اللغات والأجناس
(١) نشأة اللغات وتقسيمها
في «المزهر» للعالم المصري جلال الدين السيوطي (ج١، صفحات ٨ وما بعدها) شرح مستوفٍ لآراء علماء المدرسة القديمة في أصل نشأة اللغات، وقد أرجعها إلى رأيين متناقضين.
الرأي الأول يقوم على ما أشارت إليه الكتب المنزَّلة من أن اللغة — وهي لآدم — هبة ربانية وصلت من الله — سبحانه وتعالى — إلى الجنس الإنساني، ومرجعهم الأكبر آية قرآنية وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا، فاللغة في هذا الرأي الديني المحترم إلهام.
- القسم الأول: الشرقي، وأهمه البابلية.
- القسم الثاني: الغربي، وأهمه الكنعانية والفينيقية والعبرية.
- القسم الثالث: الجنوبي، وأهمه العربية القديمة والقرشية الفصحى. وغاية ما وصل إليه علم اللغات ببحثه الأثري الإقرار بوجود ثلاث لغات سامية تضرب في القدم، وهي العربية والبابلية والكنعانية.
وقد وصل العلماء إلى الحكم بأن أم اللغات السامية هي اللغة العربية، ومنزلة اللهجات السامية من اللغة العربية منزلة الفروع.
(٢) تقسيم الأجناس البشرية
ووصلت جهود العلماء إلى تقسيم الإنسانية. وأول تقسيم هو تقسيم التوراة تبعًا لأبناء نوح: سام وحام ويافث، وهناك تقسيمات أخرى طبيعية ترجع في تكوينها إلى طبيعية الإنسان.
وعلى أي تقسيم من هذه التقاسيم فإنه توجد جماعة متحدة في النشأة والمكان واللون كوَّنت جنسًا بشريًّا عظيمًا قد اتصلت شعوبه اتصالًا وثيقًا، وارتبطت بكل الروابط الطبيعية والاجتماعية التي تجعلها حقيقةً جنسًا بشريًّا ممتازًا؛ وهو الجنس السامي.
وتتلخص آراء العلماء في القول بأن الساميين قد أخذوا نشأتهم الأولى في خمسة مَواطن عند مصب النهرين وفي كنعان وفي الحبشة وفي شمال أفريقية وفي بلاد العرب.
والكنعانيون الذين مدَّنوا سوريا تمدينًا عريقًا في القدم لا تُعرف بدايته أقدم في الوجود من الشعب السامي الذي استوطن العراق.
والرأي الراجح هو أن أواسط جزيرة العرب منذ القدم ومنذ عصور ما قبل التاريخ كانت آهلةً بالسكان، وفي أكنافها تكونت الجماعة السامية الأولى، ومنها ابتدأت هجرة الساميين إلى أطراف تلك الجزيرة العربية وإلى ما وراء هذه الأطراف في مصر وإيران.
وقد قرر البحث المقارن أن أهم اللغات هما المجموعتان السامية والآرية، وأن أعظم الأجناس البشرية وأفضلها ينحصر في الجنسين السامي والآري، وإليهما ترجع الحضارة الإنسانية.