الحياة الخاصة للقادة السياسيين
رئيس منتهية ولايته غير راضٍ عن الطريقة التي عاملته بها وسائل الإعلام. في مسوداته الأولى لخطاب الوداع، يهاجم وسائل الإعلام الإخبارية، وينعتها بأنها «همجية». لعله يرد على الشائعات الواردة في بعض الصحف التي تقول بأنه عاجز جنسيًّا. أو ربما يرد على تعامل الإعلام مع وزير خزانته، السياسي البارع الذي كان البعض يأملون أنه قد يخلفه.
أوردت صحف كثيرة تفاصيل مشوقة عن علاقة حب دخل فيها هذا الرجل مع سيدة متزوجة. وحسب التقارير، كانت السيدة تمر بفترة من الحظ العاثر حينما طلبت العون من السياسي الثري، الذي صنع جميلًا معها بأن أعطاها بعضًا من المال تلك الليلة، في غرفة نومها. استمرت العلاقة إلى أن اكتشف زوج السيدة أمرها؛ فحاول الزوج أن يبتز السياسي، الذي أنهى العلاقة حينذاك. وصارت الزوجة المصابة بالاضطراب الشديد والذهول كسيرة الفؤاد تراودها أفكار انتحارية.
ما إن بلغ إلى مسامع الخصوم السياسيين للرجل خبر العلاقة المشينة، حتى دفعوا أموالًا إلى رئيس تحرير إحدى الصحف كي يُضمِّن تقاريره اتهامًا باطلًا مفاده أن الزوج قد دُفِع إليه من الأموال الحكومية حتى يلزم الصمت.
ومع ذلك لم يُمنح المنافس المرجح للرجل في السباق الرئاسي أفضلية دون مقابل من قِبَل وسائل الإعلام؛ فقد كانت معاييره الأخلاقية تتعرض لهجوم أيضًا. كانت الصحف تورد أنه كان يقيم علاقة بامرأة، وأنه كان أبًا لبعض أطفالها. غضب السياسي غضبًا شديدًا، إلى حد قوله لرجال الصحافة إنه لن يُشَرِّف أخبارهم بجواب.
ارتأت الصحافة الأمريكية تقليديًّا دورها في ديمقراطيتنا على أنها السلطة الرابعة؛ فهي عنصر غير منتخب ولكنه فاعل في حياة الجمهورية. ومع ذلك، قد يتهم البعض وسائل الإعلام بكونها عنصرًا فاعلًا أكثر مما ينبغي؛ فهي تكتب أخبارًا تتبع أهواءها الذاتية، وتتطفل بلا رحمة على الحياة الخاصة للشخصيات السياسية.
(١) الصحافة المتحزبة
(٢) حقبة الخضوع والتبعية
(٢-١) بواعث متنامية للقلق
بدأ المراسلون يتساءلون بشأن هل ينبغي ألا تتضمن تغطيتهم نقلًا أكثر أمانة للجوانب الشخصية للمرشحين. البعض يقول إن الحدث الذي تسبب في التغيير كان «فضيحة ووترجيت»، وهو الاسم الذي أُطلق على التحري بشأن دور الرئيس نيكسون في اقتحام مكاتب الحزب الديمقراطي إبان حملة عام ١٩٧٢م. في نهاية الأمر كلَّف التحقيق نيكسون خسارة الكثير من مؤيديه، وأدى إلى استقالته. كانت الانتقادات الموجهة لنيكسون تتعلق بمسائل ذات صلة بسلوكه (شكوك في أنه كذب، وأنه كان متصفًا بالخبث ودناءة الطبع وبذاءة اللسان) أكثر مما كانت تتعلق بإدارته السياسية.
وأيًّا ما كان السبب، فقد أصبحت التغطية الإخبارية للحياة الخاصة للقادة السياسيين أكثر كثافة في أواسط السبعينيات، وبدأت تظهر أخبار عن انتهاكات من قِبَل أعضاء بالكونجرس. إلا أن أيًّا من تلك الأخبار لم تلفت الأنظار مثلما فعلت الأخبار المتعلقة بالسلوكيات غير اللائقة لعضو الكونجرس الديمقراطي من ولاية أركنساس ويلبر ميلز الذي ترأس لجنة الموازنة ذات النفوذ؛ فقد عرف المراسلون الذين كانوا يغطون أخبار ميلز عنه أنه كان يسرف في شرب الكحوليات، وبدا عليه السُّكْر في بعض اجتماعات اللجنة، إلا أنهم لم يتتبعوا الخبر لأنهم لم يرَوْا ضرورة لانتهاكهم لحياته الخاصة.
ثم في إحدى الليالي في عام ١٩٧٤م، أوقفت الشرطة ميلز لتجاوز السرعة المقررة، وقيادة السيارة والمصابيح الأمامية مطفأة. خرجت امرأة شابة من سيارة ميلز، وقفزت في حوض تيدال المائي، وهو مسطح مائي بالقرب من النُّصُب التذكارية في واشنطن. كانت الراكبة هي فان فوكس، وهي راقصة متعرية أطلقت على نفسها وصف القنبلة الأرجنتينية.
(٢-٢) «الصحافة الشرسة»
وفي الوقت الذي بدأ فيه بندول الخصوصية يتأرجح من اتفاقية شرف السنوات السابقة إلى نقل أكثر تدقيقًا للأخبار، انزلق جاري هارت إلى بؤرة اهتمام وسائل الإعلام. هارت، الذي كان عضوًا بالحزب الديمقراطي سعى للترشح للرئاسة في عام ١٩٨٤م، لكنه فقد الدعم حينما قدم تبريرات متناقضة لسبب تغييره لاسم عائلته (الذي كان هارتبنس)، وأسقط سنةً من عمره، وغير وقائع في سيرته الذاتية الرسمية.
عندما قرر هارت أن يحاول ثانية الترشح للرئاسة في عام ١٩٨٨م، كانت الشائعات بصدد علاقاته النسائية قد انتشرت بالفعل انتشار النار في الهَشِيم. وحتى العاملون في حملته وكبار المساهمين في الحملة كانوا يشعرون بالقلق، وقد وعدهم بأنه سيراعي سلوكياته، وأنه سيتأكد من أن حياته الجنسية لن تكون شأنًا يؤثر على حملته الانتخابية. في لقاءات مع المراسلين وكتاب الأعمدة السياسية، أكد لهم أنه لا يفعل أي شيء خطأ. كان هارت مصرًّا إصرارًا شديدًا على إنكار أخطائه حتى إنه لربما يكون قد جلب إلى نفسه سقوطه. في مقابلة مع مراسل لصحيفة «نيويورك تايمز»، قال: «فلتلاحقوني في كل مكان؛ أنا لا أهتم. إنني أعني ما أقول، إن كان أي شخص يريد أن يعين أحدًا لمتابعتي، فليفعل؛ سيكون من شأنهم أن يصابوا بالملل.»
ولم يكن مستغربًا أن شخصًا ما قَبِل تحديه؛ فقد راقب مراسلان من صحيفة «ميامي هيرالد» بيته في واشنطن في عطلة نهاية ذلك الأسبوع، وبدلًا من أن يصابا بالملل، شاهدا امرأة شابة تدخل المنزل، وتُمضي الليلة حسبما بدا لهما. حاول هارت في البداية أن يختلق مبررات للخبر. (قال إن المراسلين غفلا عن رؤيتها وهي تغادر، وأقر المراسلان أنهما لم يراقبا البابين مراقبة مستمرة؛ مما يفتح الباب أمام احتمالية أن تكون قد غادرت من الباب الخلفي دون أن يرياها.)
على الرغم من شعور صحفيين كثيرين بعدم الارتياح لفكرة تصرف المراسلَيْن كمخبر سري خاص تافه، فقد سوغ كثيرون الخبر استنادًا إلى أنه أثار أسئلة بشأن مصداقية هارت، واستعداده للانخراط في سلوك محفوف بالمخاطر. كُرِّم مراسلا صحيفة «ميامي هيرالد» من قِبَل جمعية الصحفيين المحترفين.
(٣) هل ما زال الساسة فريسة ملائمة؟
عندما ترشح بيل كلينتون للرئاسة في عام ١٩٩٢م، واجه سيلًا من التقارير الإخبارية عن مغامرات جنسية له وقتما كان حاكمًا لولاية أركنساس. وحتى يخمد هذه الانتقادات، ظهر في برنامج «سيكستي مينتس» على شبكة «سي بي إس» بصحبة زوجته، هيلاري، وهي تجلس بجانبه، واعترف بأنه كان يوجد مشكلات تواجه زواجه. وقد تمكن من هزيمة جورج دبليو بوش الذي كان يشغل منصب الرئيس. أصبحت حياة كلينتون الخاصة قضية مطروحة من جديد في انتخابات عام ١٩٩٦م، إلا أنها كان لها تأثير طفيف على المحصلة النهائية؛ فقد أقر ناخبون كثيرون لمستطلعي الآراء بأنهم لا يثقون بكلينتون، وأنهم يتشككون في استقامته وأخلاقه، لكنهم قالوا إنهم خططوا مسبقًا لانتخابه. وحتى مع امتلاء الصحف والنشرات الإخبارية بشائعات عن علاقة غرامية مع متدربة بالبيت الأبيض، نال كلينتون بعضًا من أعلى معدلات الشعبية لرئيس في غير فترة الحرب. وعلى نحو مشابه، تأثرت الحملتان الانتخابيتان الرئاسيتان لبوب دول في عام ١٩٩٦م وجورج دبليو بوش في عام ٢٠٠٠م تأثرًا ضئيلًا نتيجة تقارير أفادت بأن دول كان منذ أعوام عديدة على علاقة غرامية، وأن بوش كان قد قُبض عليه بسبب قيادته السيارة مخمورًا.
وحتى الناخبون في ولاية مسيسيبي المحافظة اجتماعيًّا غضُّوا الطَّرْف عندما تبين أن حاكمهم لم يعِش حياة ترقى إلى القيم الأسرية المتينة التي كان يتحدث عنها في خطبه. فأثناء السباق الرئاسي بين كلينتون ودول، وصف الحاكم الجمهوري كيرك فورديس كلينتون بأنه «زير نساء» و«كذاب بالفطرة». بعد ذلك، في أحد أيام شهر نوفمبر، وبينما كانت زوجة فورديس في فرنسا، أخبر حراسه الأمنيين بأنه قد منحهم إجازة في ذلك اليوم، وفي عصر ذلك اليوم شوهد وهو ممسك بيد امرأة أثناء غداء خاص في مطعم هادئ. وفي وقت لاحق من تلك الليلة، وبينما كان فورديس يقود سيارته بمفرده على طريق سريع بين الولايات يمر بولاية مسيسيبي، انقلبت سيارته، وأصيب إصابات خطرة.
أصبحت أحداث ذلك اليوم أخبارًا رئيسية في ولاية مسيسيبي. أُجريت مقابلة مع النادلة، تعرفتْ خلالها على نحو مؤكد على الحاكم ووصَفتْ رفيقته. وقدم الموظفون العاملون مع فورديس روايات متضاربة عن يومه. وفورديس نفسه لم يكن لديه ما يدلي به لما يقارب الشهرين. وبعد ذلك عقد مؤتمرًا صحفيًّا، وأعلن أن الحادثة تسببت في إصابته بفقدان للذاكرة. لم يستطع استرجاع أي شيء مما حدث، بداية من وقت قصير قبل تناوله الغداء في ذلك اليوم. لم يستطع تذكر أين ذهب، أو من قابل، أو كيف وقعت الحادثة. وعلاوة على ذلك، قال: «حتى الحاكم يحق له بعض الوقت الخاص به.» بصرف النظر عن هذه التطورات، ظل تأييد العامة لفورديس ثابتًا، إلا أن العلاقة الغرامية التي سرت الشائعات بشأنها قد أسهمت في طلب زوجته للطلاق.
(٣-١) أقارب السياسيين
تلقى صيدلاني في مدينة تالاهاسي بولاية فلوريدا مكالمة هاتفية من طبيب يصرح بوصفة دواء زاناكس لمريض. ولأن ذلك كان في وقت متأخر من الليل، قرر الصيدلاني أن يراجع الطبيب ثانيةً، واكتشف أن الطبيب لم يجرِ المكالمة ولم يعد يمارس الطب. اتصل الصيدلاني بشرطي، الذي ألقى القبض على امرأة في الرابعة والعشرين من عمرها عندما حضرت لأخذ الأدوية. اتُّهِمَت نويل بوش، ابنة حاكم فلوريدا وابنة شقيق الرئيس جورج دبليو بوش، بالاحتيال من أجل صرف وصفة طبية؛ ما عُدَّ جناية.
كثير من المراسلين الذين تناولوا أخبار الحاكم عرفوا أن ابنته الكبرى كان لديها مشكلات تتصل بتعاطي المخدرات. حتى إن بوش أثناء حملته الانتخابية قد أشار إشارة عابرة إلى هذه الحقيقة. وعرف الصحفيون أيضًا أنها كانت قد دخلت مصحة لإعادة التأهيل مرة واحدة على الأقل وقتما كان والدها حاكمًا، ولكنهم لم يوردوا ذلك في تقارير. ولكن مع القبض عليها، سرعان ما تغيرت الأمور. تناقلت تقريبًا كل صحيفة وقناة تليفزيونية في فلوريدا الخبر، وكذلك فعل عدد ضخم من الصحف على مستوى البلاد، وبعض الصحف الأوروبية، وجميع النشرات الإخبارية الخاصة بالشبكات ومحطات الكابل.
لم تختر نويل بوش أن يكون والدها حاكمًا لولاية فلوريدا ولا عمها رئيسًا للولايات المتحدة؛ إلا أن مكانتهما هي السبب في أن يصبح ما يُعد — في ظروف أخرى — حدثًا عاديًّا، خبرًا من الأخبار الوطنية التي تُبَثُّ على مستوى البلاد … أنت لا تختار عائلتك. أنت تجد نفسك فردًا منها وحسب.
المشكلة الأكبر، كما في حالة نويل بوش، تظهر عندما تُخرق القوانين أو عندما يفعل الأقارب أمورًا أخرى للفت الانتباه إليهم؛ فليس ثمة اتفاق فيما بين المحررين في تناول هذا الأمر؛ فقد تصدت أربع صحف، في غضون بضعة أشهر بين كل صحيفة وأخرى، لتغطية الأحداث المتورط فيها أقارب ساسة محليين، وتعاملت كل صحيفة منها مع الخبر بطريقة مختلفة.
في مدينة جاكسونفيل بولاية فلوريدا، قبضت الشرطة على رجل كانت والدته عضوة بمجلس المدينة، وكان والده بصدد الترشح لمنصب العمدة. اتُّهم الرجل ذو الخمسة والثلاثين عامًا باستغلال الأطفال في تصوير مواد إباحية وارتكاب الفسق. قرر محررو صحيفة «ذا فلوريدا تايمز يونيون» تحديد هوية والديه، وأجرَوْا مقابلة مع والدته، عضوة مجلس المدينة، ونشروا الخبر وصورة للرجل المتهم في عمود الجريمة بالصحيفة مصحوبة بتعليقات لوالديه.
عندما اتُّهِم شقيق العمدة المُنتخَب لمدينة دايتون بولاية أوهايو بحيازة الكوكايين، نشرت صحيفة «دايتون دايلي نيوز» خبرًا مقتضبًا عن القبض عليه في عمود موجز الأخبار المحلية الخاص بها، وعرَّفَته بأنه شقيق السياسي. لم تنشر الصحيفة صورته ولم تُجرِ لقاءً مع شقيق الرجل المتهم.
(٣-٢) التشهير بالساسة
في وقت ما، كان التشهير بالمثليين جنسيًّا من الأنشطة الرائجة في المجتمع الأمريكي؛ ففي ولاية فلوريدا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، أنشأت الهيئة التشريعية بالولاية لجنة كانت وظيفتها مواجهة «خطر المثلية الجنسية» في المدن الجامعية التابعة لجامعة الولاية. أسفرت لجنة جونز عن عزل أكثر من ١٠٠ أستاذ جامعي، وطرد عشرات من الطلاب. ترك كثيرون جامعات ولاية فلوريدا عندما تعرضوا لاستجواب الشرطة بشأن ميولهم الجنسية. وفي ولايات أخرى أيضًا تعقبت هيئات حكومية المثليين جنسيًّا وفضحتهم.
كانت وسائل الإعلام الإخبارية ضالعة في الأمر أيضًا؛ فقد قال بريت هيوم من قناة فوكس نيوز إنه حينما كان يعمل لحساب كاتب المقالات جاك أندرسون في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، تعقب ابن سبيرو أجنيو — الذي أصبح فيما بعد نائب الرئيس الأمريكي — وتأكد من أنه انفصل عن زوجته، وانتقل ليعيش مع مصفف شعره في مدينة بالتيمور. قال هيوم إنه يشعر بالخجل بسبب هذا الخبر أكثر من خجله من أي شيء آخر فعله في الصحافة. وأوضح يقول: «إنني نادم على هذا الأمر إلى يومي هذا.»
في أوقات أخرى، تسوِّق وسائل الإعلام الرئيسية حجة مفادها أنها لا تُشَهِّر بالمثليين بالقدر الذي تفضح به المنافقين. عندما أوردت الصحيفة الاتهامات ضد عمدة مدينة سبوكين، أشار الأغلبية إلى أنه كان «يؤيد برنامجًا مناهضًا للمثليين أثناء فترة ولايته كواحد من أقوى الجمهوريين في الهيئة التشريعية». ذكَّرت إحدى صحف مدينة سياتل القراء بأن ويست «كان يدعم مشروع قانون كان من شأنه أن يحظر على المثليين والمثليات العمل في المدارس والحضانات وبعض الهيئات الحكومية بالولاية [و] صوَّت لتعريف الزواج بأنه ارتباط بين رجل وامرأة.» (نتناول حالة ويست باستفاضة في الفصل الخامس.)
اتُّهِمت المؤسسات الإخبارية من حين لآخر «بالتعتيم»، وهو الإخفاء عن قصد لحقيقة أن أشخاصًا ما لديهم ميول جنسية مثلية. وزعمت إحدى المنشورات ذات التوجهات المثلية في ولاية مينيسوتا أن تجمع «توين سيتيز ميديا» فعل ذلك بالضبط عندما قُتِلت ضابطة شرطة في مدينة مينيابوليس أثناء أدائها لواجبها. وأوردت المجلة أن الضابطة «مثَّلت إدارة شرطة مينيابوليس في مهرجانات بالفخر بالمثلية الجنسية، وكانت فخورةً بكونها شرطيةً مثليةً ترتدي الزي الرسمي للشرطة».
(٤) سيناريوهات للمناقشة
هذه السيناريوهات تعتمد على خبرات المراسلين والمحررين. ولقد عُدِّلَت من أجل المساحة والتأثير. في غالبية هذه المواقف، سيلتمس المراسل المشورة من محررٍ، وسيكون من شأن المحررين أن يتخذوا القرار النهائي. بَيْد أن المُدخَلات الرئيسية ستأتي من المراسل، والمحررون الجيدون سيستمعون مليًّا للمراسلين قبل اتخاذ قرار. في بعض الحالات، يمكنك أن تتحقق مما فعله المحررون الحقيقيون. ذلك لا يعني أنهم فعلوا الصواب، ولكن يمكنك مقارنة أفكارك بأفكارهم.
(٤-١) سيناريو خصوصية الشخصيات العامة الأول: الرئيس صعب المراس
-
الجزء الأول: الجامعة المحلية التابعة للولاية لديها رئيس شاب بعث حياة جديدة
في الكيان التعليمي. والطلاب معجبون به. كثيرًا ما يتناول العشاء
هو وزوجته مع الطلاب في سكن الطلاب والرابطات الأخوية ورابطات
الفتيات. وهيئة التدريس بالجامعة معجبة به. هدايا الخريجين سجلت
ارتفاعًا لم تبلغه من قبل، وأثمرت زياراته المتكررة مع أعضاء
الهيئة التشريعية إلى عاصمة الولاية مزيدًا من البرامج الجديدة
والتمويل الحكومي، أكثر مما تلقته الجامعة في أي وقت مضى.
أنت تعمل لحساب مؤسسة إخبارية، وتغطي أخبار الجامعة على نحو دوري. تتلقى معلومة مفادها أن الشرطة في العاصمة تحقق بشأن شبكة دعارة مخصصة للأثرياء هناك، وأن اسم رئيس الجامعة كان ضمن قائمة الزبائن كثيري التردد عليها. فتتصل بالشرطة في العاصمة، التي تبعد نحو ١٠٠ ميل، فقط ليخبروك بأنهم لا يدلون بتعليقات على التحقيقات الجارية. فتراجع موقع ليكسس نيكسس لقواعد البيانات، وتجد تقارير في الصحف تفيد بأن شرطة العاصمة كانت تستعين بضباط شرطة سريين للقبض على رجال يجتذبون النساء لممارسة الدعارة في مناطق معينة من المدينة. وورد على لسان قائد شرطة الآداب قوله: «إن القبض على زبائن العاهرات هو أفضل وسيلة لإيقاف الاتِّجار بالجنس.»
في ولايتك، سجلات نفقات الموظفين العموميين هي سجلات عامة يحق للجمهور الاطلاع عليها؛ لذا تطلب أن ترى سجلات النفقات الخاصة بالزيارات القليلة الماضية التي قام بها الرئيس للعاصمة. تُظهر فاتورة الفندق الخاصة به العديد من المكالمات التي وُضِعَ عليها خطوط سوداء. يقول موظفو الجامعة إن هذه كانت على ما يبدو مكالمات شخصية، وإن الرئيس قد رد إلى الجامعة المال المدفوع فيها.
يمكنك أن تتبين أرقام الهاتف. تشير المراجعات إلى أن رقمين منها يخصان خدمة تدليك «دلايتفول تاتش». فتجري بحثًا على شبكة الإنترنت، وتتوصل إلى الصفحة الرئيسية الخاصة بخدمة «دلايتفول تاتش» على شبكة الإنترنت. تقول صفحة خدمة التدليك هذه إن طاقم العاملين لديها «جميعه من الفتيات»، وبها صور لنساء لا يستر أجسادهن إلا القليل من الثياب. وهناك رسالة مكتوبة بحروف صغيرة تقول: «مُدَلِّكاتنا هن متعاقدات مستقلات، والمقابل الذي تدفعه لنا يشمل تدليكًا أساسيًّا، وأي خدمات علاجية أخرى يمكن التفاوض بشأنها مع المُدَلِّكة.»
تَحْصُل على بيانات المصروفات عن رحلة أخرى قام بها الرئيس على نفقة الجامعة، أغلبها يتضمن مكالمات — كلها رُدَّت قيمتها إلى الجامعة — أُجريت مع وكالات للتدليك مسماة بأسماء مثل «دايفان ريلاكساشن» و«توتال بليجر ماساج».
تواجه رئيس الجامعة بما علمت؛ فيقول إنه يعاني من آلام بالظهر، وإنه يشعر بألم شديد بعد قيادة السيارة لفترة طويلة أو بعد رحلة بالطائرة. كما يقول إنه يتلقى تدليكًا في غرفته حتى يتسنى له النوم. كما يوضح قائلًا: «كل ما أحصل عليه هو التدليك، وجدتُ رقم الهاتف في دليل الهاتف المحلي، واتصلتُ للحصول على جلسة تدليك. إن كان أيٍّ من هذه الوكالات ينخرط في أنواع أخرى من الأمور، فلا علم لي بها.»
تتصل برئيسة مجلس أعضاء هيئة التدريس؛ فتقول إنها تشعر بالصدمة، وتشير قائلة: «إن تلك ليست الطريقة التي ينبغي أن يمثل بها رئيسٌ الجامعة. الدعارة انتهاك للقانون والآداب العامة، وهي خيانة لعهود زواجه. إنني آمل أن تكون معلوماتك خاطئة. إن كنت مصيبًا، فإنني على يقين من أن المجلس سيمرر قرارًا يؤدي إلى «سحب الثقة». إننا نتوقع ما هو أفضل من ذلك ممن يشغل منصب رئيس الجامعة.»
يستشيط رئيس مجلس الطلاب غضبًا منك عندما تخبره عن الأمر، ويقول: «إنه رجل رائع، ورئيس رائع. إنني لا أصدق أنه ارتكب أي خطأ، وحتى إن فعل، فإن ما يقترفه أثناء وقته الخاص هو شأنه هو وحده. لماذا تريد أن تتسبب في الحرج للرجل وعائلته؟»
طبِّق صندوق بوتر، وقرر إذا كنت ستستمر في نقل هذا الخبر وستتناوله.
-
الجزء الثاني: يتعقب مراسلٌ يعمل لحساب صحيفتك المُدَلِّكةَ التي زارت غرفة الرجل
في إحدى المرات. تقول المدلكة — مشترطةً الحفاظ على سرية هويتها — إن
نساء كثيرات لم يُرِدْن أن يقدِّمن له الخدمة؛ لأنه يريد «ممارسةً
جنسيةً غيرَ تقليدية»، وتصف ذلك بتعبيرات جنسية فجة.
إذا لم تكن قد استخدمت الخبر سابقًا، هل ستتناوله الآن؟ وإن كنت قد تناولت الخبر بالفعل، هل ستُجري متابعة إخبارية حول المقابلة مع فتاة الهَوى؟ هل ستُدْرِج الإشارات إلى الممارسة الجنسية غير التقليدية؟ (قرارات الصحيفة موجودة في نهاية الكتاب.)
(٤-٢) سيناريو خصوصية الشخصيات العامة الثاني: ماضي الساسة
أنت بصدد إعداد خبرين بصفتك مراسلًا صحفيًّا ذا مهام عامة: يُعْثَر على محامية في الثالثة والأربعين من عمرها ميتةً وفي حقيبتها بعض أقراص الدواء المسكنة للألم التي يستلزم صرفها وصفة طبية. الطبيب الشرعي في طور التحقيق في الأمر. أثناء جمعك لمعلومات أساسية لخبرك، تعرف اسم كلية الحقوق التي درستْ بها وتعرف معلومات عن طبيعة عملها الخاص. وتكتشف أيضًا أنها قبل ١٢ عامًا، كانت مدَّعِيَة عامة بارزة، وفُصِلَت بعدما قُبض عليها بتهمة القيادة مخمورة، ولرفضها الخضوع لاختبار التنفس، حسب خبر في صحيفتك في ذلك الوقت.
الخبر الآخر بدا معتادًا؛ فقد أقر مجلس المدينة تعيين العمدة لعضوين بمجلس المكتبة، ولكنَّ فحصًا سريعًا لملفات صحيفتك يكشف عن حقيقةٍ مفادها أنه منذ ثمانية أعوام دفع أحدهما بعدم الاعتراض (وهو ما يعني أن المدعى عليه يدفع بكونه غير مذنب ولكنه لا يعترض على التهم الموجهة إليه) على تهمة التحريض على الدعارة، وقام بخدمة المجتمع حسبما حُكِم عليه، وشُطِبَت التهم الموجهة إليه من سجله الجنائي.
هل تُدْرِج هذه التفاصيل من ماضي الأشخاص في الخبرين اللذين تُعدهما؟ (قرارات الصحيفة في نهاية الكتاب.)
(٤-٣) سيناريو خصوصية الشخصيات العامة الثالث: رئيس مجلس المدرسة ينشر إعلانًا شخصيًّا
يُنْتَخَب رجل أعزب يمتلك متجرًا للأنتيكات لمجلس مدرسة محلية في مدينة متوسطة الكثافة السكانية من مدن ولايات الجنوب القديم (وهي ولايات فيرجينيا وماريلاند وكارولاينا الشمالية وكارولاينا الجنوبية، وجورجيا التي كانت ضمن الولايات الثلاث عشرة في حقبة الاستعمار البريطاني). واكتسب سمعة بوصفه من يعمل على إحداث توافق في الآراء في المجلس، ويقود الكثير من المبادرات لتحسين جودة المدارس.
عندما يترشح للانتخابات، يتبرع تاجر سيارات محلي بمبلغ ١٠ آلاف دولار لمنافسه، وهو مبلغ كبير بالنسبة لسباق انتخابات مجلس مدرسة. يُستخدَم جزء كبير من المال لإثارة تساؤلات بشأن هل الرجل مثلي الجنس أم لا؟ ومع ذلك، يُعاد انتخابه لمجلس المدرسة بفارق ضئيل، ويرى مراقبون كثيرون أن الحملة المعارضة جاءت بنتيجة عكسية، وحولت الناخبين إلى جانبه.
ونظرًا لقدرة الرجل على جعل أعضاء مجلس المدرسة يعملون معًا، انتُخِب رئيسًا لمجلس المدرسة. يدير الرجل الاجتماعات، ويلعب دورًا كبيرًا في وضع جدول الأعمال. وأيضًا يصبح شخصية ظاهرة للعيان جدًّا في المجتمع المحلي؛ فكلما عرضت المحطات التليفزيونية أو صحيفة خبرًا عن المدارس، كان هو الرجل الذي يمثل مواقف مجلس المدرسة. وهذا المنصب هو عمل بدوام جزئي، ويُدِر ١١ ألف دولار في العام.
وخوفًا من احتمال أن منافسًا سياسيًّا يدبر له مكيدة بوضع صورته على ذلك الموقع، تتصل بالرجل. فيقر بأنه وضع الإعلان منذ بضعة أيام، ويعترف قائلًا: «لقد كان تصرفًا أحمق من جانبي.» بعد لحظات، تعاود الولوج إلى الموقع لتتأكد من أن التفاصيل التي لديك صحيحة، وتجد أن صفحته قد مُحيت مسبقًا. ومن حسن الطالع فيما يتعلق بخبرك، أنك كنت قد حفظت نسخة من صفحته في زيارتك الأولى للموقع.
تُجري اتصالًا هاتفيًّا بعضو آخر لمجلس المدرسة، وعندما تخبره عن الصورة والتفاصيل الأخرى تجده يتلعثم؛ إذ لا يجد ما يقوله. بعد ذلك يخبرك قائلًا: «يا له من أمر مخزٍ، لقد كنا أنا وهو زميلين وصديقين منذ أصبح عضوًا في المجلس. إن للناس الحرية في فعل ما يريدون فعله، ولكن عندما تكون مسئولًا عامًّا، فإن العامة يعرفون بأمرك … كان وقع الخبر عليَّ كالصاعقة.»
الساعة الآن ٩:٣٠ مساءً، وسيكون عليك أن تقرر إن كنت ستعرض الخبر على محررك أو على مدير الأخبار، كما ستكون بحاجة لأن تقرر إلى أي مدًى تريد القتال من أجل أن يُقَص خبرك على الناس.
تأمَّل الخطوات الموجودة في صندوق بوتر وفي مدونة القواعد الأخلاقية الخاصة بجمعية الصحفيين المحترفين، واستعد للدفاع عن قراراتك. (قرارات الصحيفة موجودة في نهاية الكتاب.)
(٤-٤) سيناريو خصوصية الشخصيات العامة الرابع: تصريح عنصري
أنت مراسل في مدينة جنوبية، وتخوض مدينتك سباقًا محتدمًا لانتخاب عمدة جديد. أحد المرشحين في الأعوام الأخيرة من العقد السابع من عمره، ومرتبط ارتباطًا وثيقًا بمراكز القوى التقليدية بالمدينة، ويمتلك شركة تجارية محلية معروفة. وبالكاد فاز الرجل في الانتخابات الأولية لحزبه. المرشح الآخر هو محامٍ يريد أن يجمع أطياف المجتمع المحلي و«بدء صفحة جديدة».
قبل أقل من أسبوع على الانتخابات، تقول سيدة إنها كانت في حفل منذ شهور عدة مع المرشح الأكبر سنًّا. وتقول إنه أخبرها بأن «النساء لا ينبغي أن يتولين مناصب عامةً». وبعد ذلك استخدم كلمة «زنجي» في مناقشة مشكلات في منطقة شاسعة من المدينة يقطنها الأمريكيون من أصل أفريقي. أنت تعرف أن خبرًا كهذا يمكن أن يكون له تأثير هائل على الناخبين. عندما تسأل المرشح، يقول إنه لم يستخدم ذلك التعبير منذ كان في السنة الأولى بالمدرسة، ووقتها انتهرته خادمة الأسرة. ويقول إن التوقيت يشير بوضوح إلى أن هذه «حيلة سياسية قذرة» للقضاء على ترشحه.
-
الجزء الأول: الشخص الذي يخبرك عن المحادثة لا يريدك أن تستخدم اسمه. على
الرغم من خسارته في الانتخابات الأولية أمام الرجل الأكبر
سنًّا، فإنه يعتقد أن أمامه مستقبلًا سياسيًّا متألقًا. إذا
عرف الحزب أنه هو مصدر خبرك، فإن مستقبله السياسي سيصبح في
خطر، ولكنه يشعر بالقلق من أن يساعد حزبه على انتخاب شخص
متعصب.
لديك أمران عليك أن تتخذ قرارًا بشأنهما: هل ستستخدم الخبر؟ وهل ستَعِد بعدم الكشف عن هوية مصدرك؟
-
الجزء الثاني: تعلن الأمر عضوة حالية في مجلس المدينة، وهذه العضوة هي مؤيدة
نشطة لمنافس الرجل الأكبر سنًّا، وهي مثلية الجنس مجاهرةٌ
بمثليتها، وناشطة نسائية مؤيدة لحقوق المرأة، وقالت إنها أُصيبت
بالصدمة عندما هاجم الرجل الأكبر سنًّا كلًّا من النساء
والأمريكيين من أصل أفريقي. كانت المرة الأولى التي تتحدث فيها
إليه، ولم يكن قد أعلن بعدُ عن ترشحه لمنصب العمدة. قالت إنها
تقدمت الآن لأن المنافسة كانت متكافئة إلى حد أنها رأت أن
الناخبين كانوا بحاجة لأن يعرفوا أن أحد المرشحين عنصري ومتحيز
جنسيًّا.
لديك رواية منفردة دون شهود. يتذكر المرشح الأكبر سنًّا أنه التقى بها في الحفل لكنه ينكر إنكارًا شديدًا إدلاءه بالتصريحات. قالت السيدة إنهما كانا يتكلمان على انفراد؛ لذا لا يمكن لأحد أن يشهد على صحة المحادثة. تُجري العديد من المكالمات، ولكن لا يمكنك الوصول إلى أي شخص يقول إنه قد سمع الرجل يتفوه بألفاظ عنصرية.
هل ستستخدم الخبر؟ (قرارات الصحيفة في نهاية الكتاب.)