مجلدات المشكلات
أشك الآن في أن الكون ليس فقط أغرب مما نظن، بل هو أغرب مما يُمكن أن نظن.
إن إمكانية تقليص عدد المشكلات المُستعصية في العلوم يُشبه أن نطلب من نهر المسيسبي الجبار أن يتدفَّق عبر خرطوم مياه. ومع أننا ناقشنا أكبر خمس مشكلات في العلوم بشيءٍ من التعمُّق، فإن هناك مجموعة من المشكلات الأخرى التي تستحقُّ أن يلفت إليها العلماء انتباههم وجهودهم. وربما يكون بعض هذه المشكلات أصعب من المشكلات الخمس التي ناقشناها.
تتضمن مجلدات المشكلات بعض المشكلات المُستعصية الأخرى في العلوم وتُناقشها باختصار. وإذا أردت الحصول على المزيد من المعلومات عن هذه المشكلات ومشكلات أخرى، فستجدها متاحةً في مصادر عديدة. انظر قسم «مصادر للتعمق» في نهاية الكتاب.
مشكلات الفيزياء
يسلك الضوء مسلك الموجات في بعض الحالات التجريبية ويسلك مسلك الجسيمات في البعض الآخر. إذن، هل الضوء موجة أم جسيم؟ الإجابة هي لا أحد منهما. فالجزيئات والموجات هي ببساطة نماذج تقريبية لسلوك الضوء. لكن الضوء في الحقيقة ليس جسيمات أو موجات. فالضوء مُعقد للغاية بحيث لا يمكن لهذه النماذج المُبالغة في تبسيط تصويره.
الثقوب السوداء، التي ناقشناها في الفصلَين الأول والسادس، هي عادة ألباب دائمة الانهيار داخل النجوم الكبيرة التي خضعت لانفجار مُستعر فائق. وهذه الثقوب تكون كثيفةً جدًّا لدرجة أنه حتى الضوء ليس لدَيه السرعة الكافية التي تُمكنه من الإفلات منها. ونتيجة للطبيعة العالية الضغط للثقوب السوداء يصعب تطبيق قوانين الفيزياء المعتادة على محتواها. علاوة على ذلك، ونتيجة لعدم قُدرة أي شيءٍ على الإفلات من الثقوب السوداء، فلا يمكن القيام بأي تجارب لاختبار أي نظريةٍ عن آلية الوظائف الداخلية الخاصة بها.


كما ناقشنا في الفصل الثاني، ربما تستطيع نظريات الفيزياء التي تحاول أن تتخطى حدود النموذج القياسي أن تُحدد في النهاية عدد الأبعاد في الكون، وربما تستطيع أيضًا تزويدنا ﺑ «نظرية كل شيء». لكن لا تجعل اسم النظرية يخدعك. ففي حين أن وضع نظرية كل شيء سيوفر قاعدة جيدة لفهم الجسيمات الأساسية، كما يشير العدد المطلق للبنود في قائمة المشاكل المستعصية، فإن هذه النظرية ستترك الكثير من الأسئلة المهمة والمثيرة للاهتمام دون إجابة. فكما هو الحال مع موت مارك توين، إن الزعم بنهاية العلوم، بسبب ظهور نظرية كل شيءٍ، مُبالَغ فيه بشدة.
يبحث الكثير من المراصد الآن عن دليلٍ لوجود موجات الجاذبية. إذا اكتشفت هذه الموجات فإن هذه الاهتزازات في بِنية الزمكان سوف تُعطينا القدرة على التنبؤ بحدوث تغيرات عنيفة ومفاجئة في الكون، مثل المستعرات الفائقة، واصطدامات الثقوب السوداء، وأحداث أخرى مُحتملة لم نُدركها بعد. للمزيد من التفاصيل، انظر كتاب «تموجات في الزمكان» لدبليو وايت جيبس.
يحدث التوصيل الفائق عندما تنخفض المقاومة الكهربية لإحدى المواد إلى صفر. وفي هذه الحالة يستمر التيار الكهربي الموجود في المادة في السريان دون فقد الطاقة الذي يُصاحب السريان العادي للتيار في مواد مثل أسلاك النحاس. أُثبتت ظاهرة التوصيل الفائق لأول مرة عند درجات حرارة منخفضة للغاية (فوق الصفر المُطلق، −٢٧٣ درجة مئوية أو −٤٥٩ درجة فهرنهايت). وفي عام ١٩٨٦ استطاع الباحثون أن يصنعوا موادَّ ذات توصيل فائق في درجات حرارةٍ فوق نقطة غليان النيتروجين السائل (− ١٩٦ درجة مئوية أو −٣٢٠ درجة فهرنهايت)، وهذه السلعة متوفرة تجاريًّا. وفي حين أن الآلية الأساسية لهذه الظاهرة غير مفهومة بشكلٍ كامل، فإن البحث مستمر، بهدف تحقيق التوصيل الفائق في درجة حرارة الغرفة، الأمر الذي سوف يُقلل من فقد الطاقة الكهربية.
مشكلات الكيمياء
تُتيح لنا معرفة البِنى المدارية للذرات في الجزيئات البسيطة تحديد شكل الجزيء بسهولة إلى حدٍّ ما. مع ذلك فبالنسبة للجزيئات المُعقدة، وخاصة المهمة منها من الناحية البيولوجية، هناك افتقار للتحليلات النظرية لأشكالها. ويتمثل أحد جوانب هذه المشكلة في طيِّ البروتينات، وهو الأمر الذي سيُناقش في مجلد الأفكار ٨.
ربما تلعب عوامل بيولوجية مثل الوراثة والتأثيرات البيئية أدوارًا مهمة في تطوُّر أنواع السرطان. فإذا استطعنا تحديد هوية التفاعُلات الكيميائية التي تحدث في الخلايا المُصابة بالسرطان فيمكن تصميم الجزيئات بحيث يُمكنها إيقاف هذه التفاعُلات وتمكين الخلايا من مقاومة السرطان.
تتطلب عملية الإشارة في الخلايا أن تتوافق الجزيئات المناسبة بعضها مع بعض بطرُق تكميلية، لتنقل رسالة بين الخلايا. إن جزيئات البروتين هي الأكثر أهمية، وتؤثر أنماط طيِّها في شكلها. لذلك ربما تُساعد معرفتنا المتزايدة عن طي البروتينات في حلِّ هذه المشكلة.
قد تتضمَّن تلك المشكلة التي تُعد إحدى مشاكل الكيمياء الحيوية الدي إن إيه والبروتينات المُتعددة التي تُصلِح الدي إن إيه الذي قصر طوله بفعل عمليات النسخ المتكررة. (انظر مجلد الأفكار ٩، التقنيات الجينية.)
مشكلات علم الأحياء
ربما يمكن الإجابة عن هذا السؤال بمجرد حلِّ المشكلة المُستعصية التي ناقشناها في الفصل الرابع التي تتلخص في هذا السؤال: ما البنية الكاملة للبروتيوم وما وظيفته؟ بالتأكيد تظهر اختلافات في بِنية البروتين ووظيفته من كائن لآخر، ولكن بلا شك ستُوجَد أمور مشتركة كثيرة.
ظهرت خمس حالات للانقراض الجماعي على مدار اﻟ ٥٠٠ مليون سنة الماضية. ولا تزال تخضع أسبابها للبحث. كان آخر انقراض — والذي حدث منذ ٦٥ مليون سنة عند الحد الفاصل بين العصر الطباشيري والعصر الثالث — هو ذلك الذي شهد انقراض الديناصورات. كما يتساءل ديفيد روب في كتابه الذي يحمل اسم «الانقراض: جينات سيئة أم حظ سيء؟» (انظر قسم «مصادر للتعمق») هل انقرض السواد الأعظم من صور الحياة التي كانت موجودة في ذلك الحين نتيجة عوامل جينية أم نتيجة كارثة؟ هناك افتراض وضعه فريق الأب والابن لويس ووالتر ألفاريز يقضي بأن نيزكًا كبيرًا (يبلُغ قطره حوالي ١٠ كيلومترات أو ٦ أميال) قد اصطدم بالأرض منذ ٦٥ مليون سنة. وهذا الاصطدام خلق سُحب غبار ضخمة منعت من حدوث البناء الضوئي لفترةٍ طويلة، وأدَّى هذا إلى موت الكثير من النباتات وأنواع من الحيوانات من بينها الديناصورات. ومن الأدلة التي دعمت هذه الفرضية اكتشاف فوهة نيزك كبيرة جنوب خليج المكسيك عام ١٩٩٣. هل من المُمكن أن حالات الانقراض السابقة حدثت نتيجة اصطدامات مُماثلة؟ لا تزال الأبحاث والمناقشات مُستمرة بهذا الشأن.
لقد أطلق أستاذ التشريح البريطاني ريتشارد أوين اسم الديناصورات عام ١٨٤١ (وتعني «السحالي المُرعبة»)، عندما اكتشف ثلاثة هياكل عظمية غير كاملة لثلاثة أنواع من هذه الكائنات. وتولَّى رسام ونحات الحياة البرية البريطاني بنجامين ووترهاوس هوكينز مهمة إعادة رسم الحيوانات المنقرضة. ونظرًا لأن أول الأنواع التي اكتُشفت كان له أسنان كأسنان الإجوانا (وهو حيوان زاحف كبير)، كانت نماذج هوكينز تُشبه الإجوانا العملاقة، وأثارت ضجةً عندما عرضت علنًا. وبما أن السحالي من ذوات الدم البارد، فإن أول اعتقاد عن الديناصورات افترض أنها ذات دمٍ بارد أيضًا. لكن بعد ذلك افترض الكثير من العلماء أنه على الأقل كانت هناك بعض الديناصورات من ذوات الدم الحار. افتقرت هذه الفرضية إلى الدليل حتى عام ٢٠٠٠ عندما جرى اكتشاف قلب ديناصور حفري في ساوث داكوتا. كان هذا القلب على ما يبدو رباعي الحجرات، لذا فهذا دعم فرضية أنه كانت هناك ديناصورات من ذوات الدم الحار، نظرًا لأن قلوب السحالي ثلاثية الحجرات فقط. ومع ذلك فنحن بحاجةٍ إلى دلائل أكثر لإقناع الآخرين بأن هذه الفرضية صحيحة.
مع أن أبعاد العلوم الإنسانية لهذه المشكلة تأخُذها إلى نطاقٍ يتعدى حدود هذا الكتاب، فقد حاول الكثير من زملائنا العلماء دراسة هذه المشكلة المُثيرة للاهتمام.
هناك مدارس فكرية قوية عديدة عن الوعي البشري كما قد تتوقَّع. إحداها عبارة عن وجهة نظر اختزالية ترى أن الدماغ هو مجرد مجموعة واسعة من الجزيئات المتفاعلة وأننا سوف نكتشف في النهاية قواعد عملها. (انظر مقال كريك وكوخ بعنوان «مشكلة الوعي».)
هناك فكرة أخرى لها جذورها في ميكانيكا الكم. تقول هذه الفكرة إننا لا نستطيع فهم عدم خطِّية عمل الدماغ وعدم القدرة على التنبؤ به حتى يتطوَّر فهمنا للربط بين السلوكَين الذري والواسع النطاق للمادة. (انظر كتاب «العقل الجديد للإمبراطور» تأليف روجر بينروز.)
هناك وجهة نظر قديمة تقضي بأن العقل البشري يحتوي على مكونات غامضة خارج نطاق الاستدلال العلمي، ولذا فالعلم غير قادر على فهم الوعي البشري مطلقًا.
بالنظر إلى الجهود الأخيرة لستيفن وولفرم لإنتاج أنماط منظمة عن طريق تكرار تطبيق القواعد البسيطة (انظر الفصل الخامس)، فلن يكون الأمر مُدهشًا إذا طُبِّقَت هذه الطريقة على الوعي البشري وظهرت وجهة نظر جديدة.
مشكلات الجيولوجيا
لقد كانت العصور الجليدية شائعة عبر اﻟ ٣٥ مليون سنة الماضية، وتظهر كل ١٠٠ ألف سنة أو ما إلى ذلك. لقد تقدمت وتراجعت الكتل الجليدية في المنطقة المُعتدلة الشمالية، تاركةً آثارها في شكل أنهارٍ وبحيرات وركام جليدي. وعبر ٣٠ مليون سنة في الماضي، وحينما كانت الديناصورات تطوف وتجول في الأرض، كان المناخ أشد حرًّا من اليوم، لدرجة أن الأشجار كانت تنمو بالقُرب من القطب الشمالي. وكما رأينا في الفصل الخامس، فإن درجة حرارة سطح الأرض تعتمد على التوازن بين الطاقة الواردة والطاقة الصادرة. وهناك عوامل عديدة تتحكم في هذا التوازن، ومن بين هذه العوامل: الطاقة الصادرة من الشمس، وأي مخلفات فضائية تصادف الأرض أثناء حركتها، وتدفق الأشعة الكونية، والاختلافات التي تحدث لمدار الأرض، والاختلافات في الغلاف الجوي، والتغيرات التي تشوب الطاقة التي تبعثها الأرض (الألبيدو).
هذا مجال بحث مكثف، خاصة بالنظر إلى الجدل الدائر حديثًا حول انبعاث غازات الدفيئة. فالنظريات عديدة، لكننا نفتقر إلى الفهم الحقيقي.
يمكن التنبؤ ببعض الثورات البركانية، مثل بركان عام ١٩٩١ الذي حدث في جبل بيناتوبو في الفلبين، ولكن هناك ثورات براكين أخرى لا يمكن للتقنيات الحالية التنبؤ بها ولا تزال تفاجئ علماء البراكين (مثل ثورة بركان جبل سانت هيلينز في واشنطن في ١٨ مايو عام ١٩٨٠). تتدخل عوامل عديدة ومختلفة في مسألة الثورات البركانية. ولا تُوجَد نظرية واحدة يمكن تطبيقها على جميع البراكين.
يعد التنبؤ بالزلازل أصعب من التنبؤ بالثورات البركانية. ويرى بعض علماء الجيولوجيا البارزين أن التنبؤ الدقيق بالزلازل غير مُمكن. (انظر مجلد الأفكار ١٣، التنبؤ بالزلازل.)
لا يمكن الوصول إلى أعمق طبقتَين للأرض، وهما اللب الخارجي واللب الداخلي، لأن عمقهما وضغطَهما الكبيرين يَحُولان دون القيام بقياسٍ مباشر لهما. وكل ما يعلمه علماء الجيولوجيا عنهما جاء من الاستدلالات عن السطح والكثافة الكلية، والخصائص التركيبية والمغناطيسية، إضافة إلى دراسات الموجات الزلزالية. إضافة إلى ذلك، تُدْرَس النيازك الحديدية نظرًا للتشابُه بين تركيبها والتركيب العام للأرض. وأظهرت نتائج الموجات الزلزالية الحديثة وجود اختلافٍ في سرعات الموجات في الموجات الشمالية الجنوبية بالمقارنة بالموجات الشرقية الغربية، وهذا يُشير ضمنًا إلى وجود لبٍّ داخلي صُلب مُقسم إلى طبقات.
مشكلات علم الفلك
في حين أنه لا يوجَد دليل تجريبي على وجود حياة خارج نطاق الأرض، فإن النظريات التي تفترض وجود مثل هذه الحياة عديدة، وهناك جهود كثيرة تُحاول الْتقاط أي إشاراتٍ من هذه الحضارات البعيدة. (انظر مجلد الأفكار ٤، الحياة خارج الأرض.)
كما نتذكَّر من الفصل السادس، صنَّف إدوين هابل كل المجرات المعروفة على أساس شكلها. ورغم أن هذا الأسلوب يصِف بشكلٍ جيد الحالات الحالية للمجرَّات فإنه لا يساعد في فهم كيفية تطورها. ولقد قُدِّمَت نظريات عديدة لتفسير كيفية تكون المجرَّات الحلزونية والإهليلجية وغير المُنتظمة. وتعتمد هذه النظريات على فيزياء السُّحب الغازية التي سبقت المجرات. ولقد قدمت الدراسات التي تقوم على نماذج أجهزة الكمبيوتر الفائقة بعض الرؤى لكنها لم تُقدِّم نظريةً موحدة عن تكوُّن المجرات. ويتطلب الوصول إلى مثل هذه النظرية دراسةً أكثر وبيانات أكثر.
لقد تنبَّأت نماذج رياضية بوجود كواكب شبيهة بالأرض تتراوح بين القليل إلى المليارات منها داخل مجرة درب التبانة. ولقد رصدت تلسكوبات عالية الدقة أكثر من ٧٠ كوكبًا خارج النظام الشمسي، لكن يبلُغ حجم مُعظم هذه الكواكب نفس حجم كوكب المُشتري أو أكبر. وفي الوقت الذي أصبحت فيه الأبحاث التلسكوبية أعقد، فمن المُحتمَل اكتشاف كواكب أخرى وسوف تساعد هذه الكواكب في تحديد أكثر النماذج الرياضية دقة.
تقريبًا بمعدل مرة كل يوم، يُحدِث أحد انفجارات أشعة جاما وهَجًا في السماء. غالبًا يكون انفجار الطاقة هذا أكثر لمعانًا من البريق المُجتمِع لجميع مصادر أشعة جاما الأخرى. (أشعة جاما تُشبه الضوء المرئي لكنَّ لها ترددًا أعلى وطاقة أكبر.) لوحظت هذه الظاهرة لأول مرة في أواخر الستينيات من القرن الماضي، لكنها لم تُنشَر إلا في السبعينيات لأن آلات الرصد في ذلك الوقت كانت تُستخدَم لمراقبة أي انتهاكاتٍ لمعاهدة حظر التجارب النووية.
في البداية اعتقد علماء الفلك أن مصادر هذه الانفجارات ربما تقع في حدود مجرة درب التبانة. فالكثافة العالية لهذه الانفجارات أشارت إلى أنها لا بد وأن تكون قريبة.
لكن بعد جمع بيانات أكثر ظهر أن الانفجارات تأتي من كلِّ الاتجاهات وأنها ليست متركِّزة في مستوى مجرة درب التبانة.
في عام ١٩٩٧ رصد تلسكوب هابل الفضائي انفجار أشعة جاما منبعثًا من منطقةٍ بعيدة عن مركز مجرة خافتة تقع على بُعد مليارات السنين الضوئية. وبما أن المصدر ليس قريبًا من مركز المجرة، فإنه من غير المُحتمَل أن يكون الانفجار مدعومًا من الثقوب السوداء. لكن يقضي الاعتقاد الحالي بأن هذه الانفجارات تأتي من النجوم العادية الموجودة في قرص المجرة، وربما تكون ناتجةً عن شيءٍ مثل اصطدام النجوم النيترونية أو أجرام أخرى لا نعرفها.
تُعد الكواكب الداخلية الأربعة — عطارد والزهرة والأرض والمريخ — صغيرة وصخرية وقريبة من الشمس نسبيًّا. والكواكب الخارجية الأربعة — المشتري وزحل وأورانوس ونبتون — كبيرة وغازية وبعيدة عن الشمس. يأتي بلوتو بعد ذلك. ويملك سطحًا جليديًّا ومدارًا يختلف عن مدارات جميع الكواكب الأخرى. إنه صغير كالكواكب الداخلية، وبعيد عن الشمس كالكواكب الخارجية. من هذا المنظور يبدو بلوتو مختلفًا عن جميع الكواكب. فهو يدور حول الشمس بالقُرب من منطقة تعرف بحزام كايبر، تحتوي على أجرامٍ عديدة شبيهة ببلوتو. (يشير بعض علماء الفلك إلى هذه الأجرام بالاسم البلوتينوات.)
لقد قررت بعض المعاهد البحثية مؤخرًا استثناء بلوتو من قائمة الكواكب. وسيستمر الجدل حول وضع بلوتو إلى أن نصل إلى تفاصيل عددٍ من الأجسام الأخرى التي تقع في حزام كايبر.
يمكن تقدير عمر الكون باستخدام أساليب عديدة. يقدر أحد هذه الأساليب عمر العناصر الموجودة في درب التبانة، استنادًا على التحلُّل الإشعاعي للعناصر التي لها فترة عمر نصف معروفة، ثم يفترض أن العناصر تكونت (في المُستعرات الفائقة للنجوم الكبيرة) بمعدل ثابت. وفقًا لهذا الأسلوب، يكون عمر الكون ١٤٫٥ ± ٣ مليار سنة.
هناك أسلوب آخر يقوم على تقدير أعمار مجموعات النجوم، استنادًا على الافتراضات عن ديناميكيات ومسافات المجموعات. يقدر أن عمر المجموعات الأقدم يبلغ ١١٫٥ ± ١٫٣ مليار سنة، وهذا يجعل عمر الكون حوالي من ١١ إلى ١٤ مليار سنة.
باستخدام معدل تمدُّد الكون والمسافة إلى أبعد الأجسام نجد أن عمر الأرض من ١٣ إلى ١٤ مليار سنة. لكن الاكتشافات الحديثة التي كشفت عن تزايد معدل التمدُّد (انظر الفصل السادس) أثارت الشكوك أكثر حول هذا التقدير.
لقد ظهرت حديثًا طريقة مختلفة تمامًا. قاس تلسكوب هابل الفضائي، الذي يعمل قُرب حدود الرصد الخاصة به، درجة حرارة أقدم الأقزام البيضاء في العنقود الكروي إم٤. هذا الأسلوب يُشبه تقدير أعمار اندلاع الحرائق عن طريق قياس درجة حرارة جمراتها. من خلال هذه الطريقة اتضح أن عمر أقدم الأقزام البيضاء يبلغ من ١٢ إلى ١٣ مليار سنة. وبافتراض أن النجوم الأولى قد تكوَّنت قبل أقل من مليار سنة بعد الانفجار الكبير، فهذا يُشير إلى أن العمر الإجمالي للكون هو من ١٣ إلى ١٤ مليار سنة ويوفر مرجعيةً للطرق الأخرى.
في فبراير عام ٢٠٠٣، ساعدت البيانات القادمة من المركبة الفضائية «مسبار ويلكينسون لقياس تبايُن الخلفية الكونية الميكروي» في توفير أكثر التقديرات دقةً عن عمر الكون حتى الآن، وهو ١٣٫٧ ± ٠٫٢ مليار سنة.
يتضمن أحد الحلول المُمكنة لمشكلة زيادة سرعة تمدُّد الكون التي ناقشناها في الفصل السادس وجود أكوانٍ عديدة على أغشية منفصلة مُتعددة الأبعاد. ومع أن هذه الفكرة هي فكرة نظرية بحتة فهي تزوِّدنا بذخيرة رائعة للتأمُّل. للحصول على المزيد من التفاصيل حول الأكوان المُتعددة، انظر كتاب «موطننا الكوني» تأليف مارتن ريس، ومقالة دينيس أوفرباي بعنوان «منظور جديد لكوننا».
تتعرض الأرض باستمرارٍ لتصادُمات من جانب المخلفات الفضائية. ومن الأسئلة الحيوية التي يجب أن نسألها: ما حجم هذه الأجسام التي تضرب الأرض وما معدل حدوث ذلك؟ الأجسام التي يبلُغ قطرها مترًا (ياردة) تدخل الغلاف الجوي للأرض مرات عديدة في الشهر. وتنفجر هذه الأجسام غالبًا عند الارتفاعات العالية، وتُصدِر طاقة مساوية للطاقة التي تَنتُج عن قنبلةٍ ذرية صغيرة. هناك جسم يبلغ قطره حوالي ١٠٠ متر (١٠٠ ياردة) يصل إلى الأرض مرة كل قرنٍ تقريبًا ويُحدِث تأثيرًا أكبر. أدى انفجار أحد هذه الأجسام فوق غابة تونجوسكا في سيبيريا عام ١٩٠٨ إلى انهيار نحو ٧٠٠ ميل مُربع من الأشجار.
إن اصطدام جسمٍ يبلُغ قطره كيلومتر كل مليون سنة أو نحو ذلك يُمكنه إحداث دمار شامل وحتى تغيرات مناخية. واصطدام جسم يبلُغ قطره ١٠ كيلومترات ربما يكون هو السبب الذي أدَّى إلى القضاء على الديناصورات منذ ٦٥ مليون سنة. ومع أن جسمًا بهذا الحجم قد يأتي إلى الأرض مرةً واحدة فقط كل ١٠٠ مليون سنة، فقد اتخذنا الخطوات التي تجعلنا نتجنَّب حدوث هذا على حين غرة. لقد نُفِّذَ مشروع «الأجرام القريبة من الأرض» ومشروع «تتبع الكويكبات القريبة من الأرض»، بهدف اكتشاف وتتبع ٩٠٪ من الكويكبات التي يتراوح عددها من ٥٠٠ إلى ألف كويكب ويزيد طول قُطرها عن كيلومتر بحلول عام ٢٠١٠. هناك مشروع آخر يُسمَّى «مراقبة الفضاء» بجامعة أريزونا يهدف إلى مسح السماء لاكتشاف أي أجسام قد تصطدم بالأرض.
للمزيد من المعلومات، تفضل بزيارة المواقع الإلكترونية التالية:
بما أن الزمان والمكان بدآ مع الانفجار الكبير فإن مصطلح «قبل» يصبح عديم المعنى. هذا الأمر يُشبه التساؤل عمَّا يوجد شمال القطب الشمالي؟ أو، مثلما قد تصيغ الكاتبة الأمريكية جيرترود ستاين الأمر، لم يكن هناك «حينذاك» في ذلك الحين. ومع ذلك فهذه الصعوبات لا توقف أبدًا المُنظِّرين. ربما كان الزمن خياليًّا قبل الانفجار الكبير، وربما لم يكن هناك شيء على الإطلاق، والكون نشأ نتيجة تغير مؤقتٍ في الطاقة في الفراغ، أو ربما كان هناك تصادم مع غشاء آخر مُتعدد الأبعاد. (انظر سؤال تعدُّد الأكوان الذي ناقشناه من قبل.) ستجد هذه النظريات صعوبة في إيجاد دعمٍ تجريبي، حيث إن درجات الحرارة الهائلة لكرة النار البدائية فَكَّكَت أي بِنًى ذرية أو دون ذرية ربما أنها كانت موجودة قبل التمدُّد.