الدرويش
تحت الشجرة رقد المسافر فلا توقظوه.
فقد أنهك قواه السفر.
ما أَرَقَّ هذا النسيم المارَّ على وجهه الذي لوَّحتهُ الشمس!
مسكين قد اشتعل رأسهُ شيبًا.
وغشَّى شعره عثيرُ الطريق.
فلنختبئ وراء الشجرة إلى أن يستيقظ.
ونرى كيف يبكي الغريب إذا هزَّه الشوق على انفراد.
آه ما ألذَّ الراحة بعد التعب والنوم بعد اليقظة!
آهِ ما أحلى البكاء مقرونًا بآمالٍ تومض إيماضًا!
آهِ ما أجمل التذكار لمن تقاذفت به فلوات!
انظروا إلى قلبه الخافق كأنَّ حلمًا يروِّعهُ.
أين أنتِ يا من لا يقرُّ لها قرار؟
بينا هي في السماء إذا بها تتغلغل في الأرض.
تمشي ولا تدري إلى أين.
تتمسَّك بها الملوك كما تعشقها الفقراء.
ويصبو إليها الشيخ كما يهواها الشابُّ.
تسكن في قصور الأغنياء وتلوح في أكواخ المساكين.
يتلذَّذ بها المؤمن بالله كما تحلو لأبناء الطبيعة.
تشرق كالشمس وتسودُّ كالليل.
أيتها المتمسكة بأذيال الغيوم.
المتشتِّتة في فضاء بنات نعش.
البعيدة عني القريبة مني.
ها أنا لم أزل أذكرك وأحنُّ إليكِ.
فعودي إليَّ.
يا حياة نفسي.
يا مصباح قلبي.
يا دليل أفكاري.
يا كلِّي.
يا آمالي.