مطاردة سينمائية حول «مازني»
همس «رشيد»: ينبغي أن يتحرك «قيس» إلى هناك.
رفع «أحمد» سماعة تليفون السيارة وتحدَّث إلى «قيس» الذي قال: إننا فعلًا سوف ننفذ ذلك.
ألقى «أحمد» نظرةً على الطريق لكنَّه لم يرَ سيارة «قيس» … ابتسم وهو يقول: لا بد أنه سلَكَ طريقًا آخر!
قال «رشيد»: لكنه لا يوجد طريق آخر غير الذي نسير فيه!
ردَّ «أحمد»: الشياطين يجدون طريقهم دائمًا!
كان الجبل يقترب بسرعة، تحفز «أحمد». فجأةً ظهرت سيارة بيضاء تتحرك قريبًا من الجبل. فجأةً ظهرت سيارة أخرى سوداء من بين الأشجار.
قال «رشيد»: إن السيارات تتكاثر!
رد «أحمد»: لا بأس، إنها معركة واحدة على كل حال!
صمت لحظة، ثم أضاف: إن ما يهمنا هو د. «مازني» فقط، ومن الضروري ألا ندع واحدة من هذه السيارات تقترب منه، وإلا نكُنْ قد فقدنا د. «مازني» نفسه … رفع سماعة التليفون وتحدث إلى «عثمان»: أين أنتما الآن؟
رد «عثمان»: إننا في مكان جيد تمامًا، ونحن نرى السيارة البيضاء والسوداء الأخرى.
فجأةً ظهرت سيارة ثالثة … فقال «أحمد»: ينبغي أن نبدأ المعركة.
كانت سيارتان من السيارات الثلاث قريبتين من سيارة «أحمد»؛ واحدة من جانب والأخرى من الخلف …
قال «أحمد»: ارفع سرعة السيارة وانطلق في اتجاه السيارة الجانبية!
ضغط «رشيد» زر السرعة. فانطلقت السيارة في سرعة رهيبة في اتجاه السيارة السوداء التي كانت تتقدم في بطء … وعندما شعرت السيارة السوداء باقتراب سيارة الشياطين … حاولت أن تتفاداها … إلا أن جهاز التوجيه في سيارة الشياطين، كان موجهًا ناحية السيارة السوداء فصدمتها في قوة. جعلتها تنقلب جانب الطريق. في نفس الوقت تحدَّث «أحمد» إلى «عثمان»: ينبغي أن يشغل أحدكما د. «مازني» حتى لا يلتفت لما يحدث.
رأى «رشيد» السيارة البيضاء تندفع في اتجاه سيارة د. «مازني» التي كانت لا تزال بعيدة بعض الشيء، إلا أنَّ «رشيد» اعترض طريقها فاضطرت السيارة أن تُبطئ سرعتها. تردد صوت كلاكس سيارة العصابة يطلب من سيارة «أحمد» أن تُفسح له الطريق، إلا أن «رشيد» ظل يسده أمامها. وفي شاشة السيارة رأى أحد رجال العصابة يُخرج مسدسه، ويُحكم النيشان على عجلة سيارته … فابتسم. أطلق رجل العصابة طلقة رصاص اصطدمت بإطار سيارة الشياطين، ثم طاشت في الهواء. ابتسم «رشيد» وقال: إنه طبعًا لا يعرف أن هذه إطارات خاصة، لا تخضع لهذه العمليات!
سمع الاثنان من خلال جهاز التسجيل صوت أحدهم يقول: لا يمكن. كيف لم ينفجر إطار السيارة.
قال صوت آخر: ينبغي أن نلحق بها!
رأى «رشيد» سيارة العصابة تندفع في قوة ناحيته. في نفس الوقت رأى «أحمد» سيارة «قيس» تتجه إلى سيارة د. «مازني»، وقبلها بمسافة توقَّفت، وقفز «عثمان» منها. ثم اندفعت في اتجاه سيارة العصابة عند الجبل الثلجي، ثم اصطدمت بها صدمة خفيفة، جعلت السيارة تدور حول نفسها دورة كاملة، ثم تصبح خلف سيارة «قيس» تمامًا. غير أن «قيس» اندفع بسيارته إلى الجبل الثلجي فتبعته سيارة العصابة.
فجأةً اهتزَّت سيارة «أحمد» بعنف؛ فقد اصطدمت بها سيارة العصابة، ضغط «رشيد» على زر الفرامل، فتوقَّفت السيارة فجأةً، واصطدمت بسيارة العصابة مرة أخرى. ولم يتحرك «رشيد» بالسيارة. رأى «أحمد» اثنين من السيارة ينزلان منها بسرعة، ثم يتجهان إلى سيارتهما.
همس ﻟ «رشيد»: إنهما يقتربان منَّا، كلٌّ من ناحية أحد الأبواب؛ فكن مستعدًّا!
وقبل أن يصلا، رأى «أحمد» من بعيد «عثمان» وهو يقف بجوار سيارة د. «مازني»، فعرف أنه يشغله حتى لا يلفت نظره لما يدور. في نفس اللحظة، وصل رجلا العصابة؛ واحد عند «أحمد»، والآخر عند «رشيد» وعندما توقَّفا وانحنيا يتحدثان إلى «أحمد» و«رشيد»، فتح الشياطين بابي السيارة بقوة مرة واحدة، فسقط الرجلان على الأرض، وقبل أن يقوما، كان «أحمد» و«رشيد» قد قفزا إليهما. ضرب «أحمد» الرجل القريب منه ضربة، جعلته ينبطح على الأرض، فأسرع إليه. إلا أن الرجل قفز قفزة قوية، واصطدم ﺑ «أحمد» فتراجع بسرعة، أسرع الرجل يجذب مسدسه. لكن قبل أن يطلقه، كان «أحمد» قد أخرج مسدسه، وأطلق طلقة صامتة أطارت المسدس من يد الرجل. فلاذا بالفرار. التفت «أحمد» في اتجاه «رشيد» فرآه طائرًا في الهواء، ثم ضرب الرجل ضربة قوية جعلته يدور حول نفسه … وقبل أن يسقط على الأرض كانت يدٌ مستقيمة قد خرجت إلى الرجل فسقط على الأرض بلا حَراك. نظر «أحمد» في اتجاه «عثمان»، فرآه لا يزال يتحدث إلى د. «مازني»، وكأنَّ شيئًا لا يحدث، فقال لنفسه: رائع أن «عثمان» يقوم بمهمته خير قيام.
كان «رشيد» يقف هو الآخر، فقال «أحمد»: لم تبقَ سوى السيارة التي تطارد «قيس»، التي كانت قد اختفت خلف الجبل، هي وسيارة «قيس» … قفز الاثنان بسرعة، إلى سيارتهما. وعندما استقرَّا فيها. ضغط «رشيد» زر السير، فتحركت السيارة … ثم ضغط زر السرعة، فانطلقت السيارة في سرعة رهيبة. وفي لحظة كانت تتجاوز سيارة د. «مازني» … ورأى «أحمد» «عثمان» وهو يبتسم.
انطلقت سيارة «رشيد» إلى الجبل حتى تجاوزته واختفت خلفه. كانت سيارة العصابة تطارد سيارة «قيس»، وتكاد أن تقترب منها …
قال «رشيد»: إن «قيس» يسير بسرعة معقولة، تجعل سيارة العصابة مستمرة في مطاردته!
ظلَّت سيارة «رشيد» تقترب أكثر فأكثر، حتى لم يعد بينها وبين سيارة العصابة سوى أمتار قليلة. فجأةً ارتفع زجاج السيارة الخلفي، وظهر أحد رجال العصابة وفي يده مدفع رشاش … ابتسم «رشيد» وقال: سوف يصابون بالدهشة مرة أخرى!
ضغط رجل العصابة زناد الرشاش، فانطلقت مجموعة من الطلقات في الهواء. ظهر الفزع على وجه رجل العصابة، ثم وجَّه رَصاص الرَّشاش إلى مقدمة السيارة، وأطلق مجموعة طلقات. اصطدمت هي الأخرى بمقدمة السيارة، ثم طاشت في الهواء، أعاد رجل العصابة تجربته من جديد، ووجَّه طلقات الرشاش إلى إطار السيارة ومرة أخرى، اصطدمت الطلقات بإطار السيارة، ثم طاشت في الهواء. صرخ الرجل في فزع. في نفس الوقت ضغط «رشيد» زر السرعة مرة أخرى، فاندفعت سيارته حتى تجاوزت سيارة العصابة. واقتربت من سيارة «قيس». رفع «أحمد» سماعة التليفون وتحدَّث إلى «قيس»: خذ جانب الطريق، واترك سيارة العصابة تمر!
أخذ «قيس» يمين الطريق، فاندفعت سيارة «رشيد» ومن خلفها سيارة العصابة. في نفس الوقت تحدَّث «أحمد» مرة أخرى إلى «قيس»: عُد أنت إلى «عثمان»، واترك سيارة العصابة لنا!
استدار «قيس»، وعاد إلى «عثمان» … بينما كانت سيارة «رشيد» مندفعة، وخلفها سيارة العصابة، التي كانت المسافة بينهما تزداد. قال «أحمد»: اخفض سرعة السيارة، حتى يقتربوا منا. إنَّ أمامنا بحيرة متجمدة، تظهر على شاشة السيارة! نفَّذ «رشيد» تعليمات «أحمد» وخفض السرعة. كانت سيارة العصابة تقترب بسرعة، حتى اقتربت تمامًا …
فقال «أحمد»: سوف ننزل البحيرة. وهم سوف يندفعون خلفنا … وسوف ينتهون إلى الأبد. ثم ضغط زرًّا في تابلوه السيارة، فأصبحت جاهزة لكي تعمل في الماء في نفس الوقت، ثم قال: ارفع السرعة الآن!
ضغط «رشيد» زر السرعة، فاندفعت سيارته فوق سطح البحيرة المتجمدة، في نفس الوقت دخلت سيارة العصابة سطح البحيرة. وفجأةً بدأت تتخبط، أوقف «رشيد» السيارة، ثم نظر خلفه. كانت السيارة قد بدأت تغوص في الماء، بعد أن كسرت سطحه المتجمد. لقد كانت في طريقها إلى الهاوية … في نفس الوقت كان ثلاثة رجال قد قفزوا منها … وأصبحوا يقفون على حافَّة الهاوية الثلجية.
ابتسم «رشيد» وقال: هذه مغامرة حافة الهاوية … فقد انتهَوْا عند الحافَّة تمامًا!
ركب «أحمد» و«رشيد» الذي استدار بالسيارة بسرعة، حتى وصل إلى الرجال الثلاثة. أخرج أحدهم مسدسه، وأطلق طلقة في زجاج نافذة السيارة القريب من «أحمد»، إلا أن «أحمد» ابتسم، فقد اصطدمت الطلقة بالزجاج، وهو ضد الكسر … ثم طاشت في الهواء. فتح «أحمد» فتحةً سرية، ثم تحدَّث إلى الرجال: هل تنتهون في الثلج، وتتحولون إلى كتل ثلجية؟ …
كان الرجال ينظرون إليه في دهشة. قال «أحمد» وهو ينظر إليهم من خلف زجاج النافذة: عليكم بإلقاء سلاحكم، وإلا تركتكم هنا!
نظر الرجال إلى بعضهم، وتردَّدوا في تنفيذ ما طلبه «أحمد»، غير أن أحدهم قال بعد لحظة: ليس أمامنا سوى أن نُلقيَ السلاح.
أخرج كلٌّ منهم مسدسه، ثم ألقاه بعيدًا. قال «أحمد»: اقتربوا!
تحركوا في اتجاه السيارة. كان «رشيد» قد ضغط زرًّا، فأصدر جهازًا خاصًّا في السيارة ذا حرارة عالية، فجأةً كان الثلج يذوب حول السيارة، وحول أقدام الرجال. أخذوا يتصايحون، وضغط «رشيد» زر السير، فتحركت السيارة في نفس الوقت الذي كان فيه الرجال الثلاثة يغوصون في الماء، إلا إنهم تعلَّقوا بأطراف الأماكن الصلبة التي تصل إليها الحرارة. ابتسم «رشيد» وهو يقول: حافَّة هاوية أخرى!
ثم ضغط زر السرعة، فانطلقت السيارة تعبر سطح البحيرة المتجمدة حتى خرجت منها … ضغط «أحمد» زرًّا آخر، فأصبحت السيارة مستعدةً للسير على الأرض … اتجه «رشيد» بسرعة إلى الجبل، حتى تجاوزه ومن بعيد شاهد الاثنان «قيس» و«عثمان» وهما ما زالا يتحدثان إلى د. «مازني» الذي كانت سيارته لا تزال متوقفة على جانب الطريق. وعندما وصلا هناك نزلا بسرعة، فألقى «أحمد» تحية الصباح على د. «مازني»، وقال «قيس» بسرعة: هل انتهيتم من تصوير المطاردة؟
ابتسم «أحمد»، فقد فهم ما يعنيه «قيس»، وقال: نعم، انتهينا من التصوير.
فقال «عثمان»: كنت أشرح للدكتور «مازني» نوعية الفيلم الذي نقوم بتصويره، فقد لفت نظرَه صوتُ طلقات الرصاص واصطدام السيارات …
ابتسم «أحمد» وقال: كانت مطاردة مثيرة، سوف تُعجِب المشاهدين تمامًا.
سأل د. «مازني»: وما اسم الفيلم الذي تقومون بتصويره؟
ردَّ «رشيد»: حافة الهاوية.
ابتسم د. «مازني» وهو يقول: اسم مثير!
سأل «رشيد»: إلى أين يذهب السيد «مازني»؟
قال «مازني»: إلى «فيينا» … فلديَّ مؤتمر علمي هناك!
كان «جون» و«جان ماري» يتابعان الحديث، فقالت «جان ماري»: كنت أتمنى أن أرى المطاردة على الطبيعة!
ضحك «أحمد» وقال: في المرة القادمة.
ثم قال للدكتور «مازني»: سوف نسير أمامك في الطريق إلى «فيينا»، فهناك بحيرة متجمدة في الطريق، سوف ندور حولها، فلا تبتعد عن طريقنا. سوف تكون إحدى السيارتين أمامك، والأخرى من خلفك.
ابتسم د. «مازني»، وقال: إنَّني أشكر لكما ذلك!
ركب الشياطين السيارتين. وتقدَّم «رشيد»، وقاد «قيس» السيارة من الخلف. ولم يعرف د. «مازني» أن هذه المغامرة هو بطلها الأول.