أعرفُ هذه الفضيلةَ فيك يا بروتس
تمامًا كما أعرفُ ملامحَ وجهِك! (٩٠)
والشرفُ هو موضوع حديثي معك.
لا أعرفُ رأيك أو رأيَ غيرك من الناس
في هذه الدنيا، ولكنني أفضِّل الموتَ
على أن أعيش في خوفٍ من آدميٍّ مِثلي! (٩٥)
لقد وُلدتُ حُرًّا مثلَ قيصر! وكذلك أنت!
كلانا يأكل الطعام! مثلما يأكل
ويحتمل بردَ الشتاء مثلما يحتمل!
وأذكُر مرةً في يومٍ زمهريرٍ عاصفِ الريح
علتْ فيه أمواجُ نهر التَّيْبَر ولاطمتْ ضِفتَيه (١٠٠)
أن قال لي قيصرُ «هل تجرؤ يا كاشياس
أن ترميَ بنفسك الآن معي في هذا النهرِ الغاضب
وتسبحَ إلى الشط الآخر؟»
ولم يكد ينتهي من عبارته حتى ألقيتُ بنفسي في الماء
بكامل عُدَّتي وسلاحي، وطلبتُ منه أن يَتبعني، ففعل. (١٠٥)
وانطلقنا نُجالِد اليمَّ الزاخر المزمجِر
بعضلاتٍ من حديد! نشُقُّ عُبابه، ونكبحُ جِماحَه،
بقلوبٍ عَقَدَتِ العزمَ على النضال.
ولكن قبل أن نصِل إلى الموضع المنشود
صاح قيصرُ «أدركْني يا كاشياس وإلا غرِقت!» (١١٠)
ومثلما فعل سلفُنا العظيم «إينياس»
الذي حمَل على كتفيه أباه «أنكيزس»
ليُنقذَه من ألسنةِ اللهبِ في طروادة
حملتُ على كتفِي قيصرَ الذي أنهكه التعب،
وأنقذتُه من غائلة الأمواج!
ذلك الإنسانُ الذي أصبح الآن إلهًا (١١٥)
تعنو له جبهةُ كاشياس المسكين التَّعِس
إذا ما أومأ قيصرُ إليه دون اكتراث!
وعندما كُنَّا في إسبانيا مرِض بالحمَّى
وكنتُ أراه يرتعد ويرتجف عندما تَحُلُّ به النوبة
أجلْ! كان ذلك الإلهُ يرتعد ويرتجف (١٢٠)
فيغيضُ اللونُ من شفتيه الجبانتين
ويذوي البريقُ في عينه التي يرتاع العالمُ اليوم لنظراتها!
ولقد سمعتُه يئن ويتأوَّه!
أجل! ذلك اللسانُ الذي أمر الرومانَ
أن يُتابعوا أقوالَه ويدوِّنوا خُطَبه في كتبهم (١٢٥)
سمعتُه يصرخ «أريد أن أشربَ يا تيتنيوس!»
مثلما تصرخ الطفلة المريضة. إيهٍ أيتها الآلهة!
لكم يُدهشني أن أرى رجلًا بمثلِ هذا الضَّعف والخَوَر
في مقدمة الصفوف في هذا العالم العظيم
حاملًا وحدَه قصَب السَّبْق! (١٣٠)