المصورون الفوتوغرافيون والتعاطف
عندما استعرضتْ ناقدة تعمل لحساب صحيفة «ذا دنفر بوست» معرضًا للصور الإخبارية التي فازت بجوائز بوليتزر، حذرت القراء بقولها: «لا تتوقعوا الكثير من لحظات الانفعالات العاطفية المؤثرة التي تصلح لأن تُلتقط في صورة فوتوغرافية. الانتصارات الأوليمبية واجتماعات التئام الشمل المفعمة بالفرح موجودة بالفعل ضمن مزيج الصور، ولكن الصور الفوتوغرافية الفائزة بجوائز بوليتزر، على وجه العموم، ليست صورًا جذابة.»
ها هي لحظات، بالأبيض والأسود وبالألوان، حاسمة تظهر مأساة محلية وعالمية: حروب، مجاعات، حرائق، كوارث طبيعية، أزمات، جرائم … ها هو رجل من قبيلة الزولو تشتعل فيه النيران، وساطور مغروس في جمجمته المتأججة … ها هي امرأة شابة في مدينة نيروبي بعد تعرضها لختان قسري. ها هي سفينة أندريا دوريا وهي تغرق، والأم المدمنة للمخدرات تهدهد ابنتها، والزوج والزوجة على الشاطئ بعد أن جرفت الأمواج رضيعهما الذي ما كاد يبدأ يتعلم المشي. ها هي الطفلة السودانية الجَوْعَى وطائر آكل للجيف واقفٌ يتربص خلفها.
كان للصور — وتحديدًا الصور الصادمة — الملتقطة على يد مصوري الصحف الفوتوغرافيين وأطقم الأخبار التليفزيونية تأثير هائل على المجتمع؛ فقد تأثرت بها مواقف الأمريكيين تجاه الحروب؛ فصورة لرفع العلم على قمة جبل على جزيرة آيوو جيما اليابانية أثناء الحرب العالمية الثانية قد رفعت الروح المعنوية لدى المواطنين الأمريكيين في الديار. وأثناء حرب فيتنام، صدمت مشاعرَ الأمريكيين مشاهدُ طفلة صغيرة تهرب من قرية، وملابسها محترقة جراء قنابل النابالم، وضابط فيتنامي يطلق النار على مدني في جانب رأسه من مسافة قريبة جدًّا، ورهبان بوذيين يشعلون النار في أنفسهم. وتسببت صورة لجندي في قوات الصاعقة البرية الأمريكية وهو يُجَرُّ عبر شوارع مدينة مقديشيو في الصومال في أن يعيد الأمريكيون النظر في الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في شئون العالم. لقد أذهلت ضميرَ العالم صورُ الحروب الأهلية الوحشية في البوسنة وليبيريا، وصور أولئك الذين قُتِلوا جرَّاء إعصار تسونامي في جنوب آسيا، والمجاعات الضخمة في أفريقيا.
(١) صور الحرب والموت
اختبرت مؤسسة مديري تحرير «أسوشيتد برس» ردود أفعال نحو ٢٥٠٠ قارئ وأكثر من ٤٠٠ محرر ومراسل عندما عُرِض عليهم خمس صور مؤثرة، وأدرجت المؤسسة صورة أم تَنوح على أطفال لقُوا حَتْفهم جرَّاء أمواج تسونامي في آسيا، وأربع صور من العراق: أكفان الأفراد العسكريين المكسوَّة بالعلم العائدة من العراق، وموظفو الانتخابات الذين يتعرضون لإطلاق النار عليهم في شوارع العراق، وجندي أمريكي جريح يعتني به جندي آخر، وأمريكي أسير جالس عند أقدام رجال كانوا ينوون قطع رأسه.
كتب راين بيتس، الذي أشرف على الدراسة، أن أشخاصًا كثيرين قالوا إن بعض الصور جعلتهم يشعرون كما لو كانوا يتطفلون على لحظة قُدسيَّة. استدعت صورة الأم النائحة هذه الإجابة: «إن كان طفلك قد قُتِل بطريقة مروعة ما، فهل كنت ستستحث مراسلًا لالتقاط صورة لردة فعل زوجتك؟ وإن كنت لن تفعل، فلماذا تستحق هذا المرأة قدرًا أقل من الاعتبار؟»
يخالجني مشاعر قوية حقًّا حيال هذه الصورة؛ إذ إن لي ابنًا عسكريًّا، لا أود أن أرى جثته في الصحيفة، ولا أن تظل لأعوام عديدة تأخذني على حين غرة كلما تذكرت الأحداث الماضية المتعلقة بالحرب.
وأشار العديد من الناس إلى أن الضرر الذي يمكن أن تلحقه الصورة بالأحباء يفوق أي نفع قد تجلبه؛ لذا كان ٣٠ بالمائة من القراء و٢١ بالمائة من الصحفيين سيبتعدون عن نشرها كليًّا.
وكان البعض مترددًا بشأن عرض جثث الأطفال القتلى. أوضح الصحفيون أن صحفًا كثيرة لديها سياسات مناهضة لاستخدام صور الموتى، على الرغم من أنهم كانوا سيستخدمونها لو كانوا هم القائمين بالمسئولية. اتفق نحو ثلثي الصحفيين و٥٦ بالمائة من القراء على أن الصورة تندرج ضمن الصور التي يجوز نشرها في الصحيفة.
وكان من الشواغل الأخرى التي أُثيرت ما أُطْلِق عليه السؤال الصباحي: «هل كنت سأود لأسرتي أن ترى هذه الصورة على مائدة الإفطار في صباح الغد؟» رأى كلٌّ من الصحفيين والجمهور أن ذلك يُعد من الاعتبارات المهمة. تتعامل بعض الصحف مع هذا السؤال بوضع تنويهات بأخبار تتصل بالصور الموجودة على مواقعها الإلكترونية. تطبع صحف أخرى، مثل «ذا سولت ليك تريبيون»، «تنبيهًا للقراء» على الصفحة الأولى محذرةً إياهم بشأن ماهية الصورة والصفحة التي تظهر فيها.
ربما ليس من المبالغة القول بأن الصحفيين كطائفة سيبنون قرارتهم الأخلاقية استنادًا إلى الواجب على الأرجح؛ فهم يؤمنون بأن من واجبهم إطلاع الناس. وعلى المستوى العام الأوسع نطاقًا، سوف يستند القسم الأكبر من الناس في قراراتهم الأخلاقية على العطف؛ وذلك يعني أنهم سيساورهم القلق إزاء إلحاق الضرر بالأشخاص الذين في الصورة، فضلًا عن جمهور المتلقين الذين قد يشاهدون الصورة.
لم تكن العواقب الأخلاقية والوجدانية هي الاعتبارات الوحيدة التي ذكرها الجمهور والصحفيون في الاستقصاء؛ فقد قال كثيرون إنهم ارتأوا أن القرارات ينبغي أيضًا أن تستند إلى ماهية التأثير السياسي الذي قد تحدثه الصور؛ فرفضوا صورة الأسير الأمريكي لأنها بدت تلبي متطلبات الأنشطة الدعائية للإرهابيين. وذكرت إحدى الصحفيات أن الفيديو أعطاه الإرهابيون لوسائل الإعلام. وقالت: «على نفس النحو الذي يؤثر به نشر صورة علاقات عامة مخادعة مقدمة من جانب مؤسسة تجارية ما على استقلاليتك الصحفية، كذلك يفعل نشر صور يقدمها لك إرهابيون؛ فأنت بذلك تعزز أجندتهم.» أحيانًا ما أدت الشواغل المتعلقة بالتأثير السياسي إلى نتائج مختلفة؛ فصور الأكفان المكسوة بالعلم رُفِضَت من جانب البعض لأنهم قالوا إنها تثير تساؤلات بشأن ضرورة الحرب في العراق، وزعم آخرون أنها كرمت الجنود الذين بذلوا حياتهم فداءً لوطنهم؛ ومن ثَمَّ فإنها رسخت الوطنية.
(٢) صور الحزن
أصبحت صور الأقارب المفجوعين مظهرًا ثابتًا معتادًا لدى منافذ إخبارية كثيرة، ومن المرجح أنها هي التي تنال الجانب الأكبر من الانتقاد من جانب الجمهور، وتثير مناقشات ساخنة فيما بين الصحفيين.
(٢-١) هل الصور ضرورية في نقل الخبر؟
في بعض الأحيان، يقدِّر المحررون ضرورات سرد الخبر مقارنةً بالتأثير الذي سيكون للصورة على أحاسيس القراء، ويقررون أن نشر الصورة هو القرار الصائب. في مدينة هارتفورد، بولاية كونيتيكت، كانت صبية في السابعة من عمرها تحتفل بعيد الرابع من يوليو في رحلة خلوية أسرية هادئة، وبينما كانت تستقل الدراجة الصغيرة (السكوتر) الخاصة بها على ممر للمشاة، دخل مجموعة من الناس في شجار وبدءوا يطلقون النار؛ ضلت إحدى الرصاصات طريقها، وأصابت الصبية الصغيرة في وجهها.
لم تكن هذه هي حالة العنف الأولى في المنطقة، وكان محررو صحيفة «ذا هارتفورد كورانت» بالفعل «يناضلون بشأن كيفية إعداد تقارير عما اعتقدوا أنه كان انتشارًا لموجة من حوادث إطلاق النار» التي لربما كانت متصلة بتعاطي المخدرات، حسبما أوردت إليسا بابيرنو، المحققة في شكاوى القراء لدى الصحيفة. عندما سمع المحررون بحادثة إطلاق النار على الصبية الصغيرة، ارتأوا أنه يمكنهم استخدام هذه المأساة كخطوة أولى من أجل لفت الانتباه إلى هذه المشكلة.
أرسل المحررون مراسلًا ومصورًا إلى المستشفى للتحدث إلى أسرة الصبية؛ فوجد المراسل العديد من أقاربها، وبدأ في إجراء مقابلات معهم. وفي أثناء ذلك، لبث المصور في الخلف، وترك كاميرته بين حقائبهم. وعندما قدَّر أن العائلة كانت تشعر بالارتياح مع المراسل، سأل إن كان بإمكانه التقاط بعض الصور للصبية؛ فوافقوا.
وبينما كان المحررون يتفحصون شريط الصور التي التقطها المصور، استرعت انتباههم الصورة المقربة الملتقطة للصبية التي يظهر فيها أنبوب تنفسها وعيناها وشفتاها المتورمة. قال المحرر براين تولان لبابيرنو إن المحررين سألوا أنفسهم قائلين: «هل هذا تصرف استغلالي أم أنه دليل صادم صارخ على أننا جميعًا في حاجة إلى حل المشكلات التي نواجهها في الحي؟» بعد نقاش مستفيض، قرروا نشر الصورة بحجم كبير في القسم العلوي من الصفحة الأولى.
قال عشرات من القراء إنهم فهموا دوافع الصحيفة من طبع الصورة ونشرها، إلا أنهم لم يعتقدوا أن صورة طفلة مصابة كانت السبيل الأمثل لتسليط الضوء على المشكلة، واعتقدوا أن نشر الصورة كان يفتقر إلى الحس السليم، وينطوي على شيء من الفظاظة، وأنها استغلت ألم الصبية، وانتهكت خصوصية الأسرة.
-
هل للحدث وقع على المجتمع بوجه عام؟
-
هل يوجد اهتمام مجتمعي طاغٍ بالحدث؟
-
هل من شأن الصورة أن تُعزز فهمنا لبعض الجوانب المتعلقة بمجتمعنا، وأن تساعدنا على اتخاذ خيارات مدروسة كمجتمع؟14
(٣) هل ينبغي على الصحفيين معاونة الضحايا؟
كثيرًا ما يواجه الصحفيون — وخاصة المصورين العاملين في الصحف والقنوات التليفزيونية — معضلات أخلاقية أثناء الأحداث الإخبارية؛ فأحيانًا ما يتواجدون في موقع الحدث قبل أو مع وصول فرق الاستجابة للطوارئ. وعادةً ما يكون هناك أشخاص بحاجة للمساعدة. الجانب الإنساني لدى الصحفيين يشجعهم على أخذ زمام المبادرة والمساعدة. ومع ذلك، فإن مسئوليتهم المهنية هي إحاطة الجمهور علمًا بالكارثة.
التعارض بين المسئوليات ثقيل الوطأة على المصورين بخاصة؛ فالمراسلون يمكنهم أن ينحُّوا جانبًا دفتر الملاحظات لبضع دقائق ثم العودة للعمل، ولديهم وقت لاستجماع أفكارهم واتخاذ قرار بشأن ما يتعين إدراجه وما يتعين استبعاده من أخبارهم. وعلى العكس من ذلك، قد لا يمتلك المصورون إلا فرصة واحدة فقط لالتقاط الصورة؛ فيجب عليهم أن يتفاعلوا مع الأمر على الفور، وإذا فاتتهم صورة، فإنها تكون قد فُقدت إلى الأبد. وعادةً ما يكون الأمر أكثر صعوبة على الأطقم الإخبارية التليفزيونية؛ إذ إنه في مقدور مصوري الصحف اتباع القاعدة البديهية التالية: «احصل على الصور، ودع المحررين يقررون لاحقًا ما يمكنهم فعله بها.» قد لا يملك مصورو التليفزيون ذلك الترف؛ فعادة ما تُبَث لقطاتهم على الهواء.
لسنوات عديدة، عرَّف الصحفيون الموضوعية بأنها تعني كونهم في الأصل مراقبين للأحداث الإخبارية غير مشاركين فيها. إبَّان حرب فيتنام في ستينيات القرن الماضي، ذهبت أطقم الكاميرات التليفزيونية إلى الاحتجاجات، التي عُرِض كثير منها على وسائل الإعلام الغربية، وصوروا إشعال الرهبان البوذيين النار في أنفسهم والموت حرقًا. ورغم بشاعة هذا المشهد، لم يبذل أيٌّ من المصورين جهدًا لوقف الانتحار، ولعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة — بالنظر إلى درجة الانتقادات التي يتعرض لها الإعلام في الوقت الحاضر — هو أن المصورين لم يتلقوا انتقادًا يُذْكَر أو لم يتلقوا انتقادًا على الإطلاق من الجمهور الأمريكي. كان الفكر السائد في ذلك العهد أن مهنة المصور هي تسجيل الأخبار، وليس التدخل فيها.
(٣-١) صحفي أم عامل إنقاذ؟
عادةً ما لا تكون القرارات التي يواجهها الصحفيون عند الكوارث بنفس بساطة تلك القرارات التي واجهها ميريفيلد وديفيتو؛ فبينما كانت ريتشل سمولكين تكتب في مجلة «أمريكان جورناليزم ريفيو»، أشارت إلى تجربة مراسلة صحيفة «ذا واشنطن بوست» آن هال، التي أجرت مقابلة مع امرأة بلا مأوى وحفيدها الجائع ذي الستة أعوام العالقَيْن في طريق متفرع من أحد الطرق السريعة بين الولايات بعدما ضرب إعصار كاترينا ولاية نيو أورلينز. قالت هال إنها انتهجت الإطار الأخلاقي الخاص بها؛ وهو أنه أثناء تغطية الكوارث «يجب أن نحاول أن نتذكر أننا صحفيون نسعى لتغطية خبر. ذاك هو دورنا في العالم، وإذا ما أحسنَّا أداءه، فإننا نكون بلا شك قد قدمنا خدمة فريدة: وهي مساعدة العالم في فهم أمر ما على حقيقته.»
إلا أن هال أصيبت بتضارب في الأفكار والمشاعر عندما سألتها الجدة عما إذا كان بمقدورها أن تصطحبها هي وحفيدها إلى مدينة باتون روج، حيث يمكنهما أن يجدا المساعدة. كانت هال تعرف أنهما لم يكونا يملكان مكانًا ليناما فيه تلك الليلة. تساءلت هال: «كيف يمكنك أن تشرح ذلك لشخص ما، لماذا ليس في مقدورك أن تصطحبَهما إلى مأوى؟» لو ساعدت هال في إنقاذ الجدة وحفيدها، فمن شأن هذا أن يغير الخبر الذي نوتْ أن تكتبه عنهما. أوضحت هال قائلة: «إنني عادةً ما أُرَكِّز على فرد عالق في موقف ما، ودوري هو توثيق كيفية توصله إلى سبيل للخروج منه والمشاعر التي تصاحبه وهو يفعل ذلك.» كانت هال مشتتة بين أمرين: فقد كانت تود أن تقدم لهما العون، ولكن مبادئها الصحفية أَمْلَت عليها ألا تفعل؛ فاتصلت بمحررها كي يرشدها ماذا تفعل. قالت له: «إنني أتعرض لصراع داخلي في موقفي هذا.» وأوضحت أن محررها ذكرها قائلًا: «أنتِ لستِ عاملة إغاثة ولا عاملة إنقاذ.»
حسب سمولكين، استمرت هال في إعطاء مياه وقوالب حلوى باور بار ومناديل مبللة للناجيَيْن اللذين كانا يناضلان للبقاء على قيد الحياة. وسمحت لعدد لا يُحصى من الناس باستخدام هاتفها الخلوي للاتصال بأقاربهما. ولكنها انتهت إلى أنه ما دامت مفكرتها مفتوحة وما دامت لا تزال تجمع الوقائع، لم يكن في مقدورها إنقاذ أي شخص بإخراجه في السيارة من مدينة نيو أورلينز. قالت هال: «إن ذلك على ما يبدو يتجاوز حد أداء صحفي واجبه.» في وقت لاحق، وبينما كانت هال تجلس أسفل جسر علوي على طريق بين الولايات تكتب الخبر الذي كانت بصدده على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بها، سألها عامل طبي عما إذا كانت على ما يرام؟ فدلته على الجدة وقالت له: «إنها تحتاج إلى مساعدتك.» فاصطحب العامل الطبي الجدة وحفيدها إلى مأوًى في إقليم شمال لويزيانا. قالت هال ناصحةً: «إن كان في مقدورك تقديم أي نوع من المساعدة، فعليك أن تفعل بكل ما تملك من وسائل.»
أجرت سمولكين لقاءات مع مراسلين آخرين لأجل مقالها في مجلة «أمريكان جورناليزم ريفيو». في اليوم الذي تلا العاصفة، كان براين ثيفنوت والمصور تيد جاكسون، من صحيفة «ذا تايمز بيكايون» التي تصدر من مدينة نيو أورلينز، في قارب في المنطقة الأكثر تضررًا في المدينة. أوضح ثيفنوت قائلًا: «كان كل منا يؤدي مهمته، كنا نسجل ما نراه تسجيلًا زمنيًّا، ولكن إذا احتاج شخص ما لتوصيلة بالقارب كنا نُقِلُّه. لم يشكل الأمر عائقًا لي عن مهمتي؛ فقد أمضيت ٩٨ بالمائة من وقتي أُؤدي عملًا صحفيًّا صرفًا وأدع الأشخاص الآخرين يؤدون المهام التي تواجدوا هناك من أجل إنجازها.»
عادةً لا يعي الجمهور هذا الدور المنوط به الصحفيون. قال المحقق في شكاوى القراء في شبكة الإذاعة الوطنية العامة إن شبكته غُمِرَت بمكالمات من مستمعين أرادوا أن يعرفوا السبب في أن الشبكة لم تُحِلْ نظام الاتصالات الخاص بها إلى السلطات التي كان نظامها قد قُضي عليه جرَّاء إعصار كاترينا. وتساءل آخرون: إذا كان في مقدور الشبكات التليفزيونية حشد مئات العاملين للبث من مدينة نيو أورلينز؛ فلماذا لم يكن بإمكانهم نقل الطعام والماء جوًّا إلى ملعب «سوبردوم» فحسب؟ لقد افترضوا على ما يبدو أن وسائل الإعلام يمكنها أن تنجح في إنجاز مهمة عجز الحرس الوطني عن الاضطلاع بها. فهم بول مكماسترز من مؤسسة منتدى الحريات «ذا فريدوم فورَم» فحوى أسئلتهم؛ فقد قال: «يبتعد الصحفيون عن الصراع ليخدموا الإنسانية على صعيد مختلف. وإلى الآن عجز الصحفيون عمومًا عن توضيح تلك النقطة للشعب الأمريكي.»