبهج الأسرار: لم يذكره ياقوت، وقال صاحب كشف الظنون: لأبي العلاء، ولم يقل المعري، واسم الكتاب يدل على أنه لغيره.
-
(٦٥)
مثقال النظم: في العروض. ذكره ياقوت والسيوطي في بغية الوعاة.
-
(٦٦)
مجد الأنصار، في القوافي. ذكره ياقوت.
-
(٦٧)
المختصر الفتحي: يتصل بكتاب محمد بن سعدان، صنَّفه لرجل يكنى أبا الفتح محمد بن علي بن أبي هاشم، وكان أبو هذا الرجل تولى إثبات ما ألفه أبو العلاء من جميع كتبه، فألزمه بذلك حقوقًا جمة، وأيادي كثيرة. كذا ذكر ياقوت.
-
(٦٨)
معجز أحمد: لم يذكره صاحب الكشف، ويذهب بعضهم إلى أنه هو اللامع العزيزي في شرح شعر المتنبي. ويستفاد من عبارة ابن خلكان أنه غيره، وأن أبا العلاء اختصر ديوان المتنبي، وتكلم على غريبه، وذكر سرقاته وما أخذ عليه في هذا الكتاب. ومن فوائده التي ذكرها فيه، ونقلها عنه أصحاب البديع، استنباطه لنوع من البديع سماه «الطاعة والعصيان» عند كلامه على قول المتنبي:
يردُّ يدًا عن ثوبها وهو قادرويعصي الهوى في طيفها وهو راقدفزعم أنه أراد أن يقول وهو مستيقظ ليطابق بينه وبين راقد، ولما عصاه الوزن عدل عنه إلى قادر، وفيه معنى مستيقظ وزيادة، فأطاعه التجنيس المقلوب بين قادر وراقد، وعصته المطابقة بين رافد ومستيقظ. ورد عليه زكي الدين بن أبي الإصبع بأن ليس في البيت شيء من ذلك، لإمكان أن يقول: وهو ساهر بدل قادر. انتهى. وجلَّ من أتى بهذا النوع من أصحاب البديعيات، لم تسلم أبياتهم من مثل هذا النقد.
-
(٦٩)
ملقى السبيل: مختصر فيه نظم ونثر، ذكره ياقوت وصاحب الكشف، ووقعت لي نسخة منه، فوجدته في المواعظ مرتبًا على حروف المعجم، يذكر في كل حرف فقرات من النثر، ثم يتبعها بأبيات من القافية؛ كقوله في حرف الحاء: إن ابن آدم شحيح، سوف يمرض من القوم صحيح، يعصف بعقله الريح؛ إن ذلك لهو التبريح.
يا أيها الممسك الشحيحسيمرض السالم الصحيحُما لك لم تنتفع بعقلهل عصفتْ بالعقول ريحُإن شُيِّد القصر في سرورفبعده يُحفر الضَّريحُويَطرح الهمّ بالمنايامَنْ جسمُه في الهوى طريحُ -
(٧٠)
منار القائف: في تفسير ما جاء من اللغز والغريب في كتابه القائف، مقداره عشر كراريس. ذكره ياقوت.
-
(٧١)
المواعظ الست: ذكره ياقوت وصاحب الكشف. ومعنى هذا الاسم أن الفصل الأول منه في خطاب رجل، والثاني في خطاب اثنين، والثالث في خطاب جماعة، والرابع في خطاب امرأة، والخامس في خطاب امرأتين، والسادس في نسوة. في خمس عشرة كراسة.
-
(٧٢)
نشر شواهد الجمهرة: لم يذكر في الكشف، وقال ياقوت: إنه في ثلاثة أجزاء، ولم يتم.
-
(٧٣)
نظم السور: ستة كراريس، ذكره صاحب الكشف، وجاء في نسخة ياقوت: تظلم السور، بالمثناة الفوقية، ولعله تحريف.
-
(٧٤)
وقعة الواعظ: وهكذا في نسخة ياقوت، وقال مُصحِّحه: لعله برقعة الواعظ، ولم يذكره صاحب كشف الظنون.
•••
وله سوى ذلك كتب في العروض والشعر بدأ بها ولم تتم. ورأيت بعض العصريين ينسب إليه كتابًا اسمه الفصوص، ويزعم أنه سقط منه في الدجلة، وهو يحمله إلى أحد الأمراء ببغداد، فقال فيه بعض الشعراء:
فأجابه أبو العلاء بقوله:
والصواب أن هذا الكتاب لأبي العلاء صاعد اللغوي البغدادي، أحد الراحلين إلى الأندلس، وبها ألفه، ووقعت له هذه القصة. وسببها أنه استأذن من المنصور بن أبي عامر في إملاء كتاب بجامع مدينة الزهراء، يفوق أمالي أبي علي القالي التي أملاها بقرطبة في دولة عبد الرحمن وابنه الحكم، واشترط أن لا يورد فيه خبرًا أورده القالي. فأذن له في ذلك، فأملى كتاب الفصوص، ولما أكمله تتبعه أدباء الوقت، فلم تمرَّ فيه كلمة صحيحة عندهم، ولا خبر ثبت لديهم. وكان صاعد متهمًا بالكذب جريئًا عليه، فأراد المنصور امتحانه، فعمد إلى كراريس بيض وأمر أن تُجلَّد وتزال جدَّتها حتى يتوهم فيها القِدَم، وترجم عليها كتاب النكت تأليف أبي الغوث الصنعاني، فترامى إليه صاعد حين رآه، وجعل يُقبِّله، ويقول: إي والله، قرأته بالبلد الفلاني على الشيخ أبي فلان، فأخذه المنصور من يده خوفًا من أن يفتحه، وقال: إن كنت قد قرأته كما تزعم، فعلام يحتوي؟ فقال: وأبيك لقد بَعُد عهدي به، ولا أحفظ الآن منه شيئًا، ولكنه يحتوي على لغة منثورة لا يشوبها شعر ولا خبر، فقال له المنصور: أبعدَ اللهُ مثلَك، فما رأيت أكذب منك. وأمر بإخراجه وإلقاء كتاب الفصوص في النهر، فقال فيه بعض الشعراء، وأجابه صاعد بما تقدم.
قال ابن بسام: وما أظن أحدًا يجترئ على مثل هذا، وإنما صاعد اشترط ألا يأتي إلا بالغريب غير المشهور، وأعانهم على نفسه بما كان يتنفق به من الكذب. انتهى.
ومن جراءته على الكذب نادرته في الخنفشار، وذلك أن المنصور سأله يومًا عنه، فقال على البديهة: هو حشيشة يعقد بها اللبن ببادية الأعراب، وفي ذلك يقول شاعرهم:
ورواية هذه اللفظة بالخاء المعجمة والفاء هو المشهور في كتب الأدب والتاريخ، وقد رويت بالباء الموحدة في نسختي نفح الطيب المطبوعتين بمصر، ووردت في التي طبعت بأوروبا بالحاء المهملة والباء الموحدة، ورواية البيت فيها:
إلا أن المُصحِّح ذكر بالحاشية ورودَها في بعض النسخ بالخاء المعجمة والباء الموحدة؛ وفي أخرى بالخاء أيضًا والفاء، وهو الصواب على ما ترجح عندي، وما عداه محرَّف عنه. وسببه أن صاحب نفح الطيب تلمسانيٌّ كما هو معلوم، وقاعدة المغاربة في الكتابة نقط الفاء بنقطة من تحت، فيظهر أن نسخة الأصل كتبت بخط مغربي، وطمس الكاتب رأس الفاء، فظهرت بصورة الباء لمكان النقطة التحتية، وتصحيف الخاء المعجمة بالحاء المهملة قريب. وإنما رجحت هذا الوجه؛ لاشتهاره في سائر الكتب كما ذكرت آنفًا. ويجوز أن يكون الصواب في أحد الوجهين الآخرين، إلا أن مثل هذا لا يثبت إلا بنص، ولم أقف على نص فيه. والخَطْبُ أسهل من أن نطيل فيه الكلام؛ لأن الظاهر من مفاد القصة أن الكلمة مخترعة. والله أعلم.