نظرة إجمالية في تطور الأدب المصري
نظرة الإغريق والمصريين المعاصرين إلى الأدب المصري
لقد بقي التاريخ المصري والأدب المصري، وكل ما يتعلق بالحياة المصرية سرًّا غامضًا في كل العالم حتى بداية القرن التاسع عشر، أما ما نقله اليونان عن المصريين مدة اختلاطهم بهم فلم يكن إلا حقائق مشوهة نقلت بالرواية، فضلًا عن أن ما وصل إلينا لا يمثل إلا جزءًا من تاريخ البلاد في أيام شيخوختها وتدهورها. وقد كان اليونان الذين نقلوا إلينا بعض معتقدات المصريين وعاداتهم الموروثة من أزمان سخيفة ينظرون إليها بعين الاحتقار والرهبة معًا لأنها لا تتفق مطلقًا مع دنيا حضارتهم. وقد بقي المصريون في نظر الأوروبييين والمصريين الحاليين كالصينيين الأقدمين. ومن المدهش أنه رغم حركة الكشوف الحديثة التي قامت في عصرنا فإنهم لا يزالون معروفين بأنهم قوم لا ثقافة لهم ولا علوم ولا آداب كباقي أمم العالم، حتى إن المصري الحديث عندما يريد أن يتكلم عن الأدب في مصر لا يذكر شيئًا عن مصر القديمة، بل يقصر كلامه على الأدب العربي في مصر. وكأن مصر منذ فجر التاريخ حتى الفتح العربي لم يكن لها شيء قط من التراث الأدبي يمكن أن يفاخر به أبناؤها كما يفاخر الفرنج بأدبهم الخاص في مختلف العصور، والواقع أن المصري لا يلام على جهله بأدب بلاده العتيق، وربما يرجع السبب في ذلك إلى عاملين هامين: الأول: أنه منذ الفتح العربي اختفت لغة البلاد جملة وحلت محلها اللغة العربية وآدابها، فأسدل الستار على لغة القوم وأصبحت نسيًا منسيًا، ولم يبق للمصري مجال في أن يدرس تاريخها وأدبها وبخاصة إذا علمنا أن اللغة قد ماتت.
العامل الثاني: أنه لما حلت رموز اللغة القديمة لم يعتن المصريون بدرسها بل تركوا مجال هذا الدرس للأوربيين إلى عهد قريب جدًّا عندما بدأ نفر من المصريين يتعلمون لغة البلاد القديمة، ولكن رغم ذلك فإن معظم المثقفين في مصر أو الذين يدعون أنهم مثقفون، لا يزالون يعتقدون أن مصر القديمة لم يكن فيها حياة أدبية وثقافة خلقية كالتي عند الشعوب المتحضرة.
مكانة المصري ومقدار ذكائه
على أن المصريين في عهد تاريخهم الأول كانوا على عكس الفكرة الشائعة عنهم، إذ كانوا قومًا لهم هبات عقلية، وكانوا متوقدي العزيمة، أيقاظًا على حين كانت أمم أخرى من الأرض لا تزال في سباتها، ولقد كانت نظرتهم للعالم ملتهبة متوقدة مملوءة بالمغامرة كنظرة الإغريق الذين أتوا بعدهم بآلاف السنين. ويشاهد ذلك جليًّا فيما وصلوا إليه من الأعمال الفنية الواسعة النطاق، بل يشاهد بوضوح أكثر في أعمال التصوير والنحت التي تبرز الحياة عندهم فرحة ناطقة.
إن قومًا هذه مواهبهم جديرون بأن يجدوا سرورًا في إعطاء أغانيهم وقصصهم شكلًا أغنى وفنًّا أكثر. وكذلك نمت بينهم من وجوه أخرى حياة عقلية وعالم فكري يبحث فيما وراء الأشياء الدنيوية ودائرة الدين. ومنذ أن اخترع المصريون نظام الكتابة نمت بينهم من زمن بعيد مجموعة من الكتابات المختلفة الأنواع تعهدوها بالتنمية، وجعلوا لها صبغة أدبية، وإن الكثير منا لم يحفل بها ولم يعتقد يومًا بأن للمصريين القدماء أدبًا يعتد به.
لم يصلنا من الأدب المصري إلا القليل
ولقد حفظ لنا التاريخ شيئًا كثيرًا من أعمال التصوير عند المصريين حتى استطعنا أن نكون عنها فكرة تكاد تكون ثابتة لا تقبل التغيير كثيرًا، على حين أن موقفنا بالنسبة للأدب المصري — لسوء الحظ — لا يزال مختلفًا جدًّا إذ ليس لدينا منه إلا شيء قليل. لأن العثور على مؤلف أدبي يتوقف على مصادفة غير متوقع حدوثها كبقاء ملف من البردي الهش في جوف الأرض من ثلاثة أو أربعة آلاف من السنين. ولذلك لم نعثر إلا على قطع منفردة كانت بلا شك في الأصل أجزاء من مجاميع عظيمة من الكتابات، على أن كل كشف جديد من ذلك النوع يضيف خاصية جديدة إلى الصورة التي صورناها لأنفسنا عن الأدب المصري، وهذه الصورة أصبحت في الجملة تكاد تكون صحيحة لأنها تشتمل على احتمال له قيمته الفعلية؛ فإن كل مرحلة تاريخية يظهر لنا فيها الأدب المصري مطبوعًا بطابع خاص يميزه عن غيره ويتفق مع ما نعرفه عنها من الحقائق التاريخية.
ازدهار الأدب في عصر الإقطاع
وبعيد عن الصواب أن يقال إن كل مجهودات هذا العصر كانت موجهة إلى تنميق الألفاظ فحسب، فإن كتاب هذا العصر أقدموا على الكتابة في موضوعات هامة ولم يحجموا عن الخوض حتى في المسائل العميقة.
فكرة الوحدانية عند المصري
ونلاحظ من جهة أخرى أن الديانة تأخذ مكانًا ثانويًّا في هذه الكتابة ولا يكاد يذكر شيء في هذه الكتب الأدبية عن كل الآلهة الذين كان المصريون يهتمون بهم كثيرًا على حسب الفكرة الشائعة عنهم. ومن المحتمل أن الاعتقاد القديم كان مجرد وراثة عند الفرد المهذب، فكان لزامًا عليه أن يأخذ بناصره ظاهرًا، وكان يرضي نفسه في عالم فكره بالفكرة غير المحدودة «الله».
وليس قصدنا أن نغض النظر عن الحقيقة الواقعة، وهي أن جزءًا عظيمًا من هذا الأدب القديم قد ضاع، وليس معنى هذا أنه لم يكن للمصريين أدب فقد وجدنا أمثلة كثيرة. وعقيدتنا أن الضائع منها أكثر، وما وجدناه يرجع الفضل في عثورنا عليه إلى المصادفة المحضة، فقد وجدنا بعضه في قبور التلاميذ مدفونًا معهم. على حين أن كتبًا من نوع آخر كانت تحفظ مع الأحياء فيدركها العفاء.
ومهما يكن من أمر فإن المدارس لم يقل شأنها في العصر الثاني للأدب، وهو عصر الدولة الحديثة الأخير (حوالي ١٣٥٠ ق.م.).
ظهور اللغة العامية والكتابة بها
وفي عصر «المصرية الجديدة» كان كذلك للمدارس القدح المعلى، ولكن كتاباتها في ذلك العهد اتخذت صيغة أكثر حياة مما كانت لها في العصر القديم. وهذه الحيوية تظهر بوضوح في أدب هذا العصر إذ رأى الناس الدنيا كما هي وشغفوا بها، وعلى قدر ما وصل إلينا من كتاباتهم يلاحظ أن الأفكار العميقة ليس لها محل في أدبهم، على أنه من الجائز أن كشفا جديدًا قد يصحح حكمنا من هذه الناحية.
تنسيق العبارات واستعمال ألفاظ أجنبية
ولم يستمر الأدب المصري الجديد طويلًا في طريقه باستعمال لغة الشعب كما بدأ حقيقة (كما كنا نظن) إذ سرعان ما أخذ الكتاب يبحثون وراء تهذيب العبارات، وهذه كانت علامة ظاهرة في الأدب القديم. وقد أصبحت لغة الفرد المهذب محلاة بألفاظ وجمل منتقاة، وكان يجد سرورًا في تزيينها بألفاظ أجنبية. وقد بقي هذا النوع من الأدب يهذب نحو خمسة قرون على ما يظهر ثم أصبحت لغته منعدمة، وكان على الأولاد في المدارس أن يتعلموها، وبذلك يظهر أنه قد قضى على الحياة الأدبية في مصر الآيلة إلى السقوط، وقد بقي الحال كذلك عدة قرون إلى أن ظهر أدب جديد يسمى بالديموطيقي.
العلاقة بين الأدب المصري والأدب العبراني
قد تلكمت فيما سبق عن الكلمات الأجنبية التي كثرت في كتابات العصر الأخير من الدولة الحديثة، وكلها تقريبًا مستعارة من لغة أهل فلسطين، وهي ترينا كما نعلم من مصادر أخرى العلاقات البينة بين مصر وفلسطين، ويمكننا حينئذ أن نفرض أن «كنعان» قد تأثرت بمصر من ناحية الأدب كما تأثرت بها من ناحية النحت. ولا شك في أنه لو وصل إلينا شيء من الأدب الفينيقي لرأينا فيه التأثير المصري، ولكن نرى في الأدب العبراني — وإن كان يقع في عصر متأخر بكثير عما نحن بصدده الآن — عدة أشياء تذكرنا جليًّا بنوع من الكتابات المصرية كما في المزامير ونشيد الإنشاد في الأدب الحكيم عند العبرانيين. ومن المحتمل أن متشابهات من هذا النوع يمكن اقتفاء أثرها على الأقل من طريق غير مباشر بما يماثلها في اللغة المصرية، وإذا كانت الحال كذلك فليس من البعيد أن نكون قد تأثرنا نحن أنفسنا بالحياة العقلية المصرية.
(١) الكتاب المتعلمون
نجد من أقدم العصور فجوة عميقة تفصل المصري المثقف المتعلم تعليمًا راقيًا عن عامة القوم. وقد وجد ذلك عندما اخترع المصريون الكتابة، لأن الفرد الذي كان يظهر البراعة فيها كان يحوز قصب السبق على إخوانه مهما كان مركزه في الظاهر حقيرًا، فإن الحاكم نفسه لم تكن له أهمية وقتئذ بدون مساعدة كتابه، ولذلك كان لكبار الموظفين في الدولة القديمة سبب قوي في حبهم لتمثيل أنفسهم في هيئة الكتاب؛ فقد كانت الكتابة هي المهنة التي وصلوا بها إلى مراكزهم وقوتهم. وكانت الطريق مفتوحة إلى كل وظيفة للشخص الذي تعلم الكتابة وعرف كيف يعبر عما في ضميره بألفاظ مختارة مهذبة.
وعلى ذلك فشا بين الكتاب نوع من الغطرسة والكبرياء والاعتزاز بطائفتهم. ويظهر هذا واضحًا جدًّا في الأدب القديم الذي كونوه، ويجب أن توسم هذه الطائفة بالاحترام لأنها وضعت مثلًا أعلى للموظف العظيم، فكان واجب الموظف أن يكون محايدًا، وأن يكون الشخص الذي يحول دون عبث القوي بالضعيف، والحاذق الذي يعرف كيف يجد سبيلًا حتى بين أعقد المصاعب، والفرد المتواضع الذي لا يقذف بنفسه قط إلى الأمام، ومع ذلك فإن آراءه يؤخذ بها في مجلس الشورى. وكل كتابة أو قول له يجب أن يميز عن العامة. بهذه الروح كان الكتاب يعملون جيلًا بعد جيل كما أنشئوا الشباب من أبناء طائفتهم على هذه المبادئ نفسها. وفي عهد الدولة الحديثة بقي الميل إلى البيروقراطية ومدارسها كما كان من قبل، وعلى الرغم من كل الخلافات الظاهرة فإن رسائل المعلمين لم تعظ بشيء غير ما وعظت به كتب الحكمة القديمة. وليس هناك فرق إلا أن تعاليمهم كانت مستورة تحت ثوب أكثر حذقًا، وإن ما تنطوي عليه مراميهم من الكبرياء كان أكثر تجسمًا في هذه الكتابات منه في أي وقت آخر.
(٢) المغنون والقصصيون
مما لا جدال فيه أن الكتاب المتعلمين قد أنشئوا الأدب المصري، غير أنه كان في حيز الوجود قبلهم أفراد يمارسون فنًّا أقل من فنهم وكان لهذا الفن تأثيره على الأدب.
حب المصري للغناء والموسيقى
نشر الحضارة المصرية بالمغنين
وليس هناك شك في أن هؤلاء التعسين كانوا يحترفون الغناء. وكذلك كان هناك نساء اتخذن الغناء حرفة لهن، وفي نهاية الدولة الحديثة — في قصة «سياحة ونامون» — سنشاهد مغنية مصرية في سوريا عملت على نشر الحضارة المصرية من هذه الناحية.
وإذا كان كل من المغني والمغنية قد وجد له مكانًا في المناظر التي كانت ترسم على القبور، فإننا نحاول عبثًا أن نجد القصصين ممثلين. ولا عجب في ذلك فإن القصصي لا يعرض سلعته في بيت الأمير الشريف ولا في حقله، بل كان يقص حكاياته على عامة الشعب وعلى قارعة الطريق، وحياة الطرق لم تمثل في المقابر. ولا شك في أن القصصي في الزمان القديم كان يمتع سامعيه كما يمتعهم الشاعر العصري في أيامنا هذه.
انتشار القصص في كل عصور التاريخ المصري
ولدينا قصص للعامة من كل عصور التاريخ تدل نغمتها ومحتوياتها على أنها من أصل قديم، وإذا كان قصص الروائيين الحاليين تدور حول شخصية تاريخية مثل «الظاهر بيبرس» والخليفة «هارون الرشيد»، فإن القصص القديمة كذلك لها علاقة بأشخاص لهم شهرتهم في التاريخ، فلدينا قصة من العصر المسيحي في مصر خاصة «بقمبيز» ولدينا قصة من العصر الإغريقي عن «نقطانب»، وقد حفظ لنا هردوت مما كتبه حكاية ممتعة عن «رمبزنيتس»، وفي الأوراق البردية الديموطيقية نقرأ قصة الملك بيتوبستس وحكاية رئيس الكهنة خاموس، وفي نهاية الدولة الحديثة نجد قصة الملك «تحتمس الثالث» وقصة ملك الهكسوس «أبوفيس» ومن أواخر الدولة الوسطى نقرأ قصص الملك «خوفو».
(٣) أوزان الشعر
كل ما يكتبه المصري بلغة عالية يقع في أسطر قصيرة متقاربة الطول، ولو أننا لا نعرف شيئًا عن نغماتها إلا أننا نرجح كثيرًا اعتبار هذه الأسطر أبياتًا شعرية منسوبة إلى وزن من الأوزان الشعرية. ولا شك في أن هذا صحيح في كثير من الأحوال، ومحقق في الحالات التي يكون فيها على الدوام عدد محدود من الأسطر تتوازن معًا كما يثبت ذلك المعنى، ويكون عدد الأسطر عادة ثلاثة أو أربعة كما ترى فيما يأتي:
وكثير من أمثال هذه الأشعار تمتاز مقطوعاتها بأن كلًّا منها تبتدئ بكلمات مشتركة في الكل، فمثلًا في «مناظرة بين إنسان سئم الحياة وبين روحه» نجد ثمانية مقطوعات مركبة منها الأغنية الأولى تبتدئ كل مقطوعة منها بما يأتي: «انظر إن أسمى ممقوت» ومقطوعات الأغنية الثانية تبتدئ بما يأتي «لمن أتكلم اليوم؟» إلخ.
وفي أنشودة النصر «لتحتمس الثالث» نجد رابطة المقطوعات بعضها ببعض في الحقيقة مزدوجة لأن السطر الثالث من كل مقطوعة يبتدئ بألفاظ واحدة أيضًا، فالأسطر الأولى تبتدئ بما يأتي: «إني قد أتيت حتى أجعلك تطأ ….» والسطر الثالث يبتدئ بما يأتي: «إني أريهم جلالتك …» أما كل من السطر الثاني والرابع فبدايته ليست مقيدة.
الشعر غير المقفى
غير أن هذه البدايات المتشابهة توجد كذلك في متون فقراتها مختلفة الطول، وعدد سطورها ليس واحدًا. ويمكن أن نعتبر هذه الفقرات غير المنتظمة مقطوعات ليست مقيدة في تركيبها. ولا بد من أنه كانت هناك مقطوعات كهذه في الشعر ليست مقيدة في تركيبها، ولا تظهر كأنها شعر لعدم تماثل الكلمات التي تبتدئ بها كل واحدة منها. وظاهر هنا أننا لا زلنا نتلمس الحقائق في ظلام دامس، ومن المحتمل أننا سنبقى دائمًا هكذا، إذ إن السؤال الذي يتوقف عليه كل شيء لا يزال غامضًا لدينا ولا يمكن الجواب عليه أعني: ما هو الوزن الذي كان يتبعه المصري في صناعة الشعر؟
السبب في عدم إمكانية معرفة أوزان الشعر المصري
هذا السؤال لا يمكننا أن نجسر على الجواب عليه بأي فرض كان، وإذا فرضنا — كما هو محتمل من الوجهة النحوية — أن كل كلمة في اللغة سواء أكانت اسمًا أم نعتًا أم فعلًا إلخ لها حركة خاصة فإنه ينتج من ذلك أن كل بيت من الشعر لا بد أن يكون فيه من حركتين إلى أربع حركات، وبذلك تكون أبيات الشعر عندهم حرة في نغماتها وليست مقيدة بوزن. ومما يؤيد هذا الفرض أن مصريي العصر المسيحي (الأقباط) كانوا ينظمون شعرهم بهذه الطريقة الخالية من القيود الوزنية مثل:
تكرار المعنى بألفاظ مختلفة
ولا بد أن المقطوعات الشعرية المصرية المركبة من أربعة أسطر كانت تشبه في نغماتها الرباعيات القبطية. على أن أمثال هذه النغمات الخالية من القيود الوزنية كانت تقرر كذلك في ظرف آخر، ذلك أنه حينما يكرر بيت من الشعر مثلًا في أول المقطوعة فإنه يمكن وضع جملة أطول بدلًا من اسم فردي، فبدلًا من «أوزير يستيقظ بسلام» الذي تبتدئ به المقطوعة الأولى فإنه يمكن أن يتغنى في الثانية «الباقي أبديًّا؛ رب المأكولات الذي يعطي ما يقوم الحياة لمن يحب، يستيقظ بسلام»، ولشعرهم ميزته الخاصة، وهي العادة الغريبة في بابها التي تعودنا أن نطلق عليها «توازن أجزاء الجملة» فليس بكاف أن يعبر الشاعر عن فكرة مرة واحدة، بل يجب أن يعبر عنها مرتين، وعلى ذلك نجد جملتين قصيرتين، معناهما متشابه أو واحد: تتبع إحداهما الأخرى مثال ذلك: «القاضي يستيقظ»، «تحوت يجلس»، أو: «ثم تلكم هؤلاء أصدقاء الملك»، «وأجابوا أمام إلههم»، ففي كل من المثلين يلاحظ أن الجملة الثانية مرادفة لما قبلها ولا فائدة منها. مثال آخر: «وهم الذين يدخلون في هذا القبر»، «وهم الذين يشاهدون ما فيه» حيث نجد أن التكرار يحدث فكرة جديدة.
والسبب في التعبير بهذه الطريقة هو الغرام بزخرف القول، فإن المتكلم يشعر بأنه يمكنه أن يستعمل جملة ثانية في معنى ما نطق به أولًا، وعلى ذلك لا يسعه إلا النطق بها في الحال مرة أخرى في شكل جديد. وعلى مر الأزمان أصبحت هذه طريقة مقررة في الكتابة، إذ كانت تعد حلية طبعية للكلام الراقي، وقد عودنا كتاب العهد القديم هذا النوع الغريب من التعبير لأنه كان سائدًا عند العبرانيين والبابليين، ولذلك لم يدهشنا ذلك كثيرًا في المتون المصرية. وتقدر تمامًا غرابة هذه الطريقة في التعبير بمجرد تحويل قطعة من شعر آخر إلى هذا الأسلوب المصري.
استعمال المترادفات في لغة الشعر وسببه
وعلى أية حال فإن هذا التوازن أو الترادف في الجمل لم يوضع قط يومًا من الأيام ليكون قالبًا ثابتًا للشعر، ولكنه بقي دائمًا مجرد حلية لفظية كان من المحقق أن تستعمل بدون أي تحفظ في الوقت الذي يريد الشاعر فيه أن يعبر عما في ضميره بلغة عالية.
ويجب قبل أن نختم هذا البحث أن نذكر حليتين أخريين كان المصريون مولعين بتزيين كلامهم بهما. وليس حتمًا علينا أن نعدهما خاصيتين مميزتين للشعر المصري وهما الجناس، وبداية الكلمات بحروف واحدة.
الجناس في الشعر المصري
وفي العصور التي نحن بصددها الآن لا نلاحظ حالات الجناس الحرفي إلا من وقت لآخر. مثال ذلك بيتان من الشعر يشيران إلى «أمنحوتب الثالث»: «حاربت عصاه بلاد النهرين، وأخضع قوسه السود.»
ولا بد أن الأشعار التي تبتدئ كلماتها بحروف متجانسة وجدت في ذلك الوقت، وإلا فكيف حصل المصريون في العصر اليوناني — الذين لم يكونوا مطبوعين على التجديد — على نموذج أشعارهم التي تبتدئ كلماتها بحروف متشابهة، وهو النموذج الذي كانوا يميلون إلى استعماله في نقوش معابهدهم؟ وقد كان رجال الدين في ذلك العصر يجدون لذة في ذكر كلمات تبتدئ بحروف متشابهة في الجملة الواحدة. واستعمال مثل هذه الأساليب يمكن أن يعزي أيضًا إلى الدولة الحديثة.
(٤) مختارات من أدب الدولة القديمة
لم تكشف لنا الآثار حتى الآن عن أي نوع من الأغاني والأناشيد والأحاديث المنظمة من عهد الأسرة الأولى، ولكن رغم ذلك يجب أن نسلم بأنها كانت موجودة. والواقع أنه يوجد كثير من التراكيب الشعرية في لغة العصر التاريخي مما ترجع نغماته إلى العصر السحيق، على أنه لم يبق لنا من هذا الشعر القديم إلا النزر اليسير، وهو على قلته لا يكشف لنا عن عذوبة الشعر الفطرية، لأن ما لدينا منه ينحصر في صيغ وأناشيد دينية، ومع ذلك فإن الطالب المصري الذي يعرف كيف يقرأ ذلك الشعر الديني يمكنه أن يأخذ فكرة عامة عن حقيقة الشعر الدنيوي المقابل له، فهو شيء مختلف جد الاختلاف عما يصوره لنا أدب مصر في عصر ازدهاره عندما كان غنيًّا بنغماته وقوافيه. ولقد كان التعبير في هذا الشعر القديم حيًّا ساذجًا، وكانت الأفكار متنقلة غير مستقرة، وكانت الضمائر في هذه المتون تتغير فجأة من استعمال إلى استعمال، وكل هذا يدل على طرافة الشعر وجدته، وإذا تغاضينا عن سذاجة هذه الصيغ القديمة وغرابتها فإننا نستطيع أن نكشف الغطاء من حين لآخر عن روح شعرية فطرية قل أن نجدها في عصور أخرى أكثر تهذيبًا.
منتخبات من متون الأهرام
تلكمت عن متون الأهرام والغرض منها في الجزء الأول ص٣٥٧ إلخ وهذه المتون تهتم اهتمامًا خاصًّا برغبة المتوفى المعظم (الملك) في الابتعاد عن تمضية حياة مظلمة في العالم السفلي، فإن هذا العالم هو مصير المتوفين العاديين، أما المتوفى الأعظم فإنه يعيش في السماء كما تعيش الآلهة، وهناك يمكنه أن يسبح مع إله الشمس في سفينته أو يسكن في حقول المنعمين أو يمرح في حقول قربان الطعام أو حقل «يارو»، ومن الممكن أن يصير نفسه إلهًا، وقد افتن الشعراء في تصوير هذا الدور كما شاء لهم خيالهم، فلم يكتفوا بتصويره (الملك) في أروع مظاهر الاستقبال من الآلهة بل رفعوه إلى مرتبة الغزاة الفاتحين لعالم السماء.
وتتصل بهذه الأفكار فكرة أخرى لها علاقة بالإله أوزير الذي يعتبر المثل الأعلى للموتى من بني الإنسان، فقد قتل مرة ثم أعيد إلى الحياة وصار حاكم الأموات، وهو بهذه الكيفية يعتبر في متون الأهرام أنه ساكن في السماء.
- (أ) سياحة المتوفى إلى السماء:١٠ إن الطائر يطير! إنه يطير بعيدًا عنكم أنتم أيها الناس. ولم يعد بعد على الأرض فهو في السماء.
- (ب) ومنها:١٣ ما أسعد الذين يشاهدونه متوجًا بتاج «رع»!
ومئزره عليه كمئزر «حتحور»، وريشه كريش صقر. وهو يصعد إلى السماء بين إخوانه الآلهة.
- (جـ) ومنها:١٤ إن قلبك معك يا «أوزير» ومعك قدماك يا «أوزير»، ومعك ذراعاك يا «أوزير». وإن قلبه معه، ومعه قدماه، وذراعاه معه١٥ لقد أقيم له منحدر إلى السماء ليصعد عليه إلى السماء١٦ إنه يصعد على دخان البخور العظيم.إنه يطير كطائر، ويحط كجعل في مقعد خال في سفينة «رع»: قف، اخرج إنك بدون … حتى يجلس في مكانك١٧ إنه في السماء، يجدف في سفينتك يا «رع». وينزل على الأرض في سفينتك يا «رع».
وعندما تكون فوق الأفق فإنه يكون هناك، وعصاه في يده كملاح سفينتك يا «رع». إنك تصعد إلى السماء بعيدًا عن الأرض …
- (د) ومنها:١٨ استيقظ أيها القاضي١٩ يا «تحوت»، انهض! استيقظوا يا نيام! تحركوا يا من في «كنست»!٢٠ أمام الأنيس العظيم (طائر مائي) الذي ارتفع من النيل، ولإله ابن آوى الذي خرج من شجرة الأثل.٢١ إن فمه لطاهر، وإن تاسوعي الآلهة قد بخراه، وإن لسانه الذي في فمه طاهر، إنه يكره الروث ويعاف البول٢٢ وهو يكره ما يكره. وهو يكره هذا ولا يأكل هذا….وأنتما أيها التوءمان اللذان يسيحان في السماء: «رع» و«تحوت»٢٣ خذاه إليكما ليكون معكما، حتى يأكل مما تأكلان، ويشرب مما تشربان، وحتى يعيش مما تعيشان، وحتى يسكن حيث تسكنان، وحتى يصير قويًّا بما يجعلكما قويين، وحتى يسيح هناك حيث تسيحان.
إن كوخه قد أقيم في «حقل يارو» ومرطباته في حقل «قربان الطعام». ومأكولاته معكما أيها الإلهان، وشرابه كشراب «رع» إنه يحيط بالسماء «كرع» ويخترق السماء «كتحوت».
- (هـ)
- (و) المتوفى يلتهم الآلهة:٣٢ إن السماء محجبة بالغيوم والنجوم تمطر (؟) والأقواس تتحرك للرمي، وأوصال آلهة الأرض ترتعد …٣٣ حينما تشاهد كيف يظهر في شكل واضح كإله يعيش على آبائه ويأكل أمهاته. إنه رب الـ … الذي لا تعرف أمه اسمه.٣٤ له الفخار في السماء، وله القوة في الأفق مثل «آتوم» والده الذي ولده، وقد ولده ولكنه (المتوفى) أقوى منه. أرواحه حوله وصفاته تحت قدميه، وآلهته فوقه وصلاله على حاجبه وحيته٣٥ فوق جبهته … وقواه تحميه. إنه ثور السماء، وقلبه ميال إلى النطاح، وهو الذي يعيش على حياة كل إله، وهو الذي يأكل أعضاءهم عندما يكونون قد ملئوا بطونهم بالسحر في جزيرة «نبسيسي» …٣٦وهو يظهر كهذا الواحد العظيم رب الخدم الإلهية وهو يجلس وظهره إلى «جب».٣٧ وهو الذي ينفذ الحكم مع من خفي اسمه في يوم ذبح المسنين.٣٨ وهو رب طعام القربان الذي يعقد الحبل٣٩ ويهيئ طعامه.وهو الذي يأكل الناس، ويعيش على الآلهة، ويملك الحمالين، ويرسل الرسل.٤٠ وهو الذي يلقف سحرهم ويبتلع سيادتهم، فالكبار منهم غذاؤه في الصباح، والمتوسطون حجمًا وجبته في المساء، وصغارهم أكلته في الليل، والمسنون من رجالهم والمسنات من نسائهم قد حصصوا لبخوره٤١ والعظماء الذين في شمالي السماء يوقدون له النار تحت القدور، ووقود هذه النار أفخاذ المسنين.٤٢ وسكان السماء يخدمونه، وقدور الطبخ تمسح له بسيقان نسائهم.وقد أحاط بالسماءين جميعًا وقد اخترق شاطئ النهر. وهو «الواحد القوي» صاحب السلطان على الأقوياء … وإنه ليأكل من يعترضه نيئًا، ومكانه فوق رأس الأشراف الذين في الأفق. وهو إله أكبر من أكبرهم سنًّا. الألوف تخدمه والمئات تضع له القرابين وقد منحه «أريون» (نجم) أب الآلهة عهدًا بتعيينه واحدًا عظيمًا قويًّا٤٣ وقد توج في السماء من جديد، وإنه ليلبس التاج، كرب الأفق.وقد كسر عظم الظهر والنخاع الشوكي، وقد اختطف قلوب الآلهة، وقد أكل التاج الأحمر وابتلع التاج الأخضر، وهو يعيش على رئات الحكماء، ويرتاح لأن يعيش على القلوب وسحرها ويفرح حين يلتهم الـ … التي في التاج الأحمر.٤٤ وهو ينمو وسحرها في بطنه وألقابه لم تغضب منه. وقد ابتلع عقل كل إله.مدة حياته الخلود، وحدوده الأبدية إذا أراد فعل، وإذا لم يرد لم يفعل، وهنا تتجلى مكانته، وهو الواحد الداخل في حدود الأفق إلى أبد الآبدين. تأمل فإن روحهم في بطنه وسيادتهم معهم، وإن فضلات طعامه تفضل طعام الآلهة، وما يحرق له هو عظامهم وأرواحهم معه وظلالهم مع زملائهم.٤٥
المتوفى يأتي رسولًا إلى أوزير٤٦
(رجاء موجه إلى النوتي (المعداوي) في السماء لينقل المتوفى حيث يسكن أوزير).
أيها العابر إلى «حقل قربان الطعام» أحضر لي هذا! أسرع إنه هو! إنه هو تعال! هو، ابن سفينة الصباح التي قد ولدته على الأرض، إن ولادته تامة لا تشوبها شائبة وعلى تمامها حياة الأرضين.
مصير أعداء المتوفى
الفرح بالفيضان٥٥
أناشيد الصباح
كان يرحب بالآلهة في المعابد في الصباح بأنشودة تشتمل — على الأخص — على النداءات التي كانت تكرر دائمًا «استيقظ في سلام» ويتبع تلك النداءات في كل مرة اسم مختلف للإله، وعلى ذلك كان المفروض أن الآلهة كانت تستيقظ كذلك في السماء بهذه الطريقة نفسها بواسطة آلهة أيضًا. وهذا يساعدنا على فهم كنه هذه الأنشودة، وهي الأغنية التي كانت النسوة يوقظن بها الملوك في الصباح في أقدم عهود مصر التاريخية.
- (أ) إلى إله الشمس:٥٧ استيقظ بسلام، أنت يا أيها الواحد المطهر،٥٨ في سلام! استيقظ بسلام، أنت يا حور الشرقي، في سلام استيقظ بسلام، أنت يا أيها الروح الشرقي، في سلام! استيقظ بسلام، أنت يا «حور أختي» في سلام! أنت تنام في قارب الغروب، أنت تستيقظ في قارب الصباح، لأنك أنت الذي تشرق على الآلهة، ولا إله يشرق عليك!
- (ب) إلى الصل الظل الملكي:٥٩ استيقظي في سلام! أيتها الملكة العظيمة، استيقظي في سلام، إن استيقاظك ممتلئ بالسلام. استيقظي في سلام! يا أيتها الحية التي على حاجب (الملك الفلاني)، استيقظي في سلام، إن استيقاظك ممتلئ بالسلام. استيقظي في سلام! يا أيتها الحية البحرية، استيقظي في سلام، إن استيقاظك ممتلئ بالسلام. استيقظي في سلام! يا «رننوتث»،٦٠ استيقظي في سلام، إن استيقاظك ممتلئ بالسلام. استيقظي في سلام! يا «وزيت» صاحبة … الفاخر، استيقظي في سلام، إن استيقاظك ممتلئ بالسلام. استيقظي في سلام! أنت يا صاحبة الرأس المنتصبة، وذات الرقبة العريضة،٦١ استيقظي في سلام، إن استيقاظك مفعم بالسلام … إلخ.
(٥) تعاليم «فتاح حتب»
تعد تعاليم «فتاح حتب» أقدم مصدر في أدب العالم صور لنا الخلق المستقيم، والواقع أن حكمة «فتاح حتب» التي جاءت عن تجارب يلخص لنا كثيرًا من الأدب الخلقي لهذا العصر، وكما جاء في مقدمة هذه التعاليم نجد أن الوزير المسن قد شعر بضعف الشيخوخة، وطلب إلى الملك أن يسمح له بتعليم ابنه (ابن الوزير) ليحل محله في وظيفته. ولما قبل الملك ملتمس وزيره أخذ الأخير يحذر ابنه بألا يسيء استعمال الحكمة التي سيلقنه إياها، بل ينتهج سبيل التواضع فقال: «لا تكونن متكبرًا بسبب معرفتك، ولا تثقن بأنك رجل عالم، فشاور الجاهل والعاقل، لأن نهاية العلم لا يمكن الوصول إليها، وليس هناك عالم يسيطر على فنه تمامًا. وإن الكلام الحسن أكثر اختفاء من الحجر الأخضر الكريم، ومع ذلك فإنك تجده مع الإماء اللائي على أحجار الطواحين.»
ثم يأتي بعد ذلك اثنتان وأربعون فقرة في نصائح مختلفة دون أي مجهود من المؤلف في ترتيبها أو تنظيمها، بل كتب كلًّا منها عفوًا حسبما كان يحضر ذهنه من تجارب الحياة ومسئوليتها، وسنكتفي هنا بذكر أهمها.
ولكن إذا كان مماثلًا لك فأظهر بصمتك أنك أحسن منه إذا أخطأ في الكلام، وعندئذ سيمدحه السامعون ولكن اسمك سيعتبر حسنًا بين العظماء.»
أما إذا كان شخصًا حقيرًا ليس ندًّا لك فلا تغضبن عليه لأنك تعلم أنه تعس … احتقره وبذلك يؤنب نفسه. وإنه لقبيح أن يضر الإنسان شخصًا محتقرًا.
والرجل العظيم يتوقف عزمه على إرادة نفسه حينما يجلس أمام الطعام
إذا حرثت وكان هناك نبات في الحقل، وأعطاك الله الخير العميم فلا تشبعن فمك بجانب أقاربك … (الباقي غير مفهوم).
فهو ابنك الذي ولدته لك «كاك» (نفسك) ولا تنفرن قلبك منه.
ولكن إذا عمل سوءًا، وأعرض عن خططك (نصائحك) ولم يعمل حسب تعاليمك، وصارت خططه لا قيمة لها في بيتك، وتحدى كل ما تقوله … عندئذ أقصه لأنه ليس لك، ولم يولد لك …
السلوك في بهو العظماء
ولكن من يمثل القسوة نحو المتظلم فإن الناس يقولون: «لأي سبب يفعل هو كذلك؟
لا تكونن شرهًا في القسمة، ولا تكونن ملحًّا إلا في حقك، ولا تطعمن في مال أقاربك، فإن التماس المتواضع يجدي أكثر من القوة … فإن القليل الذي اختلس منه يولد العداوة (حتى) عند صاحب الطبع اللين.
وسنكتفي بهذا القدر من نصائح «فتاح حتب».
ولدينا نصائح وتعاليم أخرى يرجع عهد كتابتها إلى الدولة القديمة، ولكن النسخ التي وصلتنا محرفة كتبت في عصور متأخرة وأهمها تعاليم «كاجمني»، وتعاليم «دواوف» وسنتكلم عنها في حينها.
(٦) أغاني العمال
(٧) الأغاني في الولائم
عندما كان أهل المتوفى يولمون وليمة له في قبره كانوا يجهزون أكلة ويعتقدون أنه سيكون حاضرًا معهم، وكانت هذه الوليمة لا ينقصها شيء مما يحتاج إليه في مثل هذه المناسبة فكان فيها الخمر والموسيقى والأزهار والعطور.
وقد حفظ لنا لوح قبر من العهد الإقطاعي بداية إحدى هذه الأغاني التي كانت تطرب الضيفان أثناء هذه الولائم. وقد مثل عليه عواد بدين يغني:
كن فرحًا حتى تجعل قلبك ينسى أن القوم سيحتفلون يومًا ما بموتك، فمتع نفسك ما دمت حيًّا، وضع العطر على رأسك، والبس الكتان الجميل، ودلك نفسك بالروائح الذكية المقدسة.
وفي أسفل كتب هذا «الحداء»
اقض اليوم في سعادة ولا تجهدن نفسك! اصغ، لا يمكن أحد أن يأخذ متاعه معه. اصغ، وليس في قدرة إنسان قد ولى أن يعود ثانية.
هوامش
See. A. H. Gardiner, Proceedings of the Socity of Biblical Archaeology, XXXVIII. P. 49.
J.H. Breasted, Development of Religion and Thought in Ancient Egypt, p.p. 127, 129; R. O. Faulkner, Journ. Of Egypt. Archaeology, X p.p. 97, 103.