الفصل الثالث
المشهد الأول
(مونسيرا – إزكويردو – مورالس – الأب كورونيل – الأم – إيلينا – الممثل – التاجر – رهبان
وجنود)
(عندما يرتفع الستار يكون مونسيرا على اليمين معتمدًا على المنضدة،
إزكويردو يجلس على كرسي بلا مسند في وسط المسرح.)
(جنود أمام الباب.)
إزكويردو
:
الفخراني البائس! ترك خمسة يتامى! … ألا تقول شيئًا؟ … (خلف الحائط تدق
الطبول في خفوت كل آنٍ وآخر) مونسيرا! أما تزال مقتنعًا بضرورة التضحية بهؤلاء
القوم لتنقذ بوليفار؟ أواثق أنت أنك غير مخطئ؟ لو أنك أخطأت، ألن يكون هذا
بشعًا؟ … (صمت) طيب! مورالس! استأنف (يُخاطب مونسيرا) أعرف تمامًا أني لا أقل
عنك عنادًا!
(الرهائن تنتحب، مورالس يتقدَّم نحوهم، الرهائن تتراجع وتلتصق
بعضها ببعض، تبدو الحيرة على مورالس في اختيار الضحية، الكل يتفرَّس فيه، يُشير إلى
التاجر.)
مورالس
:
أنت … تقدَّم هنا!
التاجر
:
لماذا أنا؟
مورالس
:
قلت لك تقدَّم!
(أحد الجنود يدفع التاجر الذي ينتحب.)
التاجر
(ينهار)
:
لا! مستحيل! … مستحيل!
إزكويردو
:
لا تقل سخافات!
التاجر
:
أقول لكم هذا مستحيل! لا يُمكن أن أموت هكذا! (ينتحب وهو يفرك يدَيه بعصبيةٍ
شديدة).
إزكويردو
:
مونسيرا! منظر الرجل الخائف من الموت ليس جميلًا. انظر إلى هذا البائس! لو أن
صديقنا الفخراني لم يُعدَم لألهمه هذا الأنين وهذا الوجه في صُنع جرة من أجمل
الجرار، ألا تعتقد ذلك؟
التاجر
:
أخلصت دائمًا للعرش. يُمكنكم أن تسألوا جيراني، اسألوهم! أكثر الناس في هذه
المدينة يعرفونني! اسألوهم!
إزكويردو
:
قتلك إذن ظلم مزدوج؛ فأنت أولًا لم تفعل شيئًا، ثانيًا أنت مخلص لنا، أليس
كذلك؟
التاجر
(وقد أشرق لهذا الأمل المجنون)
:
نعم، يا حضرة الضابط.
إزكويردو
(ساخرًا)
:
أتسمع يا مونسيرا؟ أمامك حالةٌ جديرة بالاهتمام. عليك أن تُفكِّر فيها بمزيد
من العناية (يُخاطب التاجر) أنت تعرف جيدًا أنه يتعيَّن عليك إقناع شخصٍ آخر
غيري، عليك أن تقنعه هو، أنا فاهم وضعك ومقدِّره تمامًا (يُخاطب مونسيرا) ألا
تقول شيئًا؟ ألا تعنيك حياة تاجرٍ طيب؟
(يُخاطب التاجر) حظك سيئ للأسف! ألديك شيءٌ هامٌّ تُريد أن تقوله قبل أن
تموت؟ حاول أن تجد ما تقوله! دافع عن نفسك!
التاجر
(يتمتم)
:
يا حضرة الضابط …
إزكويردو
:
ارفع صوتك حتى نسمع!
التاجر
(بعد مجهود)
:
يا حضرة الضابط … أنا … أنا … غني.
إزكويردو
(مندهشًا)
:
ماذا إذن؟
التاجر
:
هل … هل … أستطيع … أن أفتدي … (يتوقَّف عن الكلام عندما يرى الابتسامة على
وجه إزكويردو).
(إزكويردو يقوم ببطء دون أن يرفع عينَيه عن التاجر.)
إزكويردو
:
هل تسمعونه؟ أفهمتم؟ (يضحك) يعرض عليَّ ثروته في مقابل حياته … ألا ترون أنه
يجب أن يكون تاجرًا في الصميم حتى تخطر عليه مثل هذه الفكرة! (صمت) دعوني
أُفكِّر قليلًا … (يتصنَّع التفكير، فيعقد ذراعَيه وينظر إلى السقف) ﻧ… ﻔ… ﻜ…
ﺮ، حياتك في نظري لا تعنيني إلَّا بقدر ما تنفع في الضغط على هذا العنيد، هذا
يعني إنها لا تُساوي أي شيء على الإطلاق إذا كان استخدامها لا يدفع مونسيرا إلى
الاعتراف. وعلى العكس فإني لا أستطيع أن أُقدِّرها بثمن لو افتداها هذا الولد
بتسليمه بوليفار؛ فحرية بوليفار تُعرِّض للخطر سيطرةَ الملك على هذه القارة،
كلمةٌ واحدة من مونسيرا، كلمةٌ واحدة فقط، تجعل حياتك (يقولها بخطابية) تُساوي
كل الإمبراطورية الإسبانية بما في ذلك الهند الغربية! … ولكن هل هذا صحيح؟
(يضحك، ثمَّ يعود إلى الجدية فجأة ويقترب من التاجر حتى يكاد يلمسه) ولكنَّك
تريد أيُّها التاجر أن تُبادل كل هذا … ﺑ… ﻜﻢ؟ … بمنزلَين وألف ومائتَي رأس
ماشية؟ أليس كذلك؟ أتريد أن تضحك عليَّ وتسخر مني! يا تاجر!
(التاجر يقول «لا» بحركة من رأسه، صمت.)
إزكويردو
(يُفكِّر وهو يُداعب لحيته)
:
فكَّرت في الأمر … لديَّ عرضٌ آخر أُقدِّمه لك، عرض أقل سخافة من ذلك الذي
تجاسرتَ وقدَّمتَه لي … لقد حدَّثتني عن زوجتك من قبل … هي جميلةٌ جدًّا … وأنت
تحبها أليس كذلك؟
التاجر
(في حالة هلع)
:
نعم.
إزكويردو
(ببطء)
:
قلتَ أيضًا إنك تحبها أكثر من حياتك! أتذكر ذلك؟
التاجر
:
نعم.
إزكويردو
(دون أن يرفع عينَيه عنه)
:
إذن، أؤَمِّن حياتك … لو تركت لي زوجتك.
(صمت، إزكويردو يُراقب باهتمام وجه التاجر الذي راحت شفتاه
ترتعشان.)
إزكويردو
:
هل فهمت جيدًا؟ إمَّا أن يُطلق عليك الرصاص بعد دقائق وإمَّا أن تُصبح حُرًّا
إذا وافقت على قضاء زوجتك هذه الليلة في فراشي … قرِّر بنفسك، هل تعطيها
لي؟
(خلف الحائط، تدق الطبول في فتراتٍ متقاربة، التاجر تائه ويستمع
لهذا الصوت في جزعٍ شديد.)
إزكويردو
(بقسوة)
:
هل تعطيها لي؟
(التاجر يفرك يدَيه ولا يُجيب.)
إزكويردو
:
أمامك ثلاث ثوانٍ تُقرِّر فيها … (صمت) هل تعطيها لي؟
التاجر
(في نفسٍ واحد)
:
نعم.
إزكويردو
(في ابتسامةٍ غير مريحة)
:
أيها التاجر، يبدو لي الآن أني سأكون الخاسر إذا قبلت هذه الصفقة. كنتَ
تُحاول أن تخدعني عندما حاولت أن تُصوِّر لي أن زوجتك لا تُقدَّر بثمن، وجوهرة
لا نظير لها، وأنت الآن تتنازل لي عنها في مقابل حياتك بسهولة تجعلني أشك في
الأمر.
(صمت، التاجر يخفض رأسه ويتنفَّس بصعوبة، ذراعاه ساقطتان لا
يقوى على النطق.)
إزكويردو
(يهز رأسه وبدون سخرية)
:
كفى هزلًا! لقد خدعت نفسك ولم تخدعني، فحتى الآن كنت تظن صادقًا أن زوجتك
أغلى عندك من الحياة، كنت تعيش على هذا الحب ولكنَّك كنت تتعذَّب منه أيضًا.
كنت تخاف عليه طوال الليل والنهار، سعادتك وشقاءك، ولكنَّك استطعت بفضلي أنا
وبفضل هذه الظروف، أن تُعيده إلى قدره الحقيقي، أعتقد أن من حقي أن أتوقَّع منك
الشكر … (يُخاطب مونسيرا) هيَّا يا مونسيرا، إليك الرجل! هل سترفع يدك من أجله.
حياته أثمن من شرفه ومن حبه! وعليك أن تتصرَّف فيها! ألا تتكلَّم؟ أنت تتقزَّز
من مثل هذه الصفقات (يُخاطب التاجر) إنه يرفض، ماذا تريد؟
سوء حظ … وبالطبع سأرفض أنا أيضًا زوجتك، لا بد أن جمالها ليس بالقدر الذي
تصورته!
التاجر
:
يا حضرة الضابط …!
إزكويردو
:
لا تخشَ شيئًا! لن تُعدَم أرملتك فرسانًا جمالًا يسعدون بتخفيف مصابها فيك،
متْ في اطمئنان! فلن تُعاني بقية حياتها من الحرمان!
التاجر
(ثائرًا)
:
وغد! وغد! (يهجم على إزكويردو ولكن الجنود يحولون دون ذلك ويجرونه وهو يصرخ،
بينما يثبت إزكويردو نظره على مونسيرا).
المشهد الثاني
(نفس الأشخاص ما عدا التاجر وأحد الرهبان)
(يرتفع صوت دقات الطبول وتتزايد سرعتها. الكل ينصت. مونسيرا شاحب،
يميل إلى الأمام.)
إزكويردو
:
مونسيرا! كلمة منك، ويُنقَذ هذا الرجل!
(مونسيرا يُغلق عينَيه ولا يُجيب.)
إزكويردو
(بعد لحظة صمت)
:
… إنه ينزل السلالم … يلف عند الناصية (صمت) هيَّا مونسيرا! إنهم يعصبون
عينَيه، هل ستتركه يموت مثل الفخراني المسكين؟ (صمت) إنه يقف أمام فرقة التنفيذ
… الجنود تستعد (مونسيرا يعضُّ على قبضتَيه، وفي نفس اللحظة يُسمع صوت الطلقات
تتلوها الطلقة القاضية).
إزكويردو
:
فات الأوان.
(الأم والممثل ينتحبان، الطبول تكف عن الدق ولكنَّها تعود من
جديد في صوتٍ خافت، كما حدث من قبل.)
إزكويردو
:
سنرى إذا كنَّا أسعد حظًا مع التالي (يتفرَّس في الرهائن الواحدة بعد الأخرى،
الكل مطأطئ الرأس) أنت يا سالسيدو! تعال!
الممثل
(يبكي ويتهته)
:
لماذا … أنا؟!
إزكويردو
(في سخرية)
:
بالترتيب ألا يجدي مثلًا … لماذا تكون أنت الأخير. أتظن أن مونسيرا سيلين قبل
أن تموتوا جميعًا … أليس كذلك؟
الممثل
:
أتوسَّل إليك.
إزكويردو
(بلهجةٍ جافة)
:
لا تتوسَّل إليَّ، عليك أن تجعله يلين. أنا معتمد على مواهبك في التمثيل …
لقد تأثرت بك في لاجوايرا (Laguayara) عندما
أدَّيت دور أسكازيو (Ascasio) وهو على حافة
المشنقة، ما دمت أثَّرت عليَّ وأنت تُمثِّل شخصيةً وهمية في مواجهة موتٍ وهمي
فكيف لا تُؤثِّر الليلة على مونسيرا وأنت، أنت حقًّا ستموت بالفعل، هيَّا، نحن
نستمع إليك!
الممثل
(باكيًا)
:
لا … لا … تقتلوني … لا … أستطيع.
إزكويردو
:
لن يلين قلب هذا الولد بهذه الطريقة، أردت أن ألفت نظرك فقط.
(صمت، الممثل يبكي ورأسه مطأطئ.)
إزكويردو
(كأنه يُخاطب نفسه)
:
دموعٌ حقيقية، كان أسكازيو يبكي هو أيضًا، كانت دموعه حقيقية أيضًا، مع أنه
كان فوق منصة أمام ديكورٍ تافه، ومع ذلك فقد انطلى عليَّ التمثيل حتى لم أعد
أدري أأنت الذي تبكي أم أسكازيو … يا لك من ممثلٍ عظيم يا سالسيدو. كنت تتقمَّص
بصدق روح أسكازيو القوية الأبية! ولكنَّه كان يبكي أصدقاءه الذين فقدهم، ولا
يبكي نفسه … في هذه الليلة أعرته أنت جسمك وصوتك ووجهك … وكان حيًّا. ولكنَّه
لا يُعيرك هو الآن شجاعته. وها أنت ذا تنتحب وترتجف من الخوف … (صمت، ثم في
لهجةٍ قاسية) أريد منك أن تُعيد على مسامعنا كلمات أسكازيو على حافة المشنقة
وهو يُخاطِب أعداءه، هيَّا بسرعة … قلها بشكلٍ مناسب وإلَّا سلَّمتك لجلادنا
جارسيا الذي سيُسعده أن يُطلعك على أشياءَ مختلفة من بينها نزع الأظافر
بالكلَّابة … أفهمت؟ (يُخاطب الجنود) اسكتوا أنتم! أفسحوا له المكان! … إنها
قطعةٌ أدبية أريد أن تتذوقوها، استفيدوا من الفرصة (يُخاطب سالسيدو) هيَّا الكل
يستمع!
(تبدر من الممثل إشارة تعني أنه لا يستطيع، إزكويردو يقطب جبينه
ويقول في لهجةٍ قاسية):
إزكويردو
:
آمرك بتلاوة كلمات أسكازيو الأخيرة. أتسمع؟ أدِّ عملك! انسَ نفسك، انسَنا!
انسَ كل شيء خلاف أسكازيو وهو على وشك الموت.
الممثل
(وقد تشجَّع بأملٍ باهت، يتلو بلهجةٍ رتيبة)
:
«أيها الموت! جاء انتصارك! هذه الليلة يحتويني جناحاك، لقد اقتربت مني في
عشرين معركة ووقفت بجانبي منصتًا أمينًا! …»
إزكويردو
:
نعم، نعم، لا داعي لهذه المقدمات، انتقل فورًا إلى نهاية خطابه وهو يتوجَّه
إلى أعدائه!
الممثل
(مطيعًا)
:
أمَّا أنتم يا أبناء قشتالة، أنا لا أحقد عليكم لأن الله يدعوني، وعليَّ أن
أمْثُل بين يديه وقلبي خالٍ من كل دنس! لا أحقد عليكم ما دام «المنقذ» يأمرنا
بالغفران كما غفر لنا من قبلُ! إني أستمدُّ من حبي الكبير لله، القوة حتى لا
ألعنكم وأحتفظ لروحي بالصفاء الكامل! آه! لم أواجه في حياتي معركة أمَرَّ من
هذه! هذا يومي وتلك ساعتي! يا ربي القدير أنت تراني وتقرأ في نفسي.
إزكويردو
(يُقاطعه فجأة)
:
كفى! (يُخاطب الجنود) أليس رائعًا؟ هذا الرجل كان على وشك الموت وهو يثق في
الله ويغفر لجلاديه! (يُخاطب سالسيدو) لقد أدَّيت الدور ببراعة يا سالسيدو،
الحق أنك استطعت بفضلي أن تُواجه الموت وتحتفظ للحظاتٍ معدودة برجولة وكرم روح
أسكازيو!
الممثل
(ثائرًا)
:
أيها القذر! أنت قذر!
إزكويردو
(في تسامح)
:
لَكَم تحقد عليَّ يا سالسيدو، ونظراتك أيضًا تطفح بالحقد! ولكن فكِّر فيما
كنت تقول! أو بالأحرى فيما كان يقول أسكازيو «يجب أن أصعد إلى الله وقلبي بريء
من أي دنس!» … الله يأمر بأن نموت دون أن نلعن وأن نغفر لجلَّادينا!
(يُخاطب مونسيرا) هيَّا يا مونسيرا! كلمة منك وتصون للفن الدرامي إحدى مواهبه
الفذة! لن تتركه يموت هكذا، إنه فنانٌ عظيم! ومسيحيٌّ طيب! وإسبانيٌّ مخلص
لوطنه! الإسباني الوحيد من بين هؤلاء المولَّدين والهنود! أتظل صامتًا؟ سكوتك
قاتل حقًّا!
(الطبول لم تكف عن الدق بصوتٍ خافت كما سبق، الممثل يكاد يُغشى
عليه فيتعلَّق بذراع الأب كورونيل.)
الممثل
(يبكي)
:
يا أبتي، يا أبتي! مستحيل! تدخَّل من أجلي، لا أريد أن أُقتل، الرحمة يا
أبتي!
إزكويردو
(بقسوة)
:
كفى! يا سالسيدو! أنت إسباني! لا تنسَ ذلك! وتذكَّر أيضًا أنك لن تُنقذ أبدًا
إن لم يتكلَّم مونسيرا! لا داعي لأن تتعلَّق برقبة الأب كورونيل أو تتوسَّل أو
تبكي! الفخراني والتاجر كانا لا يُمثِّلان أمَّا أنت فتستطيع أن تُخفي عواطفك
الحقيقية وتظهر عكسها، لقد تقمَّصتَ على خشبة المسرح شخصياتٍ أنبل منك. حافظ
على كرامتك!
(الممثل يترك ذراع الأب كورونيل، يشدُّ قامته ويمر بيديه على جبينه ويتقدَّم
ليقف بنفسه بين الجنود، يخرج الأب كورونيل وراءه ويظل الباب مفتوحًا.)
المشهد الثالث
(نفس الأشخاص ما عدا الممثل والأب كورونيل)
إزكويردو
(يُمسك مونسيرا من ذراعه ويجذبه إلى وسط المسرح، ثم يُمسكه
من قفاه ليُجبره على النظر إلى الخارج)
:
مونسيرا! لا زال هناك متسع من الوقت! لم يدوروا بعدُ عند الناصية. انظر هناك
على الرصيف. الفخراني وسالاس إينا العظيم مكوَّمين على الأرض، شاحبين لقد
جرجروهما حتى هناك. سالاس إينا الذي كان في غاية السعادة. لم يكن ينقصه شيء!
انظر إليه الآن وقد تحطَّم صدره!
مونسيرا
(يتخلَّص منه)
:
دعني.
(يرفع إزكويردو يده ليصفعه ولكن الطبول تدق بسرعة فيُفاجَأ بصوت
طلقات النار، ينزل ذراعه ويهزُّ كتفَيه. تُسمَع الطلقة الأخيرة، إزكويردو يروح
ويجيء ويبدو منشغلًا عندما يدخل الأب كورونيل.)
المشهد الرابع
(نفس الأشخاص ومعهم الأب كورونيل)
إزكويردو
:
أهذا أنت يا أبتي؟ كيف مات؟ هل بكى أم ظلَّ جامدًا أم بائسًا؟
الأب كورونيل
:
مات في نُبل وهدوء وفي راحة.
إزكويردو
:
حسنًا! لقد اختار إذن دور أسكازيو. لقد فقدنا ممثلًا عظيمًا! كان يخاف الموت،
فيا لها من موهبة ومن شجاعة احتاج لها لكي يُمثِّل الشجاعة! لا أستطيع أن
أُقدِّم أجمل من هذا الثناء على ممثل.
الأب كورونيل
(في عصبية)
:
أعفِنا من حفل تأبينه.
إزكويردو
:
لنواصل عملنا إذن، لم ينجح ممثلٌ محترف من طراز جوان سالسيدو في تحريك قلب
مونسيرا، أخشى أن يموت كل هؤلاء القوم رغم إرادتهم من أجل الحرية والعدالة
والكرامة الإنسانية؛ فالمبادئ العظيمة تُشبه الكوارث الكبرى؛ فهي تستهلك عددًا
كبيرًا من المخلوقات؛ هيَّا لنرى من عليه الدور. (يخاطب ريكاردو) وأنت يا فتى
ألا تقول شيئًا لصديقك مونسيرا؟ هل ترضى بالموت دون محاولة لإقناعه؟ (ريكاردو
يبقى مطأطئ الرأس بإصرار) ما اسمك؟
ريكاردو
:
ريكاردو.
إزكويردو
:
أنت شجاع يا ريكاردو، أنا أحب الشجاعة. وأحسُّ برغبة في تجربة شجاعتك
(ريكاردو ينظر إليه) نعم، جلسةٌ قصيرة في قبو جلادنا الموهوب! ما رأيك؟ لا تظن
أنه مجرَّد حاتي حقير يشوي أصابع الأقدام! إنه فنانٌ حقيقي يُحب فنَّه! خبير في
استخدام الكلَّابات! وهو ليس أميًّا! إنه يدرس علم التشريح حتى يتفوَّق في
مجاله! … تكلَّم إذن!
ريكاردو
(يقف جامدًا ويقول بصوتٍ مختنق)
:
بوليفار سينتقم لنا.
إزكويردو
:
شيءٌ جميل! سيدبُّ فيك العفن وأنت داخل القبر بعد أن يجري عليك صديقنا جارسيا
تجارب التشريح الحي! وهل أنت واثق أن بوليفار سينتقم لك؟
ريكاردو
:
نعم.
إزكويردو
:
هل قال لك هذا مونسيرا؟
ريكاردو
:
نعم.
إزكويردو
:
هل اعترف لك أن بوليفار حاول الإبحار إلى كوراساو؟
ريكاردو
:
لن يذهب بوليفار إلى كوراساو!
إزكويردو
:
يا مونسيرا، قل له بنفسك محتوى الخطاب الذي وُجِد بين أوراق بوليفار بعد
فراره من بورتو-كابالو (Puerto-Caballo)! لقد
قرأته يا مونسيرا … هيَّا سأُحرِّك ذاكرتك! في هذا الخطاب يطلب بوليفار من
الحاكم الإنجليزي في كوراساو التصريح له بالالتجاء إلى الجزيرة! أهذا صحيح أم
لا؟
مونسيرا
(وقد فاض به الكيل)
:
لم يُرسل هذا الخطاب أبدًا!
إزكويردو
:
كانت لديه النية.
مونسيرا
:
ماذا تعني؟ الكل يعرف أن بوليفار ليس جبانًا! وأنت نفسك تعرف ذلك! وإنه قدَّم
لك ألف برهان على نيته في الكفاح ضدنا حتى الموت!
إزكويردو
:
ولكن احتمال السفر إلى كوراساو لا زال قائمًا، وهذا الخطاب يُؤكِّد ذلك! يا
ريكاردو يا صغيري.
مونسيرا
(في حماس)
:
لا! هذا الخطاب لا يدل على شيء! حقًّا إن بوليفار فكَّر في الهرب إلى كوراساو
بعد هزيمته حتى لا يقع بين أيديكم. ولكنَّه أُخبر في الوقت المناسب بوجود منطقة
بويلبا المتمردة. وعندما عرف ذلك، اتجه إلى هناك ليلحق بأصدقائه مع أنه مريض،
بلا سلاح وبلا أمل في الحصول على أي إمدادات! لقد اجتاز منطقتنا هذه وهو يعرف
المخاطر التي يتعرَّض لها، وقد كُلِّفت بالقبض عليه، رأيته وكلَّمته! إنه على
حق. وإذا لم يُقبض على بوليفار هذه الليلة فسيكون مع رجاله في ليلتنا هذه
بالذات! أنا مُتأكِّد من ذلك تأكُّدي من أني سأموت!
ريكاردو
(في صوتٍ حزين)
:
أصدقك يا مونسيرا!
إزكويردو
:
أيُّها الأحمق! لقد قالها لك بنفسه: إذا لم يُقبض عليه! لنفرض أننا استطعنا
أن نقبض عليه؟ ستضحي إذن بحياتك من أجل لا شيء!
ريكاردو
(في صوتٍ حزين)
:
لقد قتل الإسبانيون … أبي وأنا لا زلت طفلًا …
إزكويردو
:
ليس هذا مُبرِّرًا لكي تموت اليوم.
(ريكاردو يطأطئ رأسه، إزكويردو ينظر إليه ويغمز
بعينَيه.)
إزكويردو
:
حسنًا، أعتقد أنه لا داعي لإطالة الجلسة! ما دمت توافق على الموت على أمل
تحقيق بوليفار لأهدافه! أنت على الأقل تعرف لماذا تموت … أليس كذلك؟
ريكاردو
(يرفع رأسه ويواجهه)
:
أعرف (يخفض رأسه من جديد).
إزكويردو
(في ابتسامةٍ متسامحة)
:
يا ولد … تذكَّر أنه كان يُمكن أن تموت غرقًا أو يتهدَّم عليك سقف أو تتسمَّم
من أكل عيش الغراب، وعندئذٍ لن تدرك شيئًا! هنا على الأقل أنت تعرف لماذا تموت!
ويبدو لي أن هذا يهمك! (يُخاطب مورالس) يا مورالس، خذ هذا البطل! منظر البطل
يُحزنني دائمًا، لا أحب أن يجد الناس مبرِّرًا لموتهم.
(يمسك الجنود بريكاردو، الطبول تُدق بقوة، وعندما يصل ريكاردو
إلى عتبة الباب يلتفت إلى مونسيرا ويقول له ببساطةٍ شديدة: «أنا معك»، يُغلَق الباب
خلف مورالس.)
المشهد الخامس
(إزكويردو – مونسيرا – الأم – إيلينا – الأب كورونيل – جنود)
مونسيرا
(في اضطرابٍ شديد)
:
أوقفوا هذه الجرائم، لا يُمكن أن يستمر هذا! إزكويردو! يداك مخضَّبتان بالدم!
إزكويردو! ستُسأل أمام الله عن كل هذا الدم!
إزكويردو
(في برود)
:
كلمة منك وريكاردو يعود.
مونسيرا
(يُمسِك برأسه بين يدَيه)
:
أنت بعيد عن الله يا إزكويردو، ستلجأ إليه في يوم من الأيام ولكن سيحول بينك
وبينه بحر من الدم وأنهار من الدموع! ستموت بائسًا! ستكون نهايتك مريعة!
إزكويردو
(بنفس البرود)
:
هذا الكلام لا يُنقذ ريكاردو.
مونسيرا
(في صوتٍ أجشَّ وضارع)
:
فكِّر في نفسك يا إزكويردو! فكِّر فيما ينتظرك! فكِّر في الله الذي
ستُواجهه!
إزكويردو
:
المدهش أنك لم تقل شيئًا في صالح الرهائن الثلاث الأُول! بينما تتضرَّع فجأة
وتسبُّني بل وتتوعَّدني بالويل والثبور من أجل ريكاردو! لماذا؟
مونسيرا
(منطلقًا)
:
إنه شاب يا إزكويردو! لم يعش بما فيه الكفاية، اعفُ عنه.
إزكويردو
:
أنت تزيد دهشتي! أوافقك على أن موت ريكاردو الذي يبلغ العشرين يؤثر عليك أكثر
من موت الفخراني مثلًا الذي يناهز الخمسين! أليس كذلك؟ … هذا يعني أنك تُفضِّل
إنقاذ الناس حسب ما يتبقى لهم من أيام يعيشونها! الحق أن اختيارك فيه جانبٌ
حسابي!
(صمت، الطبول تواصل الدق. يبدو أن مونسيرا ينصت إليها أكثر من
استماعه لكلام إزكويردو.)
إزكويردو
:
الواقع أنك كنت تستطيع أن تختار وفقًا لقيمٍ أخرى! مثلًا: الأفضل أن تُنقذ
حياة سالسيدو، الممثل الموهوب! وحياة سالاس إينا التاجر الغني والزوج السعيد!
لا! لم تسعَ من أجل أسعدهم ولا أكثرهم ثقافة، بل سعيت من أجل أصغرهم! وهو
بالذات الوحيد الذي رضي بمصيره، الوحيد الذي يرى أن الموت اليوم يُفيد قضية
أثمن من حياته.
مونسيرا
:
يا إزكويردو إنه طفل تقريبًا!
إزكويردو
:
نعم. ولكن هذا النوع من الأطفال يعرف كيف يستخدم البنادق! (صمت) على كلٍّ،
هناك نقطة ضعف في اختيارك، لو أني عفوت عن ريكاردو فليس هناك ما يُثبت لي أنه
لن يموت بعد ذلك بثلاث دقائق تحت عجلات عربة أو أنه لن تقضي عليه حُمَّى خبيثة!
أنت تريد أن تنقذ ريكاردو بالذات لأنه الوحيد من بين زملائه … الذي يأمل في
الحياة عددًا أكبر من السنوات!
كما أنك تريد أن تنقذ بوليفار على أمل تخليصه لهذه البلاد من سيطرتنا! الأمل!
الأمل! ألا يوجد في رأسك سواه!
(يُسمع صوت طلقات النار، ثمَّ الطلقة القاضية، مونسيرا يطأطئ
رأسه ويضغط على قبضتَيه.)
إزكويردو
:
ألا يزال الأمل يحدوك بعد هذه الطلقات (صمت) سأستخدم منطقك يا مونسيرا! أنت
تعطف على الشباب (يُخاطب إيلينا) أنت يا جميلتي لم يأتِ دورك بعدُ! لا زلت آمل
أن تفقدي عذريتك هذه الليلة! وبما أني الزوج السعيد فسأقوم بمُحاولةٍ أخيرة
لإنقاذك. (يُخاطب الأب كورونيل) هل ترضى يا أبتي أن تكون الأخيرة؟ (الأم تنتحب،
الأب كورونيل يتجه إليها ويُمسك يدَيها.)
المشهد السادس
(نفس الأشخاص ومعهم مورالس)
إزكويردو
:
آه! أنت يا مورالس! كيف كان موقفه؟
مورالس
:
مات شُجاعًا، رفض تعصيب عينَيه ولكني جعلته مع ذلك يُواجه الحائط، وفي اللحظة
التي أمرت فيها بإطلاق النار صاح: «عاشت …» لا أدري ماذا. لم يفهم أحد ما قال.
على كلٍّ لا شكَّ أنها عاشت الحرية أو عاشت الثورة.
إزكويردو
(مبتسمًا)
:
عاشت لا أدري ماذا؟ … أنت تعبث يا مورالس!
مورالس
(ممتعضًا)
:
وكان يُعطينا ظهره! و…
إزكويردو
:
حسنًا، حسنًا (يُخاطب مونسيرا) أأنت سعيد؟ لقد مات عزيزك ريكاردو نصيرًا
جديرًا ببوليفار، صغيرًا أليس كذلك؟! ولكن الدور الآن على هذه المرأة! ولا تنسَ
أن لديها طفلَين محبوسَين في منزلها، إذا ماتت ماتَا من الجوع! موتًا بطيئًا
فظيعًا، طفلان أمامهما حياةٌ طويلة لا تقلُّ عن ستين عامًا! ما رأيك؟ أمامهم
فرصٌ كبيرة حسب نظامك في التقدير! (يُكلِّم الأم) استعدي يا امرأة! جاءت
ساعتك!
الأم
(تتخلَّص من الأب كورونيل وتُخاطب إزكويردو)
:
لا. لا. اتركني أذهب! الرحمة! لديَّ طفلان صغيران! البيت مقفل عليهما! لو كان
عليَّ أن أموت من أجلهما لرضيت عن طِيب خاطر! أقسم لكم لكنت سعيدة!
(تبكي.)
إزكويردو
:
يا مجنونة! عليكِ أن تستعطفيه هو! لماذا تتوجَّهين إليَّ؟
الأم
(تتجه نحو مونسيرا)
:
يجب أن تفهم! ألا تستحق حياة طفلَين صغيرَين كل التضحيات؟ … إنهما وحيدان! لا
يُمكنك أن تتركهما للموت هكذا! ما أبشع أن تترك طفلًا يموت! فكِّر إذن! إنهما
صغيران! لا يطلبان إلَّا الحياة!
(تبدر من إزكويردو إشارة إلى مونسيرا تعني «أنت ترى جيدًا».)
أنا لا أُدافع عن نفسي ولكن عنهما! لا يُمكن أن تقتل طفلَين هكذا (تبكي
ورأسها مطأطئ، وذراعاها ساقطتان. يبدو على مونسيرا التأثُّر الشديد. تُدق
الطبول في الخارج بإيقاعٍ بطيء).
الأم
:
استمع إليَّ! انظر إليَّ! انظر إلى دموعي! أيُمكن أن يظل قلب الإنسان جامدًا
أمام يأس أم؟ أمٌّ تعرف أنها ستموت وأن طفليها سيُلاقيان ميتةً رهيبة! ألم ترفع
أبدًا طفلًا بين يديك؟ ألم يَمسَّك سحر الطفولة أبدًا؟ آه لو رأيت صغيرَيَّ!
لما قسوت! إنهما يفيضان بالبشر والحياة! أيدي بابليتو صغيرة وجسمه رقيق (تقترب
من مونسيرا، تستعطفه بحنان) هذه ساعة تغذية أصغرهما. إنه يبكي الآن في مهده،
انظر إلى ثديي، إنه يُناديني بتحريك ذراعَيه الصغيرَين! وأنا هنا واللبن يفور
في صدري! أيُمكن أن تقتل أُمًّا ترضع؟ (مونسيرا يجذبها نحو كتفه وهو شديد
الشحوب، تقول الأم) لقد خلقهما الله! أتستطيع أن تقتل مخلوقات الله؟ قل لي؟ هل
تؤمن بالله؟ أنت تعرف أنك لا يُمكنك أن تتركهما يموتان! ليس هذا من حقك! أنت
تطعن الله!
(مونسيرا يرفع يده.)
إزكويردو
(تمرُّ ثوانٍ من الصمت الرهيب. ثمَّ يستأنف مونسيرا كلامه
بجهدٍ كبير وصوتٍ أجش)
:
المنزل منعزل ويبعد ٥٠٠ متر عن الطريق الذي يؤدي إلى …
إيلينا
(تصرخ)
:
لا! اسكت! (صمت، ثم في صوتٍ أهدأ) تشجَّع إذن، فات أوان الخيانة! لقد ضحَّيت
بأربعة منَّا! فات الأوان! اسكت!
الأب كورونيل
(ثائرًا)
:
الكلبة! خذوها! تعجَّلوا (يُخاطب إزكويردو) ألم يكن من الأفضل أن تُقتَل من قبل! هذا
خطؤك! (يُخاطب الجنود)
هيَّا!
(الجنود ينقضُّون على إيلينا ويجرُّونها، وعندما تمر أمام
إزكويردو، ينظر إليها الأخير بعينَين متوقدتَين ويجذبها بعنف إلى صدره ويُقبِّلها،
إيلينا تُدافع عن نفسها بصعوبة ويتركها إزكويردو، الأب كورونيل يُشير إلى الجنود،
يتعجَّلهم، مونسيرا يقف على قدمَين في الجانب الآخر من الغرفة، ونتبيَّن أنه يتمالك
نفسه من جديد.)
المشهد السابع
(مونسيرا – إزكويردو – مورالس – الأب كورونيل – الأم – جنود)
(تدق الطبول بقوة عندما تخرج إيلينا من الباب. الأم تندفع نحو
إزكويردو.)
الأم
:
لا! لا! كفى! كفى! لا تقتلوها! سيتكلَّم (إلى الأب كورونيل) إنه طيب، سترون
أنه سيتكلَّم.
(إلى إزكويردو) سيقول كل ما تريدون، انتظروا قليلًا.
(إلى مونسيرا) ستتكلَّم، أليس كذلك! أنت لا تريد أن يقتلوا إيلينا، ولا تريد
أن يقتلوني، أليس كذلك؟ يُمكنك أن تقول للجنود أن ينتظروا! أن ينتظروا قليلًا!
يا لقسوة الرجال! ما أسهل القتل عندكم! ألا تدرون؟! ألا تدرون؟!
إزكويردو
(يُخاطب مونسيرا)
:
أضمن لك حياتك إذا تكلَّمت! قل كلمةً واحدة! ارفع يدك وأنا آمر بنفسي بوقف
التنفيذ! أسرع! وسأضمن لك أيضًا حياة بوليفار! سننفيه، هذا كل ما في الأمر!
ستُنفيان كلاكما إلى أفريقيا! أتعهَّد لك بذلك! سأحصل من صاحب السعادة …
الأب كورونيل
:
إزكويردو!
إزكويردو
(يُمسك بتلابيب مونسيرا ويهزُّه بعنف)
:
تكلَّم يا مُغفَّل! قل كلمة! صمتك مقيت! أودُّ أن أسحق بقدمي هذا الرأس الذي
تغوص فيه الكلمات مثل الرصاص في اللحم الميت!
(صوت طلقات التنفيذ. الطبول تكف عن الدق. إزكويردو يصفع
مونسيرا، ثمَّ يتركه ليعود إلى وسط المسرح.)
الأم
(وقد جُنَّت من اليأس)
:
عليكم اللعنة، عليكم اللعنة جميعًا! عليكم لعنة الله يا سفَّاحين! يا جُبناء!
ألف مرة جبناء! (ترتمي على المائدة وهي تصرخ، الأب كورونيل يحنو عليها
ويُكلِّمها بصوتٍ خافت وجسمها ينتفض من البكاء الحار.)
إزكويردو
(وقد فاض به الكيل)
:
خلصوني من هذه المجنونة! خذوها! أسرعوا! (يُخاطب مونسيرا) لن تُحنن قلبك،
أليس كذلك؟ لا داعي لإضاعة الوقت! انتهى الأمر! (يُكلِّم الجنود) أسرعوا!
اخرجوا كلكم، كلكم!
الأم
(تُقاوم الجنود وهي تصرخ)
:
لا! لا! لا أريد! لا تقتلوني! لا تقتلوني! لديَّ طفلان! طفلان صغيران! لا
أريد!
(الأب كورونيل يخرج معها، مورالس يتبعهما ويقول لجنديَّين
«احرسوا الباب.»)
المشهد الثامن
(مونسيرا – إزكويردو)
(الطبول تُدق من جديد إيذانًا بإعدام الأم. مونسيرا لا يزال متكئًا
على المائدة وذقنه على صدره، إزكويردو يُحاول استنفاذ كل سخطه بالسير جيئة
وذهابًا.)
إزكويردو
(بعد لحظات من الصمت)
:
لولا الأب كورونيل لاستطعت أن أحتفظ بها! أجمل فتاة قابلتها في حياتي! هذه
النظرة! هذا القوام! وأنت يا مُغفَّل! ألم تكن تستطيع … (يهزُّ كتفَيه، صمت، دق
الطبول يزداد بسرعة) أتثق حقًّا في بوليفار إلى هذه الدرجة؟ أتعتقد فعلًا أن
الحرية ضرورية لبضعة آلاف من الهنود الأغبياء والزنوج القذرين؟ ماذا يفعلون
بهذه الحرية؟ مائة ألف منهم لا يُساوون شعرة من رأس إيلينا! (في ثورة) ولكنَّنا
لم نُنهِ حسابنا معًا! (صمت، إزكويردو يهزُّ كتفَيه عند استماعه لصوت إطلاق
البنادق) ستة أبرياء قتلوا، أليس كذلك؟ (الطلقة القاضية، صمتٌ مطلق، إزكويردو
يتَّجه نحو مونسيرا) قل لي … (مونسيرا شاحب الوجه ويبذل مجهودًا ليقف على
قدمَيه) كنت أعتقد أن حياة الإنسان مُقدَّسة بالنسبة للمسيحي وأن حرية عدة
ملايين من الرجال لا يُمكن بأي حال من الأحوال أن تفضل على مصير مخلوقٍ واحد من
مخلوقات الله … (صمت) لا شك أنك سويت أمورك مع ضميرك.
مونسيرا
(يبذل مجهودًا ملحوظًا لكن لا يخور)
:
لا شأن لك بما كلَّفني ذلك من عناء! … يستطيع المرء أن يُضحِّي بأكثر من
حياته من أجل تحرير شعب يُحبه ويتعذَّب.
إزكويردو
:
بشرفه العسكري مثلًا.
مونسيرا
:
نعم، وبأكثر من شرفه وبأكثر من حياته!
إزكويردو
(ساخرًا)
:
بحياة ستة أبرياء ومعهم حياته الأخيرة!
مونسيرا
(بمرارة)
:
أنا أعرف أنك لا تخشى الله!
إزكويردو
(في هدوء)
:
لا.
مونسيرا
(في حماس)
:
ولهذا فأنت أقسى وأحقر مَن رأيت في الوجود!
إزكويردو
:
إن قتل آلاف المخلوقات، التي صنعها الله من العدم ويُعيدها من جديد إلى
العدم، مُحاولة لأن نُصبح نحن أيضًا آلهة! إنها منافسة على أي حال من الأحوال،
ولكن لماذا ألوم نفسي على ذلك؟ إني أقتل الناس لكي أُحافظ على مصالح صاحب
الجلالة الكاثوليكية التي أدين لها بالولاء والطاعة التامة … وفي نفس هذه
اللحظات يموت في كل بقاع الأرض آلاف الأبرياء، بلا مبررٍ معقول من جراء الحوادث
أو الأمراض! أيؤثر هذا عليك كثيرًا؟ لا!
مونسيرا
:
أنت تكفر! أنت لا تحترم شيئًا!
إزكويردو
:
على العكس، أنا أحترم الله! لقد اخترع لنا، وهو الخالد، شيئًا عبقريًّا (كما
لو كان يُذيع له سرًّا) الزمن! (يروح ويجيء على خشبة المسرح)، ثمَّ يقول: أنا
لم أنسَ نفسي يا صغيري! كل ما في الأمر أني سمحت لنفسي ببضع دقائق أثرثر فيها
معك، ولكنِّي سأستدعي بعد ذلك مورالس لكي يُحضر لنا ست رهائنَ جديدة!
مونسيرا
(ينتفض ثمَّ يقول في هلع)
:
لماذا؟ أنت تعرف أن كل شيء انتهى! وأني أعطيت كل ما في وسعي! وأن لا شيء
سيزحزحني عن موقفي! لا داعي لهذه الجرائم الجديدة! فكِّر في الأمر!
إزكويردو
(مبتسمًا)
:
عليك أنت أن تُفكِّر … لقد أثبتَّ لي أنك تستطيع أن تدوس على ضميرك وأن
تُضحِّي بست أرواح خلقها الله في مقابل ما تُسمِّيه مصلحة عدة ملايين من أبناء
فنزويلا! أليس كذلك؟
مونسيرا
(في صوتٍ خفيض)
:
نعم.
إزكويردو
:
في الحقيقة، أنت قتلت ستة أبرياء دون أن يؤدي موتهم إلى تحرير الملايين من
مواطنيهم! لقد ضحَّيت بهم من أجل أمل في التحرير، من أجل مجرد احتمال! … ألا
تجد ذلك بشعًا؟ وبعد ذلك تتهمني بالقسوة والوحشية! أنا … (يضحك، ويسير جيئة
وذهابًا ثمَّ يقف فجأة أمام مونسيرا) أمَّا أنا فضابط في الجيش الملكي! ولديَّ
أوامر بالمحافظة بأي ثمن على سلطة صاحب الجلالة على هذا البلد، وكل أبناء
فنزويلا الذين يثورون على هذه السلطة مجرمون، أنا لا أؤدي إلَّا واجبي … أنا
لست قاسيًا يا مونسيرا. بل واجبي هو القاسي (يضحك).
مونسيرا
(في حماس)
:
والذين عذَّبتهم حتى الموت! والذين قتلتهم بنشر سيقانهم أو صب الرصاص المصهور
في أحشائهم! هل كان واجبك يُملي عليك هذه الأعمال الوحشية؟
إزكويردو
(ساخرًا)
:
بالطبع! هنا أيضًا أخدم صاحب الجلالة بهذا التعذيب والتنكيل الذي يُرهب
الآخرين ويدفعهم إلى الإخلاد للسكينة.
مونسيرا
(ثائرًا)
:
أنت مجنون! هذا التفكير لا يُمكن أن يصدر إلَّا من مخيلة مجنون أو
سادي.
إزكويردو
(مازحًا)
:
أبدًا أبدًا! أنا على العكس صافي النفس! كُفَّ عن سبِّي (يقف أمام مونسيرا)
أنا واثق أني أخدم الملك بقتلي هذه الرهائن! قضية الملك تعلو على كل شيء، لا
أشعر أبدًا بأي وخز في الضمير، اللهم إلَّا بالنسبة لإيلينا، الأمر بالنسبة لك
مختلف. لو أن مصلحة الملايين من أبناء فنزويلا تعلو على أي شيء لكنت محقًّا
ولوَجَبت التضحية بحياة ستة من مواطنيهم، ولكن بوليفار مريض، ومن الممكن في هذه
الليلة أن تُودي به الحمى التي أُصيبَ بها، ولكن بوليفار مُطارد ويُحتمَل أن
يُقبَض عليه الليلة، وحتى إذا وصل إلى بويلبا ولحق بأنصاره فإنه لا يضمن
الانتصار علينا، فإذا مات بوليفار إذن أو قُبض عليه أو هُزم فلن تكون فعلتك سوى
مهزلةٍ دامية!
مونسيرا
:
أنا فاهم يا إزكويردو، لقد فكَّرتُ في ذلك منذ وقتٍ قريب وأنا في ظروف تختلف
تمامًا، لقد تنازعتني كل هذه الأفكار بقسوة لا أستطيع أن أصفها ولكن ريكاردو
صرخ في وجهك: يجب أن ننقذ هذا الأمل بأي ثمن لأنه الأمل الأخير، هذه البلاد
غارقة في البشاعة، وقد جثم عليها ليلٌ كئيب منذ احتللناها، ليل يمطر الدم
والدموع. أصبحت أستطيع أن أقسو على قلبي وأخنق روحي وأدوس على ضميري لمجرد أمل
في انتهاء هذا الليل وبزوغ شمس النهار.
إزكويردو
:
هذا لا يُمثِّل رأي أغلب الرهائن التي أُعدِمت، كانوا كلهم تقريبًا مقتنعين
أنهم اغتيلوا بلا داعٍ! ماذا تريد؟ أغلب الناس بلا كرامة ويوافقون على الحياة
العفنة تحت سيطرتنا بدلًا من الموت، يُفضِّلون أن يعيشوا أذلاء تحت أقدامنا على
أن يموتوا كِرامًا من أجل الحرية.
مونسيرا
:
أنت تُفكِّر في إيلينا وريكاردو!
إزكويردو
(بدقة)
:
قلت: «أغلب الرهائن …»
مونسيرا
:
لقد وافقتْ رهينتان من ستة على الموت من أجل هذا الأمل الذي تزدريه، لو
احتفظنا بهذه النسبة على نطاق سُكَّان البلد بأسره لكان هذا يعني أن مليونين من
سُكَّان هذا البلد الذي يبلغ تعداده ٦ ملايين نسمة، يقبل هذه الميتة؟ ألا يبدو
لك هذا رائعًا! هائلًا!
إزكويردو
(يتظاهر بالتفكير ثمَّ يُمثِّل)
:
مليونين؟ (لحظة صمت) لا … هذا ليس هائلًا! أؤكد لك أني أحسُّ نفسي قادرًا على
إبادة هذين المليونَين من أبناء فنزويلا، المسألة مسألة وقت وصبر ليس إلَّا،
يجب أن يوفروا لي ما يكفي من الحبال حتى أقتصد في طلقات الرصاص. لا توجد أي
صعوبة سوى هذا الجانب فقط، الحق أني لا أرى غيرها … كما أني أقترح عليك أيضًا
الأكواخ الخشبية التي يُمكن إقامتها بسهولة لشيِّ حوالي ١٥٠ شخصًا دفعةً
واحدة!
مونسيرا
:
وغد!
إزكويردو
:
لو كُلِّفت شخصيًّا بسحق التمرد، لاتخذت لنفسي منهجًا في العمل، البند الأول
والأخير: «بإعدام كل فنزويلي ذكر من سن الثانية عشرة حتى الخمسين» ثمَّ أُطبِّق
هذا القرار حرفيًّا … ولكنَّك تعرف أن صاحب السعادة مُتسامح جدًّا.
مونسيرا
(منزعجًا)
:
من أين ينبع حقدك هذا الذي يجعلك بهذه الوحشية؟
إزكويردو
:
ستثير والله غروري … (يتجه نحو الباب ويصيح في الجنود) قولوا لمورالس أن
يحضر!
مونسيرا
(وقد أحسَّ بالخطر)
:
إزكويردو!
إزكويردو
:
لا، هذه المرة لن أمنحهم سوى نصف ساعة. الوقت يمر أرجو أن يكون من بينهم
أُمًّا أخرى لها أولادٌ صغار.
مونسيرا
:
لن تفعل ذلك! لن أستطيع! لن أستطيع!
إزكويردو
(يقترب منه ويقول له بقسوة)
:
وإذا لم تحثَّك الرهائن الجديدة على الكلام سأعدمهم أمام عينَيك، ثم أحضر
ستةً آخرين، ثم ستة آخرين وغيرهم … وغيرهم حتى تُدرك أخيرًا مدى جنونك!
مونسيرا
(لاهثًا)
:
لن أستطيع! لن أستطيع!
(يجفف عرقه على وجهه ورقبته بشكلٍ مستمر، إزكويردو يُثبِّت نظره عليه وهو
بالقرب منه حتى يكاد يلمسه، ويقول إزكويردو بصوتٍ هادئ بعد لحظة صمت.)
إزكويردو
:
أهو مُسلَّح؟
مونسيرا
(مستسلمًا)
:
نعم.
إزكويردو
:
أهو وحده؟
مونسيرا
(يُحاول أن يمنع نفسه)
:
معه ثلاثة هنود.
إزكويردو
:
هل هم مسلحون؟
مونسيرا
:
نعم.
إزكويردو
(بعد لحظة صمت يهزُّ رأسه ويقول)
:
قل لي، لقد حدَّثتني عن منزلٍ منعزل.
مونسيرا
(متردِّدًا)
:
نعم.
إزكويردو
:
هل توجد أشجار … أعشاب؟ هه؟ أم أرض جرداء؟
مونسيرا
(مُرغَمًا)
:
أرضٌ جرداء.
إزكويردو
:
أرضٌ جرداء، حسنًا … وهي على بعد ٥٠٠ متر من الطريق؟ أي طريق؟ طريق
تولولاك؟
لا شكَّ في ذلك.
(مونسيرا يرفع رأسه في بطء وينظر لإزكويردو دون أن
ينطق.)
إزكويردو
:
هيَّا قل لي أي طريق؟ لماذا تسكت الآن بعد أن قلت الكثير وإن كان لا يكفي!
هه! أي طريق؟
(مونسيرا يستعيد وضعه المستسلم.)
إزكويردو
(مُلحًّا)
:
مورالس قادم، تعجَّل وإلا فات الأوان، كل الذين سيحضرونهم هنا لن يخرجوا
أبدًا.
(مونسيرا يثبت نظره عليه، صمت.)
المشهد التاسع
(مونسيرا – إزكويردو – مورالس – جنود)
مورالس
(يدخل ثائرًا ويصيح)
:
أجاءك الخبر؟ بوليفار تعدَّى سانتا مونيكا (Santa
Monica)!
إزكويردو
(يندفع نحوه ويُمسك كتفيه)
:
ماذا تقول؟
مورالس
:
في الظهيرة اكتشف رييرو (Riero) وفرسانه
بالمصادفة المزرعة التي أخفى فيها (مُشيرًا إلى مونسيرا) هذا الكلب بوليفار.
ولكن بوليفار كان قد فرَّ منذ ساعة، وقد تعقَّبه رييرو ولحق به في طريق سانت
مونيكا.
إزكويردو
(يهزُّه في غضب)
:
ماذا بعد؟
مورالس
(يُحاول أن يتخلَّص كأنه يُريد أن ينقضَّ على
مونسيرا)
:
كل هذا بسبب هذا الخائن! رييرو مات ومعه اثنان من فرسانه! بسبب هذه الجثة
العفنة.
إزكويردو
(يُمسك به)
:
اهدأ! تكلَّم! تكلَّم إذن!
مورالس
(وهو يلهث)
:
كان بوليفار في حراسة عشرين رجلًا مُسلَّحًا من فلَّاحي بويلبا، كان هذا
الوغد قد بعث هناك أيضًا برسول! وقد هاجمهم رييرو، ولكن بسبعة رجال في مقابل
عشرين! قتل منَّا ثلاثة! أمَّا الذين ظلُّوا على قيد الحياة فجاءوا هنا!
سيجعلونه يدفع الثمن غاليًا. (يُحاول أن يتخلَّص من قبضة إزكويردو لكي ينقض على
مونسيرا) هذا الكلب اللقيط، لو أنه في هذا الصباح … (يتوقَّف عن الكلام، جلبة
في الخارج ودقات طبول بعيدة، مورالس ينتبه) ها هم آتون! إنهم يجتازون
الميدان!
(يظل الرجال الثلاثة جامدين في مكانهم وعيونهم مُركَّزة على
الباب، الجلبة تزداد وتقترب.)
إزكويردو
(يُخاطب مونسيرا بصوتٍ خافت دون أن يلتفت إليه)
:
هنيئًا لك … خذ حظك من الفرح … لأنك لن تنتصر طويلًا.
مونسيرا
(يرد عليه هو أيضًا دون أن يُبعد نظره عن الباب، يتكلَّم
بسرعة وبصوتٍ أجشَّ)
:
أنا لا أخشى مِمَّا سيحدث لي … بقدر ما كنت أخشى أن أتحمَّل مرةً أخرى ما
مررت به من قبلُ!
إزكويردو
(بنفس الطريقة السابقة)
:
أنت تتكلَّم عمَّا لا تعرف، نحن نترك البعض يصرخون طوال الليل وهم مُعلَّقون
من إبطهم في الخطاطيف.
مونسيرا
:
سيُعينني الله مهما حدث!
(الجلبة تزداد.)
إزكويردو
:
ستجد نفسك وحيدًا مثل الرهائن الستة ومثل كل مَن يحتضرون في هذه اللحظة في كل
بقاع العالم.
(الجلبة قريبة جدًّا ومصحوبة بدقات طبول قوية.)
مونسيرا
(في حماس)
:
أنت تُحاول عبثًا أن تحملني على اليأس، إني أسمع الآن الأنصار في بويلبا
يصيحون من السعادة عند دخول بوليفار! أسمعهم يُهللون له وأرى الرايات والزهور
في النوافذ! الأمل يشرق وكل الرجال يشرعون أسلحتهم! أسمع صيحات الفرح! كل
الأجراس تدق. كل النساء يصحن في سعادة!
إزكويردو
(في اللحظة التي يُفتح فيها الباب بعنف)
:
كل شيء قد انتهى يا مونسيرا.
مونسيرا
(يصيح)
:
لا! كل شيء يبدأ.
(يندفع الرجال المسلحون وهم يلهثون من الغضب ومعهم أنتونانزس
وزوازولا والجنود الأربعة. الفرسان التابعون لفصيلة رييرو. الكل يُمسك في يده بسيف
أو مسدس. يدخل من بعدهم الأب كورونيل في هدوء.)
المشهد العاشر
(مونسيرا – مورالس – إزكويردو – الأب كورونيل – أنتونانزس – زوازولا –
جنود)
أنتونانزس
(ينقضُّ على مونسيرا وهو يصرخ)
:
ها هو! ها هو الخائن الذي سهَّل طريق الهرب لبوليفار! (ينزع شاراته) أيها
الكلب القذر! أنت غير جدير بهذا الزي! أنت تدنسه!
زوازولا
:
رييرو مات بسبب ابن الزانية هذا! انظروا، انظروا إلى وجه هذا المرتد!
الجنود
:
الموت له! الموت له!
أنتونانزس
(يضرب مونسيرا)
:
هيَّا يا ملعون! ستدفع الثمن!
زوازولا
(يدفع هو أيضًا مونسيرا)
:
كنَّا سنقبض عليه هذا الصباح لولا خيانتك! أنت تستحق أن تُعذَّب ثلاثة أيام
متوالية!
الجنود
:
الموت له!
(يدفعونه بعنف ليقضوا عليه على درج القصر، يسمع صوت طلقات النار من خلال دقات
الطبول والسباب.)
(إزكويردو، الأب كورونيل.)
الأب كورونيل
(بعد عودة الهدوء)
:
فيما كان يُحدِّثك في اللحظات الأخيرة؟ هل أعلن التوبة؟
إزكويردو
(يتفرَّس فيه وتبدر منه ابتسامةٌ غريبة)
:
لا، كان يُكلِّمني عن أفراح الآخرين.
(ستار)