الاجتماع الأخير!
شعرت «ريما» أن حركة غير عادية قد دبَّت في المكان، وأن رجال المنظمة المشبوهة بدءوا في تدمير محتوياته، وتلغيم أركانه، وزرع قنابل ذات أجهزة تحكُّم عن بُعد في أماكن خفية، فاستنتجت أن «أحمد» قد استطاع الوصول لهم، ولذلك فإنهم ينوون الرحيل، أو على الأقل تغيير مكان نشاطهم.
ومن خارج المقر، شعر «عثمان» أيضًا بأن شيئًا غير عادي يدور، وأحسَّ بوخز في رسغه من ساعة يده، فضغط زرًّا بها، وقرأ رسالة من «ريما» تقول فيها: أنا داخل المقر الآن، الفئران في حالة فزع، ويستعدون للرحيل.
المكان مزروع بالألغام والقنابل، ماذا يحدث عندك؟
وبمجرد أن انتهت من إرسال رسالتها حتى شعرَت بوخز في رسغها، فعرفَت أنه رد الرسالة، فضغطت زرًّا وقرأت: الكثير من السيارات «اللاندروفر» تحيط بالمكان، وهناك سيارة مصفحة.
أشعر أن الرحيل قد حان، وأن وقت القبض عليهم قد حلَّ.
فردَّت «ريما» على رسالته قائلة: أرجو الاتصال ﺑ «أحمد» أو بالمقر، وعقد اجتماع عاجل لاتخاذ القرار المناسب.
وفي الوقت الذي تلقَّى فيه «أحمد» اتصال «عثمان» تلقَّت «إلهام» نفس الاتصال.
وتم عقد اجتماع بين الشياطين عرض فيه «عثمان» الموقف كاملًا، وكذلك «أحمد» الذي قال: أنا أرى أن كل رجال هذه المنظمة المشبوهة تحت أيدينا الآن، وأن القبض عليهم هو نهاية العملية.
إلهام: يجب أن نترك أحدهم حرًّا، ولكن تحت سيطرتنا.
عثمان: تقصدين استخدامه كدليل؟
إلهام: نعم للوصول إلى الرأس الكبير.
أحمد: الرأس الكبير غير موجود في مصر.
إلهام: كيف عرفت؟
أحمد: إنه استنتاج منطقي، وأنا واثق.
إلهام: والموقف عندك؟
أحمد: لقد تم القبض على أربعة عناصر من هذه المنظمة.
إلهام: إذَن تبقى «ريما» و«عثمان»، وهما يحتاجان لإمدادات الآن.
أحمد: سآتي إليك، وسنقلع بطائرة من هضبة الأهرامات.
إلهام: هل أطلبها الآن من القيادة؟
أحمد: سأتصل بهم الآن، وعليك أنت بالاستعداد والتوجُّه إلى هناك.
وأثناء استعداد «إلهام» للقيام بالمهمة كان «أحمد» يجري اتصالًا بقيادة المنظمة، وقام بشرح الموقف كاملًا، فطلبوا منه التحدُّث إلى رقم «صفر» على نفس الرقم.
فقام أحمد بطلب الرقم مرَّة أخرى، فرد عليه رقم «صفر» قائلًا: أهلًا «أحمد» أهنئكم على النتيجة التي وصلتم إليها، ولكن أترى أن هذا كل ما في الأمر؟
أحمد: نعم يا سيدي.
رقم «صفر»: أنا لا أعتقد هذا، هل عثرتم على الطبيب المختفي؟
انتبه أحمد، وكان ناسيًا، وقال له: لا … لم يحدث.
رقم «صفر»: وهل شاهدته «ريما» في مقر المنظمة المشبوهة؟
أحمد: لا أعرف.
رقم «صفر»: تأمين حياة هذا الرجل لا تقل أهمية في نظري عن القبض على رجال هذه المنظمة.
أحمد: سيحدث يا فندم!
رقم «صفر»: والشرطيان المختفيان؟
أحمد: أعتقد أنهم جميعًا …
وهنا قاطعه رقم «صفر»، قائلًا: لا تعتقد، أنا أريد أن تتأكد.
أحمد: وهل سنؤجل موضوع الطائرة؟
رقم «صفر»: بالطبع لا، فالوضع في صحراء وادي النطرون خطير.
أحمد: أشكرك يا فندم.
رقم «صفر»: وفقكم الله!
وقبل أن يصل «أحمد» و«إلهام» إلى مطار الشياطين السري بهضبة الأهرام.
كانت طائرة المنظمة الهليكوبتر تقف هناك في حالة استعداد، وقائدها يقف بجوارها.
وما إن وصلا وتبادلوا جميعًا التحية حتى استقلوا الطائرة التي دارت محركاتها في سرعة شديدة، ثم تعلَّقت في الهواء كالنسر، وما لبثت أن ارتفعت فوق الفنادق والأبراج العالية، واستدارت لتتخذ الطريق إلى صحراء وادي النطرون.
وأثناء الطريق، انشغل كلٌّ منهما في تجهيز أسلحته وإعدادها للقتال المنتظر، والذي طلبت «إلهام» أن يكون بأقل عدد من القتلى.
وقد وعدها «أحمد» بذلك، ثم قام بالاتصال ﺑ «عثمان» طالبًا منه أن يظل على اتصال بهم ليحدِّد لهم المكان بدقة.
وبعد أقل من ثلث الساعة سمع كل الموجودين في مقر المنظمة المشبوهة صوت مروحة طائرة هليكوبتر، تقطع الهواء في حدَّة وتكرار سريع، وتدور في حلقات حول المقر، فخرج بعضهم يستطلع الأمر، فجهز «أحمد» بندقيته الآلية للإطلاق.
فقالت له «إلهام»: ليس الآن يا «أحمد»، لم يحدث اشتباك بعد.
أحمد: وهل سأنتظر حتى يحدث اشتباك؟
إلهام: ولكن لا تبدأ بالقتل.
أحمد: سنتركهم حتى يقتلوا أحدنا، أليس كذلك؟
إلهام: انتبه يا «أحمد»، فأحدهم يصوِّب على الطائرة.
وكان أحد رجالهم قد اعتلى قمة المبنى، وحمل مدفعه ووجهه إلى الطائرة، وأخذ يدور معها، ثم أطلق دفعة رشاش، لم تصب الطائرة، ولكنها جعلتها تهتز.
فأطلق أحمد دفعة من رشاشه أردَتْه قتيلًا وهو يقول: رقم واحد.
وفي هذه اللحظة، اعتلى المبنى أكثر من رجل يوجِّهون بنادقهم إلى الطائرة.
فطلب أحمد من قائدها الاصطدام بهم.
وبالفعل، دار القائد دورة واسعة حول المبنى، ثم عاد إليه في خط مستقيم وسرعة عالية لم تمكِّن الرجال من استخدام بنادقهم.
فاصطدمت ببعضهم، فأسقطهم من فوق المبنى.
واختلَّ اتزان البعض الآخَر، فسقط معهم.
وكان «عثمان» يتابع كلَّ ذلك مترقبًا خروج الرءوس الكبيرة.
ولكن مرَّ الوقت، ولم يخرج أحدهم، حتى «ريما» لم يرَها أحد منهم.
وكأنما أخافتهم الطائرة، فقبعوا في أماكنهم حتى يتم القضاء عليها، أو أن ترحل.
ولم يجد «عثمان» مفرًّا من أن يتصل ﺑ «ريما» ويطلب منها سرعة الخروج.
وقام بالاتصال ﺑ «أحمد»، وقال له: لن يخرجوا برغبتهم، فما رأيك في إخراجهم بالقوة؟