أُسود البحر
آه! هذا لا يكفي، لا يكفي أبدًا، أن أقول تلك الكلمة التي لا تسقط في الخريف.
أمضي بعيدًا بعيدًا في الشاطئ الطويل، باحثًا عن الأصداف الضائعة للحب. ليست لي حديقة منسية، ولا حتى كرسي مهمل تحت شجرة قديمة. الحياة هي الأضواء الداخلية التي أحياها في باطن الأرض، وفي عتمة كل ما هو موجود. الريح الباردة التي تُهدهد أوراق الشجر، الفاكهة التي تنضج بهدوء وكأنها تحلم، البيضة الضعيفة في الخُمِّ والدجاجة التي تقوم بحمايتها ناسية أنها دجاجة.
تمامًا كما ترفع تلك الحجارة من ضفاف النهر، حيث توجد مستعمرة من اليرقات غارقة في سباتٍ حي، كذلك رفعت الجزء المرئي من الكون، فوجدت الحياة الأخرى التي ترقد في استسلامٍ عذب لقدَر الكون.
ماذا يمكن أن أحلم به؟ الحبُّ لقد أذبته في ملح البحر، الحب ذاته الذي لا يقوى قلبي عليه؛ لأنه منهك من الجمال، أحببت الحجارة الباردة التي ستوضع فوق قبري، أحببت الحب الذي لن أعيشه أبدًا، عندما يريد هذا الليل أن يحرك وسادته، ومثل سَمكٍ علق بالشص علقت أنا أيضًا بالأمل، ولكن الأمل طويل وغامض، مثلما هو الانتظار ومثلما هو الليل، لقد غرقت في الظلام.
ما أفكر فيه يستحيل تمثُّله وجعله موضوعًا للتفكير، أنا موجود لكنني أفكر فيما هو غير موجود. عندما أمر حافي القدمين في الشاطئ الطويل الذي يربط البحر بالمحيط، على امتداد هائل لمسافة روحية، قبل أن تكون جغرافية. الحقائق كلها تتجسد في الليل على شاكلة نسيم بحري، وصدفات مغلقة فوق الحجارة. من أكون أنا يا إلهي في هذا الكون الفسيح الذي خلقته على حافة الأبدية؟! من كان يعرف حقًّا ماذا يوجد في تلك المخططات السماوية؟ أي رعب أو أي جمال سيرتفع شاهقًا؟ ثم ها أنا ذا أبكي على هذا الشاطئ، مثلما تبكي أُسود البحر وهي تزحف وديعة، لكن حزينة أيضًا بالسيلان الرطب الذي ينزل من فمها. لقد نسيت ما كنت إياه، لكنني أعرف فعلًا ما سأكون عليه: ثغاء هذه القطعان الضجرة لأُسود البحر، إنني أعيش وأتخيل وأبكي وأضحك، سيان عندي، والكل أسرار، كل شيء أسرار في الحديث الذي دار بيني وبين قطيع أُسود البحر.