حقارة قريش في الجاهلية
كانت قبيلة قريش تلقب بالسخينة؛ لأنهم كانوا مولعين بها؛ وهي طعام يصنع من دقيق وسمن وكانوا يأكلونها في شدة الدهر، وغلاء السعر، وعجف المال.
قال الشاعر كعب بن مالك:
وكانت تلك الأكلة موضع السخرية تارةً، وموضع الإعجاب طورًا، لا يشذ منهما صغير ولا كبير، حتى كان بعض كبارهم يتندر بها، ومناظروهم يتفكهون عليها، اجتمع معاوية بالقرشي المعروف بالأحنف بن قيس التميمي الحكيم فبادره معاوية قائلًا: يا أحنف، ما الشيء الملفف في البجاد؟
قال الأحنف: هو السخينة يا أمير المؤمنين!
فكانت قريش في الجاهلية مشهورة بلقب هو الطعام الذي ينجدها في الجوع والمسغبة، ولم يكن في ذلك شيء من الشرف، ولكن معاوية لم يكن يريد السخينة التي ذكرها الأحنف في نوع من الجواب المسكت أو جواب الحكيم، إنما قصد إلى تعيير الأحنف؛ وهو من تميم؛ بحب الطعام، ملحنًا إلى أبيات من الشعر؛ هي:
فكان جواب الأحنف أحكم وأصوب وأشد أثرًا.