شهرزاد
استأذن دندان في مقابلة ابنته شهرزاد .. قادَتْه قهرمانة إلى حجرة الورد ذاتِ السجَّادة والستائر المُوَرَّدة .. ذاتِ الدواوين والوسائدِ المُشْربة بالحُمْرة .. هناك استقبلَته شهرزاد وأختُها دنيازاد .. قال الرجل: ينوءُ ظهري بالسعادة، فالحمد لله رب العالمين.
أجلسَته شهرزاد إلى جانبها على حين انسحبَتْ دنيازاد إلى مقصورتها .. قالت شهرزاد: نجوتُ من المصير الدامي برحمةٍ من ربِّنا.
فغَمغَم الرجل شاكرًا، فقالت بمرارة: ليرحمِ اللهُ العذارَى البريئات.
– ما أحكمَكِ وما أشجعَكِ!
فقالت هامسةً: ولكنَّكَ تعلمُ يا أبي أني تعيسة!
– حَذارِ يا ابنتي؛ فإن الخواطر تتجسَّدُ في القصور وتنطق!
فقالت بأسًى: ضحَّيْتُ بنفسي لِأُوقفَ شلال الدم.
فتَمتَم: لله حكمتُه.
فقالت بحَنقٍ: وللشيطان أولياؤه.
قال بتوسُّل: إنَّه يحبُّكِ يا شهرزاد.
– الكِبْرُ والحبُّ لا يجتمعان في قلب، إنَّه يُحب ذاتَه أولًا وأخيرًا.
– للحُب مُعجزاتُهُ أيضًا.
– كلما اقترب مني تنشَّقْتُ رائحة الدم.
– السلطان ليس كبقية البشر.
– لكنَّ الجريمةَ هي الجريمةُ .. كم من عذراءَ قتلَ، كم من تقيٍّ وَرِعٍ أهلكَ، لم يبقَ في المملكة إلا المنافقون.
فقال بحزن: ثقتي بالله لم تتزَعزعْ قَط.
– أما أنا فأعرفُ أنَّ مقامي في الصبر كما علَّمني الشيخُ الأكبر.
فقال دندان باسمًا: نِعمَ الأستاذُ ونِعمَ التلميذة.