أكان بنو إسماعيل أول من عبد الحجارة؟
في رواية بعض مؤرخي العرب وأهمهم الأزرقي أن بني إسماعيل لما خرجوا من مكة للأسباب الاقتصادية أو السياسية التي ذكرناها، احتملوا معهم من حجارة الحرم تعظيمًا له وصبابة بمكة وبالكعبة، حيثما حلوا وضعوا فطافوا به كالطواف بالكعبة إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة، فلما خلفت الخلوف وتباعدت الأنساب نسوا ما كانوا عليه من دين إبراهيم واستبدلوا غيره به فعبدوا الأوثان، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم، ومنهم جماعة يتنسكون، وقد مزجوا بين عبادة الأوثان وبين بقايا دين إبراهيم فيحجون ويعتمرون ويقفون بعرفة والمزدلفة، وأدخلوا في هذا الدين ما ليس منه. وبعبارةٍ أخرى صار دينهم مزيجًا من بقايا دين إبراهيم وشعائر الحج ومن عبادة الأحجار والأصنام؛ فاندثرت الحنيفية شيئًا فشيئًا إلى أن زالت تمامًا، ورأى عمرو بن لحي أن يعوضهم عنها عبادة الأوثان فنصبها حول الكعبة بعد أن جلبها من خارج الجزيرة. ومن الصور الطريفة التي وصفها القصاصون واستقى منها دانتي وأمثاله أن عَمرًا سيكون في جهنم لابسًا على رأسه فروة وهو يجر أمعاءه وراءه، ويسأله النبي ﷺ: من في النار؟ فيجيب عمرو: «من بيني وبينك من الأمم.» وهذه الصورة تدل على ابتكار العرب وقوة أخيلتهم، وقد روي فيها حديث نبوي (طبقات ابن سعد، ج١).
أسس عمرو بن لحي عبادة هُبَل في الكعبة، وكان ذلك المعبود الحجري صنمًا أجنبيًّا جلبه من هيت بالعراق، كما يجاء إلى بعض الأمم الأوروبية بأمراء من بلاد أجنبية يصيرون ملوكًا عليها، ووضعه عمرو على البئر التي كانت في بطن الكعبة واسمها «الأخسف» وهي التي جعلها إبراهيم للهدايا التي تهدى للكعبة، وأمر عمرو أهل مكة بعبادته. فإذا أقدم الرجل من سفرٍ بدأ به على أهله بعد طوافه بالبيت فيحلق رأسه عنده، فالتحليق والتقصير من المناسك القديمة التي أقرها الإسلام لأسباب صحية (انظر صلح الحديبية في سيرة ابن هشام) وكانوا عنده يستقسمون بالأزلام.
وكان عند سادن هبل في الكعبة سبعة قداح، كل قدح منها فيه كتاب: العقل، نعم، لا، منكم، ملصق، من غيركم، المياه.
وكان الأجر الذي يتقاضاه كاهن هُبل أو صاحب القداح مائة درهم وجزورًا؛ أي ما قيمته الآن ثلاثة أو أربعة جنيهات، ثم يقول السادن لهُبل «يا إلهنا، هذا فلان أو فلان بن فلان أردنا به كذا وكذا فأخرج الحق فيه.» وهي صيغة وثنية مقدسة!
وبذلك فعل عبد المطلب بابنه عبد الله حين أراد أن يذبحه وفاءً لنذره، وهكذا كان يفعل المصريون القدماء واليونان، أما الصنم نفسه فكان منحوتًا من حجر العقيق على صورة إنسان، وكانت يده اليمنى مكسورة فأدركته قريش فجعلت له يدًا من ذهب وكانت له خزانة للقربان، وقربانه مائة بعير، وكان له حاجب وسادن وكاهن؛ لأنه كان إلهًا ذا دخل منظم ثابت ومورد يومي لا يستهان به، ومن أناشيدهم أمام إلههم هذا لحثه على الإفتاء كما كان يفعل كهنة طيبة ودلف:
ومن شواهد الاستقسام عند النصب قول طرفة بن العبد، وهو أحد أصحاب المعلقات وصاحب صحيفة المتلمس (بلوغ الأرب، ص٣٧٤، ج٣):
ولما قتل بنو أسد حجرًا أبا امرئ القيس أخذ أزلامه وأتى ذا الخلصة وهو صنم آخر وكان في بيتٍ لخثعم يدعى الكعبة اليمانية (وروى المبرد في الكامل أن موضع ذي الخلصة صار مسجدًا جامعًا لبلدة يقال لها العبلات، ص٤٣، ج١.) فاستقسم امرؤ القيس فخرج له القدح الذي يكره فكسر الأزلام وضرب بها وجه الصنم وقال: «لو كان أبوك قُتل ما عُقتني!» ثم أنشد شعرًا:
ثم خرج فظفر ببني أسد، فلم يستقسم أحد عند ذي الخلصة بعد ذلك حتى جاء الإسلام، فكان امرؤ القيس أول من حقره وأتلف شهرته وزعزع مكانته، فأعجب لعابدٍ يفسد صيت معبوده!
وهُبل هذا هو الذي يقول له أبو سفيان يوم أحد «اعلُ هُبلُ!» أي ظهر دينك! فرد عليه الرسول ﷺ: «الله أعلى وأجل!» ولكن أبا سفيان أسلم وهتف في حُنين باسم الله.
وهذا السخف لا يستغرب ممن نزلت في حقهم الآية الشريفة: وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (سورة الأنفال).
فاعترض عليهم اليهود ووصفوهم بالغفلة لأنهم لم يطلبوا الهداية إلى الحق من عنده بعد أن سلَّموا — ولو جدلًا — أن يكون هو الحق، ولكنهم يفضلون عليه الحجارة والعذاب الأليم؛ حبًّا بما هم عليه من الإباحية والفسوق، وكرهًا بمحمد — عليه الصلاة والسلام — وهو الذي جعل من عربدتهم حضارة ومن أجلافهم وحفاتهم ملوكًا على الأرض.
وهذه القصة تؤيد زعم قريش أن النبي ﷺ جعل أربابهم من أحقر الجن. وأصل الرأي أن السدنة والكهنة كانوا يحسنون السبك والتمويه لترويج حرفتهم، فادَّعوا أن حجارة الأصنام مسكونة بروح قدسي هو الذي يسمع ويجيب، فأريد تحويل الرأي عن قدسية الأصنام، بأن سكانها من الجنيات أو الأرواح الشريرة المجنونة.
وقد فشت عبادة الأصنام في البادية وفي القرية المكية، فما من رجلٍ من قريش إلا في بيته صنم إذا دخل يمسحه وإذا خرج يمسحه تبركًا به! وكانت البدو تشتري الأصنام من مكة فيخرجون بهم إلى بيوتهم في البادية، وإن أعوزتهم بالوا على الرمل وصوروا صنمًا!
وكان عكرمة بن أبي جهل حين أسلم لا يسمع بصنمٍ في بيتٍ من قريش إلا مشى إليه حتى يكسره، ولما أسلمت هند بنت عتبة — وهي أم معاوية — جعلت (خلة النساء في الغضب الثورة على ما لا يَعقل) تضرب صنمها الذي كانت تعبده في بيتها بالقدوم فلذةً فلذةً وهي تقول: «كنا منك في غرور!» وهي لا تقصد بذلك إلا أن دخول محمد ﷺ مكة فاتحًا وإرغامها على الإسلام أقنعاها بأن صنمها لم يُغْنِ عنها شيئًا، بل إن أصنام الكعبة كلها لم تدافع عن حوضها فدخلها المسلمون ظافرين،. وهند هذه هي التي حرَّضت على قتل حمزة بن عبد المطلب في موقعة أحد واستأجرت حبشيًّا لاغتياله، ودفعت مصوغها وحليها ثمنًا لدمه، فلما ظفرت بجثته أثناء الموقعة شقت عن كبده وأنشبت فيها مخالبها وأكلتها تشفِّيًا، ثم لفظتها، وكانت امرأة مصابة في أعصابها شديدة الغل تشتعل بالغضب لأهون سبب، قوية الغرائز حتى المرض، ولم تكن تقل عن حمالة الحطب شرًّا وسوء مغبة (انظر عداوة بني أمية لبني هاشم، ص٢١٣، ج٥، أسد الغابة).
وكان من سدنة العزى أثناء مبعث الرسول ﷺ أفلح بن النضر السلمي من بني سليم، فلما حضرته الوفاة دخل عليه أبو لهب يعوده وقال له ما لي أراك حزينًا؟! (هذا لا ينافي أن ديبة بن حرمي الشيباني كان سادنها) قال: «أخاف أن تضيع العزى من بعدي!» فما أعجب هذا الخوف من عابدٍ على معبود! فقال أبو لهب: «لا تحزن؛ فأنا أقوم عليها بعدك.» وجعل أبو لهب يقول لكلِّ من لقي، وقد كان ثرثارًا فوق كونه منافقًا وحقودًا وفاسقًا مفضوحًا: «إن تظهر العزى كنت قد اتخذت عندها يدًا بقيامي عليها، وإن يظهر محمد ﷺ على العزى (وما أراه يظهر) فابن أخي.» وهكذا أمسك الخبيث العصا من نصفها كالمتشيعين للأحزاب السياسية في هذا الزمان، ولكن خالد بن الوليد هدم العزى بأمر الرسول ﷺ ولم يظفر أبو لهب بخدمتها، كما أنه لم يفد شيئًا من قرابته للرسول ﷺ غير جهنم!
وقد تأصلت الوثنية في نفوس العرب وتغلغلت في أفئدتهم حتى إن بعضهم كان يحن في الإسلام إلى مظاهر الحياة الوثنية وما يلازمها من أعيادٍ وسمر وحفلاتٍ وذبائحَ وإباحة؛ وذلك لحداثة عهدهم بالدين الجديد. رُوي عن أبي واقد الليثي — وهو الحارث بن مالك — أنه كان يسير في صحبة النبي ﷺ إلى حُنين، وكانت لكفار قريش وسواهم من العرب شجرة عظيمة خضراء يقال لها «ذات أنواط» يأتونها كل سنة فيعلقون عليها أسلحتهم، ويذبحون عندها ويعكفون لديها يومًا، فرأى الحارث بن مالك ومن معه شجرة عظيمة خضراء، فقالوا للرسول: «يا رسول الله، اجعل لنا «ذات أنواط» كما لهم «ذات أنواط».» وهذه الرغبة الجنونية وحدها تدل على حقارة عقولهم.
فقال الرسول غاضبًا: الله أكبر! الله أكبر! قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى: «اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة! إنكم قومٌ تجهلون — الآية — إنها السنن، سنن من كان قبلكم.»
وإن هؤلاء الذين حنُّوا إلى الوثنية يقولون «كما لهم ذات أنواط» وهم يعلمون أن الإسلام قد محا كل هذه المظاهر وحطم الأصنام، فما بالك لو أبقى عليها كما أبقى على الحجر الأسود وقد تردد عمر في استلامه!
وهذه الأخرى قذًى في عين الذين يزعمون أن عرب الجاهلية كانوا ذوي ثقافة وحضارةٍ وتدبير ورفعة في التفكير؛ فها هو بعضهم بعد أن خرجوا من ظلمات الوثنية إلى نور التوحيد يودون لو رجعوا إلى كهوف الكفر والغفلة وأن تكون لهم أشجار يعبدونها!
وليس هنا مجال القول في الأصنام ومن حطمها، ولكن نورده على سبيل المثال، فإن خالد بن الوليد حطم العزى وهي واحدة من الثالوث المقدس، وحطم الطفيل بن عمرو الدوسي «ذا الكفين» وهو صنم بني منهب بن دوس، وحطم سعيد بن عبيد الأشهلي مناة بالمشلل، كما كسر عمرو بن العاص سُوَاعًا صنم هذيل.
وهذه قليلٌ من كثير من أصنام العرب التي حطمها الإسلام (راجع كتاب الساق لأحمد فارس الشدياق طبع باريس ١٨٧٥، وأديان العرب في الجاهلية للأستاذ محمد نعمان الجارم طبع مصر ١٩٢٣).
يستبين القارئ الفطن من هذه النبذة أن أصل عبادة الأوثان في مكة تعظيم حجارة الحرم وصبابة آخر بني إسماعيل بآثار وطنهم بعد أن خرجوا منه مرغمين؛ فانتهى الأمر بهم إلى عبادتها. ثم جاء عمرو بن لحي فجلب صنمًا فخمًا مصوغًا من العقيق والذهب فنصبه في الكعبة، وهكذا تنزلق أقدام القبائل والجماعات في مهاوي الرذيلة حتى تتردى. وهذا الأمر مشاهد في كثير من الأمم القديمة والحديثة لا في المعتقدات والأديان وحدها، بل في الاجتماع والأخلاق والسياسة والفنون والآداب. والاندفاع وراء الأوهام والأباطيل سهل وميسر؛ لأن الشعوب أقرب إلى تلبية نداء المخادعين والكاذبين والمنافقين منهم إلى سماع كلمة العقلاء والمصلحين، إلا من عصم ربك من أهل الفطنة والفطرة السليمة؛ فقد اجتمع المهاجرون والأنصار عند رسول الله ﷺ فقال أبو بكر: «وعيشك يا رسول الله ما سجدت لصنمٍ قط.» فغضب عمر بن الخطاب وقال: تقول وعيشك يا رسول الله ما سجدت لصنمٍ قط، وقد كنت في الجاهلية كذا وكذا سنة؟! فقال أبو بكر: ذلك أني لما ناهزت الحلم أخذني أبو قحافة (يعني أباه) بيدي فانطلق بي إلى مخدع فيه الأصنام فقال لي: «هذه آلهتك الشم العوالي، فاسجد لها.» وخلاني وذهب فلم أفعل (أنباء نجباء الأبناء، ص٤٢) وهذه قصة موضوعة لجعْل أبي بكر في مقام إبراهيم.
أما عمر بن الخطاب فقد استلم الحجر الأسود مكرهًا غاضبًا، ولو لم يستلمه رسول الله ﷺ في الطواف ما رضي أن يفعل؛ ظنًّا منه أن في استلامه رجوعًا إلى الوثنية وتقديس الحجارة. ولم يكن الحجر الأسود مقدسًا، وحديث الحجر الأسود أنه نيزك هوى وبقي ملقًى على أكمة لا ينظر إليه أحد حتى اضطلع الوالد والولد ببناء البيت وارتفع البناء وطال الجدار وقصرت يدا إبراهيم عن أن تناله فقال: «يا بني، اطلب لي حجرًا أضعه تحت قدمي لعلي أستطيع إتمام ما بدأت وأشرف على ما بنيت.» فذهب إسماعيل يجدُّ في البحث، حتى عثر على الحجر الأسود فنقله إلى أبيه ووضعه تحت قدميه، فقام عليه وصار يبني وإسماعيل يناوله الحجارة والمونة والأدوات، حتى تمَّ بناء البيت فجعل الحجر في أحد أركانه لقوته ومتانته، وتذكيرًا بما أدَّى من المعونة في رفع البناء؛ فلا قدسية للحجر إلا قدسية الذكرى، ثم وضعته قريش في ركن البناء عندما اختلف رؤساء القبائل، فأقبل محمد فاختاروه حكمًا وهو في ريعان شبابه لأمانته، وإذنْ لم يكن الحجر الأسود معبودًا ولا وثنًا، ولا يفيد استلامه شيئًا من ذلك، وليس استلامه من مناسك الحج وإن كان سنَّة، فإن مناسك الحج قد أراها الله إبراهيم وولده وقد سألاه: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (سورة البقرة).
فلما تم بناء البيت الذي جعله الله مثابةً للناس مرتين إلى هدًى وجعله الشيطان إلى ضلال دعا إبراهيم بقوله: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (آية ٣٦ سورة إبراهيم).
وما فتئت الوثنية دين العرب من قديم الزمان، بعد أن نسوا ملة إبراهيم. فلما بلغت الوثنية أشدها عندهم كان سلب بعض هذه الأوثان ونقلها من مقرها أكبر عقوبةٍ تلحقهم. وفي أواخر عهد سنخريب في القرن السابع قبل المسيح وقبل الإسلام بأربعة عشر قرنًا أغارت قبيلة عربية على أرض بابل، بإمرة الشيخ قدار خزعل الأدومي، فأراد سنخريب معاقبتها؛ فسلب أوثانها وهي تماثيل أتارساماين وغيره، فحزن العرب لفقدها حزنًا شديدًا وصبروا على مضض حتى نهاية عهد سنخريب فرحل الشيخ قدار خزعل الأدومي إلى نينوى في عهد خلفه الملك أصار حدون والتمس منه في ذلةٍ وصغار أن يرد عليه أربابه، حتى أشفق الملك عليه وأمر بتقويم ما أصابها من العطب الذي لحق بها في انتهابها، ثم حفر فيها ثناءً على إلهه «أسور» ربه ومولاه ومهره بتوقيعه ليدمغها بكفره بها، ثم ردها على عابديها وجعل صداق المكرمة تسويد الملكة «تابويا» التي نشأت في قصور نينوى على العرب فزادت عليهم الجزية وبالغت في إذلالهم (ماسبرو تاريخ أمم الشرق القديمة، ص٣٩٢، في كلامه على علاقة العرب ببابل).
هذا، وقريش محوطة بالأديان المنزلة، فلبني غسان دولة مسيحية قوية مرهوبة الجانب رابضة على خليج العقبة وحليفة لروم بيزنطة، وفي الحيرة مملكة نصرانية أخرى يمتد سلطانها إلى حدود العراق خاضعة للفرس ومعتمدة عليهم.