الفصل الخامس
صالون في الفرقاطة الفرنساوية
الجزء الأول
(ضابط بحر فرنساوي)
ضابط
:
قد مضى أكثر من ساعة من حين إرسالنا القارب لملاقاة
رئسينا ألبرت وأصحابه، وإلى الآن لم يرجع. (يدخل بحري.)
البحري
:
سيِّدي، القارب الذي أُرسل من ساعة زمان عاد الآن، وهو
قريبٌ مِنَّا.
ضابط
:
الحمد لله، فإن فكري كان في غاية الاشتغال، امضوا حالًا
وألقوا الحبال من جهة اليمين لأن البحر هايج، فلا نقدر أن
ندلي السلالم.
البحري
:
سيِّدي، إن في القارب سيدات وأولادًا، فلا يقدرون أن
يطلعوا على الحبال.
ضابط
:
فإذن دلوا السلم، إنما احترسوا جيِّدًا من الأمواج.
(البحري
يذهب.)
وأنت امضِ حالًا وهيئ ما يلزم لراحة السيدات والأولاد بالعجل (يذهب).
وأنت امضِ حالًا وهيئ ما يلزم لراحة السيدات والأولاد بالعجل (يذهب).
ضابط
:
مسكين يا ألبرت، كم قاسيت من الأتعاب حتى اتصلت إلى
محبوبتك لويزا. (يكون ألبرت دخل
والضابط لم ينظره)، يوم وصولك تجد الدنيا
مقلوبة. الهنود عصاة، الحريق في بيت محبوبتك، القتل،
والأعظم من كل هذا محبوبتك تزوجت بسر شارل حيث كانت يئست
من انتظارك، مسكين يا ألبرت، مسكين!
ألبرت
:
لا يا صديقي، لا تقل هكذا، فقد صدفْتُ من أعتاض بها عن
لويزا، وهي أخت صديقي سر شارل، والآن تنظرها. أما لويزا
فقد صارت أختي بعهد الوداد السليم، والآن أرجوك أن تعطي
الأوامر اللازمة لتحضير ما يلزم للسفر، فإننا بهذا الليل
نسافر من كل بُدٍّ. (الضابط
يذهب) قد وعدت لويزا وسسل أني لا أسافر ما لم
أتحقق أخبار سر شارل، فإن كان لم يزل حيًّا يأتي إلينا
لنسافر معًا وإن كان قتل نعمل له الاحتفال اللازم. فعليَّ
أن أتمم ذلك قبل ذهاب النهار ولا أُضيِّع ولا دقيقة، فإن
وقتي ثمين. (ألبرت يستدعي
نوتيًّا بضرب جرس على الطاولة، يدخل نوتيٌّ فرنساوي،
ثمَّ يدخل إميل وماريا وألفريد ولويزا وسسل
ودونا.)
ألبرت
:
حضِّروا لي القارب الرسمي حالًا حالًا.
(البحري يذهب.)
إميل
:
القارب الرسمي، وإلى أين تمضي يا صديقي؟
ألبرت
:
أمضي إلى دلهي لقضاء بعض أشغال ضرورية قبل السفر، وحيث
وصلتم الآن إلى محلٍّ أمين، فأقدر أن أذهب وأرجع بعد
قليل.
سسل
:
آه ألبرت! كم أنت كريم وشفوق! ولكن ألا يمكنك أن تُبقيَ
هذا العمل إلى الغد؟ فإني أخاف عليك من عظم الريح وهياج
البحر.
إميل
:
وما عساه يكون هذا الشغل المهم؟
ألبرت
:
لا شيء سوى تقديم آخر واجبات عليَّ إلى بقايا صديقٍ
عزيز، وكونوا براحة من قبلي، فإن القارب الذي طلبت تحضيره
لا يُخشى عليه من الأرياح والأمواج لأنه ذو اثني عشر
مجذافًا، ولكن ما لنا وهذا؟! أخبروني عن راحتكم في المحلات
التي أُعدت لكم.
سسل
:
ألبرت إن تصرفك معنا هو فوق المأمول، إنما هل تظنُّ نجدُ
بعدُ راحةً في الدنيا بعد فَقْدِ سيِّدي شارل؟
ماريا
:
آه آه، هل من راحة لنا بعد ما قاسينا من المصائب وخسرنا
من الثروة والمال؟
لويزا
:
آه يا شارل، لهفي عليك! (يدخل
بحري.)
البحري
:
سيِّدي، وافد علينا مركب إنكليزي، وقد رفع لنا بعد
السلام إشارة تدل على أنه يريد أن يكلِّمَنا، فأْمُرْ بما
تريد نفعَلْ.
ألبرت
:
أطلقوا مدافع السلام حالًا، واستقبلوا الركاب وأْتوا بهم
إلى هنا. (بحري يذهب.)
ما عسى أن يكون هذا المركب؟ وماذا يا ترى يريد
بمواجهتنا؟
إميل
:
إن قلبي يدلُّني أن قدومه سعد لنا.
سسل
:
وأنا قد حسستُ بقلبي ما يدل على ذلك، وما على الله أمرٌ
عسير.
لويزا
:
آه، حال سماعي بكلمة إنكليزي خفق قلبي، فعساه
خيرًا.
(هنا يصير إطلاق مدافع من الناحيتَين.)
ألفريد
:
ماما، نحن فين ماما؟
(يدخل بحري.)
بحري
:
سيِّدي، القارب تهيَّأ حسب أمرك.
ألبرت
:
اصبروا الآن لنرى ما هذا المركب الإنكليزي. (يدخل بحريٌّ ثانٍ.)
بحري
:
جاء رسول من المركب الإنكليزي وهو يطلب مواجهتك.
ألبرت
:
قل له يتفضل. (البحريان
يذهبان.)
ألبرت
:
لا أعلم ما هذا الفرح الذي شملني الآن، ويا ترى من يكون
… (يدخل شارل.)
لويزا
:
شارل.
سسل
:
شارل.
(وهنا يصير سلام من الجميع بلهفة.)
الجميع
:
هل نحن في منام؟ (سسل ولويزا
تبكيان.)
شارل
:
لويزا، سسل، لماذا تبكيان؟
سسل
:
نبكي فرحًا بلقياك.
شارل
:
لا، بل اشكروا الله على خلاصكم وخلاصي. فبعد أن تُركْتُ
مثل قتيل في أرض البستان يوم المعركة وجدت أحد العساكر
الإنكليزية الذين كانوا برفقتي، وكان مطروحًا أيضًا كأنه
قتيل. فتعاونَّا على الخروج من البستان بكل عجز وعناء
وبدون أن يرانا أحد، وفي الحال توجهنا إلى دلهي حيث
تطبَّبْتُ حتى شُفيتُ من جراحي ونجوتُ من الخطر، فأخذت
أتنسَّم أخبارَكم إلى أن ألتقيتُ بالفقير المعلوم، فأخبرني
بأمركم بالتفصيل. فشكرت الله على نجاتكم، واسترخصت حالًا
من الحاكم العام لكي أحضر وأراكم، فأعطاني فرصة ثلاثة شهور
لكي أغير الهواء وأسعى بإصلاح صحتي كما يجب، فأسرعت وأتيت
وقد أصحبني الحاكم بهذا التحرير إلى سيِّدي إميل. (يعطيه التحرير، إميل
يقرأ). فأشكر الله على خلاصكم وخلاصي.
الجميع
:
نشكر الله.
شارل
:
لويزا، ما برحت من فكري ولا دقيقة، وكم تألمتُ عندما
أخبرني الفقير بأسْرِكِ عند سنكرام الخائن! ولكن كم سررتُ
إذ علمت أيضًا بأن صديقي ألبرت انتقم لنا وقتله.
لويزا
:
شارل، أخي ألبرت وأختي سسل قد أحبا بعضهما، وأنت تعلم أن
ألبرت يليق بها.
ألبرت
:
سيِّدي، قد طلبت يد السيدة سسل وأنعمتْ عليَّ بها بشرط
أن آخذ رضاك في ذلك إذا كنت باقيًا حيًّا، والآن أمام
الجميع أطلب إليك أن تقبلني صِهرًا لك وتظهر رضاك بما
كان.
شارل
:
بكل سرور أيها الصديق الوحيد، وأنا كنت السبب لحرمانك من
نصيب تنازلت لي عنه بكل طيبة خاطر، وفضلت صالحي على محبتك
العظيمة، فإني قابل بما كان بكل فرح. (يضع يد ألبرت بيد
سسل.)
إميل
(ينتهي من قراءة التحرير)
:
آه، أشكرك اللهم على هذه النعم الوفيرة.
ألبرت
:
بشِّر يا سيِّدي.
إميل
:
خذ اقرأ (يعطيه التحرير فيقرؤه
ألبرت).
ألبرت
(قاريًا)
:
الخواجة إميل التاجر الفرنساوي المقيم في ضواحي دلهي في
الهند، إنه قد بلغنا ما تكبدت من الأتعاب والعذاب والخسائر
الجسيمة حتى فقدت كلَّ ما تملكه يدك من نقود وديون
ومشتغلات وموجودات وأملاك وغيره، بسبب ثورة الهند
وعصيانهم، وتحققنا خدماتك السابقة بحق حكومتنا ومناضلتك ضد
الهنود، وبناءً على ذلك قَرَّ قرارُنا على أن نعوِّضَ عليك
ما فقدتَ، فخصصناك بمبلغ ثلاثة ملايين فرنك تعويضًا تُقبض
من بنك إنكلترا بموجب الحوالة الواصلة طيه، وذلك بُرهانًا
لخلوص محبتنا، وقد كلفنا بتبليغك ما يجب صهرك الجنرال سر
شارل.
شارل
:
نعم، فقد أنعمت عليَّ الحكومة برتبة جنرال مقابلة لما
قاسيته من غدر الهنود، فقد كانت حياتي في خطرٍ
عظيم.
ألبرت
:
اسمح لي إذن أن أهنئك بهذه الرتبة أو بالحري أن أهنئها
بك، فأنت أهل لأرفع منها. (يقرع
الجرس فيدخل بحري.)
ألبرت
:
الجنرال … أطلق في الحال المدافع تبشيرًا بارتقاء السر
شارل إلى رتبة جنرال. (البحري
يخرج.)
ألبرت
:
وحيث الحالة هذه نرجوكم أن ترافقنا إلى فرنسا حيث نجعل
العُرْسَين في يومٍ واحد ونقيم الأفراح.
شارل
:
أحسنت، وعندي رخصة ثلاثة شهور أمضيها معكم. (المدافع.)
الجميع
:
رتبة وفدت
بالهنا والسعود
بالتهاني بدت
ووفت بالوعود
فتهنَّ بها
راقيًا للعلا
أو نهنئها
فيك بين الملا
أبشروا بالحبور
بعد تلك الشرور
فالعذاب مضى
والمصاب انقضى
وأديروا الخمور
واهرعوا للسرور
فالزمان صفا
ووفا وشفا١
جاء بعد العسر يسر
فاهنئوا بعد العَنا
وافرحوا دومًا وسرُّوا
بأويقات الهنا
وأديروا الكأس طفحى
بمزيج الطرب
واغنموا فوزًا وربحًا
بعد نيل الأرب
واستعدوا للرحيل
فدنا وقت السفر
واشكروا فضل الجليل
حيث حاشانا الخطر
قد بلغنا ما نروم
ولقد تم المرام
ليس بدعا فالسليم
فاز في حسن الختام٢
١
قد: كوينه بر كونيه هار.
٢
قد: بفتة هندي.