كلمتنا الأخيرة في قضية «جويل بينين» وكتابه
شهادتي من الواقع
على صفحات «البديل»، وقبلها «العربي»، دارت معركة من جانبٍ واحد إلى حدٍّ كبير، الطرف الآخر هو أحد أهم المؤرخين والمتخصصين الأمريكيين في الشرق الأوسط ومصر تحديدًا، وهو «جويل بينين». والهجوم عليه كان مكثَّفًا جدًّا، وواسعًا جدًّا، شارك فيه عددٌ لا بأس به من الكُتَّاب والنشطاء والأكاديميين المصريين، وشمل شخصيات ذات قيمة فكرية ووطنية كبيرة مثل رءوف عباس، وعواطف عبد الرحمن، وإيمان يحيى، وأسامة عرابي؛ فضلًا عن عددٍ لا بأس به من الأساتذة المصريين في الجامعة الأمريكية.
على الجانب الآخر لم يكن يوجد سوى زميل واحد من جريدة البديل هو أحمد زكي قام بعرض كتاب جويل بينين، وشعر بأن عليه أن يصحح انطباعات يراها خاطئة في تعيين مواقف الرجل وانتمائه الأيديولوجي والسياسي، وتعرَّض أحمد بدوره لهجومٍ شديد، بل إن «البديل» ذاتها — وهي لم تكن كجريدة طرفًا في المناقشة — سريعًا ما وقعت تحت مطرقة أحد الكُتَّاب، بأن أطلق عليها «البديل الصهيوني»!
أشعر بشيء من المسئولية الأخلاقية التي تُلزمني بالإدلاء برأيي. مسئوليتي الأخلاقية تقوم على عاملَين: الأول هو أني شاهدت الرجل في الممارسة من داخل حقل الصراع الأيديولوجي والسياسي في الولايات المتحدة أثناء عملي كرئيس لمكاتب الأهرام هناك. أما الثاني فهو موقعي كباحثٍ مصري مهتم بتوسيع مجال النضال ضد الصهيونية إلى المستوى العالمي، ودوري في العامل الأخير هو ما أعتقد أنه موازين سليمة للنقاش.
رغم معرفتي بالرجل كأحد أهم المتخصصين في الشئون المصرية كانت أول مرة ألقاه أثناء حضوري مؤتمر رابطة دراسات الشرق الأوسط، وهي الهيئة التي تجمع الاختصاصيِّين في دراسات الشرق الأوسط، وأكثرهم الآن ينتمي للمنطقة ذاتها. وكان «جويل بينين» يُلقي الخطاب الافتتاحي للرابطة، وهي في الوقت نفسه الخطبة التي يُنهي بها رئاسته للرابطة، ويقدِّم فيها خلَفه. وأشهد أن خطبته هذه كادت تبكيني من شدة التأثر لموقفه الداعم للقضية الفلسطينية ولهجومه العاصف على الصهيونية، وعلى أنصار المحافظين الجُدد، وأنصار اللوبي الإسرائيلي والصهيوني، وعلى إدارة بوش التي كانت في سبيلها لغزو العراق.
كان واضحًا تمامًا في تأييده للحقوق السياسة للشعب الفلسطيني، كان واضحًا جدًّا في رفضه التام للسياسات العُدوانية لإدارة بوش ولمشروع غزو العراق، وكان واضحًا جدًّا في رفضه التام للهجوم على الحريات الأكاديمية وللحقوق المدنية في الولايات المتحدة باسم مكافحة الإرهاب، وكان واضحًا جدًّا في ربطه بين الدفاع عن الديمقراطية والعقلانية والتقدُّم الاجتماعي والحقوق الوطنية، خاصة للشعبَين الفلسطيني والعراقي.
كان ذلك في وقتٍ استهدفت فيه إدارة بوش والمحافظين الجُدد الأكاديميين المتعاطفين مع حقوق الشعب الفلسطيني للضرب بكل الوسائل الرسمية وغير الرسمية، فعلى المستوى غير الرسمي كان جانييل بايبس أسوأ الشخصيات الصهيونية في المجال، فقد أسَّس حركة تشجيع الطلاب الصهاينة والمحافظين على فرض الرقابة على الأساتذة المستهدفين، ووضع تقارير عنهم، وتمكَّن أيضًا مع شخصٍ اسمه كريمر من إثارة حملة عاصفة ضد مجال دراسات الشرق الأوسط، الذي اتَّهموه بالتعاطف مع الإرهابيين والعداء للولايات المتحدة. وكان ولا يزال بؤرة هذا الهجوم المتواصل مع غيره من الأكاديميين الأكثر نزاهة في الولايات المتحدة.
موازين النقاش
بدا لي أن تناول الرجل وسيرته الأكاديمية والسياسية في الصحافة المصرية مثَّل ظلمًا شديدًا، ولكن بدا لي أيضًا أنه هو ذاته قام بارتكاب ظلم بيِّن للأكاديميين المصريين، وبمعنى محدد للغاية بدا النقاش وكأنه قد وقع من اللحظة الأولى في سوء تفاهم جوهري؛ إذ وجَّه كلٌّ من الطرفين للآخر اتهاماتٍ ظالمة، وهو يعتقد أنه يرد الظلم الذي وقع عليه من الطرف الآخر، فأكثرية المفكرين المصريين تصرفوا تحت تأثير الانطباع الخاطئ بأن جويل صهيوني، وأنه يشكِّل جزءًا من الهجوم العنصري ضد المفكرين والنشطاء المصريين الذين يتهمهم فيه بالعداء للسامية. ورأيي أن هذا الاعتقاد خاطئ جملة وتفصيلًا، ومع ذلك فإن جويل ساهم في تغذية هذا الاعتقاد بأن اتهم أحد أهم وأفضل وأكثر مفكِّرينا أخلاقية ومبدئية، وهو المؤرخ المناضل رءوف عباس وغيره بهذا الاتهام؛ وأطالبه بالاعتذار عن هذا الاتهام، وسحبه على الفور.
ولكن بالمقابل فإن الدكتور رءوف عباس نفسه ظلم الرجل بأن أشاع عنه أنه إسرائيلي وصهيوني، وهو ليس كذلك، وأن موقفه من حقوق الشعب الفلسطيني ليس سوى مجرد المطالبة بصيغة مخفَّفة من الاضطهاد العنصري والاستعماري الإسرائيلي، وأقطع بأن ذلك ليس موقف جويل بينين الذي يُدين نظام الاحتلال الإسرائيلي والأيديولوجية الصهيونية عامةً، ويناصر حقوق الشعب الفلسطيني. هل ينهي هذا التصحيح الأوَّلي القضية؟ لا أعتقد ذلك، فثمة الكثير مما نختلف فيه، ويجب أن نختلف فيه مع جويل بينين وعشرات غيره من المثقفين والاختصاصيين اليهود في الولايات المتحدة.
الفارق الجوهري هو أن من واجبنا أن نختلف، وأن نناقش وننقد مواقف جويل بينين وآراءه مع غيره من المتخصصين الذين يرفضون الصهيونية ابتداءً. أما موقفنا من الاختصاصيين الصهاينة فلا يقبل سوى الصراع الفكري والسياسي الذي يستهدف عزلهم وهزيمتهم باعتبارهم شركاءً في نظام القهر والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.
النقاش حول الكتاب
من الطبيعي أن يخلط الكتاب بين النزعة القومية ونزعة العداء لليهود … وهذا خلطٌ خاطئ، المعيار الحاسم في الموقف من الصهيونية هو الانتماء الأيديولوجي، والمدرسة الفكرية التي يطبِّقها المفكِّر أو الباحث في ميدانه المعرفي، والواقع أن جويل بينين لا يتوقف عند الإعلان الواضح في خطابه السياسي الصريح في الحدود التي استمعت لها عدة مرات في المنابر الإعلامية الأمريكية، بل هو يمارس هذا الرفض بكل وضوحٍ في ميدانه المعرفي، بما في ذلك كتابه الأخير حول شَتات اليهود المصريين.
هذا الوضوح المعرفي له ترجمته في الحقل السياسي؛ فإسرائيل ترفض أعماله بوضوحٍ مماثِل، وتسبِّب هذه الأعمال، بما في ذلك كتابه الأخير، نفورًا شديدًا منه في إسرائيل، وفي الدوائر الصهيونية. تقول الكاتبة الإسرائيلية إليسا لابين: «جويل بينين يمقت إسرائيل كما يقرُّ هو نفسه في هذا الكتاب. وفي هذا الكتاب — مثل كتبه الأخرى — يسعى لأن ينتصر للماركسية، ويقلِّل من شأن إسرائيل واليهود واليهودية، وهو ينفي القصص التي يرويها عدد من اليهود المهاجرين لإسرائيل على أساس أنها تحمل بصمات الصهيونية.»
وتستطيع أن تشعر بالرفض الإسرائيلي الرهيب ﻟ «جويل بينين» بمجرد قراءة معظم التعليقات الإسرائيلية على كتاب جويل بينين أو كلها، وثمة عددٌ لا بأس به متاح على الشبكة الإلكترونية لمن يريد القراءة. ولكن ما يهمنا هنا مباشرةً هو ما يقوله في كتابه الأخير حول القضية التي تتقاطع عندها اهتماماته كيهودي وتخصُّصه في الشئون المصرية.
ينسب جويل بينين بعض المسئولية عن محنة اليهود المصريين للأيديولوجية الوطنية والدينية التي تعاظمت في مصر، منذ بداية الأربعينيات حتى نهاية العصر الناصري، ولكنه ينسب الجانب الأكبر من المسئولية الأيديولوجية للأنشطة الصهيونية في مصر التي كانت تُدار من إسرائيل ذاتها.
إننا نختلف معه في مدى مسئولية التيار الوطني والديني في مصر عن محنة اليهود وخروجهم الكامل تقريبًا من مصر عام ١٩٥٦م، ويمكننا أن نختلف في مدى انتشار الحركة الصهيونية في صفوف اليهود المصريين، ولكن في كل الأحوال فإن خصومته الأيديولوجية والمعرفية مع الصهيونية أكثر من واضحة؛ فهو بكل بساطة يعزو الجانب الأساسي من المسئولية عن تصفية الوجود المادي لليهود المصريين إلى الحركة الصهيونية وإسرائيل.
وهو في الواقع لا ينفرد بهذه الفكرة، أما أهم مساهماته في هذا الكتاب فهي أُطروحته الجوهرية، والتي تقول إن اليهود المصريين كانوا في أغلبهم جزءًا لا يتجزَّأ من الجماعة الوطنية المصرية، وأنهم كانوا أيضًا لفترة طويلة جزءًا من المشروع الوطني المصري، وشركاءً في النضال ضد الاستعمار الأوروبي. وأهمية هذه الفكرة هي أنها تنفي معرفيًّا أساسيات الفكرة الصهيونية التي تُثبِت ما تسمِّيه بالمسألة اليهودية، وترفض تمامًا إمكانية أن يذوب اليهود في المجتمعات الأخرى غير اليهودية. العكس تمامًا هو ما يقوله بعض نقَّادنا المصريين! هم يقولون إن اليهود المصريين كانوا غرباء، مارسوا الاستغلال الطبقي والاستعماري في مصر، وضد المصريين!
الانقلاب في المواقف هنا مثيرٌ، جويل بينين اليهودي ينفي إحدى أهم ركائز الصهيونية؛ فالصهيونية تقول إن اليهودي لا يمكن أن ينتمي أو يُقبَل في أي مجتمعٍ غير يهودي، وإن اليهودي يتحقق فقط في المجتمع اليهودي الخالص، أي في إسرائيل! ولذلك يركز الصهاينة على بعض صور التمييز القانوني في مصر، مثل قانون الشركات العام أو قانون الجنسية العام.
أما غالبية اليهود المصريين أنفسهم فيركِّزون على تجربة الحياة الرائعة التي حظوا بها في مصر، وأكثرهم يكاد يتوحَّد مع ذكريات رومانسية ما زالت متوهجة عن حياته في مصر، خاصةً في القاهرة والإسكندرية، ولدينا عدة كتب تسجِّل هذه الذكريات بالغة الدفء، والناطقة بالحب لمصر في هذه الحقبة.
الرواية الصهيونية — أو المتأثرة بالصهيونية — تُبرِز التمييز القانوني ضد اليهود المصريين في ظل صعود الوطنية المصرية، وبالمقابل فالمدرسة الوطنية المصرية انجرفت لسلب أي شرعية وطنية عن الوجود اليهودي في مصر، وتجعلهم يبدون كمجرد أغرابٍ سلبوا مصر خيراتها، واستغلوها، وشكَّلوا فيها جيوبًا تنتمي للاستعمار بأكثر مما تنتمي لمصر.
هل يتوقع أحد من باحثٍ يهودي مثل جويل بينين أن يتبنَّى وجهة النظر هذه عن اليهود المصريين خلال العصر الليبرالي؟ يبدو من المنطقي للغاية أن يرفض جويل بينين هذه النظرة السلبية لليهود، وأن ينقد بشدة القائلين بها، خاصةً الأكثر تطرفًا في الأخذ بها مثل الباحث المصري القدير الراحل أنس مصطفى كامل، ومن الطبيعي أن يخلط جويل بينين بين النزعة القومية التي تبرز في هذه الرؤية لليهود المصريين — خاصة الطبقة الرأسمالية — من ناحية، ونزعة العداء لليهود المُسمَّاة بالعداء للسامية من ناحية ثانية.
وأنا أعتقد أن هذا الخلط خاطئ، خاصة أنه قاده لهجوم غير عادلٍ على بعض الباحثين المصريين، ولكن يجب علينا — نحن المصريين — أن نفهم هذا الهجوم في سياقه المنطقي والعملي؛ إذ ليس من الممكن أن يقبَل به باحث يهودي مهما كان نزيهًا، ويبدو من المنطقي للغاية أن يقدِّم جويل بينين نقدًا شديدًا لهذه النظرة لأنها تتناقض تمامًا مع تصويره هو لليهود المصريين.
وبينما يقول جويل بينين إن غالبية اليهود المصريين لم يتأثروا بالصهيونية، فالكُتَّاب المصريون يقولون بالعكس: إن غالبية اليهود المصريين كانوا صهاينة. الاختلاف بذاته مثير، ورأي جويل بينين فيه لا يختلف كثيرًا عن رأي كاتب مصري معروف بالنزاهة الضافية، وهو الدكتور محمد أبو الغار، وبالطبع لم يحظَ أبو الغار، ولو بنسبة بسيطة، من الهجوم الشامل والقاسي الذي حظي به جويل بينين في الحالتين، الفكرة الأساسية هي أن غالبية اليهود المصريين كانوا جزءًا من الجماعة الوطنية المصرية، وأنهم كانوا محبِّين لمصر، وأن المسئولية الأساسية عن تصفيتهم من مصر تُعزَى لإسرائيل والحركة الصهيونية.
بالطبع لا يمكن تصوير موقف اليهود المصريين في جملة بسيطة، وجويل بينين يبذُل جهدًا كبيرًا في تفسير اختلاف درجة تأثُّر اليهود بالصهيونية، مقابل ولائهم لمصر، ومع ذلك فالاختلافات في التقدير واردة، والمفروض أنها صحية. ولكن هذا الاختلاف الشرعي في التفسير لم يكن من المفروض أن يقود للتعمية على مساحة واسعة من الاتفاق، وهي: أن المسئولية الأساسية عن محنة اليهود المصريين تقع على كاهل الصهيونية وإسرائيل.
من يحتاج جويل بينين؟
استعادة الحركة الوطنية المصرية وإعادة تأسيس التحالف القومي المناهض للصهيونية والاستعمار بكل صُوره هي المهمة المركزية للقُوى التقدُّمية في مصر، ولكن المعركة ضد الاستعمار والصهيونية هي بالضرورة معركة عالمية، وهذه هي المسألة التي لم ينجح الجيل الحالي من الوطنيين والتقدميين المصريين في استيعابها بصورة كافية لأسبابٍ مفهومة تمامًا.
فإن كانت المعركة عالمية فإن النهوض بأعبائها يحتِّم التعامُل مع المعطيات الأساسية للفرز والاستقطاب السياسي والأيديولوجي في المستوى العالمي الكلي، وعلى مستوى كل نظامٍ ثقافي إقليمي على حِدة أيضًا.
وربما يكون الخطأ الذي وقع فيه مفكِّرونا وكُتَّابنا ونُشطاؤنا هو أنهم يناقشون مختلف القضايا ذات الصلة بالنضال ضد الصهيونية والإمبريالية على المستوى الوطني والقومي وحده وكأن العالم غائب عن هذه المعركة. والواقع أن كسب المعركة ضد الصهيونية والإمبريالية يتوقَّف، إلى حدٍّ بعيد، على كسبها في عُقر دار الإمبريالية، خاصةً في أمريكا وأوروبا الغربية.
وتحتِّم علينا هذه المهمة أن نتعامل مع الفرز والاستقطاب الحاصل في هذه المناطق بقدرٍ معقول من المبدئية والمرونة في الوقت نفسه، وقد نستطيع أن نناقش كل كاتب وناشطٍ سياسي وفقًا لموقعه من المعركة ضد الإمبريالية والصهيونية في كل حقبة محددة، وفيما أعتقد أن جويل بينين له دور إيجابي بأعماله الفكرية ومدرسته الأكاديمية وتلامذته وزملائه المنتشرين في أمريكا الشمالية. هذا الدور الإيجابي يحتم علينا إجراء نقاش دائم معه بصورة نقدية وبنَّاءة معًا، فنحن فعلًا نختلف، وسوف نختلف معه، وعلينا أن نحرك هذا الخلاف جدليًّا.
جويل بينين باحث مُدقِّق، وينتمي لمدرسة التاريخ التجريبي؛ حيث يمثِّل الدليل الميداني جوهر البحث ومعيار مقبوليَّته ومصداقيَّته، ولكن مهما كان إيمان أي باحث بالموضوعية فهو لا يمكن أن ينخلع عن هذا الكل المعقَّد الذي يتشكَّل من انتماءاته وقناعاته الفكرية والأيديولوجية، وتجربة حياته وأمانيه، ويصدُق ذلك على جويل بينين، مثلما يصدُق على المؤرخين والمثقفين المصريين الذين يهاجمونه بهذا العنف.
يعيش جويل بينين مثله مثل غالبية الأكاديميين والباحثين والنُّشطاء الماركسيين واليساريين اليهود الأمريكيين والأوروبيين في حقلٍ متناقِض وحافل بالتوترات؛ فهو يرفض الصهيونية نظريًّا، ولكنه يضفي شرعية عملية على إسرائيل بالتعامُل معها بصورة اعتيادية، وهو هنا يتخذ موقفًا أقل بكثيرٍ من غيره من اليهود التقدُّميين في الولايات المتحدة، الذين يناضلون من أجل وقف الاستثمارات الجامعية الأمريكية والأوروبية في إسرائيل.
وهو يؤيِّد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولكنه يؤيد حل الدولتين، وهو حلٌّ لا يمكن أن يكون مبدئيًّا أو نهائيًّا لأن تصفية الطابع العنصري لإسرائيل هو الحل الوحيد الذي يسمح بتحرُّرٍ حقيقي للشعب الفلسطيني، أي الحل الذي يقوم على فكرة الدولة الديمقراطية الواحدة.
لا نحتاج لاستنتاج أننا نختلف اختلافاتٍ مهمة مع جويل بينين، ولكن السؤال هو: إن لم نقبل من حيث المبدأ بالحوار المفتوح مع شخصٍ مثل جويل بينين، فمع من نقبل الحوار في العالم كله، وفي الغرب تحديدًا؟ نحتاج للحوار مع جويل بينين لأننا نحتاج لبناء تحالف ديمقراطي وعالمي واسع لفضح الصهيونية وتفكيكها وعزلها، وهزيمتها بنهاية المطاف.