خراب مصر١
عنوان هذا المقال ليس من ابتكار كاتبه، ولكنه من إبداع المناضِل الاشتراكي الروسي تيدور روتشتاين (١٨٧١–١٩٥٣م)، اختاره لكتابٍ نشره بالإنجليزية في لندن عام ١٩١٠م، يرد فيه على مزاعم اللورد كرومر في كتابه «مصر الحديثة» الذي نُشر عام ١٩٠٧م.
كان روتشتاين لاجئًا سياسيًّا في لندن منذ عام ١٨٩٠م، وكان بيته على أطراف لندن مأوًى للينين عند قدومه للندن، وأهم من ذلك كله أن روتشتاين هذا كان صديقًا للزعيم الوطني المصري محمد فريد، بحكم اهتمامه بمقاومة الاستعمار، وقيل إن محمد فريد تحمَّل نفقات طباعة كتاب «خراب مصر» من جيبه الخاص، وبسط بين يدَي المؤلف رؤية الحركة الوطنية المصرية فيما يدَّعيه اللورد كرومر من «إصلاح» أنجزه الاحتلال الإنجليزي في مصر.
قرأتُ كتاب روتشتاين منذ ما يقرب من نصف القرن، أيام الطلب بالجامعة، وهو بحثٌ عميق في السياسة البريطانية في مصر، فنَّد فيه مزاعم «الإصلاح» الإنجليزي، من إلغاء السُّخرة في الأعمال العامة، إلى إلغاء الرشوة ومقاومة الفساد الإداري، مرورًا بالقضاء على استخدام العنف والتعذيب ضد المصريين في جهاز الشرطة.
وبعد أن قرع روتشتاين الحُجة بالحُجة، كشف حقيقة مزاعم الإصلاح؛ فإلغاء السُّخرة حوَّل الفلاحين إلى عُمَّال تراحيل يستغلهم المقاولون لقاء أجورٍ لا تكفي للقُوت الضروري، والفساد كان قائمًا على قدمٍ وساق، ليس في الجهاز الحكومي المصري وحسب، بل أيضًا بين كبار الموظفين الإنجليز في مصر، والتعذيب خير شاهدٍ على أكذوبة التخلص منه، ما لقيه الفلاحون الأبرياء في حادث دنشواي عام ١٩٠٦م، الذي كتب عنه السياسي الإنجليزي ولفرد بلنت كتابًا بالإنجليزية نُشِر في نهاية ١٩٠٦م بعنوان «فظائع العدالة البريطانية في مصر»، أما ما زعمه كرومر من نهوض الاقتصاد المصري فأكذوبةٌ كبرى لأن ذلك صبَّ في مصلحة الأجانب الذين نهبوا ثروات البلاد، وختم روتشتاين كتابه بأن ما فعله الاستعمار البريطاني في مصر هو في حقيقة أمره «خراب مصر».
لا أدري لماذا تذكرت روتشتاين وكتابه فجأةً، وأنا أستمع إلى حديث المشاركين في ندوة أقامها صالون النديم للفكر العربي مساء السبت ٢٨ أبريل بعنوان: «صحة المصريين … إلى أين؟!» أدارها الصديق الدكتور سالم سلَّام، وشارك فيها ثلاثة من الشخصيات الوطنية البارزة واسعة الخبرة بالقضية موضوع الندوة، هم: الدكتور عبد المنعم عبيد أستاذ التخدير بطب القاهرة، والدكتور محمد حسن خليل أستاذ القلب والأوعية الدموية بالكلية نفسها، والدكتور محمد رءوف حامد أستاذ الأبحاث الدوائية. فما سمعته من تناول المتحدثين الثلاثة للقضية جعلني أعود بذاكرتي إلى «خراب مصر» كما وصفه روتشتاين قبل نحو القرن من الزمان، فأُرثي لحال الاستعمار الإنجليزي، لأن ما ألحقه بالبلاد من خرابٍ يتوارى خجلًا أمام ما فعله بمصر الحكم الوطني المباركي، وتذكرت الرسالة التي تداولها ملايين المصريين على شاشات المحمول، والتي تُعلِن اعتذار إبليس عن أداء عمله بمصر؛ لأنه عجز عن الوصول إلى مستوى صُنَّاع القرار فيها!
رغم أن موعد الندوة كان مقررًا منذ نحو شهرين، في إطار سلسلة من الندوات نظَّمها صالون النديم منذ نوفمبر ٢٠٠٦م، تُعقَد مرة واحدة شهريًّا، وتعالج القضايا الخطيرة التي تهدِّد مستقبل هذا الوطن مثل: بيع البنوك الوطنية، وقصور نظام التعليم، والتعديلات الدستورية، وغيرها من مختلف القضايا التي تعوق حركة المجتمع المصري، وتهدِّد مستقبله.
رغم أن موعد ندوة «صحة المصريين … إلى أين؟!» كان محدَّدًا من قبل فإن موعد انعقادها جاء عشيَّة صدور قانون التأمين الصحي قبل موعد الندوة بأيامٍ قلائل، مع النص على تنفيذه من اليوم التالي لصدوره، مع تجاوز كل المتطلِّبات الدستورية لذلك، ودون اعتبارٍ لآراء العناصر الوطنية من أهل الاختصاص، والهيئات الممثِّلة للمنتفعين بالتأمين الصحي الذين تبلغ نسبتهم ٦٥٪ من الشعب المصري، بينما تتحمَّل نسبةً بسيطة من اﻟ ٣٥٪ من الشعب المصري (لا تصل إلى ١٠٪) نفقات علاجها بالكامل، والباقي تغطي علاجه مستشفيات وزارة الصحة والهيئات الخاصة كالقوات المسلحة والشرطة والمستشفيات الجامعية، ولكن متى كان الحكم الوطني المباركي يهتم بمصالح المواطن المصري، متى يضع في اعتباره نسبة ضئيلة لا تتجاوز ٦٥٪ منه؟! إنها لا تحرمه حقَّ العلاج فحسب، بل تفرط في البِنية الأساسية للتأمين الصحي (٦٠٠ مستشفًى متكامل في ٦٠٠ قرية كبرى، إضافةً إلى أربعين مستشفًى كبيرة و١٤٠ عيادة شاملة) تم بناؤها وتجهيزها بأموال المؤمَّن عليهم، وليس للدولة، قانونًا وشرعًا، حق التصرف فيها، وبيعها بثمنٍ بخس يمثِّل القيمة الدفترية لها عند تأسيسها.
حدث الشيء نفسه مع الشركات الصناعية المملوكة للقطاع العام التي تم تطويرها بعد التأميم، وتلك التي أُنشئَت في إطار خطة التصنيع في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، وطُرحت جميعًا للبيع بالقيمة الدفترية لها ساعة التأميم أو عند الإنشاء، وهو سلوك لو قام به فرد في خاصةِ ما يملك، لوجب، قانونًا وشرعًا، الحجر عليه لتبديده ثروته، فما بالنا إذا كان التبديد هنا موضوعه ثروة الأمة؟!
ورغم أن النظام الوطني المباركي يراهن على نسيان الشعب لمآسيه، فما زلنا نذكر قضية الحبَّاك الذي كان عضوًا في لجنة بيع بعض الشركات الصناعية، وجمع من وراء دوره في اللجنة مئات الملايين من الجنيهات، وغيرها من العملات الأجنبية، وأدانته محكمة الجنايات مرتين دون أن تهتم الدولة وأجهزتها الرقابية «الساهرة على أمن الوطن»، بالبحث في الذِّمم المالية لبقية أعضاء اللجنة، وكل من ناله نصيب من «السمسرة» (اسم الدلع للرشوة) مقابل تسهيل بيع البنية الأساسية للاقتصاد الوطني. وعندما تظهر، صدفةً، شخصية وطنية تستعصي على الشراء، وتكشف الفساد (كما حدث في صفقة عمر أفندي) يتَّبع النظام الوطني المباركي سياسة «التبريد» لاحتواء الأصوات المعارضة، ثم يمضي قُدمًا في تنفيذ خطته الجهنمية دون اعتبارٍ لأحد.
ومن الغريب أن التخريب — في مختلف القطاعات — تم باسم «الإصلاح» بالنسبة لقِطاع الإنتاج على وجه الخصوص، وباسم «فصل التمويل عن الخدمة» بالنسبة لقِطاع الخدمات، وخاصة التعليم والصحة، وفي جميع الحالات كان الإصلاح مرادفًا للتبديد، وكان «فصل التمويل عن الخدمة» خروجًا للدولة من قِطاع الخدمات، وفي جميع الأحوال كانت تلك المصطلحات تستهدف بيع البِنية الأساسية للاقتصاد الوطني بفرعيه: الإنتاج والخدمات، وتحويل دور الدولة إلى دور «إشرافي رقابي»، وإذا سألت أيَّ فلاح مصري أُمِّي، يشرب الشاي الأسود على رأس الغيط عن ذلك «الإشراف والرقابة»، لعلمت أن شيئًا من آليات الفساد لا يخفى عليه، وأن من يفرِّط في الثروة الوطنية لا بد أن يتسع مخه عند التعامُل مع مسألة الإشراف والرقابة.
وللتخريب قواعد وأصول غابت عن اللورد كرومر — مهندس الاستعمار الإنجليزي في مصر — لأن قدراته كانت متواضعةً قياسًا بقدرات إبليس، أما من طفَّش إبليس من مصر بسببهم فهم أساتذةٌ في هذا المجال. في القِطاع الإنتاجي — مثلًا — امتنعت الحكومة تمامًا عن سداد ما عليها من ديون للشركات؛ فأعاقت قدرتها على النمو، بل روَّج رئيس الدولة علنًا لبعض الشركات الاستثمارية الخاصة بما أضر بمصالح شركاتٍ عامة ناجحة! وحرمت الشركات الإنتاجية من خدمات الشركات التجارية المختصَّة بالتسويق، ثم أصبح مبرِّر بيعها حاضرًا؛ فقد عُومِل القطاع التجاري باعتباره عبئًا اقتصاديًّا يجب التخلص منه. والأخطر من هذا بيع البنوك الوطنية لبنوكٍ أجنبية، مما يلغي كل الجهود التي سعت لبناء اقتصادٍ وطني منذ أيام الخديو إسماعيل حتى خطة التنمية في الحقبة الناصرية، مرورًا بطلعت حرب وبنك مصر وجهوده التنموية.
ومما يزيد من خطورة تمليك القطاع المالي (البنوك وشركات التأمين) للأجانب أن مصر في عهد النظام الوطني المُباركي تفوَّقت على أمريكا في توقيع اتفاقيات حماية الاستثمارات الأجنبية على أراضيها، وهي الاتفاقيات التي تُلزِم الدولة بتعويض المستثمر الأجنبي في حالة خسارته بعض رأس المال الذي يستثمره في مصر أو كله. وقيل إن الخارجية المصرية تُعد تلك الاتفاقية مع غيرها من اتفاقيات التعاون التي يوقِّعها الرئيس الأجنبي عند زيارته لمصر، وإن مصر من بين الدول الخمس الأوائل بالنسبة لعدد ما أبرمته من هذه الاتفاقيات، وهي تسبق أمريكا كثيرًا لأنها تحتل الموقع ٣٧ بالنسبة لعدد ما أبرمته من اتفاقيات، معنى هذا أنَّ مصر تظل مُلزَمةً بتبعات هذه الاتفاقات التي تضمنها الأمم المتحدة حتى يختفي نظام الأمم المتحدة من الوجود! وهذا معناه إلزام الأجيال المقبِلة بدفع فاتورة تخريب الاقتصاد المصري، ومعناه إصابة كل المحاولات المستقبلية للإصلاح بالشلل، ماذا يكون الخراب إذن؟!
أما عن قواعد التخريب في قِطاع الخدمات وأصوله، فحدِّث ولا حرج؛ انظر إلى التعليم الذي يُعَد حجر الزاوية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وما حدث له من تخريب، نقل عملية التعليم من المدرسة إلى البيوت ومراكز الدروس الخصوصية. والجامعات وما آل إليه حالها حتي جاءت في ذيل قائمة الجامعات الأفريقية. ما حدث في قطاع التعليم هو عملية تعجيزٍ منهجية لأي محاولة لإقامة قاعدة علمية أو حتى الحفاظ على نواة تلك القاعدة التي تكوَّنت في الستينيات عن طريق آلية التوسُّع في القبول دون أن يقابله توسُّع موازٍ في دور التعليم وهيئة التدريس مع تقليص الميزانيات، والاستعاضة عن ذلك بالجبايات غير الرسمية لصناديق تحمل أسماءً طنَّانة مثل «خدمة الطالب» أو «تحسين العملية التعليمية»، ثم إيجاد تعليم موازٍ باللغات الأجنبية ونظام الانتساب الموجَّه، حتى إذا علا الضجيج بالحديث عن فساد التعليم وتخلُّفه، تصبح الخصخصة هي الحل.
وإذا كان التعليم يمثِّل الركن الأساسي في بناء الدولة العصرية باعتباره المصدَر الأساسي لإنتاج الكوادر العلمية والتقنية في مختلف المجالات، ومن بينها القوات المسلحة؛ فإن الصحة هي القاعدة التي يقوم عليها هذا الركن وغيره من أركان الدولة العصرية، بدءًا من رعاية الأمومة والطفولة والصحة الوقائية وصولًا إلى الرعاية العلاجية للمسنين، مرورًا بالخدمات العلاجية بمختلف أنواعها لجميع المواطنين، ومن هنا كان تقدُّم الأمم بقياس مستوى الخدمات الصحية الاجتماعية (أي غير التجارية) التي تُقدَّم لمواطنيها، لأن الطالب الذي يعاني من سوء التغذية لا يستطيع أن يحصِّل العلم بصورة إيجابية، فما بالنا لو كان يعاني من الأمراض الطفيلية المعوية، وأمراض العيون وغيرها. نسبة الإصماء بين الشباب والكهول في سن العمل مرآة لحالة الموارد البشرية في البلاد، وقدراتها الإنتاجية والدفاعية. تأتي بلاد أوروبا الغربية (الرأسمالية) في مقدمة الدول التي توفِّر لمواطنيها الخدمات الطبية الاجتماعية، التأمين الصحي يغطي جميع مواطني بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بل جميع بلاد الاتحاد الأوروبي الأساسية، أضف إليهم ماليزيا واليابان والهند والجزائر والعراق (ما قبل الاحتلال الأمريكي) على سبيل المثال.
ولكن ساسة دول الاتحاد الأوروبي سُذَّج، يبدِّدون المال العام على الخدمة الصحية، بينما عباقرة الحكم الوطني المباركي يطرحون البِنية الأساسية للخدمات الصحية في مصر للبيع إلى شركات خاصة تشتري أولًا جميع مستشفيات التأمين الصحي ووحداتها العلاجية بالقيمة الدفترية عند إنشائها، ويعطي القانون المشئوم لهذه الشركات حق طرح أسهمها في بورصة الأوراق المالية، بعد امتلاك وإدارة المنشآت الصحية التي تشتريها و«تطويرها».
أما التمويل فتتولَّاه شركات التأمين التي تعمل في هذا المجال، والتي يتعاقد معها طالب الخدمة، وعليه أن يختار من بين ثلاثة أنواع تأمينية: الأول يغطي الخدمات الطبية العادية (الكشف والعلاج) في حدودٍ معيَّنة، والثاني يغطي — إضافةً إلى ذلك — العمليات الجراحية المتوسطة (الولادة، الزائدة الدودية وما شابهها)، وفي هذه الحالة يتحمَّل المؤمَّن عليه (إلى جانب اشتراكه التأميني) ثُلث التكلفة، والفئة الثالثة، تغطي العلاج السريري طويل الأمد (كالفشل الكلوي، وعمليات القلب) وهنا يتحمَّل المؤمَّن عليه نصف التكلفة. مع ملاحظة أن قِيَم الاشتراك في النوعين الثاني والثالث تتزايد نسبتها بما يتفق مع ما تتيحه للمؤمَّن عليه من خدماتٍ علاجية. أما أسعار تلك الخدمات فتحددها الشركات التي ستشتري مستشفى التأمين الصحي، ثم تشتري — في مرحلة تالية — مستشفيات وزارة الصحة ليتحوَّل دور وزارة الصحة إلى دورٍ رقابي وإشرافي معني بالطب الوقائي في حدودٍ معينة. وطبعًا تحديد تكلفة الخدمات التي تقدمها تلك الشركات يدخل فيها تقرير نسبة الربح إلى مجمل التكلفة الفعلية، يضاف إليها نسبة مخاطرة لتغطية أي تغير يحدث خلال العام في تكلفة العلاج ومستلزماته.
لقد تم بالفعل تخريب صناعة الدواء المصرية دون أن يدرك الناس خطورة ذلك عن طريق تقليص ميزانية البحوث ثم شطبها، والتحوُّل إلى الإنتاج بالوكالة لأدوية أجنبية دون أن يهتم عباقرة الحكم الوطني المباركي بخطورة ذلك على الأمن القومي، وخاصةً في مجال المستحضرات الطبية اللازمة للتطعيم ضد الأمراض الوبائية، والأمراض المزمنة كالسكر وضغط الدم وغيرها، تحوَّلت مصر في صناعة الدواء إلى آخر قائمة الدول العربية التي تصدَّرتها العراق (قبل الغزو الأمريكي)، يليها الجزائر ثم الأردن، وتأتي بعد ذلك الدول العربية الأخرى، وفي ذيل القائمة تجد مصر تليها إريتريا ثم الصومال!
تتم خصخصة الخدمات الصحية في بلدٍ يعيش ما يزيد عن ٤٠٪ من سكانه تحت خط الفقر، في بلد قفزت فيه معدلات الإصابة بالفشل الكلوي وفيروس الكبد الوبائي والسرطان بمعدلاتٍ رهيبة تفوق نظيراتها في أصغر دول أفريقيا وأفقرها، في بلدٍ لم تجد فيه كلية الطيران إلا طالبًا واحدًا من بين كل عشرة آلاف لائقًا طبيًّا، في بلد تقل صلاحية الشباب فيه في سن التجنيد عن الرُّبع، ويعاني أطفاله من سوء التغذية، وتتزايد نسبة مَن يعانون العجز الجنسي من شبابه. في مجتمعٍ بلغت فيه نسبة البطالة أرقامًا فلكية، يعاني شبابه من الضياع، ويكفي أن نُلقي نظرة على نوع الجرائم التي يرتكبها الشباب، والنسب العالية للخطير منها، والتي جاءت نتيجة للأزمة الاجتماعية.
النظام الوطني المُباركي يتعامل مع المصريين بطريقة تتضاءل معها أساليب اللورد كرومر التي تصدَّى لها روتشتاين في كتابه «خراب مصر»، منذ ما يقرب من قرن من الزمان، ولو امتد الأجل به إلى زماننا لاعتذر لكرومر لأنه لم يدرك أن مصر سوف تشهد — من بين أبنائها — مَن هُم أقدر منه على إلغاء العبارة الموروثة من تراث الماضي «عمَار يا مصر». لهم كل الحق فيما يفعلون بهذا الوطن ما دمنا لا نتحرك لحماية أنفسنا وأولادنا وأحفادنا، إذا كنَّا لا نقدِّر حق هذا الوطن علينا.