تقلب السماء
أوَكلما نَأَتْ السماءُ عن الثَّرَى
حَلَّتْ قَتَامَتهَا مَحَلَّ بَهَاءِ١
ونَضَتْ بأقْصَى البُعْدِ زُرْقَةَ لَوْنِها
وتَدثَّرتْ بثيابها السَّوْداءِ٢
أهُوَ التَّقَلُّبُ طَبْعُها أمْ بُعْدُها
عن أهلِ هذِي الأرضِ أورثَها الضنى؟
الأرضُ مَهْدُ الأنبياءِ، وحَسبُهَا
هذا لتجتذبَ التألُّقَ والسنَا
أمْ للسَّماءِ هُمُومُهَا، وهُمُومُهَا
تُسْلَى إذا لاقتْ هُمُومَ الأرضِ؟
كم فوقَ أرضِ الناسِ مأساةٍ طَغتْ!
كم حادثٍ كالثاقبِ المنقضِّ!
ندْعَى ذَوي العَقْلِ الرجيحِ ولم نَزَلْ
نزْرِي بكوكبنا الصغيرِ شقاءَ
وكأنما التفكيرُ رَمْزُ خَرَابِنَا
فإذا السَّماءُ أبتْ تدومُ سَمَاءَ
ولو انتبهنا رُبما عَنَّتْ٣ لنا
ألوانُها صُوَرًا مِن الأحزانِ
ولعلَّ هذا حالُها، فأمامَها
صُوَرُ الشقاء وآية العدوانِ
١
تستطيع الأشعة الزرقاء أن تُلوِّن السماء الأرضية؛ لأن ذرات
الهواء تمزقها نظرًا لصغر موجاتها؛ فتسقط ونرى السماء زرقاء بسبب
ذلك، ولكن كلما ارتفعنا في الجو وخَفَّ الهواءُ لاحت السماء زرقاء
غامقة، ثم بنفسجية غامقة، ثم بنفسجية معتمة، ثم رمادية، ثم
سوداء.
٢
يقدر ذلك على ارتفاع ١٤ ميلًا عن سطح الأرض.
٣
عنت لنا: ظهرت لنا واعترضتنا.