ثرثارو المحيط
عثرت الحيوانات سريعًا على فأس، فرفعه الدكتور دوليتل، وهوى به بقوة مرتين، صانعًا فتحة بالباب تكفي بالكاد للزحف عبرها.
كانت الغرفة في البداية مظلمة إلى حد يحول دون رؤية أي شيء، فأشعل الدكتور دوليتل عود ثقاب.
كانت غرفة صغيرة جدًّا، ليس بها أي نوافذ، وسقفها منخفض. ليس بها إلا مقعد صغير بلا ظهر، وقد جلس في منتصفها صبي صغير في الثامنة من العمر تقريبًا، يبكي بحرقة.
شعر الصبي بالخوف من هذا القادم وكل حيواناته العجيبة، لكنه كف عن البكاء ما إن رأى وجه الدكتور دوليتل، ونهض من مجلسه وقال: «أنت لست واحدًا من هؤلاء القراصنة، أليس كذلك؟»
رجع الدكتور دوليتل برأسه إلى الوراء وضحك، وضحك الصبي بدوره.
قال الصبي: «ضحكتك ودودة للغاية. ليست كضحكة القراصنة على الإطلاق، لكنني أشعر بالقلق. هل رأيت عمي؟»
تساءل الدكتور دوليتل: «عمك؟ هل كان معك على متن هذه السفينة؟»
أجاب الصبي وعيناه تدمعان: «نعم.» ثم أردف: «كنا نصطاد السمك معًا عندما أسرنا القراصنة. أرادوا أن ينضم عمي إلى طاقمهم، وأبعدوه عني عندما رفض هذا.»
سأل الدكتور دوليتل: «وهل لديك أدنى فكرة عما حدث له؟»
صاح الصبي: «لا، لقد احتجزوني في هذه الغرفة. لم أغادرها منذ أكثر من أسبوع! سألتهم عن عمي، لكنهم رفضوا إخباري بأي شيء عنه. أخشى أن يكون قد غرق!»
قال الدكتور دوليتل: «حاول ألا تقلق.» ومسح على رأس الصبي واستطرد: «سنفعل كل ما بوسعنا للعثور عليه.»
فقال الصبي: «آه، شكرًا!»
ثم سأل الطبيبُ الصبي: «هل تستطيع أن تصف لي عمك؟» وأخرج مفكرته وقلمه الرصاص.
رد الصبي: «إنه فارع الطول، أصهب، سفينته اسمها «سالي المقدامة». لا أملك أدنى فكرة عما حل بها.»
وعندما فرغ الصبي من قصته، نام قليلًا في ضوء الشمس، فاتجه الدكتور دوليتل إلى سور سفينته وصاح مناديًا دلافين البحر إلى أن ظهرت مجموعة منها بجوار قاربه.
حدثها الطبيب قائلًا: «أبحث عن شخص ما. هل رأيتم صيادًا طويلًا أصهب الشعر؟ نعتقد أنه مفقود منذ أسبوع أو اثنين.»
قال دولفين: «هل تقصد مالك سفينة «سالي المقدامة»؟ رأينا السفينة. إنها بقاع البحر، لكن الصياد ليس بها. لا أستطيع أن أدلك على مكانه، لكنه لم يغرق.»
سأل الدكتور دوليتل: «كيف تأكد لك هذا؟»
أجاب الدولفين: «آه، كان هذا سيتنامى إلى علمنا. نحن ندعى ثرثارو المحيط لأننا نعلم بكل ما يجري في الماء. إن كان هذا الصياد قد غرق، كنا سنعرف ذلك.»
قال الدكتور دوليتل: «حسنًا. هذا على الأقل نبأ سار. أعتقد أننا سنضطر إلى مواصلة البحث عنه. إن بلغكم أي شيء عنه، رجاء أبلغونا به، فابن أخيه يشعر بالقلق الشديد بشأنه.»
ووعدت الدلافين بهذا.
طلب الدكتور دوليتل من الحيوانات تشكيل فرق بحث؛ فوافقت تو تو وداب داب على أن تطيرا فوق ماء المحيط للبحث عن أثر للصياد، وقالت عصافير الجنة إنها بدورها ستبحث عنه.
قال الدكتور دوليتل لفرق البحث: «تذكروا أن تسألوا كل من تلقونه إن كان قد رأى رجلًا طويلًا أصهب الشعر. لا بد أنه في مكان ما.»
الحيوانات الأخرى حرصت على تسلية الصبي على ظهر السفينة، فلعبت معه، وركضت على ظهر السفينة. وكما يمكن أن تتوقع، لم يكن الصبي قد رأى من قبل بوشميبوليو، فتساءل إن كان يتوهم.
لم يمانع البوشميبوليو أن يحدق به الصبي، إذ أدرك أنه لا يقصد سوءًا، بل إنه سمح له بركوبه والتجول به على ظهر السفينة.
أما الدكتور دوليتل، فكان صامتًا قلقًا بشأن عم الصبي. تأمل المحيط، وتمنى أن تبلغه سريعًا أنباء عن الصياد.