الفصل الخامس عشر
لم يستطِع حامد أن يُكمل حديثه مع سعدون في يومه هذا، فتركه وذهب إلى الفندق الذي يُقيم فيه هو والحاجة توحيدة. بعد أسبوع عاد إلى سعدون الذي بادره قائلًا: أتعرف ماذا صنعتَ بي؟
– أنا؟ أنا لا أصنع بكَ إلا الخير كل الخير.
– هو ذاك. لقد أحسستُ بما صنعتَه أنت أن الله غفر لي ما تقدَّم من ذنبي، وترك لي الحرية فيما تأخَّر. أرجو أن أكون كفئًا للأمانة.
– أنت كفء لها إن شاء الله.
– لم أتصوَّر أن يُقام باسمي مسجد وأظل أنا شاربًا للخمر.
– الله أكبر!
– منذ تركتَني لم أذُق نقطة خمر ولم أترك فرضًا.
– اللهم لك الحمد والشكر.
– وسأسافر إلى الخارج في أمريكا لأُنظِّف دمائي ممَّا لوثته بها من خمور.
– على بركة الله. المهم، لقد جئتُك اليوم في أمر يُهمني ويُهمك.
– أنا إرادتك عندي أمر.
– قُم واطلب زوج ابنتك الدكتور أمجد.
– وهو كذلك، ودون أن أعرف فيمَ تُريده.
وقام سعدون إلى التليفون، ووجد أمجد بالبيت فطلب منه أن يأتي إليه.
وما هي إلا بضع دقائق حتى كان أمجد معهما، ويقول الحاج حامد: لم أشأ أن أُفاتح سعدون بك في هذا الأمر إلا أمامك.
وقال أمجد: أنا تحت أمرك يا عم الحاج، فإنني أُكنُّ لكَ كل احترام.
– أُريد أن أُزوِّج ابننا شهاب من ابنتنا هناء.
وأُرتج على دكتور أمجد، وقال سعدون بعد ريث تفكير: يا أمجد إن شهاب لم يصنع إلا ما يصنعه شباب كثيرون، وسوء حظه هو الذي كشفه.
وقال الدكتور أمجد: كلنا خطَّاءون، ولكن ألَا نترك فرصةً للزمن لننسى.
وقال الحاج حامد: عقاب الزاني غير المحصن يختلف عن حد الزاني المحصن، هل سأُعلِّمك الشريعة يا دكتور؟
– البشر لهم عاداتهم وقيمهم الخاصة، وهي لا ترتبط بالحدود الشرعية.
وقال سعدون: اذكر قول المسيح.
وقال دكتور أمجد: لا أستطيع أن أرميه بحجر، فكلنا خطَّاءون.
وقال الحاج حامد ضاحكًا: أنت كنتَ في أوروبا، أتُريد أن تقول لي إنكَ كنتَ فيها ملاكًا من السماء؟
وضحك دكتور أمجد، وأكمل الحاج حامد: نعم اضحك. والله لو حلفتَ لي إنك لم تُخطئ في أوروبا ما صدَّقتك.
وضحك ثلاثتهم وقال سعدون: أعرفَت هناء بالحكاية؟
وقال دكتور أمجد: وهل كان يمكن أن تَخفى عنها؟
وقال سعدون: وماذا كان تعليقها؟
وقال دكتور أمجد: ابتسمَت وقالت مسكين.
وناقشتُها فيمَ تقول مسكين؟ قالت: لقد انكشف شهاب هذا كل ما في الأمر.
وقال الحاج حامد في سعادة: زادها الله عقلًا. هيه ماذا قلت يا دكتور أمجد؟
– من جهتي أنا لا مانع.
وقال الحاج حامد: طبعًا تسألها وتسأل خالته أيضًا.
قال سعدون: طبعًا خالته ستكون سعيدة، ولكن اسمع يا أمجد، اترك هناء لأسألها أنا.
– أمرك.