البقية
إلى صديقي الشاعر صالح جودت هذه القصة الغرامية وقد جلس إلى حبيبته يتقاسمان في هناءتهما قطعة من الحلوى فتخاصما وافترقا إلى غير لقاء، وبقي محتفظًا بتلك البقية منها للذكرى الشجية.
***
أنتِ حَلْوى الغَرامِ أم أنتِ قلبي
بعد أن ذابَ في النَّوى أيَّ ذَوْبِ؟
قد جَلسنا نَذوقُ منكِ مِرارًا
في فُتونٍ والصَّفْوُ عَبْدٌ يُلَبِّي
وهي تحنو عليَّ بالبسمة النَّشْـ
ـوَى وأحنو على جَناها الأحَبِّ
وهي مَعْنَى الرَّبيع رُوحًا وعطرًا
وأنا كالخريفِ في وَثْبِ قَلْبي
جَمعتنا الأقدارُ مُعْجزَةَ الحُبِّ
ولكنْ بهِ أسَى كلِّ حُبِّ
جمعتنا مِنْ حيثُ نَدري ولا نَد
ري وحَسبي لقاؤها العَذبُ حَسبي
جمعتنا وقد جُنِنَّا انتقامًا
مِنْ زمانٍ محاربٍ كلَّ صَبِّ
فضَحِكنا مِن الوجودِ مرارًا
ضحكاتٍ كأنها مَحْضُ نهبِ
كلما أترعتْ غرامي أجدَّتْ
صُوَرًا للظَّمَاءِ تُغْني وتَسْبي
وأنا المحتسي مِنَ اللُّطف أندا
ء ورُوحي تخضلُّ مِنْ كلِّ خِصبِ
وكأني ظَفِرْتُ بعدَ سياحا
تي بسرِّ الحياةِ في كلِّ قلبِ
مُزِجَ الكفرُ باليقينِ أمامي
وكأني مُشارِفٌ ثَمَّ رَبِّي
فتصوَّفْتُ في أشعَّتِها اللَّهْـ
ـفَى وعطَّرْتُ من شَذَى الخُلدِ لُبِّي
وتَماديتُ في تَسابيح إيما
ني فإنَّ التسبيحَ للحُسْنِ كَسْبي
وقَطفنا الحَلوَى كأنا أسَغْنَا
للهوى بَعْدَها مَدَى كلِّ ذَنْبِ
فإذا بالعتابِ فاجأ أحلا
مي كريحٍ تميتُ أنداءَ عُشْبِ
وإذا بالوصالِ قد صار هجري
وإذا بالسَّلام قد صار حَرْبي
وإذا هذه البقية مِنْ حَلْـ
وَى هي الحَظُّ مَيِّتًا مَوْتَ قلبي
إنْ أصُنها كالمومياءِ فقد تحـ
ـيا على قرْبِها خيالاتُ قرْبي!