الفصل الثالث
(صباحًا شمسٌ حادة، حرش مغيض وفي وسطه نهر على
شاطئه قارب، وعن بُعْد تُرى قلعة إنكليزية.)
الجزء الأول
(إميل، ثيابه مبللة.)
إميل
:
أين رشدي ومن أنا من نصيري
ما الذي حلَّ بي وكيف
مصيري
يا ترى ما هذي الجراح وماذا
كان من أمر عيلتي وأجيري؟
أين أهلي ماري وأين أراها
ولويزا وشارل خير أمير
وسسل وألفريد هلمُّوا
أين أنتم يا شقوتي من
مجيري
هل تُرى من سيف سنكرام ذقتم
شرَّ موتٍ فغبتمُ في
القبور
أم ترى أنتم تتيهون مثلي
في البراري وما لكم من
نصير
أين أغدو وهل أنا في منامٍ
ضاع رشدي لله كيف مسيري
أين أمضي من ذا يرقُّ لحالي
يا إلهي عليك جبرُ الكسير
أنت عون الضعيف يا خير ملجا
فأجب راحمًا دعاء الفقير
هُدَّ حيلي وقد عدمت نشاطي
يا ترى هل أُصيب شخص
نظيري
كنت في الرغد عائشًا صرت أشقى
مَن غدَا مبتلًى بعيش
مرير
أيها الدهر لم تعظِّم سروري
فيك إلا لكي تزيد شروري
آه يا دهر ما أظلمك! في ليلةٍ واحدة أعدم امرأتي وأولادي
ومالي وثروتي، وكل ما جنيتُه طولَ حياتي. آه من ظلمك يا
خئون! من ذا يرحمني وأنا في هذه القِفار والأحراش أنادي
ولا سميع، وأستغيث ولا مجير! آه يا موت، ولكن عائلتي … فإن
متُّ أنا كيف تكون حالتها، ومن ينقذها من مصابها! آه، لولا
ذلك لكنت أنتقم منك أيها الدهر الغدار، وأقتل ذاتي كيدًا
بك … لله أين يا ترى ذهبوا، وكيف ساروا؟ قالوا لي إني
أجدهم في القلعة الإنكليزية التي هنا عند النهر، وقد كلَّت
قواي من التعب وأنا أُفتِّش عن القلعة لأهتدي إليهم ولا
أجدها، كيف أمضي وأين أسير؟ من هنا أم من هناك؟ آه يا
ليتني قُتلت حقيقةً يوم هجم الجنود علينا، وتركونا نظير
قتلى على أرض الجنينة. يا ليتني متُّ حقيقة، لماذا لم
أستطع الحراك حينئذٍ ليتأكد الهنود أني لم أزل حيًّا
فيبادرون ويقتلونني، ولا كنت أحيا فأصير إلى ما صرتُ إليه.
آه من ظلمك أيها الدهر الخئون! هل بقيَ نوع من أنواع
العذابات وما أذقتنيه.
يا مريش النبال عن قوس غدر
ويك مهلًا فأين أنت تريشُ
لم تدع فيَّ من محلٍّ خَلِيٍّ
من سهام البغيِ ولكن
أعيشُ
لست أحيا إلا لطول عذابي
فارْمِ ما رُمتَ أسهمًا لا
تطيش
أي نعم، عذِّب كما تشاء، فقد بلغت بتعذيبك إياي الحد،
فلم يَعُدْ تعذيبُك لي عذابًا، ولا يخشى قط غريقٌ من
البلل، فارشقني أنَّى شئت بسهام ظلمك أيها الدهر الخئون،
إنما ارفقْ وتحاشَ امرأتي وأولادي، فإنهم لا يطيقون جورك
أيها الباغي. آه وا لوعتي … أين أجد أولادي، وامرأتي؟ أين
ترى تكون هذه القلعة؟ وكيف أسير لأمضي إليها؟ كيف أعدو ولم
أزل ما شفيت شفاءً تامًّا من جراحي؟ فقد خانتني صحتي ولم
يبقَ لي قُوًى. ترى أين أنتَ يا شارل، وماذا حلَّ بك؟ هل
مُتَّ أم لم تزل حيًّا؟ أين ألفريد؟ أين لويزا؟ أين ماري؟
أين سسل؟ أين دونا؟ قالوا لي إن الفقير سار بهم، ولكن إلى
أين؟ وهل لم يصادفهم الهنود في الطريق يا ترى؟ آه يا
سنكرام يا غدار، خُنتني ونسيتَ معروفي وفضلي وجازيتني
بالبغي والغدر يا ساقط الهمة! آه، هُدَّ حيلي وضعفت قواي،
أين أمضي؟ وكيف أسير؟ … (يقف) ما هذا الذي أراه، أهذه القلعة أم
عيني تغشُّني … نعم قلعة. (يتقدم) هي هي القلعة الإنكليزية. (يتقدم ثمَّ يقف) وا أسفى،
كيف أصل إليها ودوننا هذا النهر العظيم، ولم يَعُدْ لي حيل
لأقطعه عومًا؟ كيف السبيل إلى قطع هذا النهر؟ أرشدني يا
باري البرايا، وارمقني بعين عنايتك، والطف بعبيدك فأنت
أرحم الراحمين. (يلتفت)
ما هذا؟ وهل أنا في يقظة أم في منام؟ أم هذا قارب؟ (يتقدم إلى القارب) نعم
قارب. (يجثو) أشكرك
اللهم يا مجيب الدعوات، وأطلب إليك أن تساعد عيلتي كما
ساعدتني وأوجدتَ لي هذا القارب لأجتاز عليه النهر، فأنت
عون الضعيف وجابر الكسير ومغني الفقير. أنت تهيئ حتى
للعصافير والنمل أرزاقها. أنت الحياة والقدر، أنت الواحد
الفرد الصمد، فعاملنا برحمتك أنت السميع المجيب. (ينهض) فلنغتنم هذه الفرصة
ونركب القارب ونتوجه على بركة الله إلى القلعة، عسى أطلع
هناك على خبر من عائلتي وعن شارل إذ كان لم يزل حيًّا. آه
… إن التعب أضواني! (ينزل القارب
إلى الماء) عونك يا عون الضعيف. (يركب القارب ويأخذ المجاذيف ويجذف
ويتوجَّه في النهر عكس الجهة التي يدخل منها حتى يأتي
ذكره.)
الجزء الثاني
(إميل (في النهر) – ماري – لويزا – ألفريد – سسل –
فقير (حامل ألفريد) – دونا)
فقير
:
من هنا، من هنا، فلم يعد عليكم خطرٌ أبدًا، وانتظروني في
هذا الحرش لأسعى بإيجاد مدد لنا.
ماريا
:
لا، لا تذهب فتتركنا وحدنا يا فاعل الخير.
لويزا
:
آه يا أمي، فقد انحلت قواي. (تقعد على الأرض من تعبها، والجميع يقعدون بكل
حزن.) فاتركوني وسيروا.
ماريا
:
يا لويزا، لا تزيدي لوعتي بمثل هذا الكلام يا
ابنتي.
ألفريد
:
ماما، تعالي نروح إلى البيت ونأكل، فقد صرتُ جوعان،
ماما.
ماريا
:
تقطَّعْ يا قلبي، وتفتَّتي يا كبدي، ابني يطلب الأكل وما
عندي أطعمه. أتترك يا رب خليقتك هذه الضعيفة بغير مدد؟ أما
أنت الذي أوجدتها؟ أما هي عمل يديك؟ من أين أطعمه؟ هل أشق
قلبي فأطعمه إياه؟ ولكنه لم يتعود أكل المرائر، فمن أين
أغذوه؟ من ذا ابتُلي مثل بلوتي!
سسل
:
أظن هذه قلعة إنكليزية. (تلتفت
ماريا.)
ماريا
:
آه، سكن روعي قليلًا، وهذا قارب في النهر وفيه رجل.
(يقومون جميعًا، ويتقدمون
ناحية النهر ويصرخون بأعلى أصواتهم.) هي هي.
(فيلتفت إليهم إميل فيعرفهم
ويعرفونه.)
إميل
(صارِخًا)
:
ماري، ألفريد، لويزا.
ماريا ولويزا
:
إميل.
ألفريد
:
بابا، بابا.
فقير وسسل ودونا
:
سيدي إميل.
إميل
(يريد أن يوجه القارب ناحيتهم، فينقلب
ويقع صارِخًا)
:
آه. (ويختفي في
الماء.)
ألفريد
:
بابا، بابا. (يرمي ذاته إلى
النهر ويختفي أيضًا.)
ماريا
(تصرخ)
:
آه، ابني، زوجي. (تهُمُّ أن
ترمي نفسها في النهر فتمنعها لويزا
وسسل.)
فقير
:
ارجعوا، ارجعوا. (ويرمي نفسه
إلى النهر.)
ماريا
:
دعوني، اتركوني، ألا ترون زوجي وابني قد غرقا؟
لويزا
:
أمي أمي، الفقير يخلصهما.
الجزء الثالث
(الجميع إلا إميل)
سسل
:
لله يا سيدتي … ها … هذا ألفريد خلصه الفقير. (تلتفت فترى الفقير في الماء وعلى
ذراعه ألفريد مغشيًّا عليه، وأثوابهما مبللة، فتأخذ
ألفريد وتعانقه.)
ماريا
:
ابني حبيبي، المروءة يا فاعل الخير وخلِّص زوجي.
فقير
:
لا ترتعبي يا سيِّدتي، فألفريد خلصته، أما زوجك فقد قذفه
تيار النهر وما قدرت أن أنقذه ولا عاد ذلك في إمكاني الآن،
ولكن لا تخافي، فربما يصدفه مركب ما فيخلصه عند فم النهر،
والمسافة ليست ببعيدة سيَّما التيار يقذفه.
ماريا
:
آه يا إميل، هل كنت موعودة أني أراك ثمَّ أعدمك في
دقيقةٍ واحدة؟
لويزا
:
آه يا والدي الحنون.
سسل
:
لله يا سيدتي، افتكري الآن بإنقاذ ألفريد، فإنه مغشيٌّ
عليه.
لويزا
:
آه يا أبي …
فقير
:
لله لا تزيدي أمك حُزنًا وافتكري بأخيك.
ماريا
:
ابني حبيبي ألفريد.
ألفريد
(يستفيق)
:
ماما، ماما.
ماريا
:
حبيبي ألفريد ولدي.
فقير
:
إذ قد صحا ألفريد الآن، فابقوا هنا، فأنا ذاهب أفتش
علِّي أن أجد أحدًا يعيننا على ما نقاسيه ويأتينا
بمدد.
ماريا
:
وكيف تتركنا وحدنا؟
فقير
:
قلت لكم لا تخافوا، فما من خطر عليكم هنا، وأنا حالًا
أرجع (ويذهب).
ماريا
:
لا شك أنك ملاك أرسلك الله إلينا لتساعدنا في
مصائبنا.
جرَّد الدهر من الغدر حسام
ورمانا بسهام الإنتقام
أيقاسي أحدٌ بين الأنام
ما نقاسيه، فيا لله ما
يا عيوني بالبكا جودي فقد
فرغ الصبر وأحرمنا المدد
الجزء الرابع
(ماريا – لويزا – سسل – دونا – ألفريد)
ألفريد
:
ماما، بابا في النهر، ماما.
ماريا
:
آه يا ربي! اذرفي يا عيوني الدموع السخينة، فكنت أضنُّ
بك لمثل هذا الحين.
لويزا
:
لله يا أمي أشفقي على ذاتك وعلينا!
سسل
:
لله يا سيدتي اعتصمي بالصبر.
ماريا
:
لله اتركوني قليلًا، خذوا ألفريد واذهبوا تظلَّلوا في ظل
تلك الشجرة، ودعوني أسترح قليلًا، فإني كلما رأيتكما
تضاعفت أحزاني. لله يا ابنتي، اتركوني قليلًا إن كنتم
تحبونني، خذوا ألفريد ودعوني برهة.
سسل
:
الأوفق أن نتركها في خلوة، فهلمِّي بنا يا شقيقتي.
(دونا تحمل
ألفريد.)
الجزء الخامس
(ماريا – لويزا – سسل – دونا – ألفريد)
(يجلسون تحت ظل شجرة وينامون هناك.)
ماريا
:
يا رب ما هذا البلاء ترى فهل
أوجدتني لأكون في البلوى
مَثَلْ
من ذا تكبد ما أقاسيه ومن
مثلي تحمَّل بلوةً لا
تُحتمل
يا عين جودي بالبكا وتحسَّري
يا مهجتي وتفتتي مما حصل
قد كنت أطلب أن أرى زوجي وقد
عاينته يا ليت قصدي ما
اكتمل
قد كان لي أملٌ بأني ربما
ألقاه حيًّا بعد بُعدٍ
محتمل
فلقيته لكن غدوت ولم يعد
أملي بأن ألقاه ذياك
الأمل
وا حسرتاه فمن يرق لحالتي
لله من ظلم الزمان وما
فعل
إني أسير وكيف أصنع يا ترى
وا حيرتي وا لوعتي كيف
العمل
كيف السبيل إلى الخلاص ولم يعد
(تلتفت وترتعب مما يأتي، وتصرخ وتغطي
وجهها بيدها.)
ماذا أرى ويلاه قد حان
الأجل
الجزء السادس
(ماريا – سنكرام – عسكر هندي – لويزا – سسل –
ألفريد (نائمين تحت الشجرة))
(سنكرام والهنود يخرجون من وراء شاطئ النهر
رويدًا رويدًا متلصصين إلى أن تراهم ماريا.)
سنكرام
:
أنت هنا وقد عجزنا ونحن بالتفتيش عليكم، فاستعدوا الآن
لما تستحقون. (ماريا لا تزال
ساترة وجهها بيدها.)
ماريا
:
آه آه …
سنكرام
:
لا تتأوَّهي وتتعبي بلا فائدة، بل إن رُمتِ الخلاص من
يدي قولي لي أين هي لويزا فلا أوذيكِ.
ماريا
:
كذبتَ يا مهان يا ناكر المعروف، تذكَّر كم كنتُ أعاملك
بالشفقة حين كنتَ خادمًا عندنا، وكم أحسنت إليك!
سنكرام
:
تذكري أنت، فكم خدمتكِ مع أني ابن ملك! والآن فقد آن
أوان الانتقام وأخذ الثأر، فلا خلاص لك من يدي إلا بأن
تهديني إلى لويزا.
ماريا
:
لله يا سنكرام …
سنكرام
:
لا يفيدك الآن بكاك وتذلُّلك، أين لويزا؟
ماريا
:
يا قاسي القلب.
سنكرام
:
أين لويزا؟
ماريا
:
يا عديم الشفقة …
سنكرام
:
أين لويزا!
ماريا
:
يا …
سنكرام
:
أين لويزا؟ أقول لك أين لويزا؟
(هنا لويزا تستفيق.)
ماريا
:
كفاكَ جورًا وظلمًا يا ساقط النخوة والشهامة، تذكَّر
…
سنكرام
:
إلى هذا الحد يا شقيَّة … اقبضوا عليها في الحال
وأذيقوها أمرَّ العذاب.
(تتقدم الهنود إلى ماريا.)
لويزا
:
ارتجعوا يا لئام. ها أنا ذا أمامك يا خائن يا غدار يا
عديم المروءة، فاترك أمي وعذِّبني أنا.
سنكرام
:
لويزا … (تتكئ من حزنها كأنها
أُصيبت بالغشيان.)
سنكرام
:
لويزا، أنا أعذبك. وكل ما فعلته هو لأحصل عليك؟
لويزا
:
خسئت يا ذليل، فالنجم أقرب.
سنكرام
:
افتكري يا لويزا إنك الآن في قبضة يدي، فلومك على نفسك،
لا تجعليني أعاملك بالقساوة ضد إرادتي.
لويزا
:
وهل من قساوة أعظم من هذا يا بربري الطباع، أين شيم
الرجال؟ ولكن أين أنت والشيمة؟!
سنكرام
:
أقصري يا لويزا، ما عدت لأحتمل هذا الاحتقار ممن لا
أعدها الآن أكثر من أسيرة ذليلة عندي، وإن كانت في الحب
مالكتي، واحذري أن يتحول حبي إلى البغضاء، واعلمي بأن بغضي
يكون كحبي شديدًا، فاختاري.
لويزا
:
هاك صدري أيها الخائن، فأغمد حسامك فيه. ترجو مني أن
أُجيب طلبَ مَن لا أعده أكثر من مُهان ذليل.
سنكرام
:
قَلَّ الِاحتمال … بادروها وأذيقوها العذاب، واسحبوها
ولنبادر للذهاب.
(يتقدم الهنود وتُسحب لويزا فتلتفت
ماريا.)
ماريا
:
ابنتي يا قاسي القلب، إلى أين يمضون بها؟
سنكرام
:
ما من جواب، ارجعي، سيروا.
لويزا
:
لقيتَ الويل يا ساقط الهمة يا نسل الكلاب.
ماريا
:
اقتلوني قبل أن تمضوا بها، يا لويزا.
سنكرام
:
باطِلًا.
ماريا
:
ماذا المصاب!
(ألفريد وسسل ودونا يستفيقون.)
ألفريد
:
ماما، أختي لويزا. (ويدل
عليها.)
سسل
:
أمي، ما هذا؟ أين يمضون بأختي لويزا؟
الجزء السابع
(ماريا – ألفريد – سسل – دونا)
ماريا
(تريد تتبع لويزا)
:
آه ارحموني (تسقط إلى
الأرض).
سسل
:
أمي، سيِّدتي ماريا.
ألفريد
:
ماما، ماما (باكيًا).
ماريا
:
آه لويزا، اتبعوها.
سسل
(تذهب كأنها تريد أن تتبع لويزا
وترجع)
:
أمي أمي، استفيقي، لله تقطع قلبي … كيف العمل …
أمي!
ألفريد
:
ماما، ماما (باكيًا).
الجزء الثامن
(ألفريد – سسل – ألبرت – فقير – نوتيان – ماريا
(مغشيًّا عليها) – دونا)
فقير
:
ها هم هنا، أسرع .. أين لويزا؟
سسل
:
انظروا … هناك … سنكرام … لله أدركوهم.
ألبرت
(ملتفتًا نحو لويزا)
:
لبيك يا لويزا، فقد أتيت. (يريد أن يذهب.)
فقير
:
مهلًا يا سيدي لا تعجل.
ألبرت
:
دعني فلا بدَّ لي … (يريد أن
يهجم.)
فقير
:
تأنَّ تأنَّ، فعليَّ …
ألبرت
:
كيف أتأنَّى؟! أراها بين أيدي هؤلاء الوحوش الضارية
وأصبر عنها؟!
فقير
:
سيِّدي لا تخاطر بنفسك، فإننا بغاية الاحتياج إليك، وإذا
تبعتهم فلا تنجح، وما تفعل وأنت وحدك وهم جمع غفير؟
ألبرت
:
لا أبالي بهم، ولو كانوا فوق الألوف عددًا، ولا أرتجع
عنهم وأكون بهذا المقدار ساقط الهمة. الموت الموت، ولا
الصبر عنها.
فقير
:
سيِّدي، تمهل، فأنا أدرى منك وأعلم بأحوال الهنود. فإذا
كنت حقيقة تحبُّ هذه العائلة وترغب في تخليصهم فدعني
أدبِّر الأمور، وتعالَ معي لأُعلمَكَ بما عزمتُ عليه وأنت
تساعدني، وإلا فتضرَّ ذاتك وتضرهم أيضًا، حيث في ضررك
يعدمون حامية لهم يحتاجون إليها عند حلول نوائب كهذه،
فاسمع كلامي وطاوعني فترى ماذا أفعل، وفي هذا الليل أخلصها
وعند الصباح يَحمَدُ القومُ السُّرَى.
ماريا
(مستفيقة)
:
آه أين أنا؟
ألبرت
:
قومي يا سيِّدتي.
ماريا
:
من هذا؟ … إميل.
ألبرت
:
أنا ألبرت، قومي لا ترتعبي ولا تخافي.
ماريا
:
ألبرت … آه … (تشير بأصبعها
لجهة لويزا) لويزا، لويزا.
ألبرت
:
أنا أسعى لخلاصها، فسكِّني روعَكِ.
ماريا
:
أسكن روعي … وإميل …
سسل
:
لله يا أمي لا تُذكِّري ابنك ألفريد به.
ماريا
:
ألقوني في النهر لألحق بزوجي.
ألبرت
:
لله قومي ولا تزيدي ارتباكًا. (يساعدها على القيام.)
فقير
:
اتبعوني، وعليَّ تدبير الأمور.
الجميع
:
بحالنا أنت العليمْ
فارفق بنا وكن رحيمْ
مِنَّا عليك الاتكال
فكن نصيرًا
ذقنا العنا بعد الهنا
وقد دنا
مِنَّا الفنا فارفق بنا
يا ربنا
وكن لنا يا ذا الجلال
دومًا مُجيرًا