برلين ٦٩
«كان هذا الشارع الذي يَقطعه حائطُ «برلين» في المنتصف يُمثِّل مركز المدينة في «برلين» ما قبل الحرب. أُقيمت فيه العروض العسكرية البروسية، ومن بوابة «براندنبورج»، التي تنتصب فوقها عربةٌ مُذهَّبة تجرُّها أربعة خيول، مرَّ «نابليون» في موكب النصر، وعندها تَحصَّن الثوريون عام ١٨٤٨م وعام ١٩١٨م، وعَبْرها انطلَق الآلاف لخوض الحرب العالمية الأولى وهم يُهلِّلون ويُطلِقون صيحات النصر.»
بعد مرور أربعين عامًا على رحلته إلى ألمانيا، يكتب «صنع الله إبراهيم» عن نمط الحياة فيها عامَ ١٩٦٩م، لا ليُوثِّق سيرتَه الذاتية، وإنما ليُوثِّق سيرةَ المكان في تلك الفترة المهمة من تاريخ هذا البلد أثناء الحرب الباردة، والنظامَ الشمولي السائد في ألمانيا الشرقية، والذي انتقده بشدة، فبالرغم من انتمائه إلى الفكر اليساري، فإن هذا الانتماء لم يمنعه من انتقادِ نظامٍ لا يَحترم حريةَ الفرد وحقوقه، ويَسلبه إرادتَه السياسية. كما يَسردُ تفاصيلَ الحياة في ألمانيا الغربية، مثل السيارات الأمريكية الحديثة، والمباني العالية، فجاءَت الرواية وثيقةً تاريخيةً وجغرافية واجتماعية، يُوثِّق فيها لثورة الشباب في نهاية عَقد الستينيات، كما يُؤرِّخ لتفاصيل المدينة والشوارع والحانات، ويَسردُ الكثيرَ من العلاقات الاجتماعية المتشابكة، من خلال عيونِ مصريٍّ مغتربٍ يسافر إلى ألمانيا لتحقيقِ حُلمٍ ثقافي ونَزواتٍ عاطفية مع نساءٍ ألمانيات.