الروح الثالثة
لماذا لا أقبل ضعفي وأستكين مع الراوند في الحقول والسهول؟ أن أسير مع الشيهم، تحت أشجار القيقب والتنوب.
الفكر هو الأفق، والشعر هو أفق الأفق، كيف يمكنني أن أحسب هذا أيضًا داخل أرقام ومعادلات؟ كيف يمكنني أن أعترض على شروق الشمس، وعلى حلول الظلام، وهل بإمكاني أن أقول لا لغرابة السمندل أو وداعة فرس النبي. هكذا هو الأمر؛ لأنه هكذا هو الأمر. الإنسان الذي لا يشقى ولا يتألم، البعيد عن الحيرة والغموض هل يمكن أن يظل إنسانًا؟
الأشباه في كل مكان، الحياة مشطورة اليوم بين شهقة الورد وزفير الحديد.
كلَّا لم أشرب من هذه الطنابير المحملة برزايا المادة، كلا لم أدخل بئر التجارب التي لا تطلع بحسنات أفضل، ولكنني أرفعك، أنت يا نخب العالم القديم، يا يوم مولدي وزهرة آلامي الدائمة، للذين يكتبون أناشيد الموت القادمة، جالسين تحت راية العُقاب الأكبر، والذين يستقبلون رسائل العالم الآخر، تحت سنوات أشد سوادًا من ساعة الصفر الكونية، لا الماضي يمضي، ولا الحاضر يحضر، وحده المستقبل يولد في أحشاء الآلات. والروح نفسها محشورة في رقائق السيليكون، بينما الموت يصفر في كبد النهار.
إنها مناخس قديمة كانت بسبب مبدأ عدم التناقض، والرغبة في منع الصدفة من اعتلاء المنصة. كل الأشياء فقيرة ومتغايرة، لكنها صارمة في تركيزها ومثابرتها. البحر بسيط لكنه لغز في حد ذاته، الريح بسيطة وفقيرة لكنها لا تسقط ثوبها. تحقق الطبيعة كمالها فرحة بالنقص الدائم في الزمان.