اكتشاف الحلقات المفقودة
إنَّ الانتخاب الطبيعي يَفحص على مدار اليوم والساعة وفي جميع أنحاء العالم؛ التنويعاتِ كلها، حتى أدقها، نابذًا منها ما هو رديء ومبقيًا على ما هو جيد وجامعًا له، يعمل بصمت دون أن يشعر به أحد … ونحن لا نرى شيئًا من هذه التغيرات البطيئة بينما تحدث حتى تنقضي فترات طويلة من الزمن … فلماذا إذن لا يمتلئ كل تكوين جيولوجي وكل طبقة بهذه الحلقات الوسيطة؟ من المؤكد أن الجيولوجيا لا تكشف عن أي سلسلة عضوية متدرجة بدقة، وربما يكون هذا هو أخطر اعتراض يمكن أن يوجَّه ضد نظريتي.
من بين الاتهامات الرئيسية التي يوجهها نقاد التطور للعلماء هو هذا السؤال: «أين الحلقات المفقودة؟ أرِني حفرية توضح انتقال مجموعة رئيسية إلى أخرى». غالبًا ما يُقِر هؤلاء النقاد بأن التطور الصغروي يحدث بالفعل، من التغيرات الصغيرة في ذبابة الفاكهة، إلى مقاومة مبيدات الآفات في الحشرات، إلى التغيرات السريعة في الفيروسات والبكتيريا. هذه التغيرات تحدث في التجارب المختبرية آنيًّا؛ ومن ثَم لا يمكن إنكارها. لكن هذا لا يكفي في نظر نقاد التطور. فهم يرفضون فكرة أن المجموعات الرئيسية المتمايزة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا (مثل الطيور والزواحف)، ويدَّعون عدم وجود حلقات مفقودة توضح كيف يمكن أن يحدث هذا الانتقال. وعلى الرغم من اعترافهم بحدوث تغيرات على مستوى ذباب الفاكهة والميكروبات، فإنهم ينظرون إليها على أنها تطور صغروي فحسب. وهم يواصلون التأكيد على أن التغيرات الكبيرة بين المجموعات الرئيسية — أي التطور الكبروي — مستحيلة.
ماذا إذن عن الحفريات الانتقالية؟ ألا توجد حفريات تثبت أصل مجموعة من أخرى كما يزعم كثيرٌ من منكري العلم؟ بل على النقيض من ذلك، فإن السجل الأحفوري مليءٌ بمثل هذه الأمثلة، وقد أوردتُ العديد منها في كتابي الصادر عام ٢٠۱۷؛ «التطور». وناقشتُ أيضًا بعض هذه الأمثلة بإسهاب في فصول أخرى من هذا الكتاب، مثل الحيتان (الفصل العاشر)، والانتقال للبرمائيات من الأسماك (الفصل الحادي عشر)، والانتقال للديناصورات من الطيور (الفصل الثالث عشر)، والخيول (الفصل الرابع عشر)، والزرافات (الفصل الخامس عشر)، والفيلة (الفصل السادس عشر). يمكن تقديم العديد من الأمثلة الإضافية، لكني سأقتصر في هذه المناقشة على عددٍ قليلٍ من الأمثلة اللافتة للنظر؛ لكي أوضِّح أنه لا يوجد أيُّ نقصٍ في الحفريات التي توضِّح كيفية تطور مجموعةٍ رئيسيةٍ من مجموعةٍ أخرى.
لنتناول الضفادع على سبيل المثال أولًا. جميعنا نعرف الضفادع من وسائل الإعلام، والأرجح أنَّ معظمنا رأى ضفدعًا ما في البرية، وربما قام البعض بتشريح ضفدع في صف علم الأحياء في وقت ما. يبدو الضفدع كائنًا متخصصًا بدرجة عالية نظرًا لفمه الواسع الضخم، ولسانه اللزج الطويل الناتئ، وعينَيه الكبيرتَين، وجذعه القصير، وأضلاعه الصغيرة، وعظام فخذه البالغة الطول، وساقَيه الخلفيتَين الطويلتَين للغاية، وعدم امتلاكه لذيل. لا تستطيع الضفادع استخدام أضلاعها للتنفس، وبدلًا من ذلك، يقوم الكيس القابل للنفخ الموجود في حلق الضفدع بضخ الهواء للداخل والخارج (يستخدم هذا الكيس أيضًا لإصدار مجموعة متنوعة من الأصوات). وتتنوع الضفادع تنوعًا كبيرًا في الحجم، من الضفدع الصغير في غينيا الجديدة (الذي يبلغ طوله ۷٫۷ ملِّيمترات فقط [٠٫۳ بوصة])، إلى الضفدع الجبار، الذي يزيد طوله عن ۳٠٠ ملِّيمتر (۱٢ بوصة)، ويزن ۳ كيلوجرامات (۷ أرطال). إنه كبير جدًّا لدرجة أنه يأكل الطيور والثدييات الصغيرة وكذلك الحشرات.
من الصعب تخيُّل حفرية وسيطة بين الضفدع وبين البرمائيات الأكثر شيوعًا، مثل السلمندر. وعلى الرغم من ذلك، يمكننا أن نرى هذا الانتقال بطريقتَين. أولًا: نحن نعلم أن الضفادع تقوم بهذا الانتقال خلال تكوُّنها أثناء نموها من مرحلة الشُّرْغوف إلى الضفدع البالغ. فعندما يحتفظ الشُّرْغوف بالذيل وينمي أطرافه في البداية، تكون أرجله متساوية نسبيًّا في الطول، ولا تكون النِّسَب المتفاوتة التي تظهر في الضفادع البالغة قد ظهرت بعد. قبل أن يمتص الشرغوف ذيله من جديد، يمر بمرحلة يكون فيها شبيهًا بالسلمندر.
والأكثر إثارة للدهشة هو السجل الأحفوري لهذا التحول. فمنذ عشرات السنين وعلماء الحفريات يعرفون سجلًّا أحفوريًّا ممتازًا للبرمائيات التي تشبه السلمندر، على الرغم من أن بعضها كان ضخمًا. كان أكبرها من الطبقات الحمراء التي تعود إلى العصر البرمي السفلي، وتوجد في شمال تكساس وجنوب أوكلاهوما، وخاصة حول بلدة سيمور الصغيرة في تكساس. أحد هذه البرمائيات الضخمة هو إريوبس؛ كائن أحفوري شبيه بالتمساح عُرِف من خلال العديد من الهياكل العظمية الكاملة. كان له جسد كبير يزيد طوله عن مترين (٦٫٥ أقدام)، وذيل وأطراف كلها قوي، وجمجمة يزيد طولها عن ٦٠ سنتيمترًا (٢ قدم) في بعض الأفراد! كان إريوبس أحد أكبر الحيوانات الأرضية التي كانت قادرة على صيد الفرائس في المياه وعلى اليابسة في العصر البرمي المبكر. والأكثر بدائية قليلًا من إريوبس هو إيدوبس المكتشَف من الطبقات الحمراء في تكساس، والتي تنتمي إلى العصر البرمي المبكر، وهو يمتلك جمجمة أطول، وكان سيتضح أنه أكبر من إريوبس إذا عُرِف هيكله العظمي الكامل. إن هذه الحفريات توجد بكثرة في الطبقات الحمراء للعصر البرمي المبكر، هي والعديد من المجموعات الغريبة الأخرى من البرمائيات، إضافةً إلى الزواحف الأولى، وأولى الكائنات المنتمية لسلالة الثدييات (مثل ديميترودون ذي الزعانف الظهرية، الذي يوجد في جميع مجموعات الألعاب وكتب الديناصورات الخاصة بالأطفال، لكنه قريب الصلة بنا وليس بالديناصورات). إن علماء الحفريات الذين يدرسون الزواحف المبكرة والبرمائيات يقضون وقتًا في تجميع العينات من الطبقات الحمراء للعصر البرمي في تكساس، مكتشفين في الغالب المزيد والمزيد من حفريات ديميترودون، وإريوبس، وحيوانات أخرى مألوفة.
للوهلة الأولى، تبدو العينة غير مثيرة للإعجاب؛ هي تقريبًا مكتملة، ولكن طولها حوالي ۱۱ سنتيمترًا (٤٫۳ بوصات) فقط. وهي على ظهرها، ولم يُفقَد منها سوى جزء فقط من عظام الفخذ وعظام الكتف والذيل. وأكثر ما يثير الدهشة في هذه الحفرية هو أنها تجمع بين جسد السلمندر الطويل الذيل مع خَطْم الضفدع القصير والعريض والمستدير، مما يوضح إمكانية أن تكون الضفادع قد بدأت تتطور من أشكال تشبه السلمندر. وتتسم هذه الحفرية أيضًا ببعض صفات الضفادع الأخرى؛ طبلة الأذن الكبيرة، والأسنان المستقرة على دعائم صغيرة لها قاعدة منفصلة، وهي بنية تشريحية لا توجد إلا في البرمائيات الحية وأقرب أقربائها من الحفريات. وبخلاف ذلك، تتسم بجسد بدائي يشبه جسد السلمندر؛ لذلك فهو انتقال مثالي بين المجموعتين.
وبعد حفرية جيروباتراكس التي تنتمي إلى العصر البرمي المبكر، فإن الحفرية الجيدة التالية لضفدع ما هي تريادوباتراكوس، التي تعود إلى أوائل العصر الترياسي (٢٤٠ مليون سنة) في مدغشقر. لدى تريادوباتراكوس خطم ضفدعي نموذجي عريض، وأقدام طويلة وتراء، لكن منطقة الجذع لديه طويلة على عكس أي ضفدع حي؛ إذ توجد لديه ۱٤ فقرة في عموده الفقري، أما الضفادع الحية الآن فيتراوح عدد فقراتها من أربع إلى تسع. إضافةً إلى ذلك، يحتفظ هذا الضفدع بذيل قصير لا يفقده عندما ينمو الشرغوف إلى مرحلة البلوغ. كان لديه أرجل خلفية أطول من الأرجل الخلفية لدى أي سلمندر، لكنها ليست بالأرجل الضخمة القوية العضلات الموجودة في الضفادع الحية الآن؛ ومن ثَم كان يستطيع السباحة، لكنه لم يكن يستطيع القفز. وفي أوائل العصر الجوراسي (منذ حوالي ٢٠٠ مليون سنة)، نجد حفرية أول ضفدع حقيقي؛ فييرايلا من الأرجنتين. إنه كائن صغير لا يزيد طوله عن ٥ سنتيمترات فقط (٢ بوصة)، كانت جمجمته شبيهة بالضفدع تمامًا، وكان قادرًا على القفز بأطرافه الخلفية، لكنه يفتقر إلى الجذع القصير أو الوركين المعدَّلتَين للغاية، وهما صفتان تتسم بهما الضفادع الحديثة. في العصر الطباشيري، بدت البنية التشريحية للضفادع حديثةً تمامًا، وتفرَّعت إلى العديد من المجموعات التي لا تزال على قيد الحياة اليوم، والتي توجد بها عشرات العائلات التي تضم أكثر من ٥۷٠٠ نوع حي.
وماذا عن السلاحف كمثال ثانٍ؟ لقد سمعتُ مناهضي التطور يسخرون من فكرة إمكانية وجود حفرية وسيطة بين السلحفاة وأي زاحف آخر. يسألون بتهكم: ما فائدة سلحفاة لها نصف صدفة؟ هم ينظرون إلى صور جميع حفريات السلاحف التي كانت معروفة حتى وقتٍ قريب، ويقولون: «ليس هذا سوى صنفٍ آخر من السلاحف.» يبدو من الصعب بالفعل تخيل سلحفاةٍ بدون كلتا صدفتَيها. كيف ستقوم بوظائفها أصلًا؟ وهل سنسميها سلحفاة؟
إضافةً إلى ذلك، حسمت السلاحف المسنَّنة خلافًا آخر ظل قائمًا لفترة طويلة. فعلى مدار عقود من الزمان، زعم بعض علماء الحفريات أن ذَبْل السلاحف يأتي من صفائح عظمية صغيرة تنمو من جلدها (الجلد العظمي) وتندمج معًا، وزعم آخرون أن الذَّبْل نما في الغالب من امتدادات في أضلاعها الخلفية. وقد اتضح من السلاحف المسنَّنة أن الرأي الأخير هو الصحيح. فقد كان لها أضلاع خلفية ممتدة على وشك أن تبدأ في النمو والاتصال معًا لتكوين الصَّدَفة، ولا توجد جلود عظمية في الأعلى أو مدمَجة بين الضلوع. وتأكدتْ هذه المعلومات بالدراسات الجنينية التي تتبع نمو ذَبْل السلحفاة من تغيرات النمو التي تحدث في الأضلاع الخلفية، والنتيجة هي أنَّ الجلد العظمي لا يدخل في العملية على الإطلاق.
ولنتناولْ مثالًا أخيرًا من الزواحف، وهو الثعابين. الثعابين مجموعة مميزة للغاية من الحيوانات، فأجسامها متخصصة إلى حد كبير وعديمة الأرجل، وتتكيف مع مختلف الوظائف بدايةً من الحفر إلى تسلُّق الأشجار. يحيط بالثعابين أيضًا قدر كبير من الرمزية، من أسطورة أفعى جنة عدن الواردة في الكتاب المقدس، إلى استخدامها الرمزي في العديد من الثقافات. في مصر القديمة كانت الكوبرا تُزيِّن تاج الفرعون، وفي الأساطير اليونانية كان لميدوسا في رأسها ثعابين بدلًا من الشعر. كان على هيراكليس (هرقل) أن يقتل الحية العدار بقطع رءوسها الثعبانية التسعة، وقد نما كلٌّ منها مجددًا فور قطعه. كان الإغريق أيضًا يبجلون الأفاعي في الطب؛ لذلك كان رمز الشفاء (عصا هيرميز) قضيبًا مع ثعبان متشابك حوله. وتُعبَد الثعابين في الديانتَين الهندوسية والبوذية؛ فعُنق الإله الهندوسي شيفا ملفوف بأفاعي الكوبرا، وقد صُوِّر فيشنو نائمًا على ثعبان ذي سبعة رءوس أو داخل لفائف ثعبان. كانت الثعابين أيضًا جزءًا مهمًّا من الأساطير والدين في أمريكا الوسطى. ولطالما عظَّم الصينيون من شأن الثعابين وتناولوها في مطبخهم كطعامٍ فاخر. علاوةً على ذلك، فأحد الأبراج الصينية الاثني عشر هو برج «الأفعى».
تثير الثعابين أيضًا مشاعر قوية لدى البشر، على الرغم من أن معظمها ليس أكثرَ خطورةً من أرنب أو سحلية. فالعديد من الأشخاص يجدون أنَّ تحديق الثعابين البارد بجفونها التي لا ترمش، وألسنتها المنتفضة، أو الطريقة المثيرة للأعصاب التي تسعى بها وتتحرَّك بدون أرجل، كلُّها أمور تبعث على القلق. إنَّ الجزء الأكبر من الخوف من الثعابين يعود إلى حقيقةِ أن بعضها سامٌّ. وعلى الرغم من ذلك، ففي بعض أجزاء من العالم، مثل الولايات المتحدة، لا يوجد سوى عددٍ قليلٍ من الثعابين السامة (الأفاعي الجرسية في الأساس)، لكن السكان يقتلون أي ثعبان فور رؤيته، على الرغم من أن الثعابين مفيدة للغاية في الحد من مشاكل الجرذان أو الفئران وآفات أخرى. أما في أستراليا، فأنواع الثعابين الأكثر شيوعًا، وعددها عشرة، شديدة السُّميَّة، والعديد من الثعابين الموجودة في أفريقيا سامٌّ أيضًا. ومن ثَمَّ فإن الخوف البدائي من الأفاعي (رُهاب الأفاعي) متجذِّر بعمق في طبقة دماغ الرئيسيات، وفي كثيرٍ من الأحيان لا يمكن التغلب عليه مهما كان ثعبان الثور النموذجي آمنًا أو ثعبان الجوفر.
توجد أنواع عديدة من الثعابين، منها ٢۹٠٠ نوع على قيد الحياة اليوم، تتوزع على ٢۹ فصيلة، وعشرات الأجناس. تعيش الثعابين في جميع القارات وفي كل الموائل ما عدا المناطق الشديدة البرودة، مثل القطب الشمالي أو القطب الجنوبي، أو في الجزر المنعزلة للغاية لدرجة أنها لا تستقبل ثعابين من البر الرئيسي أبدًا (نيوزيلندا، أيرلندا، آيسلندا، هاواي، ومعظم جنوب المحيط الهادي). فأيرلندا تفتقر إلى الثعابين ليس لأن القديس باتريك طردها، ولكن لأنها كانت تحت الجليد خلال العصر الجليدي الأخير. وعندما تراجع الجليد وارتفع مستوى سطح البحر أصبحت أيرلندا جزيرة؛ لذلك لم تُتح الفرصة للثعابين للوصول إليها.
تتسم الثعابين بهذه الدرجة من التنوع؛ لأنها تستطيع التكيف مع مجموعةٍ متنوعةٍ من الموائل، من الأشجار إلى الأرض إلى الجحور التي حفرَتها فرائسها تحت الأرض. ولما كانت الثعابين عديمة الأطراف، فإنها تنتقل إلى مناطق (مثل الجحور) عن طريق الانزلاق، ويمكنها لفُّ أجسادها حول أطرافها (كما هو الحال في الثعابين المتسلقة للأشجار)، أو حتى السير عبر رمال الصحراء الساخنة باستخدام أسلوبها الفريد في الترحال المعروف باسم التموُّج الجانبي. ولا شك أنَّ عدم امتلاك أطرافٍ يفرض عليها قيودًا معينة؛ فهي لا تستطيع الإمساك بالفريسة؛ ولهذا يجب أن تلتفَّ حولها لكبح جماحها، فثَمة مجموعةٌ من الثعابين تُسمى العاصرة، تضغط على الفريسة إلى أن تتوقَّف عن التنفس وتموت. وبدون أطراف أو فكوك قوية كتلك التي تمتلكها التماسيح، لا تستطيع الثعابين تمزيق الفريسة، بل يجب عليها ابتلاعها بالكامل. وتتمتع الثعابين بجماجم عالية المرونة والقابلية للتمدد؛ إذ تقتصر معظم العظام على كونها شظايا صغيرة تتصل ببقية الجمجمة، وتُثبَّت معًا بأربطة مرنة حتى تتمكن الثعابين من التمدد ولف رأسها بالكامل حول فريسة أكبر منها؛ ومن ثم تبتلعها ببطء.
ويترتب على البنية التشريحية الفريدة للثعابين أن حفرياتها نادرة للغاية. فعظام جمجمتها الرقيقة تتحلل بسهولة، ولا يتبقى سوى فقرات متفرقة وأضلاع رقيقة من العمود الفقري لا يتحفر أي منها بسهولة. إن أغلب حفريات الثعابين تُعرَف من فقرات مميزة ولا شيء سوى ذلك. وربما يدفعك هذا إلى الاعتقاد أنه لا يمكن العثور على سجل أحفوري لكيفية تطور الثعابين من شيء آخر، فضلًا عن حفريةٍ انتقاليةٍ من امتلاك أطرافٍ وظيفيةٍ إلى فقدان هذه الأطراف. وعلى الرغم من هذه التحديات، لدينا سجل جيد لذلك الانتقال.
ثعابين بأرجل؟ إن سجل الحفريات يمدنا بوفرة منها، من أدريوساورس، آخِر قريب للثعابين كان يمتلك كلًّا من الأطراف الأمامية والخلفية الصغيرة؛ إلى ناجاش الذي لا يمتلك أطرافًا أمامية لكن أطرافه الخلفية كانت ما تزال تؤدي بعض الوظائف؛ إلى هاسيوفيس وباكيراكيس ويوبودوفيس، وكلٌّ منها كان يمتلك أطرافًا خلفيةً صغيرةً أثرية بالفعل وغير وظيفية على الإطلاق، بل هي محض شواهد صامتة على زمن كان لجميع الثعابين فيه أرجل.
في المرة القادمة التي ترى فيها سلحفاة أو ثعبانًا أو ضفدعًا، تأمَّل كيف أن أيًّا من هؤلاء لم يعد مجموعة معزولة وغير مترابطة في مملكة الحيوان. لقد عثرنا على السجل الأحفوري لنشأتها من أسلاف مختلفة تمامًا، وجميع الحفريات الانتقالية التي نحتاج إليها صارت في حوزتنا. فلم تعد هذه الكائنات جزءًا من «سلسلة ذات حلقات مفقودة».
قراءات إضافية
-
Anderson, Jason S., Robert R. Reisz, Diane Scott, Nadia B. Fröbisch, and Stuart S. Sumida, “A Stem Batrachian from the Early Permian of Texas and the Origin of Frogs and Salamanders,” Nature 453, no. 7194 (2008): 515–518.
-
Caldwell, Michael W. and Michael S. Y. Lee, “A Snake with Legs from the Marine Cretaceous of the Middle East,” Nature 386 (1997): 705–709.
-
Li, Chun, Xiao-Chun Wu, Olivier Rieppel, Li-Ting Wang, and Li-Jun Zhao, “An Ancestral Turtle from the Late Triassic of Southwestern China,” Nature 456 (2008): 497–501.
-
Gauther, J. A., A. G. Kluge, and T. Rowe, “The Early Evolution of the Amniota,” In The Phylogeny and Classification of the Tetrapods, vol. 1, Amphibians, Reptiles, Birds, ed. Michael J. Benton, 103–155, Oxford: Clarendon Press, 1988.
-
Held, Lewis I., Jr., How the Snake Lost Its Legs: Curious Tales from the Frontiers of Evo-Devo, Cambridge: Cambridge University Press, 2014.
-
Joyce, Walter G., “Phylogenetic Relationships of Mesozoic Turtles,” Bulletin of the Peabody Museum of Natural History 48, no. 1 (2007): 3–102.
-
Lyson, Tyler R., Gabe S. Bever, Bhart-Anjan S. Bhullar, Walter G. Joyce, and Jacques A. Gauthier, “Transitional Fossils and the Origin of Turtles,” Biology Letters 6, no. 6 (2010): 830–833.
-
Prothero, Donald, Evolution: What the Fossils Say and Why It Matters, 2nd ed., New York: Columbia University Press, 2017.
-
Rieppel, Olivier, “A Review of the Origin of Snakes,” Evolutionary Biology 25 (1988): 37–130.
-
Rieppel, Olivier, Hussam Zaher, Eltan Tchernov, and Michael J. Polcyn, “The Anatomy and Relationships of Haasiophis terrasanctus, a Fossil Snake with Well-Developed Hind Limbs from the Mid-Cretaceous of the Middle East,” Journal of Paleontology 77, no. 3 (2003): 536–558.
-
Rieppel, Olivier, and Michael deBraga, “Turtles as Diapsid Reptiles,” Nature 384 no. 6608 (1996): 453–455.
-
Schoch, Rainer R. and Hans-Dieter Sues, “A Middle Triassic Stem-Turtle and the Evolution of the Turtle Body Plan,” Nature 523, no. 7562 (2015): 584–587.