رتق ثُقب العولمة وبناء الإمبراطورية الأمريكية١

تعددت التحليلات، وتنوَّعت الاجتهادات في تفسير الموجة العاتية من سياسة الهيمنة التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية، مستخدمةً كل ما لديها من إمكانات من القوة العسكرية، إلى الضغوط السياسية، إلى اللعب بورقة الاقتصاد في إطار اقتصادٍ عالمي يعطيها وضعًا مركزيًّا على درجة خطيرة من التأثير.

وقد شهد شهر أبريل ٢٠٠٤م صدور بعض الكتب التي أماطت اللثام عن بعض تفاصيل ما دار في البيت الأبيض ووزارة الدفاع (البنتاجون) حول مجريات الأحداث بعد ١١ سبتمبر ٢٠٠١م، ولكن أخطر ما صدر في ذلك الشهر ذاته كتاب توماس بارنت Thomas Barnett الذي قدَّم فيه إطارًا شاملًا لاستراتيجية الإمبراطورية الأمريكية، حمل عنوان: «خارطة البنتاجون الجديدة: الحرب والسلام في القرن الحادي والعشرين».

وترجع أهمية الكتاب إلى الموقع الخطير الذي يحتله صاحبه في صناعة القرار الاستراتيجي بوزارة الدفاع الأمريكية؛ فهو كبير الباحثين في الاستراتيجية بمركز دراسات الحرب البحرية، بكلية البحرية الحربية الأمريكية، واختير منذ نوفمبر ٢٠٠١م حتى الآن للعمل مستشارًا للاستراتيجيات المستقبلية بمكتب «تطوير القوات» الملحَق بمكتب وزير الدفاع؛ فهو العقل المفكِّر المعاون للأدميرال آرثر سيروفسكي مدير المكتب فيما يتصل بالرابطة بين التغيير في مجالات الأمن الدولي، ومشروع تطوير القوات الأمريكية.

كما يعمل توماس بارنت مستشارًا استراتيجيًّا لبعض الوكالات الفيدرالية المهمة وبعض المؤسسات المالية الكبرى، وغيرها من قلاع قطاع الأعمال، بما في ذلك بورصة الأوراق المالية ﺑ «وول ستريت»، ونشر عددًا من المقالات عن موضوعات تتصل برؤيته الاستراتيجية في الأعوام ٢٠٠٢–٢٠٠٤م، بصحفٍ ومجلات مهمة، مثل النيويورك تايمز، والواشنطن بوست، والكريستيان ساينس مونيتور، والبروفيدانس جورنال، وسكواير، وجميعها صحف تعبِّر عن اليمين المحافظ، وتُعَد منابر للتعبير عن طموحاته وسياساته.

كذلك نشر توماس بارنت عشرة أبحاث علمية في السنوات الأربع الأخيرة، بعددٍ من المجلات المتخصصة في الدراسات الاستراتيجية، تتناول أطرافًا من القضايا التي ضمَّنها كتابه الجديد «ورطة البنتاجون الجديدة: الحرب والسلام في القرن الحادي والعشرين»، وألقى العديدَ من المحاضرات منذ العام ٢٠٠٣م على عددٍ محدودٍ من كبار الموظفين بالإدارة الأمريكية، وكبار ضباط الجيش والبحرية والطيران، ورجال المال والصناعة، وبعض عناصر المفكرين، وقادة الرأي العام من رجال الإعلام، وهي محاضرات عرض فيها الاستراتيجية الجديدة، وتناقش حولها مع الحضور.

ولا ريب في أن ترتيب هذه اللقاءات تم عن طريق مكتب وزير الدفاع؛ لإقناع مختلف دوائر القوة بأهمية الاستراتيجية الجديدة لهم ولبلادهم، واختارته مجلة «سكواير» ليحتل المركز الثالث بين ٢٥ شخصية اعتبرتهم من «بُناة المستقبل» (نوفمبر ٢٠٠٣م).

وهكذا نجد أنفسنا أمام شخصية تلعب دورًا في صياغة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، وتعبِّر عنها، فليس توماس بارنت مجرد باحث أكاديمي في مجال الاستراتيجيات المستقبلية، ولكنه مشارِكٌ أساسي في صناعة هذه الاستراتيجية، من خلال وضعه بمكتب وزير الدفاع الأمريكي.

القدرة على خوض الحروب

فإذا انتقلنا إلى الكتاب نجده يبدأ بانتقاد مدرسة الاستراتيجية الأمريكية التي ترى العالم من زاوية الدول الكبرى وقوتها العسكرية، وعلاقاتها ببعضها البعض من خلال تلك الزاوية الضيقة، على زعم أن ضبط الأمور من هذه الناحية يضع أوضاع العالم في نصابها الصحيح، وغلبة هذا الاتجاه على النظرة إلى القوة العسكرية الأمريكية؛ من حيث قدرتها على خوض غمار حروب كبيرة ضد «القُوى الكبرى»، والتعامل على هذا الأساس في القضايا الأمنيَّة على الساحة الدولية، فتجمع بين القوة ذات القدرات التكنولوجية العالية، مع توافر القدرة على خوض غمار «حروب صغيرة»، أو القيام بعددٍ من العمليات العسكرية في أي بقعة من العالم.

حدث هذا قبل أن تُطوى صفحة الحرب الباردة، وظل كذلك بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وانفراط عقد حِلف وارسو تحسبًا لصعود قوة الصين، حتى وقع حادث ١١ سبتمبر ٢٠٠١م ليدفع وزارة الدفاع الأمريكية إلى إعادة توجيه التحوُّل في سياستها العسكرية لتتناسب مع «الحرب الكونية» ضد الإرهاب.

فجوة العولمة

وهكذا صُرف النظر عن الصين، التي تبذل جهودًا مضنية للاندماج فيما يسميه بارنت «مركز العولمة الفعَّال»، وبدأ إعادة توجيه السياسة الدفاعية الأمريكية وَفق خطة بعيدة المدى لمواجهة ما هو أهم، وهو ما أسماه «فجوة Gap» العولمة، وهي البلاد التي لم تندمج في العولمة، وتضم جميع البلاد الإسلامية في وسط آسيا وجنوب شرقيها، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، ويشبِّه هذه «الفجوة» التي استعصت على العولمة بثقب الأوزون؛ فهي تمثِّل «ثقبًا كبيرًا» في عصر العولمة، وتعد مراكز للتهديد والإرهاب الدولي.

ومن هنا تأتي أهمية تحوُّل السياسة الأمنية الأمريكية لخدمة استراتيجية رتق هذا الثقب بتحويل هذه البلاد المبعثرة للحاق «بمركز العولمة الفعَّال»، وعلى أمريكا أن توجِّه جهودها العسكرية لتضييق هذه «الفجوة»، وتصفية الصراعات الإقليمية، وإدماج تلك البلاد في «العولمة»، فإذا تقاعست أمريكا عن القيام بذلك، وانكفأت على شئونها الخاصة، فسوف يتآكل بسرعة وضعها الدولي، وتلقى العولمة مصيرًا مؤسفًا على يد نحو ثُلث سكان العالم، ممن يعانون التخلُّف ويُصدِّرون العنف، مما ينعكس سلبًا على الولايات المتحدة ذاتها، ويؤثر على نمط حياة الأمريكان، وغيرهم ممن يحتلون مركز العولمة، والعمل على تضييق الفجوة بكل السُّبل لا يعني عنده مواجهة العالم الإسلامي — أو غير المسيحي — بدوافع دينية صليبية، أو دوافع خيرية إنسانية، ولكن العمل المباشر لمعالجة الفجوة ضرورة أمنيَّة للولايات المتحدة، وللعالم الذي ينشد حياةً أفضل يسُودها الأمن والسلام.

تضييق فجوة العولمة

ولكنه يرى أن القوة العسكرية لا تكفي وحدها لرتق ثقب العولمة، أو تضييق الفجوة؛ لأن عدو الغرب اليوم ليس «دولًا» ولا «حكومات» ولا «جيوشًا» بعينها، ولكن الغرب يواجِه اليوم منظماتٍ عسكرية، كالقاعدة، يقودها أفرادٌ يهيمون على وجوههم في مختلف أرجاء العالم، مستفيدين من الظروف السياسية والاقتصادية المتدنية في بلاد «الفجوة».

وبذلك أصبح لزامًا على أمريكا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي (إمبراطورية الشر) أن تعمل على إسقاط أنظمة الشر، وأن تطارد وتصفِّي الزعماء الأشرار، ولا بد أن تقترن الاستراتيجية (الدفاعية) الجديدة بعيدة المدى باستراتيجيات أخرى مثل التجارة الدولية، واتجاهات الهجرة والتحكُّم في أسواق الطاقة الدولية، وحركة الأموال المتجهة إلى بلاد «الفجوة» على شكل استثماراتٍ مباشرة أو معونات.

وعلى حين يشيد بارنت بإدارة بوش التي وضعت استراتيجية التحوُّل العسكري لمواكبة المتغيرات الدولية بعد حادث ١١ سبتمبر ٢٠٠١م، فإنه يأخذ عليها عدم التحرك بطريقة فعَّالة لشرح هذه الاستراتيجية للشعب الأمريكي، والحلفاء الأوروبيين لإقناعهم بحقيقة الأوضاع الدولية، وخطورة إهمال «فجوة» العولمة على أمن العالم وتهديده لهم من النواحي الاقتصادية والاجتماعية عن طريق تصاعُد الإرهاب، وتدفُّق المهاجرين إلى بلادهم، مما يؤثر سلبًا على مستوى معيشة شعوب مركز العولمة.

الاعتقال لمجرد الشبهة

ويرى المؤلف أن إهمال شرح الاستراتيجية الجديدة للشعب الأمريكي مسئول عن المعارضة التي تلقَاها سياسة إدارة بوش، فيما يتعلق بقانون الوطنية، وما ترتب عليه من تضييقٍ على الحريات الشخصية للمواطنين، وتعرُّضهم للاعتقال بمجرد الشبهة، وما تواجهه سياسة «الضربات الاستباقية» من نقدٍ، وعنده أن هذه الإجراءات الاستثنائية ضرورية لضمان تنفيذ الاستراتيجية الدفاعية الجديدة، وأن قيام أمريكا بالضربات الاستباقية لمصادر الخطر في الحرب ضد الإرهاب، يتم الآن نيابةً عن «مركز العولمة» كله، وأن على بلاد المراكز الأخرى أن تدرك أهمية هذا العمل، وتقدِّم له الدعم، وأن أحد أغراض تأليفه هذا الكتاب توعية مواطنيه (الأمريكان) وشعوب المركز بأهمية الاستراتيجية الجديدة وضرورة تبنِّيها.

ويقتضي تنفيذ هذه الاستراتيجية بعيدة المدى — في رأيه — استيعاب درس التدخُّل في العراق لإسقاط نظام صدام؛ فالقوات التي قامت بهذه المهمة أثبتت عدم قدرتها على إرساء دعائم السلام، ولذلك لا بد من إعادة تنظيم وزارة الدفاع على «قواعد جديدة» تلائم متطلبات العصر الجديد، متطلبات القرن الحادي والعشرين؛ بحيث تنقسم القوات الأمريكية إلى قسمَين كبيرين؛ القوة الساحقة المرعبة التي تعتمد على البحرية والسلاح الجوي، ومهمتها التحرك الدائم في مناطق «الفجوة» وتوجيه الضربات الساحقة.

والقوة الأخرى؛ قوة إدارة النظام، تختص بتصدير الأمن إلى مختلف أرجاء «الفجوة» بصفة دائمة، وأن يتم وضع قواعد جديدة لعمل كلٍّ من القسمَين الكبيرين، يتوافق مع متطلبات العصر، وبفضل هذه الاستراتيجية «الدفاعية» بعيدة المدى يتم «رتق» فجوة العولمة، ويتحقق السلام في أرجاء الأرض، ويرى أن التهاون في تطبيق هذه الاستراتيجية سوف يؤدي إلى تقسيم مركز العولمة الفعَّال إلى عدة مراكز: أوروبا، وآسيا، وأمريكا؛ مما قد يؤدي إلى الصراع بين هذه المراكز والإضرار بالجميع.

قوة الردع لتحقيق السلام

ويتضمن القسم الثاني في الاستراتيجية الجديدة؛ ما أسماه «قوة إدارة النظام» حُسن إعداد العناصر الموالية في بلاد «الفجوة» وتدريبها؛ حتى تكون على درجة من الكفاية لتوجيه بلادها نحو مركز العولمة الفعَّال، كما تتضمن شِقًّا خاصًّا بآليات التحكُّم في مصادر الطاقة، وفي حركة رءوس الأموال المتجهة إلى أسواق دول «الفجوة»، وفي حركة التجارة الدولية، والمعونات الاقتصادية، وسياسات الهجرة من «الفجوة» إلى المركز، بحيث تتكامل هذه السياسات بعضها مع بعض لجني ثمار استخدام قوة الردع الساحقة المخيفة، من أجل تحقيق عالم يسوده السلام.

ولما كان نجاح هذه الاستراتيجية يتطلب عملًا «مباشرًا» و«أحاديًّا» فتنفيذها قدَر الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى دول «مركز العولمة» تفهُّم ذلك، ودعم الجهود التي تبذلها أمريكا في هذا الصدد لتصدير الأمن إلى العالم!

ويحرص المؤلف على إبداء روح التفاؤل حول هذه الوصفة العجيبة التي يرى فيها علاج مشكلات العالم، وإيجاد صيغة جديدة اجتماعية-سياسية-ثقافية تُصنَع في أمريكا، وتُفرَض على الدنيا كلها في القرن الحادي والعشرين، في عالم لا فكاك فيه من العولمة، وهي تعني الهيمنة الأمريكية على شئون الدنيا كلها، وصبغها بالصبغة الأمريكية؛ فهو لا يحدد لأوروبا دورًا في هذه الاستراتيجية سوى دور الاقتناع بأهميتها ومساندتها.

ولا يرِد أي ذكر للأمم المتحدة في استراتيجية، ولا حتى فكرة استخدامها كأداة لدعم بناء الإمبراطورية الأمريكية وتغطيتها، ولعله كان في ذلك «براجماتيًّا» صريحًا، فلا يجد أن ثمة حاجةً إلى الأمم المتحدة بعد التحوُّل في الدور الدفاعي الأمريكي، وأمام «القوة الساحقة المرعبة»، والقوة الأخرى، «إدارة النظام» التي تتحكم في الاقتصاد العالمي ومصادر الطاقة، والأُطُر القانونية المنظِّمة لذلك كله.

ولا يعني إقلال المؤلف من شأن الصين كمصدرٍ للخطر على مشروع الهيمنة الأمريكي، واعتبار الهند أيضًا ضمن مركز العولمة؛ أن استراتيجية الهيمنة الإمبراطورية الأمريكية، لن تطالهما وغيرهما من البلاد التي تقف حجر عَثرة في طريق هذه الاستراتيجية؛ ففي استراتيجيات التحكُّم في مصادر الطاقة، والاقتصاد العالمي ما يضمن بسط الهيمنة الأمريكية على الجميع.

ونموذج «العولمة المركزي» المثالي عند بارنت هو الولايات المتحدة بالطبع، وهو النموذج الذي يهدف — في نهاية الأمر — إلى تعميم نظامه الاجتماعي-السياسي-الثقافي في هذا الكوكب، وهو نموذج يعاني أزمة «اندماج» في «العولمة» بقدرٍ لا يقل عما تعانيه منطقة «الفجوة» أو «ثقب العولمة» (على حد تعبيره) سواء على الصعيد الاجتماعي (الفقر وتدهور الخدمات الاجتماعية والتمييز العنصري)، أو على الصعيد الثقافي (ضعف التعليم العام، والجهل الشديد بأمور العالم، وشيوع القِيَم المرتبطة بثقافة العنف)، كما أن آليات تنفيذ استراتيجية القرن الحادي والعشرين عصفت بإرث الليبرالية في أمريكا المتمثِّل في الحريات الشخصية، في إطار تطبيق «قانون الوطنية» الذي جعل النظم الأوتوقراطية الاستبدادية في عالم «الفجوة» تتنفس الصعداء، وتجد تبريرًا مناسبًا لطغيانها، ما دام النموذج الأمريكي يتيح استخدام الممارسات المقيِّدة للحريات نفسها «الرقابة والاعتقال بالشُّبهة» والتعذيب، وامتهان كرامة المواطن باسم حماية الوطن.

خطة بناء الإمبراطورية

تُرى ماذا يكون الموقف من تلك «الفجوة» في أمريكا ذاتها، وما آليات إدماج الطبقات الاجتماعية الأمريكية التي تعيش حياة العالم الثالث في مركز العولمة؛ هل ستستخدم «القوة الساحقة المرعبة»؟ أم ستكتفي بقوة إدارة النظام؟! بل ما مدى صبر المواطن الأمريكي على تمويل خطة بناء الإمبراطورية من كدِّه، ما دام عائدها يصب في خزائن أقطاب المحافظين الجدد؛ الذين يملكون الجانب الأكبر من أسهم شركات السلاح والبترول، والمصالح المالية الكبرى؟!

من الغريب أن الكتاب صدر في أبريل ٢٠٠٤م الذي شهد مأزق الولايات المتحدة في العراق، وفضح حقيقة ادِّعاءات التحرير وحماية حقوق الإنسان، بعد كل ما تسرَّب عن معاملة السجناء في العراق، وما اتَّضح من عِلم الرئيس الأمريكي بوجود لوائح للتعذيب مستخدَمة منذ حرب فيتنام، وما كشف عن صدور تعليمات وزير الدفاع الأمريكي تطبيقها في سجن أبو غريب.

لقد شهد أبريل فضيحة المشروع الأمريكي الإمبراطوري أمام العالم كله، فضلًا عن المعارضين للحرب في أمريكا ذاتها، الذين كتبوا في أبريل مقالاتٍ في صحفٍ مختلفة يكشفون فيها التزام إدارة بوش — التي يُديرها المحافظون الجدد — بالأجندة الإسرائيلية في الشرق الأوسط، وتوجيههم للعمل العسكري نيابةً عن إسرائيل، وبالرجوع إلى مستشارين من ضباطها، ويعلنون — صراحةً — اعتراضهم على ذلك الربط بين مصالح الولايات المتحدة ومصالح إسرائيل، ويرَون في ذلك ضررًا بالغًا ببلادهم، ناهيك عن نتيجة الاستفتاء التي أعلنها الاتحاد الأوروبي (في فبراير) والذي رأى غالبية المشاركين فيه أن أمريكا وإسرائيل هما مصدر التهديد للسلام العالمي.

ولا شك في أن صدور هذا الكتاب — في هذا الوقت — بالذات وما صاحبه من تصريحات المُدَّعي العام الأمريكي في وسائل الإعلام من احتمال توجيه «القاعدة» لضربةٍ جديدة داخل أمريكا، إنما تهدف إلى إثارة مخاوف المواطن الأمريكي حتى يُعطي تأييده لسياسات المحافظين الجُدد، ويجدِّد لبوش الدورة الرئاسية الثانية.

بقي أن نعي نحن الذين وقعوا في «ثُقب العولمة» حقيقة ما يُدبَّر لنا، وأن نسعى جاهدين للفكاك من مخالب الهيمنة الأمريكية، ووضع الاستراتيجيات البديلة لتحقيق هذه الغاية، والخروج من المأزق الذي وضعتنا فيه أمريكا؛ فلا تكفي عبارات الشجب والاستنكار والرفض، بل يجب تنمية حركة المناهضة للإمبراطورية الأمريكية، وإصلاح نُظُمنا السياسية بالقدر الذي يحقق تماسُك جبهاتنا الداخلية، ودعم المنظمات الإقليمية والدولية لتحقيق هذه الغاية.

١  مجلة الهلال، أغسطس ٢٠٠٤م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥