كان الأستاذ غانم محمد صديق صاحب الديوان يزوره يوم عيد الفطر، ثم طاف ببعض إخوانه،
ورجع إلى بيته، فما استقر لحظة بين أبنائه وآله حتى أصابته نوبة قلبية قضت عليه — رحمه
الله — وهو في عنفوان أيامه، فلم تمض بين تهنئته ونعيه غير ساعات:
أكان وداعًا يوم صافحتُ غانمًا
وهنأته بالعيد والعيد يسخرُ!
فيا ويح للداعين في غفلة المنى
يُرَجُّون طول العمر والعمر مُدْبِرُ
ويا ويح للأبناء يا خير والد
وقد رُوِّعوا في وكرهم حين بشروا
أذاك صياح العيد أم أنا سامع
صياح يتامى في الحِمَى تتفطرُ؟
تلاحق في تلك الثغور كلاهما
فيا هول ما نصغي إليه وننظرُ
وددتُ وقد ضن البشير بصدقه
لوَ انَّ نذيرًا بالمساكين يعبرُ
أغانم إني في مصابك ذاهل
قليل التعزي سافر الحزن مضمرُ
بذلت دموعي في بكاك رخيصة
ومثلك من يُبكى ويُرثى ويُذكَرُ
أفي كل يوم تبصر العين غانمًا
ومن أين؟ والأخلاق في الناس تندرُ
عرفت «أبا فتح» تولاه ربه
أخًا في وغى الأيام لا يتقهقرُ
وفيٍّا إذا شاع الوفاء وإنه
عليه إذا عز الوفاء لأَقْدَرُ
كريمًا إذا صال العداة وزمجروا
كريمًا إذا خان الصحاب وقصروا
صبورًا على ضَرِّ الغريم وإنه
على الضر من ظلم الصديق لأَصْبَرُ
ضليعًا بأعباء الأمور إذا ونَى
مدبِّر أمر أو أساء مُقَدِّرُ
أخوك «أمين»
١ فرَّق العام منكما
صفيين لم يفرقهما ما يكدرُ
على موعد العام لقصير التقيتما
فليتك من يسهو ومن يتأخرُ
سلام الخصال الصالحات عليكما
وحمد المعالي والثناء المعطرُ
ولا زال في دار المعارف منكما
صنيع على الأيام يروي ويشكرُ