الفصل الرابع
(أرضٌ مرملة، وفي الجهة اليمنى منها خيمةٌ هنديةٌ
عظيمة حولها حرس ٤، في الليل، ضوء قمر ونجوم وقنديل مُعلَّق على باب
الخيمة.)
الجزء الأول
(سنكرام – لويزا (داخل الخيمة) – حرس (حول
الخيمة))
سنكرام
:
اسمعي يا لويزا، هذا آخر كلام أقوله لك، فقد عجزت وأنا
أعدك وأتوعدك، وما رأيت منك سوى النفار. فإمَّا أن تقبلي
أو تُقتلي، وإني أترك لكِ فرصة ربع ساعة لا غير لتُراجعي
أفكارك، فأنا ذاهب وسأرجع بعد قليل لآخذ منك الجواب
الأخير. (وهو خارج)
احترسوا جيِّدًا عليها لئلا تهرب، وأنا أرجع
قريبًا.
الجزء الثاني
(لويزا (في الخيمة) – حرس ٤)
لويزا
(تنشد ثمَّ تنام)
:
وضنى قلبي العذاب
موغِرًا صدري
أيها المولى القدير
انصر المغلوب
فيك إن لاذ الفقير
فاز بالمرغوب
الجزء الثالث
(لويزا (نائمة في الخيمة) – حرس ٤ – فقير)
(يدخل الفقير متلصِّصًا ومبتعدًا عن المضرب،
ويتلفَّت إلى الداخل كأنه يخاطب أحدًا.)
فقير
:
اصبروا هنا واتَّكِلوا عليَّ، فقد ذهب سنكرام، وباقي
الشغل عليَّ لتخليصها. فانتظروني هنا ولا تأتوا
بحركة.
حرس
:
من الطارق؟
فقير
:
أخوك يا ابن الهند. (يتقدم
إليهم) إنِّي فقيرٌ متسول، وقد تُهت في
القفار، ومنكم أرجو الضيافة هذه الليلة، وإني لأطربكم
بصوتي وأسقيكم مشروبًا لذيذًا إذا قبلتموني.
حرس
:
مرحبًا بك، إذن أرنا بضاعتك وهات ما عندك. (يُخرج من جيبه مشروبًا هنديًّا
ويجالسهم.)
فقير
:
حُييتم من كرامٍ، اشربوا وتلذَّذوا (يسقيهم). (حرس
يَتصبَّبون.)
ونجوم الليل تشهدْ
وعبير الزهر فاحْ
اشربوا الكاسات طفحى
واغنموا قبل الفواتْ
واسألوا الرحمن صفحًا
وأعدوا هات هات
أدرها على زهر الكواكب
والزُّهرِ
وإشراق ضوء البدر في صفحة
النهرِ
ومزِّقْ رداء الليل وامنح
بنورها
دجاه وطفْ بالشمس فينا إلى
الفجر
فقير
(يسقيهم)
:
اشربوا اشربوا.
حرس
:
أحسنت، نشرب ونطرب، نغتنم فرصة غياب أميرنا.
فقير
:
كيف رأيتم هذا المشروب؟
حرس
:
لذيذ، لذيذ.
فقير
:
اشربوا اشربوا، (يسقيهم) قبل أن يرجع أميركم. (لنفسه) دارت الخمرة
فلنزدهم أيضًا. (يسقيهم) إن هذا الشراب نادر الوجود،
اشربوا.
فطف ببنت الدوالي
فإن فيها الدوا لي
(الحرس ينامون.)
فخمرة عتَّقوها
عذراء تبري العليلا
مثل العروس جلوها
تبدو فتروي الغليلا
فقير
(لنفسه)
:
ناموا، أظن (يجرب)
خذوا اشربوا خذوا … مساكين، فلنغتنم هذه الفرصة حالًا.
(يدخل المضرب ولويزا نائمة،
فيناديها) لويزا، لويزا، لويزا. (تصحو لويزا
بارتعاب.)
لويزا
:
أبدًا أبدًا، فموتي أحبُّ لديَّ من أن أجيب طلبك، فاقتصر
واقتلني.
فقير
:
لويزا، انتبهي، أنا الفقير وأتيت لأخلصك.
لويزا
:
الفقير!
فقير
:
نعم الفقير، فقومي حالًا واتبعيني، فأمُّكِ والجميع
ينتظرونك بالقرب من هنا.
لويزا
:
والحرس؟
فقير
:
الحرس ناموا، لا تفتكري، فقط عجِّلي واتبعيني، هاتي يدك.
(يأخذ
يدها.)
لويزا
:
هل أنا في يقظة أم في منام؟ (يخرجان.)
الجزء الرابع
(لويزا – فقير (خارجان من المضرب) – حرس ٤
(نيام على ناحية) – ألبرت (مُطِلًّا).)
ألبرت
:
قد غاب الفقير، فما عسى يكون حدث؟ (ملتفتًا إلى الداخل كأنه يخاطب
أحدًا.) انتظروا هنا لأرى ماذا جدَّ.
لويزا
:
أين أمي؟
ألبرت
:
ما هذا الصوت!
فقير
:
اخفضي صوتك، الجميع هنا بالقرب مِنَّا.
ألبرت
:
يا ربي، ما هذا الصوت!
فقير
:
اصبري، من هذا؟
ألبرت
:
أنا، أنا، أنا ألبرت.
لويزا
:
ألبرت (تتقدم إليه)،
أمي، أخي.
ألبرت
:
ها هم.
الجزء الخامس
(حرس (نيام) – فقير – لويزا – ألبرت – ماريا – سسل
– ألفريد – دونا – نوتيان)
ماريا
:
لويزا.
لويزا
:
أمي (تتعانقان).
فقير
:
هذا ليس وقته الآن، فبادروا نهرب قبل رجوع سنكرام، وما
زال الحرس نيامًا.
ألبرت
:
والله إني لا أبرح من هنا حتى ألتقيه وأجازيه على ظلمه،
أما هو قاتل سر شارل صديقي وأخي سسل، وأنا سبب كل هذه
الفتن؟ فكيف أتركه وفيَّ رمق.
سسل
:
يا حسرتي عليك يا شارل، ليلة زفافك تُقتل.
ألبرت
:
والله إنِّي لست أجري راجعًا
عنه ولو لاقيت معه حمامي
سيذوق موتًا أحمرًا من صارمي
وإذا انثنيت فما أنا
بحِمامي
فقير
:
لله سيروا وأريحونا من انشغال البال.
ألبرت
:
كيف أسير وقد سنحت لي الفرصة بأن آخذ بثأر أخيها صديقي
شارل، فلا أنثني عن عزمي حتى أدرك ثأره أو أموت، فاذهب أنت
وخذهم واسبقوني ودعوني هنا فأنتظره إلى أن يحضر.
سسل
:
كيف ندعك وحدك في الخطر ونسير؟
ألبرت
:
ما من خطر عليَّ الآن، فإن الحب يقودني.
فقير
:
يا سيِّدتي، إن بقاءك هنا مضرٌّ بألبرت، فإنه يلتزم بسبب
ذلك أن يدافع عنه وعنك أيضًا، فلا يتمكن من قتل قاتل
أخيك.
سسل
:
أصحيح هذا؟
ألبرت
:
سسل، لم يعد بإمكاني كتم أمري، فإني أخاف أن أموت ولا
تعلمين بسري؛ ولذلك أبوح بما كنَّته ضمائري، فاعلمي أني
لما تحققت أنه لم يبقَ لي سبيل إلى الحصول على لويزا يئست
من الحياة. إنما يوم نظرتك أول مرة فكأنني حيث ابتدأت
بعمرٍ جديد، فيا لها من نظرة علقت قلبي بمحبتك! فأنا الآن
أحبك وأعاهد الله أنني لا أمتنع عن حبك إلا بالموت، فهل
تجيبينني بالمثل، وهل لي أمل؟
سسل
:
آه يا ربي.
ألبرت
:
ما بالك لا تجيبينني؟
سسل
:
وهل لم يتضح لك بعدُ ما بقلبي من الحب الخالص؟
ألبرت
:
فليأتِ الآن سنكرام وكل الهنود وأبطال الأرض أجمع، حسبي
من حبِّ سسل مِجَنٌّ يدفع عني ضربات العدى، ومن حبي لها
قوة لا توصف ولا تُردُّ.
دونا
:
اصبروا، إنِّي أرى شبحًا وافدًا من بعيد.
فقير
:
اذهبوا اذهبوا، هذا هو.
ألبرت
:
سسل، أعطني يدَكِ وتذكَّريني.
فقير
:
أسرعوا، ها هو وصل.
سسل
:
ألبرت، يد الله تقويك.
الجزء السادس
(ألبرت – سنكرام (يدخل المضرب بدون أن ينتبه
إلى ألبرت).)
سنكرام
(داخل المضرب)
:
لويزا، لويزا. (يخرج)
أين تهربون بها يا لئام؟
ألبرت
:
ارجع، فلن تصل إليها إلا بعد أن تمرَّ على جسدي ودون ذلك
أهوال.
سنكرام
:
ويك، من تكون يا عدو الوطن؟
ألبرت
:
ما آن بعدُ أن تنساني، فتذكَّر مبارزتنا أول أمس حينما
التجأت إلى الهزيمة يا ذليل.
سنكرام
:
كذب الجبان …
ألبرت
:
لبيك، تمت بغيتي (يضرب سنكرام
فيسقط).
سنكرام
:
آه يا لويزا!
ألبرت
:
مُت يا خئون بحسرتها. (الحرس
يستفيق.)
حرس
:
ما هذه الحركة؟
سنكرام
:
يا إخوتي، خذوا بثأري.
ألبرت
:
قد استفاقوا، فبادروهم بالحال.
حرس
:
أميرنا قُتل، هلموا نخبر باقي إخواننا (يهربون).
ألبرت
:
هربوا، هربوا، مساكين، هلمُّوا بنا نتبع النساء لئلا
يلحق بهن ضرر (يذهبون).
حرس
(يرجعون متلصصين)
:
ذهبوا، ذهبوا، تعالوا نأخذ جسد أميرنا معنا لكي يصدقونا
(يأخذونها
ويذهبون).
الجزء السابع
(صباح متبلج، شاطئ بحر، صخورٌ كثيرة
ورمال.)
(إميل ثيابه مبللة مُلقًى على صخور
حزينًا.)
إميل
:
آه، أين أنا؟ ماذا أصابني؟ إني أتذكَّر ما جرى عليَّ،
ولكن هل هذا في يقظة أم في منام؟ يا ترى ماذا حلَّ بكِ يا
ماريا ويا لويزا حينما شاهدتماني غريقًا؟ وماذا يحلُّ بكما
يا ترى إذ تعلمان أنني نجوت؟ ولكن من يعلم إن كنتما لم
تزالا على قيد الحياة أم وقعتما في أيدي الهنود؟ من لي
بإيصال أخبارهما إليَّ وإعلامهما بحياتي؟ يا ربي، من أين
أسير؟ وأين أفتش عليهما؟ وأين أجدهما؟ من هذا؟ … يا ربي،
هل هذا وهم أم حقيقة؟ … ماريا، لويزا، ألفريد …
الجزء الثامن
(إميل – ماريا – لويزا – سسل – ألفريد – دونا –
الفقير)
ماريا
:
إميل …
ألفريد
:
بابا …
لويزا
:
أبي …
سسل
:
سيِّدي إميل …
فقير
(باكيًا)
:
مساكين … إنكم لمستحقون هذا الحظ بعد ما قاسيتموه من
العذاب.
إميل
:
كم من حوادث! كم من صدف! (يدخل
ألبرت.) من أرى؟
سسل
:
ألبرت …
ألبرت
:
قتلتُه.
إميل
:
من هو هذا؟
الجميع
:
سنكرام.
إميل
:
قتلت سنكرام؟
ألبرت
:
نعم، قتلتُه.
فقير
:
وأين النوتيان اللذان برفقتك؟
ألبرت
:
وأنا آتٍ نظرتكم من بعد، وقد رأيت عن بُعد في البحر
قاربًا يتنسم أخباري، فأمرت النوتيين أن يأتيا به إلى هنا
لنركب ونسير.
فقير
:
حيث اجتمع شملكم الآن، ولم يعد لي من لزوم عندكم، وقد
خلصتم من كل خطر، فاسمحوا لي بالانصراف، وقصدي أن أفتش عن
سر شارل إذا كان لم يزلْ حيًّا فأخبره بأمركم
يَتْبعُكم.
إميل
:
كيف نسمح لك بالذهاب على هذه الحال؟ أما أنت الذي
أنقذتنا من عدة مهالك؟ أما أنت الذي خاطرت بحياتك لأجلنا؟
فلا تجعلنا بهذا المقدار عديمي المعروف والجميل.
ألبرت
:
بل تذهب معنا إلى فرنسا، وهناك تعيش عندنا على السعة
والدعة.
فقير
:
لا يا سادتي، فإني لا أحب أن أفارق أرضًا ترقد فيها عظام
أجدادي، فاسمحوا لي بالذهاب.
إميل
:
كيف تذهب ولا تدعنا نكافيك على جميلك!
فقير
:
إن مكافأتي وصلتني سلفًا، فجميلكم سابق، واعلموا أني لم
أفعل ما فعلت إلا مقابلة للمعاملة التي كان يعاملني بها
ألفريد، فكان دائمًا يحسن إليَّ حينما كنت ألتمس من بيتكم
الصدقة، والآن، أنا ذاهب، وقد وفيت ما عليَّ لكم من الدين.
أما أنت يا ألفريد، فداوم عملك السابق بإحسانك إلى الفقير،
فإن الله يحب المحسنين. (الفقير
يذهب.)
(القارب يقرب من الشانة.)
إميل
:
مسكين، من ذا يصدِّق أنه يوجد بين الهنود رجل
كهذا؟
ألبرت
:
ها هو ذا القارب واصل.
إميل
:
أي نعم، ولكني أرى في البحر هيجانًا.
ألبرت
:
الظاهر أنه يحصل المد، ولكن يا ترى هل يتزايد
كثيرًا؟
إميل
:
لا أعلم، ولكن انظروا، انظروا، آه، هذا شيء مخيف.
الجميع
(بكل خوف)
:
آه … الهرب … اهربوا … (ضوضاء
عظيمة بين بعضهم.)
داركتنا المياه … الصخور العالية … أسرعوا …
(يصل القارب والنوتيان، يُنزلانِ الجميعَ
إلى القارب.)