تو تو المستمعة
عاود الدكتور دوليتل وحيواناته الاتجاه مرة أخرى إلى بودلبي.
مال الطبيب على السور عند مؤخرة السفينة، وشاهدة جزيرة الكناري وهي تتوارى عن ناظره شيئًا فشيئًا، وتساءل عن حال القردة وعما يحدث في بودلبي أون ذا مارش.
ركضت داب داب آتية جانبه وهي تصيح: «هذه السفينة جميلة يا حضرة الطبيب! هل تفقدتها؟ حقًّا إنها رائعة. الفُرش في الطابق السفلي من الحرير، وثمة المئات من الوسائد الناعمة في أرجاء الغرفة، وبسط، وأطباق من الفضة، وكل أصناف الطعام الرائعة.»
قال الدكتور دوليتل: «يبدو هذا رائعًا.»
أضافت داب داب: «وهناك أيضًا غرفة مغلقة! بابها ضخم، ثقيل عليه قفل كبير. يقول جيب إن القراصنة على الأرجح قد خبئوا كل كنوزهم هنا. عليك أن تهبط إلى الطابق السفلي يا حضرة الطبيب. لعلك تستطيع فتح الباب.»
هبط الدكتور دوليتل إلى الطابق السفلي. وكانت داب داب محقة؛ فالسفينة كانت جميلة، بل لم ير الدكتور دوليتل قط مكانًا بهذا الجمال.
وجد جميع الحيوانات مجتمعة عند الباب المغلق، جميعهم يتحدثون في آن واحد محاولين أن يتوصلوا إلى ما بداخل الغرفة التي تقع خلفه، فأدار الدكتور دوليتل مقبض الباب، لكنه لم يفتح، فبحث هو وجميع الحيوانات في أرجاء الغرفة عن مفتاح الباب.
رفعوا البسط، وبحثوا تحت الكراسي والنضد، وفي الأدراج وخزانات الثياب، ووجدوا الكثير من الأشياء الرائعة، لكنهم لم يعثروا على مفتاح الغرفة، فعادوا جميعًا للوقوف بجانب الباب. ونظر جيب من خلال فتحة المفتاح، لكنه لم ير شيئًا.
ثم قالت تو تو: «مهلًا جميعًا. رجاء لا تتحركوا للحظة.» فوقفوا جميعًا ساكنين. ثم تابعت: «أظن أنني أسمع شخصًا بالغرفة.»
فأرهفوا جميعًا السمع مجددًا.
ثم قال الدكتور دوليتل: «أظن أنك مخطئة. لا أسمع شيئًا.»
قالت تو تو: «أنا واثقة من هذا! صه! ها هو الصوت مجددًا. ألا تسمعونه؟»
هز الدكتور دوليتل وجميع الحيوانات رءوسهم نفيًا.
قالت تو تو: «أنا واثقة من أنني أسمع شخصًا ما يضع يده في جيبه.»
فقالت داب داب: «هذا سخف، كيف تستطيعين سماع هذا؟ لا يصدر صوت عن هذا تقريبًا.»
فقالت تو تو: «بل أستطيع قطعًا أن أسمع هذا. أستطيع أن أسمع الصوت الذي تصدره القطة عندما تغمض عينيها. أؤكد لكم هذا؛ هناك شخص ما على الجانب الآخر من هذا الباب يضع يده في جيبه.»
سأل الدكتور دوليتل: «حسنًا، وما الذي يجري الآن؟»
قالت تو تو: «لست متأكدًا مما يجري. ارفعني إلى جانب فتحة المفتاح لأسمع على نحو أفضل.»
رفع الدكتور دوليتل تو تو وحملها على مقربة من مقبض الباب.
قالت تو تو بعد برهة: «إنه يحك وجهه بيده اليسرى. إنها يد صغيرة ووجه صغير. الآن هو يزيح شعره عن وجهه.»
سأل الدكتور دوليتل: «هل ثمة شيء آخر يجري؟»
أجابت تو تو: «هذا الشخص حزين. أسمع بكاءه. إنه يحاول جاهدًا ألا يصدر ضجيجًا، لكنني أسمع دموعه وهي تتساقط.»
قال الدكتور دوليتل: «هذا المسكين حزين. علينا أن ندخل ونرى ما خطبه. بسرعة! ليعثر لي أحدكم على فأس. سأحطم هذا الباب.»