الفصل الحادي عشر
الفصل الخامس
هل يمكن للأشجار أن تعيش بلا طيور، هل يمكن للطيور أن تحلق بلا سماء؟
ما بال الإنسان إذن، هل يمكنه أن يكون إنسانًا دون سفينة تحمله للبحار
البعيدة، دون شراع يغرق به في الليل، أو مطر يبلل شفتيه؟
وإذا زالت الأشجار وأقفرت السماء من الطيور، يفقد الليل غموضه وتصبح
الحياة كالهجيرة، هل يمكن للإنسان أن يتحمل الرياح الشاحبة والأسماك
العليلة؟ الجدار يقترب يومًا عن يوم، فارغًا من أي إحساس يرتفع الماء
الذي لم يعد ماء. أركض، كما لو كنت شيخًا حكيمًا من قبيلة الدوغون،
١ باحثًا عن الهواء البارد خلف الصخرة الباردة، عن النجم
المنسي وراء الكوكب الدوار، بينما السماء تقطر صديدًا وسخامًا، عارية
تمامًا، عارية من كل أغطيتها. هل أضحك أم أبكي على سيرك الحياة هذا؟
وراء كل هذه الجلبة التي دامت آلاف السنين، لكنها انتهت عند النفير
الثالث.
في نهايتك نهايتي أيها الثعلب الطيار
٢ على الطريق. لو كان لي أن أعتذر للورد عن رعونتي،
وللفراشات عن خيانتي، وأن أركع جاثيًا سبع مرات فوق العشب للوعول
والخيول، هل كنت لأكفر عن كل ذلك وأصير مع الطيبين. أسير جنبًا إلى جنب
مع قرود المكاك وضفادع المستنقعات الطينية، نغني جميعًا للشمس، متجهمين
للفصل الخامس، جميعًا كما لو كنا عائلة واحدة، تجمعنا نفس القرابة
الدموية. رحلة الكائنات في نهر الحياة.
سامحينا أيتها الأفعى المجلجلة، وأنت، يا ابن العم أيها الحوت الأزرق
في البحار المنسية، الآن فقط نحلم حلمك. وأنت أيتها الزرافة يا أمنا
البعيدة أقبِّل جبهتك المقدسة، أقبل جباهكم كلكم، يا صنيع الله فوق
البسيطة. لا أعرف هل كان خطأ الرياضيات المتعجرفة، أم الولادة العسيرة
لصخب الحديد؟ الآن يرتفع صرير الليل، نقف صامتين هنالك نرقب الفجر وهو
يتثاءب فوق الأرض القديمة الشائخة. آه، أيتها الأرض أنت لست ملكًا لنا
ولكننا لا نعلم ذلك، الخيول الجامحة تحت المطر ليست ملكًا لنا، ولكننا
أيضًا لا نعلم. الإنسانية برمَّتها شبيهة بقرية نمل في كومة ترابٍ
سرعان ما تعلوها حشائش الزمان.