الخلود

أموتُ وأحيا كلَّ يَوْمٍ مُجَدَّدَا
فأينَ ضَلالاتي؟ وأينَ ليَ الهُدَى؟
لقد جِئْتُ مِنْ فجر الزمان كأنني
خيوطٌ به تَبدا وتمضي على المدَى
ومَثَّلَ جِسْمي في النشوءِ نُشوءَه
فتكوينُ جسمي رَمْزُ ما مَرَّ سَرْمَدَا
ملايينُ مِنْ حَيِّ الخلايا كِيانُها
كِياني، وأُخرى إنْ تَمتْ لم تَمتْ سُدَى
تَطوَّرَ جسمي بل ونفسي، فها أنا
أمثِّل ماضي الخَلْقِ واليومَ والغدَا
أجَلْ، ذلك الآتي البعيدُ أُحِسُّهُ
بِنَفْسي وأحوِي منه أصْلًا مُمهَّدَا
كما كان جسمي ذرَّةً بعد ذرَّةٍ
ملايين مِنْ عُمْرِ الحياةِ مُخَلَّدَا
فما الخلدُ إلَّا النَّوعُ يَمْضي مخلَّدَا
وما الموتُ إلا الفردُ يَحيا مبدَّدَا
وما الرُّوحُ إلَّا كلُّ معنًى نَشيْمُهُ
مِن الحيِّ في شَتَّى الرسومِ ومُفْرَدَا

•••

ومَثَّلْتِ لي أنتِ المعاني جَميعَها
فشاهدتُ فيك «الله» رُوحًا ومَعْبدَا
لئنْ عِشتِ في دنيا الأنامِ أسيرةً
فمن قَبْلُ قد عاش «المسيحُ» مصفَّدَا
أبَنْتِ لنا سِرَّ الخُلودِ فغرَّدَتْ
حياتي وأضْحى كلُّ حُسْنٍ مُغرِّدَا
ولستُ أُبالي بعد يوميَ إنْ أمُتْ
متى كنتُ للآتي المؤمَّلِ مُسْعِدَا
شَرحتُ له دِينَ الجمالِ فحسبُه
وحَسْبي إذنْ أني أموتُ له الفِدَى

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤