شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل
حدثني محمد بن إبراهيم الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي، قال: حدثنا
الزباري، قال: حدثنا الشرقي بن قطامي، قال: قالت أخت جساس، وهي امرأة كليب الذي قتله
جساس،
وجاءت لتدخل إلى مأتم زوجها كليب. وكانت أخته قد أقامت عليه مأتمًا فمنعتها من الدخول،
وقالت قتل أخوك أخي، فقالت أخت جساس …
وحدثني علي بن هارون، قال: حدثني عمي يحيى بن علي، قال: حدثني أبو هفان، قال: قالت:
جليلة
بنت مرة بن ذهل بن شيبان امرأة كليب بن ربيعة:
يابنة الأقوام إن لمتِ فلا
تَعْجَلي باللوْم حتى تسألي
فإذا أنْتِ تبينت التي
عندَها اللوْم فلومي واعذلي
إن تكن أختُ امرئ لِيمتْ على
جَزَعٍ منها عليه فافْعَلي
ويُروى: ليمت على شفق منها.
فِعلُ جسَّاسٍ على وجدي به
قاطعٌ ظهري ومُفْنٍ أجلي
لو بعينٍ غَيرِ عَيْني انفقأت
عيني اليمنى إذَنْ لم أحْفِلِ
أيْتَمَ المجدَ كليب وحدَه
واستوى العالي معًا بالأسفلِ
من لحكْمِ الناس في حَيْرَتهم
وَقِرى الأضياف يوم البزَّلِ
ولإصلاحٍ وإفسادٍ معًا
في صدى الرمح وَرِيِّ المنصلِ
جَلَّ عندي فِعْلُ جسَّاس فيا
حسرتي عما انجلت أو تنجلي
ياقتيلًا خرَّبَ الدهرُ به
سقف َبيتي جميعًا مِنْ عَلِ
هَدَمَ البيتَ الذي استحدثتُه
وبدا في هدم بيتي الأولِ
ورماني قتله من كثَبٍ
رميةَ المصمْي به المستأصِلِ
يا نسائي دونكن اليومَ قد
خصَّني الدهر بأمرٍ معضِلِ
خصَّني قَتْلُ كليبٍ بلظًى
من ورائي ولظًى مستَقبِلي
ليْسَ من يبكي ليوميه كمن
إنما يبكي ليومٍ بجلِ
دَرك الثائر شافيه وفي
دَرَكِ الثاثرِ قتْلٌ مُثْكلي
ليْتهُ كان دمي فاحتلبوا
بدلًا منه دمًا من أكحلي
إنني قاتلةٌ مقتولةٌ
ولعلَّ الله أن يرتاح لي
وجدت بخط حرمي بن أبي العلاء قال: محمد بن خلف بن المرزبان: بأن هذه الأبيات لفاطمة
بنت
ربيعة بنت الحارث بن مرة، أخت كليب ومهلهل ابني ربيعة التغلبيين، ترثي أخاها كليبًا،
وقتله
زوجها جساس.
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: أخبرنا سعدان بن
المبارك
عن أبي عبيدة، قال: لما كان يوم ذي قار نادت بنت القرين الشيبانية:
وَيْهًا بني شيبانَ صفًّا بعدَ صفْ
إن تُهزَموا يُصبغوا فينا القلفْ
حدثني أحمد بن عبد الله، وعبد الله بن يحيى العسكريان، قالا: حدثنا العنزي، قال حدثنا
عمر
بن عبيدة، قال حدثني مدرك بن عامر الحارثي، قال: كانت امرأة من بني شيبان ناكحًا في بني
يشكر، فخلت يومًا، فسمعها زوجها تقول:
أصبحت في آل الشقيق غريبةً
عليَّ الذي لا عيبَ فيه معيبُ
وأن زمانًا ردَّني في عشيرتي
إليَّ، وإن لم أرْجُه لحبيبُ
قال: فردها الى قومها.
أخبرنا ابن دريد، قال أخبرنا أحمد بن عيسى عن ابن أبي خالد، عن الهيثم بن عدي، قال:
كان
يزيد بن قرة الشيباني شديدًا منيعًا، وكان يرى رأي الخوارج، ولم يكن يخشى عمال العراق،
فغاظ
ذلك الحجاج وأبلغ إليه، فكتب عبد الملك — يخبره بذلك — فكتب إليه: أن أحتل له، فإن قدرت
عليه، فاضرب عنقه. فدعا الحجاج يزيد بن رويم وجرير بن يزيد، فأكرمهما وأدناهما، وقال
ليزيد:
لك شرط العراق، ولجرير ديوان الخرج، إن أنتما أتيتماني بيزيد بن قرة. فركبا جميعًا إلى
يزيد
فقالا له: إن الأمير قد غضب عليك، وإنا نخاف أن ينال غضبه جميع قومك فاركب إليه قال:
لا
أفعل، إنه إن نظر إلي قتلني. فقالا له: ما هو بفاعل — إن شاء الله — ولا بد من أن تركب
معنا، فلبس ثيابًا بيضًا، وتهيأ للقتل وركب وخرج نساؤه حتى أتين باب الحجاج، فلما أدخل
عليه
قال له الحجاج: أنت يزيد بن قرة؟ قال: نعم. قال: قتلني الله إن لم أقتلك. قال نشدتك الله
أيها الأمير أن تقتلني؛ فإني قيم أربع وعشرين امرأة، ليس لهن قيم سواي. قال: ومن يعلم
ذلك؟
قال: هن بالباب. فأمر بإدخالهن، فكل واحدة تقول: اقتلني ودعه. فيقول: من أنتِ؟ فتقول:
عمته،
أو خالته، أو بنته، أو بنت أخ، أو بنت أخت، حتى اجتمعن بين يديه قيامًا، فقالت
ابنته:
أحجَّاجُ إما أن تمُنَّ بنعمةٍ
علينا وإما أن تُقتلنا معا
أحجَّاجُ كم تفجع به إن قتلته
ثماني عشر واثنتين وأربعا
أحجَّاجُ لو تسمع بكاءَ نسائه
وعماتِه يندبنه الليلَ أجمعا
أحجاجُ من هذا يقومُ مقامَهُ
علينا، فمهلًا لاتزدنا تَضَعْضعا
أحجَّاجُ هَبْهُ اليومَ للهِ وحده
وللباكيات الضارخات تفجُّعا
فرقَّ لها الحجاج وبكى، وكتب في أمره إلى عبد الملك — يصف ما جرى — فكتب إليه: إن
كان
حقًّا فاعف عنه، وألحق عياله في العطاء، ففعل.
أخبرني محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي: أن جارية لهمام بن مرة
بن
ذهل بن شيبان قالت له:
أهمَّامُ بن مرةَ حنَّ قلبي
إلى اللاتي يكنَّ مع الرجالِ
قال: يا فساق أردت صفيحة ماضية فقالت:
أهمَّامُ بن مرةَ حنَّ قلبي
إلى صلعاء مُشرِفةِ القذالِ
قال: يا فجار! أردت بيضة حصينة ماضية، فقالت:
أهمَّامُ بن مرةَ حَنَّ قلبي
إلى (…) أسُدُّ بهِ مبالي
قال فقتلها.
وحدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا الحارس بن أبي أسامة، قال: كان رجل من العرب،
وكان له ثلاث بنات يأبى أن يزوجهن فعنسن في بيته، فشكت كل واحدة منهن إلى صاحبتها شوقها
إلى
الرجال، فقالت الكبرى: أنا أكفيكن، فكتبت إلى أبيها:
أهمامُ بن مرة حنَّ قلبي
إلى اللاتي يكنَّ مع الرجال
فاشترى لها سيفًا وبعث به إليها، وقال: هذا يكون مع الرجال، فقالت لها الوسطى: ما
صنعت
شيئًا فضحتِنا، ولكن أنا أخاطبه فكتبت إليه:
أهمام بن مرة حن قلبي
إلى صلعاء مشرفةِ القذالِ
فاشترى لها بيضة، وبعث بها إليها، فقالت الصغرى: قبحكن الله ما صنعتن شيئًا، ولكني
سأصرح
له، فكتبت إليه:
أهمام بن مرة حنَّ قلبي
إلى (…) أسدُّ به مبالي
فزوجهن ثلاثتهن.
أخبرني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثنا أبو أمية الخصيب، قال: حدثنا شباب العصفري
عن
إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثتي عاصم بن الحدثان، قال: حدثني حبيب بن خدرة الهلالي، قال:
ما
رأيت امرأة أشد كمدًا من امرأة بني شيبان، قُتِل أبوها، وأخوها، وزوجها، وابنها، وعماها،
وخالاها مع الضحاك بن قيس الخارجي في أيام مروان بن محمد، فعاشت بعد قتل الضحاك فما رقأت
لها عين، ولا رأيتها ضاحكة ولا مبتسمة، وقالت:
من لقلبٍ شفَّه الحزَنُ
ولنفسٍ ما لها سكنُ
ظعنَ الأبرار فارتحلوا
خيرهم من معشرٍ ظعنوا
معشرٌ قضَّوا نحوبهمُ
كلُّ ما قد قدَّموا حسنُ
صبروا عند السيوف فلم
ينكلوا عنها ولا جَبُنوا
فتيةٌ باعوا نفوسَهمُ
لا وربِّ البيت ما غُبِنوا
ابتغوا مرضاةَ رَبِهم
حين مات الدينُ والسنَن
فأصابَ القوم ما طلبوا
بعدما هَدَّتْهم الفِتَن
وروى أبو تمام الطائي في الحماسة لامرأة من بني شيبان:
وقالوا: ماجدًا منكم قتلنا
كذاك الرمح يَكلف بالكريمِ
بعين أباغَ قاسمنا المنايا
فكانَ قسِيمها خيرَ القسيمِ
روى أحمد بن الحارث الخزار عن المدائني: أن مليكة الشيبانية قالت ترثي الضحاك بن قيس
الخارجي وأصحابه:
قولي مُليك: عليكِ بالصبرِ
تستوجبين فضائلَ الأجر
قولي فإنكِ غير كاذبةٍ
يا عدتي لنوائب الدَّهرِ
أورَثتي كمدًا يؤرقني
وتلهُّفًا وحرارةَ الصدرِ
ومرارةً في العيش دائمةً
وحرارةً كحرارةِ الجَمْرِ
ذهبَ الذي قد كانَ يأمرنا
بالخير والمعروفِ والذِكر
قال: وقالت ترثي أخاها:
مَنْ لجاراتكَ الضعافِ إذا حل بها نازلٌ من الحدثان؟
مَنْ لضيف ينتابُ في ظلمةِ الليلِ إذا مَلَّ منزل الضيفانِ؟
سوفَ أبكي عليكَ ما سمعت أذنايَ يومًا تلاوةَ الفرقانِ
أينَ من يحفظ القرابة والصِّهرَ ويؤتى لحاجةِ اللهفانِ؟
ويحوط المولى ويصطنع الخيرَ ويجزي الإحسانَ بالإحسانِ
ويكفُّ الأذى ويبتذل المعروفَ سَمحَ اليدين سبط البنانِ
قال: وقالت أيضًا ترثيه:
يا عَين جودي بالدموع بواكفٍ حتى المماتِ
قولا لمن حضَر الحروب من النساء الشاريات
أمسين بعد غضارةٍ ونعيم عيشٍ مثبتات
من بعد عيشٍ ناعم صارتْ عظامهم رفاتِ
وإذا المنيَّةُ أقبلتْ لم تغنْ أقوال الرُّقاة
كنت المؤمَّل والمُرجَّى في الأمور المعضِلات
كنت المؤامرَ والمؤازرَ والمطالِبَ للترات
قال: وقالت أيضًا ترثي عمها:
أصَبرت عن عمي الذي
قد كان بالمعروف آمرْ؟
أصَبرت عن عمي الذي
كان المؤامرَ والمؤازِرْ؟
إخوانهُ النَّفر الشراةُ
ذوو الفضيلة والبصائرْ
يا عم كنتَ لسان قَومِك
حين يجتمعُ المعاشِرْ
فلأبْكِينَّك بالغداة
وبالأصائل والهواجرْ
ولئن بكيت لقد رزئتُ
بفارسٍ بطلٍ مغاورْ
قال: ولها أيضًا ترثيه:
ما بال دمْعك يا مليكَةُ جارٍ
أم ما لقلبك لا يَقرُّ قرار؟
أم ما لنفسِك ليس يسكنُ حزْنها
ليلًا، وليس نهارها بنهار؟
جَزعًا على من كان يجمع شملنا
ونعِدُّه لنوائب وعَثَار
لو كنت أملك دفع ذلك لم تكن
يا عمِّ بين نضائدٍ وغُبار
ألقيتُ جلبابي لعِظم رزيتي
وبرزْتُ سافرةً بغير خِمار
زُرت المقابر كي أسَلي عبرتي
هيهات ممن زرت بعْد مَزار
فَلتبكِ نسوانُ الشُراةِ بعبرةٍ
عند الحروب وكل كهل شاري
وليبكه المولى، وطالبُ حاجةٍ
عند العِشاءِ، وكلَّ ضيفٍ طاري
أين الذين إذا ذكرت فعالهم
عرفوا بحسن عفافَةٍ ووقارِ؟
أين الذين إذا أتاهم سائلٌ
بذلوا له أموالهم بيسار؟
أين الذين إذا ذكرنا دينهم؟
قالت عشائرهم: همُ الأخيارُ
قال: وقالت أيضًا:
أبكي المغيَّب في الثرى
بين النضائد والصفائح
أبكي وحقَّ لي البكاء
مع الغوادي والروائحْ
فلأبكينك ما غدت شمسٌ
وما جرت البوارح
من ذا يُرجَّى للنصيحة
حين تُعتقد النصائح؟
أم من يُرجَّى للقريب
ومن يكون لكل نازح؟
أم من يؤمَّل لليتيم
وكل ذي غربٍ ونائح؟
أم من يعمُّ صديقه
خيرًا ويحجرِ كلَّ نابح؟
قال: فقالت ترثي الضحاك:
ما بال دمْعِك دائم السَجْم
مثل الجمان وهي من النظم؟
جَلت مصيبتُنا وقد عظمت
لما فُجعت بسيِّدٍ ضخم
حلو الشمائل حين تخبره
حَسَن السريرة ماجدٍ شهم
يَصِل القرابةَ والجوار إذا
قَطَع القرابةَ صاحب الظلمِ
فلأبكينَّك كلما وخِدَتْ
عيسٌ بأرحلِها على رَسْمِ
ولأبكينك عند مجتمع الأمْلاء
عند تطاول الخصْم
وجدت بخط حرمي بن أبي العلاء عن محمد بن خلف بن المرزبان لأم معدان الشيبانيَّة من
بني
أسد ترثي ابنها معدان، وقتلته بهراء:
معْدان من للحيِّ إذ هبَّت شآميَّةً فجورا
عسراء من قِبل الشمال تكاد تنتزع الكسورا
وتبادر القوم القداح وأغْلت السنة الجزورا
غدرت به بهراء ولم يكُن ابني غدورا