الصدفة والضرورة
كيف يمكنني أن أفكر في مصادفات الحياة، فيما هو غير قابل للتفكير، لا يمكننا أن نفكر في الصدفة بالضبط؛ لأنها صدفة، شيء غير متوقع. حياتي برمتها سلسلة لا نهائية من الصدف بدءًا من ذلك الحيوان المنوي الذي كُنتُه، والذي استطاع أن يركب القطار السريع إلى هناك حيث كانت الحياة تنتظرني، إلى الصدفة التي جعلتني أعبر كل تلك البرك الداكنة لطفولتي، المليئة بالفقر والملح ويرقانات الوحدة.
وأخيرًا صدفة قطار آخر جمعني بزوجتي، ماذا لو لم أركب ذلك المساء؟ ماذا لو كنت قد تأخرت وفوَّت الموعد؟ هل كان سيحلق هذان العصفوران فوق رأسي؟
يقال إن الصدفة إذا تكررت أصبحت ضرورة، لكن الشيء الوحيد الذي يتكرر في حياتي هو السهاد والأرَق، حياتي نشيد من أناشيد عمق الليل، أعيش في انتظار صدفة أخرى، ورقة يانصيب قد أجدها بين الكتب، أو بين الأصدقاء، أو بين الحيوانات والدواجن التي تكبر في مزرعتي.
أو ربما قطار آخر، أزرق هذه المرة، الصدفة التي لا بدَّ منها، الضرورة التي لا يريد أحد الاعتراف بها، النفق المظلم نحو الأبدية.
بالحواس أحلم، وبالحلم أعيش، واقفًا هنالك، ألوح للقطارات وهي تمضي في كل الاتجاهات.