فتنة الورَّاق: من تراث نقد الفكر الديني في القرن الثالث الهجري
«في دراسة الشذرات المَرويَّة عن أبي عيسى الورَّاق نُؤخذ بتلك الجرأة المحيِّرة التي واجَه بها عصره وخطابَه السائد، فأنجز خطابًا مغايرًا لا ينتمي إلى عصره، بل يتجه رأسًا إلى المجنَّب والمحرَّم والمسكوت عنه.»
ذاع صِيت حرفة الوِراقة كثيرًا في بغداد، وخاصةً في القرن الثالث الهجري، وتزامنت مع نشاط حركة الترجمة، فكانت من أجود الصنائع حينذاك، وعمل بها الكثيرون، وكان كلما اجتمع الورَّاقون معًا بدأت المناقشات فيما بينهم حول ما يكتبونه في مختلِف مناحي الحياة، وكانت مناقشاتهم الأكثر جدلًا تتعلَّق بالأمور الدينية، فينقسمون على إثرها إلى خَصمَين: أحدهما يدعو إلى الإيمان، والآخَر يدعو إلى الكفر، وكانت آراؤهم الجدلية تَجوب أنحاء بغداد حتى تصل إلى أروقة قصر الخليفة. يقدِّم هذا الكتاب نبذة عن «أبي عيسى الورَّاق»؛ أحد الورَّاقين الذين كثُرت حولهم الأقاويل في ذلك الوقت؛ إذ لاحقته اللعنات واتُّهم بالإلحاد والزندقة لآرائه المتطرفة، ولم يكتب عن أخباره وآثاره وأطروحاته الكثيرون، ويُعدُّ هذا الكتاب أول الأعمال التي تروي سيرته المثيرة للجدل.