خاتمة
-
(أ)
تلعب السياسة في جميع الدول، بما فيها الدول العربية، دورًا أساسيًّا في تفسير وإعادة تفسير الأديان أو الشرائع الدينية والأخلاقية، ولا يمكن الفصل بينها بأي شكل من الأشكال.
-
(ب)
تتبع النُّظم السياسية في بلادنا غيرَها من النُّظم في العالم، وتخضع أساسًا للقيم الطبقية الأبوية أو الرأسمالية الليبرالية التي تقوم على التفرقة بين الناس على أساس الطبقة والجنس واللون والعقيدة والجنسية والعِرْق، وتتحكم القلة التي تملك السلاح والتجارة والمال في الأغلبية الساحقة من البشر.
-
(جـ)
نحن نعيش اليوم مرحلة الاستعمار الجديد بكافة أشكاله الحديثة وما بعد الحديثة، والذي ينظر إلى المرأة كأداة في الماكينة الرأسمالية داخل البيت وخارجه، ويرتبط تحريرها بهذه الماكينة لتصبح أداةً من نوع آخَر.
-
(د)
ارتبط تحرير النساء في فكرة الأنظمة العربية بتنفيذ مشروعات التنمية أو مشروعات تنظيم الأسرة أو الحد من معدل المواليد أو مشروعات البنك الدولي أو صندوق النقد أو غيرها، مما أدى إلى مزيد من الفقر للفقراء، ومزيد من الثراء للأثرياء، وكان أغلب ضحايا الفقر هن النساء، وأصبحت عبارة «تأنيث الفقر» واردةً في معظم الدراسات الاقتصادية والاجتماعية.
-
(هـ)
كانت الأديان ولا تزال ورقةً هامة في يد أصحاب السلطة السياسية دوليًّا ومحليًّا؛ ولهذا تصاعدت التيارات الدينية السياسية الرجعية مع تصاعد الرأسمالية الدولية والمحلية، وأصبحت أغلب الأنظمة العربية تابعة سياسيًّا واقتصاديًّا وإعلاميًّا للقوى الدولية ومشروعات العولمة المتناقضة، والموجهة أساسًا لخدمة الشركات المتعددة الجنسيات أو القلة الحاكمة للتجارة والقوانين الدولية السائدة.
-
(و)
إن النضال الشعبي ضد هذه القوى الدولية والمحلية، والذي يشارك فيه النساء والفقراء والشباب والأطفال، هو النضال الأساسي الذي يمكن أن يتحدى هذا الاستغلال الجديد دوليًّا وعربيًّا.
-
(ز)
بدأت هذه القوى الشعبية الجديدة تتعاون رغم حواجز الدول أو اللغة أو الدين، وإزاء هذه القوى الشعبية المستنيرة من النساء والرجال بدأت القوى الدينية السياسية تتراجع وتفقد أسلحتها، وفي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، طلبَ البابا يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان (في ١٢ مارس ٢٠٠٠) الصفحَ والمغفرة عن الأخطاء والذنوب والآثام التي شاركت الكنيسة الكاثوليكية في ارتكابها على مدار السنين الماضية، ومنها إساءة معاملة النساء والتحرُّش الجنسي من قِبَل بعض القساوسة، واستخدام القوة المسلحة والعنف لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية تحت راية الصليب أو اسم المسيح، وغيرها من الجرائم العديدة ضد العدل أو الحرية أو المساواة بين البشر (حدث هذا في ١٢ / ٣ /٢٠٠٠، في خلال قداس كبير أُقيم في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، جريدة الأهرام، الصفحة الأولى، القاهرة، ١٣ مارس ٢٠٠٠).
وربما يحدث في بلادنا العربية أن يطالب رجال الدين الإسلامي الذين خضعوا للسلطة السياسية والاقتصادية على مر العصور، واقترفوا الآثام والذنوب التي لا تقل خطورة عن جرائم الكنيسة الكاثوليكية، ربما يؤنبهم ضميرهم أخيرًا ويعلنون الصفحَ والمغفرة عن أخطائهم وإساءتهم معاملةَ الفقراء من البشر والنساء.