الطفلة النحيلة في زمنها
إنَّ تخيُّل نهاية الأشياء في سنِّ الطفولة ربما يكون من الأمور المُستحيلة. كانت الطفلة النحيلة، على الرغم من الحرب التي تزداد ضراوةً، تَخشى من التعرض لمللٍ أبدي؛ من ألا تفعل شيئًا له أهمية، من أن تمرَّ الأيام الواحد تلو الآخر دون أن تَذهب إلى أيِّ مكان، وذلك أكثر من خشيتها من الموت أو من نهاية الأشياء. فهي حين تُفكِّر في الموت تفكر في الفتى الصغير على الجانب الآخر من الطريق الذي تُوفيَ إثر مرض السكري. ولم يعرف أحدٌ في المدرسة، ممن علموا بهذا الأمر، كيف يتصرَّف. فبعضهم ضَحِك. والبعض الآخر تململ في مقاعِدِه. أما هي، ففي الواقع، لم تتخيَّل أن هذا الفتى قد مات؛ وفهمت فقط أن هذا الفتى ليس موجودًا معهم ولن يكون أبدًا. كانت تعلم أن والدها لن يعود، ولكنها علمت هذا كحقيقة في حياتها هي، لا في حياته هو. فهو لن يأتي مرةً أخرى. راودتها كوابيس عن عمليات الشنق، وكانت تَفزع من فكرة أن يَحكم إنسانٌ على إنسان آخر أن يعيش في وقتٍ يَعلم فيه أن النهاية آتية لا محالة.