الدين والثورة في مصر ١٩٥٢–١٩٨١م (الجزء الرابع): الدين والتنمية القومية
«لمَّا كانت الثورة في حاجة إلى تجنيد الجماهير، وفي حاجة إلى البذل والعطاء، فإن القيادة السياسية أبرزت بعض القِيَم الدينية، مثل الجهاد والتضحية، في المناسبات الدينية المختلفة، وفتحت الطريق أمام الوعظ الديني السياسي، وتأويل الموضوعات الدينية من عقائد وقصص ونصوص تأويلًا سياسيًّا.»
كان الدين موضع اهتمام في عملية التنمية التي شهدتها مصر عقب ثورة ١٩٥٢م؛ إذ أُلغيت المحاكم الشرعية، وصدر قانون الأحوال الشخصية، وصدر قانون إلغاء الوقف من أجل استثمار قطع كبيرة من الأراضي ومبالغ كبيرة من المال، وصدر قانون تطوير الأزهر بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، وأُنشِئ المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ونصَّ الدستور المصري على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، وصار للموضوعات والبرامج الدينية حضور قوي في ميادين الثقافة وأجهزة الإعلام، فضلًا على تنظيم الطُّرق الصوفية، وتنقيتها من مظاهر الشعوذة. ولكن إلى جانب هذا الاهتمام من قِبل الدولة بالدين، دخل الدين أيضًا عاملًا مؤثرًا، خصوصًا في المعارك السياسية، فأصبح الدين وسيلة، واستُخدم أساسًا أيديولوجيًّا لتبرير الأنظمة الاجتماعية والسياسية الجديدة؛ وهو ما يُسلِّط عليه «حسن حنفي» الضوء في هذا الكتاب؛ إذ يُبرز كيف ساعد استخدام الدين في إدارة الشأن السياسي وعملية التنمية القومية.