جيب المنقذ
أدركت داب داب وتو تو أنهما لا تستطيعان أن تبحثا في كل مكان؛ كان هذا متعذرًا حتى مع مساعدة عصافير الجنة. لذا ذهبت تو تو للتحدث مع النسور، فعثرت على نسر أسود، ونسر أصلع، ونسر ذهبي. واتفقوا جميعًا على أن يحلقوا فوق الأدغال، والغابات، والجبال للبحث عن عم الصبي.
عادت النسور في اليوم التالي إلى سفينة الدكتور دوليتل، وقال النسر الأصلع للطبيب: «نحن آسفون. لم نر الرجل الذي وصفته، لكننا سنواصل البحث عنه، رغم أنني لا أحسبه على البر على الإطلاق.»
شكر الدكتور دوليتل النسور على مساعدتها.
وقال وهو يهز رأسه بأسف: «أعتقد أن الحيلة أعيتني. لم أعد أدري على الإطلاق أين أبحث عن الرجل.»
قال جيب: «لم لا تدعني أحاول البحث عنه.»
فسألت داب داب: «أنت؟ ما الذي يسعك فعله؟»
قال جيب: «قد أجده باستخدام حاسة الشم لدي.»
قالت داب داب: «لا تكن سخيفًا. نحن في منتصف المحيط. لن يسعك تبين أي رائحة هنا!»
قال جيب: «ستدهشك قدراتي»، ورفع رأسه — إذ لم يكن ليسمح لبطة بإهانته — ثم أردف: «حضرة الطبيب، هلا سألت الصبي إن كان معه شيء يخص عمه؟»
نفذ الدكتور دوليتل ما طلبه منه جيب، فأعطاه الصبي خاتمًا ذهبيًا معلقًا بخيط.
وأردف: «أعطاه عمي لي ما إن رأينا سفينة القراصنة.»
قال جيب للدكتور دوليتل: «لا، هذا الخاتم لن يجدي نفعًا. هلا سألته إن كان معه شيء من قماش؟»
نفذ الدكتور دوليتل ما طلبه منه جيب للمرة الثانية، فأعطاه الصبي عصابة رأس لونها أحمر فاتح.
فقال جيب: «رائع، ليتك الآن تسمح لي فقط بتشممها …» وألصق أنفه بعصابة الرأس واستنشق رائحتها عدة مرات.
ثم قال: «لا تقلق أيها الطبيب. رجاءً أخبر الصبي بأنني سأعثر على عمه، وسأجد أثره حتمًا.»
لكن هذا استغرق عدة أيام. تمثلت المشكلة في الريح؛ إذ لم يستطع جيب أن يشم إلا الروائح التي تهب تجاههم، ولم تهب الريح في الأيام الأولى إلا من الشرق، من ثم لم يستطع جيب أن يشم إلا الروائح القادمة من هذا الاتجاه. كان شخص ما يعد يخنة من لحم شاة، وآخر كان يحرق بعض أوراق الأشجار، لكن لم يكن هناك أثر لرائحة العم.
لكن عندما استيقظ الجميع صباح يوم ما كانت الريح تهب من الغرب، فاتجه جيب سريعًا إلى السور بجانب السفينة، واستنشق الهواء عدة مرات، ثم نادى على الدكتور دوليتل.
قال: «وجدته! أعلم إلى أين علينا أن نتجه.»
رد الدكتور دوليتل: «حقًّا؟ هذا مثير للغاية!»
قال جيب: «سأقف عند مقدمة السفينة، اتبعوا أنفي وأنا أتنسم الهواء، سنقصد العم مباشرة.»
نفذوا ما طلبه منهم جيب، لكنهم لم يعثروا على العم، بل وجدوا حجرًا كبيرًا أبحروا حوله مرارًا وتكرارًا، لكن لم يكن هناك أحد.
وقال جيب بإصرار: «لكنني أشم الرجل. إنه حتمًا على هذه الصخرة!»
طارت إحدى عصافير الجنة فوق الصخرة جيئة وذهابًا عدة مرات، ثم أسرعت عائدة إلى السفينة وأخبرت الدكتور دوليتل بأن بالصخرة فتحة كبيرة في منتصفها.
قال الدكتور دوليتل: «حسنًا، سيتعين علينا أن نرسو على الشاطئ.»
رست سفينتهم إلى جانب الصخرة، وتسلقها الدكتور دوليتل، وسار إلى الفتحة الموجودة بها. كان هناك طريق طويل يؤدي إلى داخلها، فأشعل الطبيب عود ثقاب وسار في الظلام.
احتاجت عيناه إلى بعض الوقت لتعتادا الظلمة، لكنه آخر الأمر لاحظ شيئًا أمامه مباشرة. استغرق وهلة ليدرك ماهيته؛ وكان هذا عم الصبي! كان يغط في نوم عميق بالكهف.