اختطاف المصاب!
بقوة فتح باب الغرفة، ودخل متلهفًا يسأل عن الرجل المصاب وعن «ريما»، فلم يجد أحدًا بالداخل، فخرج مسرعًا ينادي من بالطرقة، فخرجت له من باب جانبي إحدى الممرضات تسأله عمَّا يريد فقال لها: أين الشرطيان حارسا هذه الطرقة؟
الممرضة: لقد ذهبا معه؟
أحمد: مع مَن؟
الممرضة: حملته سيارة إسعاف هو وثلاثة رجال.
أحمد: والممرضة «نجوى».
الممرضة: كانت معهم هي والشرطيان.
وشعر «أحمد» أن في الأمر خدعة، فقام بالاتصال بالضابط المسئول، فعرف أنه لم يرسل أحدًا لأخذ الرجل، ولم يطلب منه أحد ذلك، ولم يعُد لديه غير الرجل الميت، وتمنَّى في هذه اللحظة ألا يجده قد مات.
فجرى إلى غرفة الطبيب التي تركه بها، فعرف أنه يعاني من هبوط حاد أدخله في غيبوبة.
فسأل الطبيب بلهفة: هل ستطول هذه الغيبوبة؟
الطبيب: لا أعتقد.
أحمد: ومتى يمكنني استجوابه؟
نظر الطبيب إلى أحمد متسائلًا، ثم قال له: هل هو مقبوض عليه؟
أحمد: نعم، وتحت الحراسة.
الطبيب: يمكنك استجوابه غدًا.
لم يكُن بوسع «أحمد» الانتظار، وشعر أن الوقت ليس في صالحهم.
غير أن وخزًا في رسغه أحدثته ساعة يده جعله يضغط زرًّا بالساعة، فعرف أنها رسالة من «ريما». تقول له فيها: نحن في الطريق إلى مكانٍ ما خارج «القاهرة».
انتظر مني اتصالًا ثانيًا … «ريما».
وقبل أن يفرغ من تلقِّي الرسالة انطلقت الموسيقى من تليفونه المحمول، فضغط زرًّا به، فعرف أنه «عثمان»، فتحفز لمعرفة أخبار منه وعنه وقال له: أهلًا «عثمان» … أين أنت؟
ومرَّت لحظات من الصمت قبل أن يأتيه صوت «عثمان» قائلًا: أهلًا «أحمد»، أنا في صحراء «وادي النطرون» على بُعد خمسين كيلومترًا من طريق الإسكندرية الصحراوي.
أحمد: وماذا تفعل هناك؟
عثمان: أنا محبوس داخل شحنة سماد مشع.
انزعج «أحمد» كثيرًا عندما سمع ما قاله، فهو يعرف أن المواد المشعة تؤدِّي إلى قتل مَن يتعرَّض لها بجرعات كبيرة، فقال له: ومَن الذي وضعك فيها؟
عثمان: إنها حكاية طويلة، المهم ما أخبار الرجل المصاب؟
أحمد: لقد تم اختطافه.
عثمان: لا تنزعج … فلدينا الآن أكثر من رجل.
أحمد: أين؟
عثمان: هنا عندي.
أحمد: تقصد أن لديك موقعًا أيضًا؟
عثمان: نعم.
أحمد: ولكنهم أخذوا «ريما».
عثمان: متى؟
أحمد: منذ عدة دقائق.
عثمان: إذَن فهم في الطريق إلى هنا.
أحمد: هل تحتاج إليَّ؟
انقطع الخط في هذه اللحظة، ولم يسمع «أحمد» لسؤاله جوابًا، فكرَّر مرة أخرى قائلًا: هل تحتاج إليَّ يا «عثمان»؟ … آلو … آلو … لماذا لا تجيب؟
كان الطبيب يتابع ما يحدث، فسأله قائلًا: هل الأمر خطير؟
أحمد: جدًّا.
الطبيب: وهل يتعلَّق بهذا الرجل؟
أحمد: ويتعلَّق بحادثة إبرة «الكوبالت المشع».
وحكى للطبيب عن شحنة السماد والعلف، فقال له: أنا أشك في أن هذا الرجل تعرَّض لجرعة إشعاع مدمر!
أحمد: وكيف عرفت؟
الطبيب: ظهرت عليه أعراض لم أستطع تفسيرها.
أحمد: لقد حملته بيدي.
الطبيب: لا تخف، فلن يؤذيك ذلك، المهم أن نتأكد من ظنوننا.
أحمد: كيف؟
الطبيب: سنجرى له بعض الفحوصات والتحاليل.
وهنا شعر «أحمد» بمدى الخطر المحيط ﺑ «ريما»، فقد يعرِّضونها هي الأخرى لأشعة «جاما».
وإذا حدث ذلك فسيفقدونها تمامًا.
لذا فقد تابع مع الطبيب لحظة بلحظة كل ما يجري من فحوص وتحاليل لرجل العصابة.
وقد كانت فحوصًا كثيرة وتحاليل معقَّدة.
وقد أرسلوا عيِّنات الفحص خارج المستشفى في أماكن متخصِّصة.
وأثناء ذلك شعر بوخز في رسغه من ساعة يده أكثر من مرَّة، فلم يستجب له، وانطلقت الموسيقى من تليفونه المحمول أيضًا أكثر من مرَّة … فلم يستجب لها … فقد كان مشغولًا للغاية بعملية الفحص.
قلقًا جدًّا لنتائجها، متمنيًا أن تأتي عكس ما توقَّع الطبيب.
وأصابه كل ذلك بالإجهاد، فجلس خلف مكتب الطبيب ليستريح.
وقد كانت الغرفة خالية تمامًا إلا منه هو.
ودخل عليه رجل ضخم الجثة يرتدي عفريتة زرقاء، فنظر له مليًّا، و«أحمد» يتعجَّب له، ثم قال له: تعالَ هنا.
وأغلق الرجل الباب بقوة، وعلا صوت خطواته تبتعد في سرعة.