حبيب القلب وحبيب الجيب
تمثيلية مضحكة في فصل واحد
(قاعة جاوس حديثة باب في مقابلة المشاهدين وبابين على الشمال واليمين وكنبة وكراسي ومائدة والحوادث في القاهرة.)
المشهد الأول
(فردوس – حسني)
(جالسين على الكنبة يلعبان ورق كوتشينة. فردوس تعد ورقها.)
فردوس
:
الدوه بواحد والعشرة الطيبة بواحد والسبعة الإسباتي يبأه أربعة و١٢ ستاشر
سامع ستاشر العشرة أرَّبت! إئطع الورأ، ما تقطع أمَّال والَّا أُوم أسهل.
حسني
(يرمي الورق)
:
الحق بيدك يا فردوس أديني قايم (ينهض ويأخذ عصايته
وطربوشه وتنهض فردوس فيجيء بجانبها) فردوس.
فردوس
(تتركه وتتجه نحو باب الشمال)
:
مع السلامة يا عنيَّا.
حسني
:
على فين؟ إيه؟
فردوس
:
زي ما انت شايف، داخلة أودة النوم أستريَّح لي شوية.
حسني
:
طيب استني أقَلُّوه لما انزل، يعني هو النوم وعد.
فردوس
(تقف)
:
اتفضل ورِّيني عرض اكتافك.
حسني
(يتضايق ثم يرمي طربوشه وعصايته على الترابيزة)
:
أنا مانيش عارف لك حال يا فردوس، ساعة ما جيت قابلتيني بموشح، ولما شوفتيني
زعلت لاعبتِيني كوتشينة، ولما زهقت من الكتشينة طردتيني.
فردوس
:
الحق عليك، ليه جيت متأخر بعد ما فات ميعادك؟
حسني
:
أنا كنت فاكر إني أأدر آجي زي ما أحب.
فردوس
:
تجي زي ما تحب محفض بالصالحين هو حضرتك اشتريتني وسجلت حُجَّتي يالدلعدي. كل
إنسان حر نفسه.
حسني
:
شايفة بأه طبعك، وانا لسه دافع أجرةِ خمس فساتين لماريَّة الخيَّاطة، والفلوس ملحأتش
تبرد، مش على الأقل تفرحيني، وتخليني تملي أدفع لك اللي عليكِ حتى كمان ما فيش كتَّر
خيرك.
فردوس
:
على الشبشب أجرة الخياطة. أجرة الخياطة دي إيه كمان بأه اللي بتعايرني بها يا
راجل.
حسني
:
ما تنسيش إني ما كنتش ملزوم أدفعها دا لطف مني، وانت عارفة.
فردوس
:
ده لطف في عقلك. عارف إيه فلأتني باللي عارفاه، دانت زهأتني في عيشتي بأحوالك،
البيه يصحى من النوم وخائف وسعادته يتغدى في اللوكاندة مع إخوانه، ويفضل يفنجر
في قهوة الشيشة ياخد نفسين وبعدها يتفسح في الجزيرة، وحلِّني على ما يدور ويجي لي
يدندن وأنا مربوطة لك هنا؛ لا جواز نعرفه ولا حب بنشوفه، ولا فيه يوم تهتم
بمصلحتي وتدبر لي حاجة لمستقبلي.
حسني
:
مصلحتك ومستقبلك دول إيه كمان؟!
فردوس
:
مش كنت قلت لي إنك حتكتب لي نص بيت في سوق السلاح؟
حسني
:
أنا والله مشغول اليومين دول وأديني كنت عند الخياطة.
فردوس
:
بأه الخياطة عطلتك عن كلِّ شيء كده، اتفضل بأه.
حسني
:
أما شيء غريب لا مانيش نازل.
فردوس
:
اتفضل أُؤعد زي ما انت عاوز (تتركه
وتدخل).
المشهد الثاني
حسني
:
أما أنا حتة دين مغفل، الحق عليَّ أستاهل ضرب البراطيش، زمان كنت هايص مع بنت
الكلب دي كان واحد عجوز وغني عايزها وكان مدايقها في عيشتنا حبتين، ولكن كانت
مبسوطة والسلام، أُمْت حضرتي بسلامتي أردت إني أكون أنا الرفيق الرسمي بعد ما كنت
حبيب القلب بقيت حبيب الجيب، ليه يعني يا سي حسني ما كنت في نعيم، وكنت آعد مستريح
على قفا غيرك، آل يعني مسألة عواطف ورقة إحساس، معلوم شيء يزهَّأ ثلاث أشخاص في بيت
واحد، راجلين يحبوا مرة واحدة وواحد منهم يستخبَّا على الثاني، لازم بأه المرة تكون
بنت حنت ومضربة، ولازم يكون الواد حبيب القلب راضع من لبن أمه، نهايته زهقت شيء
لما يطول يدايق، وغير كده طلعت في دماغي إني أحسَّن مركز فردوس وأرقيها وأخليها
بني آدم، مثلًا المضروبة كانت ما شافتش أمها بقالها خمس سنين؛ لأن الاثنين زي
الضراير ما يقعدوش مع بعض خمس دقائق من غير ما ياكلوا وش بعض، قمت صالحتهم وخليت
المرة الكبيرة تبقى تجي هنا علشان تونِّس بسلامتها، والبنت برده فهمت قيمة حبي لها،
ولكن مسألة النقدية مش على كيفها، وحاكم هي زي البلاعة ما تبطلش طلبات كل يوم
حاجة جنس، لكن الواحد يقول الحق البنت مش بدها تأشطني لا، لكن بدها تنتفني وأنا
ما حبش النتف ده، لكن برده هي معذورة لأنها سابت العجوز الغني علشان خاطري، وهي
لسه صغار وحلوة وأمينة على عرضها أمينة تمام؛ لأنها قالت لي إمبارح لما كنَّا
بنتكلم على أيام زمان لو كانوا يعملوا لي البحر طحينة ما بقتش أرجع زي زمان،
يعني تجمع بين راجلين، أما كونها كانت بتخون العجوز علشاني دي مسألة نشأت لأن
جمالي فتنها. أهي دي التسلية الوحيدة (تخرج فردوس
وخلفها فهمي ماسك خصرها، ولكن حسني لا يراه فتتخلص منه وتقفل عليه باب أودة
النوم).
المشهد الثالث
فردوس
:
الله هو انت لسه ماتسهِّلتش؟
حسني
:
أظن ما يصحش إني أمشي من غير ما أسلم عليك، بالله تقولي لي يا فردوس ليه يعني
كده مشددة في خروجي؟ هو انت خارجة؟
فردوس
:
أبدًا.
حسني
:
بأه مستنية حد؟
فردوس
:
ولا مستنية حد ولا سبت، حأَّه ما فاضلش إلَّا كده، اعمل لي بأه موشح وغِير عليَّ من
غير مناسبة وخانقني. خذ طربوشك يا حبيبي وسلم عليَّ واسهِّل، ولا بعدين حتخليها خل
ما فيش لزوم بأه اللي جره يكفي.
حسني
:
طيب أمرك إمتى أشوفك؟
فردوس
:
زي ما تحب (يمشي نحو باب الخروج توصله يتردَّد ثم
يخرج) أف أهو انكشح. كنت زمان أموت فيه ودلوأت ما أطيقش أشوف
سحنته زي اللي وشه اتقلب (تروح عند باب
الشمال) فهمي فهمي.
المشهد الرابع
(فهمي – فردوس)
فهمي
(تعبان أوي ويتمطع ويتثاءب)
:
لا لا بزيادة بأه، ما بقتش أقدر على دي الحال.
فردوس
:
خليك لطيف يا فهمي، مالك مبوز ليه؟ يالَّه يا بابا صلَّح الترابيزة دي، لم ورق
الكوتشينة وخبِّيه من قدام عيني أحسن بيفكرني بالثقيل اللي نزل حطُّه في
الدرج.
فهمي
:
خدَّام على آخر الزمن، أرتب اللي نكشه حضرته نمرة واحد (يوضب كما أُمِر).
فردوس
:
تعالى جنبي بأه، بتفكر في إيه؟
فهمي
:
بفكر في حالتنا. حالتنا احنا التلاتة.
فردوس
:
ده موضوع ما يسليش، ما تفكرش في حاجة زي دي.
فهمي
:
وأنا كمان رأيي كده إذا كان كده ذوقك في القعاد مع بعضنا طول النهار؛ أنا جوه
الخزنة دي وانت وصاحبنا في الصالة.
فردوس
:
صاحبنا. احمد ربنا أحسن لك.
فهمي
:
يعني إيه؟
فردوس
:
ما بقتش تأرب هنا يا مضروب، والله ما تستاهل كل تعب القلب ده، لسه مبوز اضحك
حالًا، افرد بوزك كمان، أيوه كده.
فهمي
:
إنت تحبيني يا فردوس.
فردوس
:
أيوه أحبك وإذا كنت ما أحبكش ليه أحوشك وأتعلق فيك، يعني من كبر كيسك ولا من
كتر فلوسك.
فهمي
:
أدي اللي كنت خايف منه.
فردوس
:
خايف من إيه؟ حد يخاف من الحق؟ إذا كنت مفلس الحق مش عليك الحق على اللي
خلِّفوك.
فهمي
:
مفلس.
فردوس
:
طبعًا الشبان اللي زيك كلهم على الحديدة يا حظ، ولكن ما شفتش حد باطه والنجمة
زيك.
فهمي
:
أنا باطي والنجمة. أنا ما أحبش أسمع الكلام ده، ولا أحب إن الحالة تستمر على
كده يا ستي.
فردوس
:
يا واد!
فهمي
:
مين عارف يا فردوس، يمكن أصبح بكره ألاقي نفسي من أرباب الأطيان.
فردوس
:
ربنا يسمع منك، مين عارف يمكن تصبح بنكير.
فهمي
:
كفاية على الواحد تِرْكة تطب له من السما.
فردوس
:
الواحد روحه تطلع على ما يموت اللي حيورثه.
فهمي
:
لكن برده بيموتوا الكبار والصغار بيورثوا مهما طال الزمن، إيه رأيك يا أمورة
إذا ورثت لك حتة دين تركة تكفينا احنا الاثنين، نعمل بها إيه؟
فردوس
:
المسألة في إيدك أنت.
فهمي
:
في إيدي أنا لوحدي.
فردوس
:
أمال عاوزني أقول لك إيه؟ معلوم إذا كنت تغتني وتقدر على مصروفي أسيب الدنيا
كلها علشانك.
فهمي
:
صحيح تسيبي صاحبنا ده نمرة واحد وتبقي لي أنا لوحدي؟
فردوس
:
ده طبعًا وفي ساعتها.
فهمي
:
كلام شرف؟
فردوس
:
ونص وربع أنا باتمنَّى اليوم اللي أأدر أعيش فيه ويَّاك بكل حرية، ونفرد ألوعنا
ونتخلص من البأف ده اللي لازق لي، ولكن راخر معذور لأن ده بيته وأنا بتاعته، وأنا
وإن كنت ما أطيقوش إلَّا إني ملزومة أحترمه وبيصعب عليَّ في بعض الأحيان. كنت
النهارده حتخانق أنا وياه وننفصل، ولكن رجعت صالحته علشان خاطرك، قلت في نفسي
فهمي مش غني لكن باين عليه ابن عز، ولازم أفرفشه شوية في بيتي، أظن إنك منتش فاهم
قصدي. الرجالة ما يفهموش الكلام ده. ده شيء نفهمه احنا يا نسوان.
فهمي
:
الحال مش عاجبني والسلام، ولازم نعرف أخرتها.
فردوس
:
حنفضل اللي نعيده نزيده.
فهمي
:
قلبي حاسس يا فردوس إنك مانتش متهنية. وأنا كمان مانيش مبسوط بالكلية.
فردوس
:
وبعدها؟
فهمي
:
مش آدر أغمض عيني للدرجة دي.
فردوس
:
تغمض على إيه؟
فهمي
:
بأه مانتش عارفة، هو اللي يحب مرة يطيق واحد تاني يأعد ويَّاها جنب منه؟
فردوس
:
وإيه يعني، ما تقدرش تحبس روحك علشاني ساعتين تلاتة هنا، مش أحسن من الشارع، مين
عارف كنت تقضيهم فين الساعتين دول.
فهمي
:
مش مسألة الوقت يا ستي، لازم الواحد يقول لك بالمفتوح، دي مسألة غيرة وعواطف،
مسألة كرامة وشرف.
فردوس
:
غيرة وعواطف! هو انت من اللي يهتموا بشرفهم؟
فهمي
:
حاسبي ما تزوديش أنا شرفي مش لعبة في إيدك إكمني باحبك. إنت بتحبيني صحيح
ولكن يظهر إني ماليش في عينك أقل اعتبار.
فردوس
:
بلا كلام يا أهبل.
فهمي
:
لا لا إنت ما تعتبرنيش أبدًا وتعتبري دُكها.
فردوس
:
لا بدَّ أحب واحد واعتبر الثاني، إنت عاوزة يطلع باطه.
فهمي
:
طيب أقعدي بالعافية.
فردوس
:
الله يعافيك يالدلعدي.
فهمي
:
انتهينا ما بأليش طأطان على دي الحال.
فردوس
:
اشمعنى يعني؟
فهمي
:
لإنك أولًا متدايقة.
فردوس
:
مين قال لك؟
فهمي
:
ثانيًا أنا ما أطيقش الذل.
فردوس
:
وقت الكلام ده فات.
فهمي
:
يا انا يا هو.
فردوس
:
عاوز تضعيني علشان سواد عينيك؟
فهمي
:
أيوه ولَّا. أقعدي بالعافية يا فردوس.
فردوس
:
على كيفك الله يعافيك يا عنيَّا.
فهمي
:
يا انا يا هو في البيت ده (يخرج).
المشهد الخامس
فردوس
:
مشي سابني من غير سبب، وانا لسه باحبه ليه؟ يا عني هو الحال اللي احنا فيه من
إمته، ده من زمان واحنا على كده، لازم فيه حاجة مخبِّيها عليَّ، آه يا فهمي. حرام
عليك تعمل فيَّه كده من غير ذنب. ما هكذا تورد الإبل يا فهمي، إن كنت غلطت سامحني
أول مرة، وإن غلطت تاني مرة اضربني، لكن ما تسبنيش كده أبدًا، ولد حليوة لسه صغار
خفيف الدم ما تزهقش الواحدة من عشرته، يا خسارته يا ميت ندامة عليك يا
فهمي.
عيوشة
:
الراجل بتاع البوستة جاب جواب لحضرتك، وواحد حمار جايب جواب تاني.
فردوس
:
شليهم عندك في المطبخ وادِّيهم لي الجمعة الجاية.
عيوشة
:
الواد الحمار واقف على الباب ومستني الرد، وقال إنه من طرف سي فهمي.
فردوس
:
من طرف فهمي هاتي (تقرأ الجواب) حضرة الست
فردوس هانم، من بعد مزيد السلام والتحية والإكرام، أخبر حضرتك إن عمي المرحوم
تُوفِّي إلى رحمة الله؛ ولذا لزم تعريفك هذا الخبر السار، والمهم في المسألة أن تركة
المرحوم — الله يحسن إليه — تكفي أني أعيش مبسوط مع واحدة ست، فإذا كنت تحبيني زي ما
أحبك، فأحسن شيء نتفاهم في المسألة دي، وزي ما كان ماشي صاحبنا أمشي أنا تمام لا
زيادة ولا نقصان … يا حبيبي يا نور عيني، عيوشة، قولي للحمار يبوس لي البيه من
بين عينيه ويشيعه حالًا.
عيوشة
:
حاضر يا ستي (لنفسها) أنا برده حاحط جواب
التاني على الترابيزة علشان لما تشوفه تبأه تفتحه (تخرج).
فردوس
:
أما حتة عبارة، أنا برده كان قلبي حاسس، وكنت أقول في نفسي لازم الواد ده عنده
حاجة؛ لأنه كان باين عليه جد ومتدايق من حالته هنا، لكن يعني عملها رسمي وكتب لي
جواب ليه؟ ما كلمنيش بلسانه هو فيه مرة تزعل من راجل يعرض عليها حبه وكيسه؟ لسه
الواد أهبل لكن أنا سامحته بكره يدردح (تقصد
الترابيزة) أدحنا انتهينا من صاحبنا الأولاني لما يجي فهمي
يلائيني حرة نفسي، أما أكتب لصاحبنا الأولاني جواب الرفت. رفته بسيط بطريق
الاستغناء (تكتب على الترابيزة) يا حضرة
النطع البايخ، يا كريم على روحك وبخيل على الناس، يا ابو لسان طويل ويد قصيرة، يا
إسكندر الأكبر، اكتبها يتفلق في كسحه يا إسكندر ذو القرنين بزيادة ما بستهلش
النطع ده أكثر من كده الظرف بأه (تنظر تجد الجواب
التاني) الله وده فيه جواب تاني دلوقت، اقرأه على انفراد (تكتب العنوان) حضرة حسني أفندي الشربتلي خصوصي
ومستعجل، نهايته لما أشوف الجواب التاني ده (تتناوله) الله فاتنتي الجميلة ونور عيني فردوس هانم، اسمحي
لعاشق متيم أن يعبد جمالك. إنني أضع غرامي وشبابي تحت قدميك. إن لي فيك مزاحمين
ولكن الحب الحقيقي لا يعرف العقبات كمال البرعي. أما كلام لطيف ومفهوم وحلو
كمان. كمال إيه البرعي … البرعي لازم عليه غني من الأرياف.
عيوشة
(تدخل)
:
حضرة فهمي بك حضر يا ست هانم.
فردوس
:
خليه يخش (تأخذ الجواب اللي كتبته
للأولاني) خدي ده إرميه في البوستة، ولا تخليش حد يخش
علينا.
المشهد السادس
فردوس
:
أهلًا يا نور عيني.
فهمي
:
أهلًا بك يا حتة من قلبي.
فردوس
:
يا مانا متعلقة بك يا اخويا.
فهمي
:
حقه اسكتي وأنت آسية قوي … عجبك مشروعي؟
فردوس
:
إلا عجبني!
فهمي
:
أيوه كده فرحيني بإنك قبلتي.
فردوس
:
البركة فيك كتر خيرك.
فهمي
:
أنا ما استاهلش شكر على كده، يله نعاشر بعضنا بإخلاص وأدب ولطف، وأنا ما اتأسفش
على فلوسي.
فردوس
:
فلوسك معناها إيه يعني؟ أصدك تقول فلوس المرحوم عمك. إذا كنت تحبه يالَّه بنا
نطلع عليه الأرافة بشوية قُرص وفواكه وريحان، أهو طلعت رجب أرَّبت. كان اسمه إيه
المرحوم؟
فهمي
:
حنطور بيه.
فردوس
:
الله يرحمه عم حنطور بك.
فهمي
:
بأه يعني صحيح بتحبيني وحتطلعي الأرافة على عمي؟ ولا انتيش متأسفة على صحبك
القديم؟
فردوس
:
متجيبليش سيرة حد، إن شا الله يجيني خبره، أنا ماليش إلا اللي قدام عيني.
فهمي
:
خلاص يعني قلبك مايل لي؟
فردوس
:
قلبي مايل لك؟ دانه وأعه.
فهمي
:
وهنا بأه زي بيتنا.
فردوس
:
وأكثر من بيتكم كمان يا حبيب ألبي (تبوسه).
فهمي
(ياخدها على الكنبة)
:
فردوس تعالي جنبي واقعدي نتكلم حبتين، يالَّه نتكلم زي الحبايب ومن غير تكليف،
ولاتجيبيش سيرة الفلوس، ولا كأني أحبك ولا كأنك بتأبضي، ولكن لا بدَّ إنك تفهمي إني
وإن كنت مش عايز أجرح إحساسك إلَّا إنه في مقابل المبالغ اللي حاكعها من الآن
فصاعد، لا بدَّ يكون لي امتيازات وحقوق زي اللي كانت لنمرة واحد.
فردوس
:
ده طبعًا دي عاوزة كلام (تبص له).
فهمي
:
الله بتبحلَئِي فيَّه كده ليه؟
فردوس
:
هو النظر في خلقتك بأه ممنوع والَّا إيه؟
فهمي
:
يعني إذا كنت أنا باجيب سيرة الفلوس، ده مش معناه إني زعلان والَّا
ندمان.
فردوس
:
يمكن بكره تندم مين عارف.
فهمي
:
خليني أكمل كلامي. بس يعني إن شاء الله الفلوس اللي حاكعها تكون بفايدة ولا
يكونش نصيبي منك زي نصيب صاحبك الأولاني؛ لأنه أقولك الحق إن سلوكك معه كان شيء
مخزي شيء بارد، أنا كنت مبسوط لأني كنت المحبوب الحقيقي، ولكن أقول لك الحق لو
إنه خطر ببالك إنك توضعيني مطرحه، أنا ما اعرفش تبقه حالتي ازاي.
فردوس
:
هم اقف شوية، دوَّر ظهرك، إيه ده الهندام ده؟
فهمي
:
مش على كيفك؟ هندام حشمة وذوق ولايق لي تمام.
فردوس
:
لكن البدلة متخناك حبتين، في ظني إنك كنت أنحف وأرق من كده.
فهمي
:
اسمعي قبله اللي بقول لك عليه.
فردوس
:
سامعة.
فهمي
:
إن شاء الله من هنا ورايح بدنا نستفتح بأه بعِشْرة جديدة ونظام جديد.
فردوس
:
قرَّب وطي راسك يا حلاوة شعرة بيضا (تطلعها).
فهمي
:
بدنا نستفتح بأه بعِشرة جديدة.
فردوس
:
شعرة بيضا في سنك ده، يا رحمة الله على الشباب! يالَّه حسن الختام
يالدلعدي.
فهمي
:
بدنا نستفتح بأه بعِشْرة جديدة.
فردوس
:
حأه المرحوم عمك الله يرحمه مات في الوقت المناسب، ما دام راسك فيها شعر
شايب.
فهمي
:
وبعدين يا فردوس، مش عاوزة تسمعي لي؟
فردوس
:
أديني سامعه يا أخي بس دردش.
فهمي
:
من هنا ورايح إن شاء الله منتش حتعرفيني لشدتي؛ لأني حاحرَّج عليك ما تقابليش حد
من غير إذني، وأرتب معيشتك وأخرج معاك رجلي على رجلك، وما أحبش كمان إنك تقري كتب
ساقطة مثل كتاب «أما شيء بارد يا أستاذ»، و«اتقل البت
تحبك»، و«عزبه وادخل عليها المسا ولمبتها مدغمسة»، وما فيش بأه روايات
من اللي بالك فيها، بزيادة علينا سينما باتيه وإذا كان يهفك الشوق نروح نسمع
الشيخ سلامة في رواية حشمة، والَّا ناخد لنا لوج عند أبيض.
فردوس
:
عال عال كل ده كويس، أنا في ديك النهار، ولكن إنت يا هل ترى نفسك تهاودك على
الحاجات الجد والعيشة الراقية دي؟
فهمي
:
بتقولي إيه؟
فردوس
:
بقول يعني نفسك تهاودك؟ إنت جدع هليهلي وتحب الضحك، ويمكن تفهم جرنال السيف،
لكن بأه نفَسَك مش طويل في الحاجات التانية؛ تياترو الشيخ سلامة وروايات جورج أبيض
دهده العز ده.
فهمي
:
سيبيني اتكلم.
فردوس
:
اتفضل دانا شايفة إنك منتش حتقدر تنفذ مشروعاتك دي كلها.
فهمي
:
وعاوز تديني كشف بأسامي الستات أصحابك ومحلات سكنهم وأسامي صحابهم إن كان
لهم أصحاب؛ لأن معارفك ستات لطاف ولكن سلوكهم مين عارف.
فردوس
:
إنت عاوزني أعرف برنسسات بأه والَّا إيه؟ اتفضل عرفني بنيِّتك.
فهمي
:
بس هدي أخلاقك، أنا بافتكر إنك لو كنت تمشي كويس هيمكنك تتعرفي بشوية ناس
طيبين، يعني ستات حشمة أصلهم متجوزين وطُلِقوا لأسباب مقبولة، برده فيه من العينة
دي كثير، مش عزَّاب خبط لزق.
فردوس
:
طبعًا فيه كثير من الصنف ده اللي يدور يلاقي.
فهمي
:
دول أكثر من الهم على القلب، وادحنا حصلنا مسألة دقيقة جدًّا مسألة دليكات
حبتين مسألة الست نينتك.
فردوس
:
ما لها الست نينتي؟
فهمي
:
ما بتقابلوش بعض ليه؟
فردوس
:
مش شغلك يا عزيزي، كده أحسن لنا احنا الجوز.
فهمي
:
طيب علشان خاطري يا فردوس تبدري بكره وتشأَّري على الولية الكبيرة وتصالحيها؛
لأنه مفيش عشرة أصلح لك من عشرة والدتك.
فردوس
(تتثاءب)
:
خلاص.
فهمي
:
أيوه بزيادة كده النهارده، لما يهف على بالي حاجة تانية أبأه أقولها لك
(تجي تقوم يحوشها) فهمت كلامي كله؟ يا
فردوس المسألة بسيطة في كلمة أنا عاوز إني أدي لعشرتنا صبغة شريفة، وعاوز كمان
إنك تتعلمي الأدب والرقة والترتيب.
فردوس
(تنهض)
:
أطيعه ده حمَّى وافدة ماهوش خالص في نهاره (تقعد جنب
الترابيزة) ألا من حق قول لي انت سبق جبت لي سيرة أهلك، ولكن
ما عمركش جبت لي سيرة المرحوم عمك، هو مات أمته؟
فهمي
:
من زمان، لا مش من زمان أوي خمس ست اشهر.
فردوس
:
آه فكَّرتني، كنت جيت لي متأخر يوم وقلت إنك كنت في معزة حضرة عمك. هو
ده؟
فهمي
:
أيوه، الله يرحمه.
فردوس
:
طيب ليه ما قلتش نهاريها إنك ورثته؟
فهمي
:
إنت عاوزة الحق، أنا كنت متردِّد في عشرتك وخفت إذا حكيت لك مسألة التركة يمكن
تشبطي فيها، وهو كل شيء له أوان.
فردوس
:
أشبط.
فهمي
:
إنت بتزعلي من الحق ليه؟
فردوس
:
حد يزعل من الحق ألَّا أشبط (تضحك) والمرحوم
ترك لك أد إيه؟
فهمي
:
ترك أد أيه؟!
فردوس
:
أيوه ترك لك كام فدان ولا كام ألف جنيه؟
فهمي
:
يجي سبعين ثمانين فدان في المنوفية.
فردوس
:
يعني ثمانين فدان.
فهمي
:
ثمانين فدان.
فردوس
:
ثمانين فدان دي عزبة عال.
فهمي
:
طبعًا عزبة عال، لو كنَّا ما نرهنش ولا نبعش ونحوش من الإيراد، والَّا بعدين تروح من
إيدينا.
فردوس
:
طيب من فضلك سقف لي على عيوشة تجهز لي تربيزتي.
فهمي
:
إنت خارجة والا إيه؟
فردوس
:
خارجين سوى نوصِّي فرن حسن أبو زيد علشان القُرص، وأشوف لي بدلتين وملاية من
عند الجمال (تنهض).
فهمي
(لنفسه)
:
بدلتين وملاية من عند الجمال حتة واحدة كده!
فردوس
:
واحنا راجعين نفوت على الخواجة مشيل أحسن خاوتني على القرشين اللي عليَّ
له.
فهمي
:
حقا إلَّا دي. أنا ما ادفعش ديون قديمة.
فردوس
:
هو أنا قلت لك ادفع لي حاجة. ماتخفش على فلوسك أنا واحدة قنوعة ولانيش طماعة،
المال ده إن كتر والا قل مالوش في نظري قيمة، وأظنك لحد امبارح تعرف إن إيدي
سايبة ولا أحاسبش.
فهمي
:
دينك بتاع مشيل ده كثير.
فردوس
:
كثير إيه يعني (تقوم تبعد).
فهمي
(يرجع)
:
مفيش في نفسك حاجة تكون بسيطة ولا تخربش بيتي وانا أجيبها لك، عاوزة
إيه؟
فردوس
:
عاوزة سلامتك.
فهمي
:
مش عاوزة حاجة.
فردوس
:
لا … لقدام شوية لما تحوِّش لك قرشين.
فهمي
:
طيب يبقى فيها فرج.
فردوس
:
تعرفش حد عنده بيت صغير في سوق السلاح، تشتريه وتكتبه على إسمي؟
فهمي
:
أشتري كده بيت أول ما يشطح ينطح.
فردوس
:
بس ماتزعلش أنا رزقي على الله، هو أنا قلت يعني إنك لا سمح الله بعد عمر طويل،
إذا ربنا خد وديعته، متبقاش روحك قلقانة عليَّ، وتكون تركت لي حاجة تستحق عليها
الرحمة، ياما الرجالة بيعملوا لنسوانهم، إنت لسه ما سقفتش على الخدامة؟ (يسقف).
فهمي
:
عيوشة دي تقيلة، ابقي قولي لها إنها تغير خطتها معاي وتكلمني جد، بقيت دلوقت
سيدها، ياما سمعتها تقول سي فهمي واللا فهمي وقف بزيادة بأه مهزأة من الخدامين،
خليها تقول البيه من الآن فصاعد.
فردوس
:
من عينيَّه يا حبيبي (تسقف).
عيوشة
:
سي فهمي بتسقف؟
فردوس
:
يو جتك إيه يا عيوشة، ابقي قولي البيه من هنا ورايح.
عيوشة
:
حاضر، سعادة البيه عاوز حاجة؟
فردوس
:
أيوه طلعي الترابيزة والجزمة الجديدة القطيفة وشنطة اليد.
فهمي
:
حتاخدي وياك مفتاح الشقة؟
فردوس
:
لا ما فيش لزوم (تخرج عيوشة) إنت مش معاك
المفتاح الثاني؟
فهمي
:
أيوه.
فردوس
:
سلمه لي بقا يا حظ.
فهمي
:
لا ده بُعْدِك.
فردوس
:
ماتعملش زي العيال … مدام بقه البيت بيتك، ومفتوح لك رسمي، في أي وقت مفيش لزوم
للمفتاح اللي معاك.
فهمي
:
صحيح مالوش لزوم عندي.
فردوس
(لعيوشة اللي دخلت)
:
بصِّي له كده، مش سحنته انقلبت؟ (تلبس
ملابسها).
عيوشة
:
سلامة نظرك، ده صحيح سحنته بقت شكل كده.
فردوس
(لعيوشة بصوت واطي)
:
منين الجواب ده اللي كان على الترابيزة؟
عيوشة
:
جدع صغير جابه، وترجاني إني ما قولش عليه لحد.
فردوس
:
أنا قريته وعرفت اسم الكاتب (تضحك) قولي
لسي كامل ده إن جوابه رقة وذوق وعجبني أوي.
عيوشة
:
تحبي يقابلك؟ آهو آعد عندي في المطبخ.
فردوس
:
وليه ساكته لحد دلوأت؟ أهو إنت تمللي كده.
فهمي
:
يا تره بيوشوشوا بعض بيقولوا إيه؟ (يدنو
منها) فردوس بتقولي إيه للبت الخدامة دي؟
فردوس
:
كنت باوصيها على البيت، وأقول لها فتحي عينيك.
فهمي
:
أنا عشمي فيك إنك ما تهزأنيش أدَّام الناس.
فردوس
:
مايصحش يا سي فهمي بلا كلام (تفتح درج
الترابيزة) خد فاتورة الخواجة مشيل حطها في جيبك، وابقي اديها لي
لما تحصل دكانه.
فهمي
:
خلاص.
فردوس
:
أنا جاهزة (يخرجان).
المشهد السابع
عيوشة
:
لازم فيه حاجة، لازم فيه حاجة، الظاهر إن الست غيَّرت الهيأه، أما أفتح للجدع
الشقة أوريهاله (تنادي جهة المطبخ) اتفضل يا
أفندي.
أدهم
:
الست فين أمال؟
عيوشة
:
خرجت.
أدهم
:
خرجت!
عيوشة
:
ماعليهش استناها، فرغ الكتير ما بقي إلَّا القليل، دي ما قرت جوابك وانبسطت
منه.
أدهم
:
ده طبعًا، دنا أعدت أسوِّد وابيَّض في الجواب ده مدة، ونقلت نصه من تزيين
الأسواق.
عيوشة
:
وانت عمرك أد إيه يا كتكوت؟
أدهم
:
تمنتاشر سنة.
عيوشة
:
وما ليكش يا قلبي شغلة غير الجري ورا الستات؟
أدهم
:
لا أنا صنعتي كاتب محامي مختلط.
عيوشة
:
الحق عليَّ اللي عرفتك بستي، ما كنتش أعرف إنك صغير في السن كده، وماشي في الهلس
وتضيع فلوسك.
أدهم
:
أضيع فلوس! اللي حيلته حاجة يضيعها، ومع ذلك الله يرحم خالي اللي قالها يوم
لما كنت في سنك ما كنتش أحط إيدي في جيبي أبدًا.
عيوشة
:
وطي حسك أحسن سمعت الباب بينفتح (تبص من
الباب) الله دي الست رجعت تاني استخبا ورايه (يقفوا على الشمال في آخر الغرفة).
المشهد الثامن
فردوس
:
أما حتة دين بأف، نطع منوفي والَّا بلاش، يعمل لي موشح على عتبة الباب إكمن واحد
معرفة شاور لي بيده (تقلع ملايتها).
عيوشة
:
مين اللي زعلك يا ست؟
فردوس
:
مين سعادة البيه اللي بيغِير عليَّ، ولا يطيقش الهوى يفوت على خدي.
(عيوشة تشاور لأدهم يخرج.)
المشهد التاسع
فردوس
:
مين انت؟
أدهم
:
يا نور عيني وحياة قلبي.
فردوس
:
إنت اللي كتبت الجواب طيب معلهش كونك تشيع لي جوابات حب لكن كونك تجي عندي
بالشكل ده.
أدهم
:
أول زيارة تدهش والثانية تبسط والثالثة تفرفشك، وتبقي بعدها تستنيني على
نار.
فردوس
:
ده واد عينه قوية! إنت طالب إيه يا جدع؟!
أدهم
:
طالب رضاك.
فردوس
:
ده شيء بعيد.
أدهم
:
لكل مجتهد نصيب.
فردوس
:
وإيه في مقدورك تعمله؟
أدهم
:
أحبك.
فردوس
:
آدي أحسن كلمة قلتها، لكن آبله إنت واد هليهلي والا حزايني؟
أدهم
:
فرايحي على كيفك.
فردوس
:
ورفيق.
أدهم
:
بكره تشوفي.
فردوس
:
وتغير عليَّ.
أدهم
:
على إيه الدور على نمرة ١ في الغيرة (تضحك) تسمحي لي أقعد؟
فردوس
:
لا ماتقعدش أحسن نمرة واحد جي حالًا.
أدهم
:
إبقي خبيني في الزؤر.
فردوس
:
إنت ولد مجنون! إش عرفك بالحاجات دي، لكن معلهش الشباب معذور اللي في
عمرك.
أدهم
:
وفي عمرك يا فردوس.
فردوس
:
كده فردوس وقف اتأدب والا أطردك.
أدهم
:
إنت بتستغربي من ميلي لك مع إن حبي قديم وقلبي متولع من مدة؟
فردوس
:
من إمته إحكي لي؟ (تقعد.)
أدهم
:
فاكراش نهار ما كنتي خارجة في الشتا اللي فات من حمام الدهب؟
فردوس
:
حمام الدهب اللي في الحبانية؟
أدهم
:
أيوه كان يوم جمعة بعد الظهر، وكانت الدنيا برد، وحتة الحبانية موحلة بعد المطر
اللي نزل الضحى، وشوية وانت خارجة من الحمام ووراك خدامتك شايلة البقجة، وانت كنت
لابسه ملاية لف وبرقع كريشة ممزق وعروسة ذهب وقامطة بمنديل حرير زهر العتر.
ووشك أحمر زي صحبة الورد، وإديك زي حتة القشطة ومنغزين، والملاية اللف محبوكة
عليك تمام ومبينه كل حاجة، ولما شفت الوحلة قلت لعيوشة يارتنا ندهنا عربية، ورجلك
ازحلقت قمت قلت لك اسم الله يا أرض احفظي ما عليك، قمت إنت ضحكت وقلت يا دم كده
إيه ده اللي لسه ما طلعش من الأرض وبيفتح عينه، وبقه قمت أنا قلت ده زرع بدري
ومشيت وراك نهاريها لحد البيت، وكنت من حين لآخر تضربيني نظرة تدوبيني بها، فقلت
في نفسي دي قلبها طيب وماشية على مهلها، واتعرف بها ولو أبيع هدومي ولازم أوصل
لها.
فردوس
(تضحك)
:
أنا مش فاكرة قصتك دي، لكن إذا كان الكلام ده صدق تكون الصحبة قديمة قديمة
ونص.
أدهم
:
دنا شفت الغلب لما وصلت لك.
فردوس
:
بس بقه بزيادة النهارده قوم انزل.
أدهم
:
الساعة بقت سبعة وأنا مارحتش الشغل، والواجب على الناس الطيبة إنه إذا أمسى
المسا على ضيوفكم يحوشوهم على العشا، فياهل ترى أنا معزوم الليلة؟ الأكل من عندك
والشرب والحظ من عندي والَّا إيه؟ (يسمع
كلام).
فردوس
(تتسمع)
:
بس بقه إنت مش سامع الكلام اللي في الفسحة؟
أدهم
:
أنا عارف، مين؟
فردوس
:
مين؟
أدهم
:
نمرة واحد؟ الكافية اللي ربنا بيحدفها على العشاق في وقت غير مناسب.
فردوس
(تبصر)
:
فهمي رجع يا دهوتي (لأدهم) خش يا أدهم
استخبا هنا، أنا برده قلت الواد واقع ولازم أدوخه.
المشهد العاشر
فهمي
:
مسا الخير على عيونك يا دوسه.
فردوس
:
مسا الخير على عيونك يا قلبي، إنت جي ليه بعد اللي جرى؟
فهمي
:
إنت لسه زعلانة وخلاص عشرتنا. هو العيش والملح مالوش عندك خاطر؟
فردوس
:
العيش والملح يظهر في أولاد الحلال، أنا لا بطردك ولا بحوشك.
فهمي
:
يعني باطه.
فردوس
:
وحياة راس المرحوم عمك ماتدايقنيش، وريني عرض كتافك.
فهمي
:
أشوفك إمته؟
فردوس
:
لما يهفك الشوق.
فهمي
:
إنت عاوزانا ننفصل؟
فردوس
:
زي بعضه عندي.
فهمي
:
طيب يالَّه نصطلح ولاتبقيش تزعلي، والحق عليَّ في مسألة الصبح.
فردوس
:
ما فيش داعي للصلح. سيبني دلوقت أنا حزينة ومكرنكة، ولا أحبش حد يضايقني لما
أكون كده، يمكن أروق لوحدي.
فهمي
:
طيب خدي أدي وصل الخواجة مشيل، دفعت له القرشين اللي كانوا عليك.
فردوس
:
بقي إن شا الله في المستقبل ماتدفعش اللي عليَّ إلا بزيطة وزنبليطة والا إيه،
إن شاء الله تكون قعدت تقطع في فروتي عند مشيل.
فهمي
:
أأقطع في فروتك! هو أنا متعود على الحاجات دي.
فردوس
:
بقى ماتسلِّيتوش انتو الاثنين على حسابي؟!
فهمي
:
أنا كنت والله مهتم بحسابه، وكان ظني إن عملة زي دي تبسطك.
فردوس
:
أنبسط من إيه حبيبي علشان قرشين لا هم طالعين فوق ولا نزلين تحت، علشان دين
بتاع الكلفة والركامة، ده فيه كثير بيحبوا يدفعوا لي خمسين دين مش دين
واحد.
فهمي
(لنفسه)
:
دهيا تشيلها وتشيل دينها، مبقاش إلا دينها وحسابها وفاتورتها وحصة في بيت
المسألة، بقت كلها فلوس في فلوس.
فردوس
:
إن كنت عاوز تعاشرني يا حبيبي، إعرف أخلاقي أحسن لك وأحسن لي، مش حيفيدك غيرتك
ورزالتك دي، أنا عملت كل اللي طلبته؛ طردت واحد بيه تمام كان شايف كيفي بمعنى
واحد ولا في الدنيا ماكانش مخلِّيني عايزة حاجة، حتى لبن العصفور إن طلبته يجيبه،
وكان واثق مني ولا عمره يخونني ولا عمريش خنته.
فهمي
:
فردوس.
فردوس
:
ما عمريش خنته. إنت سامع، فإما تمشي على خطته والا يجرى لك عكس اللي جرى له؛
يعني أخونك بالعربي.
فهمي
:
أنا عاوز يجرى لي عكس اللي جره له، أنا مش عاوز أبأه زيه إنت نسيت؟
فردوس
:
أنا مش ناسية حاجة، أنا عارفة إنت طلبت مني إيه وأنا وعدتك بإيه، أنا ماعمريش
وعدتك بحبي، الحب ده شيء ماتفهموش وانا ماعمريش قلت لك إني من الملايكة. كل
إنسان واللي انكتب له ولا حدش خالي من العيوب. وإذا كان حضرتك ناوي إنك تعمل لي
موشح كل ما واحد معرفة يسلم عليَّ، والَّا واحدة ست تزورني، والَّا واحد قريبي يشيع لي
جواب، دي مسألة ماتهمنيش.
فهمي
:
دي المسألة وسعت، دي مش واحد بس اللي حيزاحمني دول كل الناس قرايب وحبايب
ومعارف!
فردوس
:
نهايته، خلصنا أهي مرة وعدت، يالَّا اتفضل وريني عرض اكتافك.
فهمي
:
إزاي؟!
فردوس
:
إنت ناوي تقعد يا حبيبي؟
فهمي
:
طبعًا.
فردوس
:
اتفضل يا ميت مرحب (تصلح الترابيزة اللي عليها
الكوتشينة).
فهمي
:
رجعنا للكوتشينة زي ما كنت بتعملي للأولاني فردوستي دوسه.
فردوس
:
مش عايزة أسمع حسك.
فهمي
:
بس كلمة واحدة.
فردوس
:
ما فيش فايدة مش حرد عليك، اقطع.
فهمي
(بعد ما قعد)
:
أنا عملت غلطة.
فردوس
:
وهي؟
فهمي
:
كنت قبله مبسوط أكثر من دلوقت.
فردوس
:
قبله إمتى؟
فهمي
:
لما ما كنتش لوحدي.
فردوس
:
خلصنا، وانا عملت اللي طلبته مني وطردت الراجل العِدِل (إلى عيوشة التي تدخل): خبر إيه يا عيوشة؟
عيوشة
:
البيه الأولاني هنا، حسني بيه، وبيقول إن حضرتك كتبت له جواب صعب وعاوز
يصطلح.
فردوس
:
سامع يا سي فهمي، تقدر تزوغ لو كنت عاوز. إيه رأيك؟ اتكلم، صممت على إيه؟
فهمي
:
آدي اللي صممت عليه (يقوم يستخبا) ترجع
ريمة لعادتها القديمة.
فردوس
:
لا مش من هنا (تقرب من الباب الذي فيه
أدهم) اخرج يا جدع من هنا وأوعك تتكلم (يخرج أدهم من اليمين).
فهمي
(من الشمال)
:
الله هو لحقنا جبت لي واحد خلف.
فردوس
(لعيوشة)
:
خلي البيه يخش (يدخل حسني. تفتح الورق) أهلًا يا عيني، كنت بافتح الورق
علشان أشوف إنت جي لي إمته.
فهمي
:
ربنا يديم حبنا.
حسني
(من الداخل)
:
آه يا مغفل …
(ستار)
(تمت الرواية بحمد الله وحسن توفيقه.)