حصان! حصان! مملكتي مقابل حصان!
يُعَد السجل الجيولوجي لأصل الحصان أحد الأمثلة الكلاسيكية على التطور.
قُدِّمتْ هذه الجمجمة الصغيرة لريتشارد أوين في المتحف البريطاني، الذي كان أبرز عالم حيوان وعالم حفريات في إنجلترا آنذاك. اشتهر أوين بوصفه لأول الديناصورات، بل إنه هو من صاغ كلمة «ديناصور». كان قد عمل على العديد من الحفريات الشهيرة، بما في ذلك حفريات كسلان الأرض العملاق المنقرض، وحفريات داروين الغريبة التي عاد بها من أمريكا الجنوبية حينما كان في رحلة البيجل. بدت الجمجمة الصغيرة بعينَيها الكبيرتَين وخَطْمها القصير أشبهَ «بجمجمة أرنب بري، أو جمجمة نوع آخر من القوارض الصغيرة». وبالرغم من ذلك، كان من الواضح أن الأسنان المستطيلة المنخفضة ذات الشرفات الصغيرة تنتمي لأحد الثدييات البدائية ذات الحوافر، ومن بين حفنة حفريات الثدييات المعروفة آنذاك، كانت هذه الجمجمة أقرب في الشبه إلى جمجمة كيروبوتاموس (حيوان ثديي ذو حوافر وأصابع قدم زوجية). أدرك أوين على نحو صحيح أن الترتيب الغريب للشرفات والنتوءات أكثر تشابهًا مع الوَبَريات الحية؛ لذلك أطلق أوين على الجمجمة الصغيرة اسم هايراكوثيريوم ليبورينوم، أي: «حيوان وبري شبيه بالأرنب».
بعد سنوات قليلة، كان أوين يصف بعض الثدييات الأخرى من عصر الإيوسين، لكنها كانت من جزيرة وايت الواقعة على الساحل الجنوبي لإنجلترا هذه المرة. وبعد أن وصف الحفريات، ناقش بعض الأفكار التي كان قد اقترحها قبله كوفيير في عام ۱۸۱۷ وإتش إم دي دي بلاينفيل في عام ۱۸۱٦. كان كِلا عالِمَي الحيوان الفرنسيين يقولان إن الثدييات ذات الحوافر يمكن تصنيفها من خلال عدد أصابع قدمها. فبعضها يمتلك عددًا زوجيًّا من أصابع القدم (اثنتان أو أربع)، وينتمي إلى مجموعةٍ واحدة، وهي شفعيات الأصابع؛ والبعض الآخر يمتلك عددًا فرديًّا (ثلاث أو واحدة)، وينتمي إلى مجموعة مختلفة. في عام ۱۸٤۸، تبنَّى أوين تجميع دي بلاينفيل للخيول ووحيد القرن والسناديَّات والوبريات في مجموعةٍ واحدة، وصاغ لها اسم مفردات الأصابع. غير أنه لم يضع صغيره هايراكوثيريوم في هذه المجموعة؛ لأنه لم يكن لديه سوى الجمجمة، ولم يكن يمتلك عظام القدم حتى ذلك الوقت.
العجيب في الأمر أنَّ هايراكوثيريوم كان هو أقدم حفريةٍ لمفردات الأصابع المعروفة آنذاك وأكثرها بدائية، لكن ذلك لم يُعرَف حتى سبعينيات القرن التاسع عشر. بدلًا من ذلك، تركز اهتمام العلماء في موضع آخر. ففي عام ۱۸٥۹، نشر تشارلز داروين كتاب «أصل الأنواع»، وانقلب علم الأحياء رأسًا على عَقِب. ومع ازدياد حدَّة النقاشات في الأوساط العلمية، أشار النقاد إلى نقص الأمثلة الجيدة على تسلسلات الحفريات التي تؤدي إلى الحيوانات الحية. كانت هناك أمثلةٌ مذهلةٌ للحفريات الانتقالية، مثل أركيوبتركس، الذي هو نصف طائر ونصف ديناصور، لكن سِجلَّ تطوُّر الثدييات الأحفورية في أوروبا كان غير مكتملٍ على الإطلاق. بالرغم من ذلك، بدأت بعض الأنماط في الظهور. ففي عام ۱۸۷٢، أوضح توماس هنري هكسلي، أشد المدافعين عن داروين، أنه توجد ثلاث حفريات للثدييات من أوروبا، إذا رُتِّبتْ وفقًا لأعمارها فإنها تُشكِّل تسلسلًا يؤدي إلى الحصان الحديث؛ جنس الخيليات. إحدى هذه الحفريات تعود إلى جنس باليوثيريوم، الذي يشبه حيوان التابير، وينتمي إلى عصر الإيوسين، وقد اكتُشِف في الطبقات الجبسية الوسطى لعصر الإيوسين في مونتمارت في شمال باريس في فرنسا، ووصفه كوفيير؛ إضافةً إلى حفرية الحصان أنكيثيريوم من عصر الميوسين المبكر، وحفرية الحصان الراعي هيباريون من العصر الميوسيني المتأخر. في العام التالي، درس عالم الحفريات الروسي فلاديمير كوفاليسكي هذه الحفريات نفسها، وكان أكثر ثقة في أنها تمثل التسلسل السلفي للحصان الحديث. كان كلٌّ من هكسلي وكوفاليسكي يدرك أن التسلسل مُرقَّع وغير مكتمل. فلم يكن هناك سوى أربع من حفريات الخيول، وكانت توجد بينها فجوات كبيرة. لكنهما استنتجا على نحو صحيح أن الخيول نشأت من حيوان أكثر شبهًا بالتابير له ثلاث أصابع، وأسنان منخفضة التاج للغاية.
ومن سوء حظ هؤلاء العلماء الأوروبيين أنَّ التسلسل الذي توصلوا إليه لم يكن يمثل الخط الرئيسي لتطور الخيول؛ إذ وقع ذلك في مكان آخر. فأقارب تلك الخيول الأوروبية فروع جانبية مهاجرة من أمريكا الشمالية حيث وقع معظم تاريخ الخيول. كان جوزيف لايدي أول من وصف حفريات الخيول من موقع «بيج بادلاندز» في ساوث داكوتا في عام ۱۸٥٠. كان قد أشار إلى هذه الحفريات في البداية على أنها من جنس باليوثيريوم من أوروبا، ثم ألحَقَها بجنس أنكيثيريوم، دون أن يدرك أنها كانت أشكالًا جديدة غير معروفة في أوروبا. وبحلول عام ۱۸٦۹، كان لايدي قد وصف بضعًا من حفريات الخيول التي عُثِر عليها في جميع أنحاء غرب أمريكا الشمالية.
أبحر توماس هنري هكسلي إلى أمريكا خلال عيدها المئوي عام ۱۸۷٦ لإلقاء محاضرات عن موضوعات في التاريخ الطبيعي. كان قد أعَد لإلقاء محاضرات تعليمية عن تطور الحصان في أوروبا، بناءً على الدراسات التي أجراها هو وكوفالسكي. غير أنه قضى يومَين مع مارش متفحصًا ما جُمِع في جامعة ييل، ووجد أن أدلة مارش كانت مقنعة. وإليك ما وثَّقه ابنه وكاتب سيرته، ليونارد هكسلي، في الفقرة التالية:
عند كل سؤال عما إذا كانت لديه عينة توضح نقطة ما، أو تجسد الانتقال من أشكالٍ سابقة وأقل تخصصًا إلى أشكالٍ لاحقة وأكثر تخصصًا، كان البروفيسور مارش يلجأ ببساطةٍ إلى مساعده ويطلب منه جَلْب صندوق رقم كذا، إلى أن استدار هكسلي ناحيته وقال: «أعتقد أنك ساحر؛ فكل ما أبتغيه، تستحضره أنت في الحال.»
وتحدَّث مارش نفسه عن هذا اللقاء فيما بعد قائلًا:
ثم أخبرني أن هذه المعلومات جديدة عليه، وأن حقائقي أثبتت تطوُّر الحصان بشكلٍ لا يرقى إليه الشك، وأشارت للمرة الأولى هذه الحقائق إلى خط مباشر لحيوان موجود. وبفضل تواضعه النابع عن عظَمةٍ حقيقية، تخلَّى عن آرائه عندما عرف الحقائق الجديدة، وتبنَّى نتائجي.
كتب هكسلي لاحقًا إلى مارش يقول: «كلما تأملت الأمر، ازداد لي جلاءً أن عملك العظيم يحسم مسألة نَسَب الحصان.»
وأعاد هكسلي بعد ذلك كتابة محاضرته مستخدمًا الرسومات التي قدمها مارش؛ كي يتراجع عن أفكاره القديمة ويقدم الأدلة الجديدة. لقد تطوَّرت الخيول في أمريكا، وكانت نماذجه الأوروبية عبارةً عن خيولٍ هاجرت عرَضًا من العالم الجديد. شعَر هكسلي بسعادةٍ غامرةٍ بأدلة مارش لأنها لم تُظهِر التغيرات في الأسنان فحسب، بل في الجمجمة والأطراف أيضًا وحتى أصابع القدم. أصبح نسَب الحصان أحد أمثلته المفضَّلة للسلاسل التطورية، وقد استُخدِم بشكلٍ حصريٍّ تقريبًا في معظم المؤلَّفات التي كُتِبت عن التطور، أو عن الحفريات منذ ذلك الحين.
عندما ننتقل من الجذور إلى فروع شجرة العائلة، سرعان ما يواجهنا النَّسَب المشوَّش المحيط بحصانَي عصر الإيوسين المبكر؛ هيراكوثيريوم وإيوهيبوس. لقد كان يُنظَر إليهما على أنهما منفصلان، وأُعطيَ كلٌّ منهما اسمًا مختلفًا، واستمرَّ ذلك حتى عام ۱۹۳٢، عندما قرَّر عالم الحفريات البريطاني السير كلايف فورستر كوبر أنهما الحيوان نفسه. ونظرًا لأن هيراكوثيريوم قد سُمِّي أولًا، فقد استُخدِم اسمه لوصف جميع خيول عصر الإيوسين المبكر في أمريكا الشمالية، وبقيَت هذه التسمية لعقود. (لا يزال عدد قليل من علماء الحفريات الأمريكيين يستخدمون هذا الاسم اليوم.) وبرغم ذلك، ففي عام ۱۹۸۹، أعاد عالم الحفريات بالمتحف البريطاني جيري هوكر دراسة جميع حفريات هيراكوثيريوم البريطانية التي جُمِعت منذ تقرير أوين الأصلي. وتوصَّل من هذه الدراسة إلى أن هيراكوثيريوم لم يكن حصانًا حقيقيًّا على الإطلاق، وإنما كان مرتبطًا بمجموعةٍ شبيهةٍ بالحصان تسمَّى باليوثيريس، وهي معروفة جيدًا من أوائل ووسط عصر الإيوسين في أوروبا. فالخيول الحقيقية لم تظهر إلا في أمريكا الشمالية خلال معظم تاريخها، حتى هربت حيوانات مثل أنكيثيريوم وهيباريون إلى أوراسيا في عصر الميوسين. بعد ذلك، نشر ديفيد فروهليش في عام ٢٠٠٢ تحليلًا مفصَّلًا لجميع أنواع الخيول الأمريكية من عصر الإيوسين المبكر، وخَلَص إلى أنَّ نوعًا واحدًا أو نوعَين فقط منها يمكن أن يوصَفا بالانتماء إلى الجنس إيوهيبوس، والذي لم يَعُد يُستخدَم بعد عام ۱۹۳٢. تنتمي بقية خيول عصر الإيوسين المبكر إلى مجموعةٍ متنوعةٍ من الأجناس، بما في ذلك الأسماء القديمة، مثل بروتوروهيبوس وبليولوفوس، إضافةً إلى بعض الأجناس الجديدة، من بينها سيفرهيبوس وأريناهيبوس ومينيبوس. إن الإشارة إلى أولى خيول عصر الإيوسين أمر معقَّد. فلا يمكن تسميتها هيراكوثيريوم، ومعظمها ليست إيوهيبوس، بل هي في الحقيقة أجناس متعددة. غير أنَّ معظم الناس يكرهون التعقيد ويفضِّلون الحلول البسيطة؛ لذا فهم يعودون إلى الأسماء القديمة غير الصالحة؛ إما لأنهم نسخوا رسومًا قديمة، أو لأنهم لا يعرفون ما هو أفضل منها.
وعلى الرغم من ذلك، فقد اتخذ التشعُّب الرئيسي للخيول اتجاهًا آخر، وهو تطوير أسنان خدية ذات جذور عميقة؛ كي تظل لديها على الدوام مساحة للمضغ حتى مع تآكل أسنانها. فالعُشب يحتوي على حبيبات من السيليكا تسمَّى سيليكا النبات، تُتلِف الأسنان بسرعة، وقد افترض العلماء أن هذا التآكل الشديد للأسنان؛ بسبب الاعتماد على العشب في الغذاء. لكن هذه القصة تغيَّرت في السنوات الأخيرة؛ إذ إنَّ المساحات الشاسعة من الأراضي العشبية الحديثة لم تظهر إلا في وقتٍ لاحقٍ من العصر الميوسيني. لكن يوجد مصدرٌ آخر لتآكل الأسنان، وهو الرمال الحُبَيبية والطَّمي اللذان يلتصقان بسيقان الحشائش، وهو ما يمكن أن يفسر تطوير الخيول (والجمال ووحيدي القرن والعديد من مجموعات الميوسين الأخرى) للأسنان العالية التاج قبل التوسع الهائل للمراعي الحديثة.
لقد تداخلت سلالات متعددة للخيول في نفس الوقت في العصر الميوسيني؛ تشعُّب الخيول المختلفة التي كانت تُجمَع في جنس ميريكيبوس (وهو مقسَّم الآن إلى العديد من الأجناس)؛ التشعب الهائل للخيول الهيباريونية التي انتشرت إلى أوراسيا وحققت نجاحًا كبيرًا؛ إضافةً إلى الخيول القزمة، مثل كاليبوس ونانيبوس، والكثير غيرها أيضًا. ففي محجر «رايلواي كواري إيه»، استخرج العلماء ۱٢ نوعًا مختلفًا من الخيول من نفس الحفرة في الأرض في تكوين فالانتاين في شمال وسط نبراسكا، مما يشير إلى أن العديدَ من الأنواع كان يعيش متزامنًا في نفس المكان (أنكيثيرين واحد، وعدة هيباريونيات، والكثير غيرها). كان معظم هذه الخيول لا يزال يحتفظ بثلاث أصابع في القدم، على الرغم من أن أصابع القدم الجانبية كانت صغيرة لا تلامس الأرض في معظم الأحيان، بينما كانت إصبع القدم الوسطى قويةً وتتحمَّل معظم الوزن. كانت أطرافها أيضًا أطول وأكثر نحافة، وكانت جماجمها تشبه جمجمة الحصان الحديث إلى حد كبير، وإن لم تكن كبيرة مثلها.
وأخيرًا، في أواخر العصر الميوسيني، اختفت الغالبية العظمى من سلالات الخيول ذات أصابع القدم الثلاث، ولم تبقَ إلا السلالة ذات إصبع القدم الواحدة، والتي تنحدر من دينوهيبوس (وليس بليوهيبوس، كما تشير الرسوم القديمة)، وصولًا إلى جنس الخيليات في عصر البليوسين. وخلال العصور الجليدية، تعرَّض جنس الخيليات لتشعب ضخم آخر، لكن خيول العصر الجليدي كانت تُقسَّم حتى وقت قريب (خاصة في أمريكا الشمالية) إلى عشرات الأنواع المختلفة. يعتمد معظم هذه التقسيمات على اختلافاتٍ صغيرةٍ في الأسنان وأحجام الجماجم والأطراف. كان تصنيف الخيول الأمريكية في العصر الجليدي يتسم بالعشوائية؛ إذ كان بعض الأشخاص يقسِّمونها إلى الكثير من الأنواع، بينما يجمع البعض الآخر التنويعات الموجودة في عددٍ قليلٍ من الأنواع.
ابتداءً من عام ٢٠٠٥، وفي السنوات التي لَحِقتْ، انخرط علم الأحياء الجزيئي في هذا الجدال. فقد مكَّنَت حالةُ الحفظ الممتازة التي كانت عليها بعض حفريات الخيول الأحدث من العصر الجليدي؛ من استعادة كلٍّ من الحمض النووي والحمض النووي للميتوكوندريا لعددٍ من الأنواع المنقرضة. بالنسبة للعديد من الأنواع الحية، أكَّدت الإجابة ما قد أشارت إليه بالفعل بنيتها التشريحية وسلوكها. تبيَّن أنَّ كلًّا من الحمير والأخدار وأفراء التبت في أوراسيا وأفريقيا جميعها وثيقة الصلة، وكذلك الأنواع الأربعة من الحمار الوحشي (أحدها، وهو كواجا، دُفِع للانقراض في جنوب أفريقيا منذ ما يزيد قليلًا عن قرن مضى). أظهرت هذه النتائج أننا نستطيع الاعتماد على البيانات الجزيئية؛ لأنها تتطابق تطابقًا دقيقًا مع التاريخ التطوري الذي استنتجناه بالفعل من الحفريات والحيوانات الحية.
وعلى الرغم من ذلك، فبالنسبة لخيول أمريكا الشمالية، جاءت الإجابة مفاجئة للجميع. ذلك أنَّ الأدلة الجينية لم تؤيد إلا وجود أنواع قليلة فقط من خيول العصر الجليدي في أمريكا الشمالية، وليس عشرات الخيول التي كانت قد سُمِّيت بالفعل. إضافةً إلى ذلك، كانت جميع هذه الخيول على قرابة وثيقة بسلالة الحصان الحي؛ إكيوس كابالوس. أكدت الأدلة الجينية أيضًا أن الخيول الحديثة من نسل الخيل البرزوالسكية، التي لا تزال تجوب سهول آسيا وسيبيريا. جاء الاستثناء الوحيد لهذا الاكتشاف فيما يتعلق بالخيول المنقرضة ذات الأرجل المرتفعة، والتي تمتلك أطرافًا نحيلة طويلة جدًّا مقارنة بخيول الكابالين والحمير الوحشية والحمير. فعلى الرغم من أنها كانت مقسَّمة إلى عدة أنواع مختلفة وفقًا للحفريات؛ أظهرت الأدلة الجينية أنها جنس ونوع متمايز انفصل عن سلالة الخيول الرئيسية منذ حوالي خمسة ملايين سنة. أعاد العلماء تسمية هذا الحصان هارينجتونهيبوس، على اسم عالم الحفريات الكندي ريتشارد هارينجتون، الذي كان أول من أدرك تفرُّد هذه الخيول. واليوم يوجد تسعة أنواع من الخيول البرية الحية في جنس الخيليات، ومنها ثلاثة أنواع من الحمار الوحشي (إضافة إلى كواجا)، وثلاثة أنواع أو أربعة من الحمير والأخدار، إضافة إلى الخيل البرزوالسكي.
إنَّ الخيول لم تنتشر خلال العصور الجليدية من موطنها في أمريكا الشمالية إلى أوراسيا فحسب لتشكِّل التشعب العظيم للخيول والحمير الحية، لكنها انتشرَت أيضًا إلى أفريقيا حيث تطورت إلى الحمير الوحشية. وانتشرت أيضًا إلى أمريكا الجنوبية، حيث طوَّرت مجموعة غريبة من الخيول، وهي الهبيديونات، خرطومًا قصيرًا مثل خرطوم التابير. في نهاية العصر الجليدي الأخير، منذ حوالي ۱٠ آلاف عام، اختفت الخيول من الأمريكتين، بالتزامن مع اختفاء معظم الثدييات الكبيرة الأخرى، بما في ذلك الماموث، والماستودون، وكسلان الأرض، والسِّنَّور السيفيُّ الأنياب، وغيرها الكثير. كانت الأسباب معقدة، وربما تضمنت التغير المناخي، وربما بعض الصيد البشري. لم تعُد الخيول إلى موطن أسلافها في أمريكا الشمالية حتى عام ۱٤۹۳، عندما أحضرها كولومبوس من إسبانيا في رحلته الثانية. واليوم، توجد خيول الماستانج البرية وجميع سلالات الخيول المحلية في الأمريكتين، وقد اعتمد هنود السهول في أمريكا على الخيول بصفتها الأساس لثقافتهم القائمة على الترحال، لكن هذه تطورات حديثة.
إنَّ قصة تطور الحصان أكثر تعقيدًا بكثير مما كنا نتصور في سبعينيات القرن التاسع عشر، أو حتى عشرينيات القرن الماضي. لكنها لا تزال مثالًا بارزًا على قدرة السجل الأحفوري على كشف أصل حيوانٍ حيٍّ بالتفصيل.
قراءات إضافية
-
Franzen, Jens Lorenz, The Rise of Horses: 55 Million Years of Evolution, Baltimore, Md.: Johns Hopkins University Press, 2010.
-
MacFadden, Bruce J., Fossil Horses: Systematics, Paleobiology, and the Evolution of the Family Equidae, Cambridge: Cambridge University Press, 1992.
-
Prothero, Donald R., The Princeton Field Guide to Prehistoric Mammals, Princeton, NJ: Princeton University Press, 2016.
-
Prothero, Donald R. and Robert M. Schoch, eds., The Evolution of Perissodactyls, Oxford: Oxford University Press, 1989.
-
______, eds., Horns, Tusks, and Flippers: The Evolution of Hoofed Mammals, Baltimore, Md.: Johns Hopkins University Press, 2002.
-
Rose, Kenneth D. and J. David Archibald, eds., The Rise of Placental Mammals: Origin and Relationships of the Major Extant Clades, Baltimore, Md.: Johns Hopkins University Press, 2002.
-
Savage, Robert J. G. and M. R. Long, Mammal Evolution: An Illustrated Guide, New York: Facts-on-File, 1986.
-
Turner, Alan and Mauricio Anton, National Geographic Prehistoric Mammals, Washington, D.C.: National Geographic Society, 2004.