يا ثلج
يا ثلجُ قد هيَّجتَ أشجاني
ذكَّرتني أهلي بلبنانِ
بالله عنِّي قلْ لإخواني:
ما زال يرعى حرمة العهدِ
•••
يا ثلج قد ذكَّرتني الوادي
متنصِّتًا لغديرهِ الشادي
كم قد جلستُ بحضنه الهادي
فكأنَّني في جنَّة الخلدِ
•••
يا ثلج قد ذكَّرتني أمِّي
أيام تقضي الليل في همِّي
مشغوفةً تحار في ضمِّي
تحنو عليَّ مخافة البردِ
•••
يا ثلج قد ذكَّرتني الموقدْ
أيامَ كنَّا حولهُ نُنشدْ
نعنو لديهِ كأنَّه المسجدْ
وكأننا النسَّاكُ في الزهدِ
•••
يا ثلج أنت بثوبك الباهرْ
ونقائهِ كطويَّة الشاعرْ
لو كنتَ تدري الناس يا طاهرْ
لبعدتَ عنهم أيَّما بعدِ
•••
لو لم تذُبْ من زفرة القلبِ
أو دمعيَ المنهال كالسحبِ
لبنيتُ منك هياكل الحبِّ
وحفرتُ في أركانها لحدي
•••
يا ما أحيلى النجم إنْ لاحا
والثلج يكسو الأرض أشباحًا
والشاعر المسكين نوَّاحا
يقضي الليالي فاقد الرشدِ!
•••
إنْ كنت تجهل أنت في يسرِ
أو كنت تعلم أنت في عسرِ
أنا لا أظنُّ رواية العمرِ
أدوارها هزلٌ بلا جدِّ
•••
يا نفس نادي صاحب العرش
«يا رازق النعَّاب في العُشِّ»
وتدرَّعي بالصبر ثمَّ امشي
لا بدَّ بعد الجزر من مدِّ