العناية المركزة!
لم توافق «إلهام» على أن يلحق أحد الشياطين ﺑ «ريما»، فحتى الآن لا يوجد ما يبرِّر ذلك.
وقد طلبت منها أن تبقى في مكانها انتظارًا لما ستسفر عنه اتصالاتهم به.
وكانت «ريما» قد اتصلت بالمقر تسأل عن «أحمد»، وتطلب الرأي من زملائها.
وفي رسغها شعرت بوخز من ساعة يدها الإلكترونية.
فضغطت زرًّا تحت شاشتها، وتلقَّت رسالة أسعدها جدًّا أنها من «أحمد».
وكانت تقول: بين يدي الآن صيد ثمين، ولن أستطيع محادثتك.
فقط أخبريني أين أنت؟
وبالطبع قامت بالرد على رسالته عبر ساعتها فقالت له: أنا في جراج المستشفى، أين أنت أيضًا؟
وانتظرت منه رد الرسالة، إلا أن الوقت طال ولم يجاوبها.
فأعادت إرسالها مرة أخرى، فلم يجاوبها، فانتابها القلق.
وقررت أن تقوم بالاتصال بالمقر لإخبارهم بما تم.
غير أنها رأت أن «أحمد» قد يتصل بها أثناء ذلك، وهذا ما حدث بالفعل.
فقد تلقت منه رسالة عبر ساعتها يقول فيها: توجهي إلى غرفة العناية المركزة، وراقبي ما يحدث بها.
أنا في المستشفى، انتظري مني اتصالًا تاليًا.
انتهت رسالة «أحمد»، وقبل أن تغادر السيارة قامت بالاتصال ﺑ «إلهام»، وطمأنتها على «أحمد»، ثم توجهت بعد أن أغلقت أبواب السيارة إلى مبنى المستشفى.
وقبل أن تبلغه، شعرت بأن هناك خطوات تحركت في الظلام، وتبعتها منذ غادرت السيارة.
ولم تلتفت خلفها حتى لا تُثير انتباهه، وواصلت السير حتى بلغت المصعد.
وقد كان الباب مفتوحًا، فدخلته ويدها على مؤخرة سلاحها، تحسبًا لانفراد أحد أفراد العصابة بها في المصعد.
غير أن بابه أُغلق، وتحرك بها صاعدًا قبل أن يلحق بها أحد.
ولم يكَد المصعد يتحرَّك حتى أوقفته، ثم ضغطت زر الهبوط، وعادت إلى الدور الأرضي مرة أخرى، وغادرته إلى السلم المجاور له، فصعدته مسرعة.
وما إن وطأت قدميها أرض الدور الأول، شعرت بأن نفس الأقدام تسير خلفها، فانحرفت يمينًا إلى غرفة ممرضات الدور الأول.
وما إن بلغت إحداها حتى شعرت بيدَين قويتَين تدفعانها دفعًا إلى داخل الغرفة، وقبل أن تصرخ كانت إحدى اليدين تسد فمها، والأخرى تقيدها.
وشعرت بعد ذلك بهواء يندفع في أذنها ليقول لها: أنا «أحمد».
أخذتها المفاجأة، فأطلق هو سراحها، وقبل أن تنطق بكلمة، وضع إصبعه على فمه قائلًا لها: هس!
فقالت بصوت خافت: أنت الذي كنت تطاردني؟
أحمد: هل سار خلفك أحد؟
ريما: من جراج المستشفى حتى المصعد.
أحمد: وهناك أكثر من رجل في الدور الموجود به الرجل المصاب.
ريما: لماذا لم تقبض عليهم؟
أحمد: بأي تهمة يا «ريما»؟
ريما: معك حق، ولكن أليس تواجدهم هنا غير مبرر؟
أحمد: تقصدين أن نقبض عليهم للتحري؟
ريما: نعم.
أحمد: لن نكسب من ذلك غير دفعهم لالتزام الحذر أكثر من الآن، وهذا ليس في صالحنا.
ريما: ولماذا هم هنا؟ ولماذا نحرس هذا الرجل؟
أحمد: هذا الرجل لديه معلومات خطيرة تهمنا وتضرهم.
ونحن نحرسه لأن من حاولوا قتله في المرة السابقة سيعيدون المحاولة مرة أخرى!
ريما: وأين هو الآن؟
أحمد: في غرفة العمليات.
ريما: حتى الآن؟
أحمد: إن جسمه به عدد رصاصات كبير.
والْتَفتَ «أحمد» إلى دولاب الممرضات وهو يقول: طبعًا أنتِ تُجيدين التنكُّر؟
ريما: طبعًا!
أحمد: إذَن ارتدي ملابس إحدى الممرضات، ودعينا نخرج من هنا.
ولاحظت «ريما» أنه يرتدي ملابس طبيب، فقالت له: هل هذا بالاتفاق مع إدارة المستشفى؟
أحمد: لا أحد هنا يعرف عني شيئًا غير مدير المستشفى، وقد أخبر الجميع بأنني الطبيب المرافق للحالة.
انتهى الكلام بينهما. وفتحت «ريما» الباب وخرجت، ومن خلفها «أحمد» يُسدي إليها النصح، وينبهها إلى خطورة حالة مريضه، وأن عليها ألا تفارقه.
وفي نهاية الطرقة وعندما أصبحا في مواجهة غرفة العمليات، كان الرجل المصاب قد خرج ممددًا على حافلة يدفعها ممرضان.
فاستوقفهما «أحمد» وسألهما قائلًا: هل حالته مستقرة؟
فرد أحدهما قائلًا: لا يا دكتور، حالته حرجة.
فوجدها فرصة أن يُقدم لهما «ريما»، قائلًا: هذه «نجوى»، ممرضة ممتازة، وهي المسئولة عن رعايته.
الرجل: أهلًا آنسة «نجوى»، سنعاونك قدر ما نستطيع.
ريما: أشكركم جميعًا.
وأكمل الرجلان دفع الحافلة إلى غرفة العناية المركزة، وخلفهما تسير «ريما».
وأمام الحافلة يسير شرطيان في يقظة وحذر شديدين.
وفي غرفة العناية المركزة قاما بنقل الرجل إلى سرير أُعد له خِصِّيصَى.
ولم يترك «أحمد» الغرفة إلا بعدما خرج الجميع عدا «ريما»، وقبل أن يتركها قال لها: لن يدخل أحد الغرفة هنا إلا بإذنك.
ريما: ولكني لا أعرفهم.
أحمد: كلما أراد أحد أن يدخل الغرفة عليك بالاتصال بي أولًا.
ريما: وكيف سأمنعهم؟
أحمد: أنتِ لن تمنعيهم، فهناك شرطيان واقفان بالباب.
ريما: وهل ستبلغهما؟
أحمد: بالطبع سأبلغهما.