الفصل الرابع
المشهد الأول
(يدخل سباستيان والمهرج.)١
المهرج
:
هل تريد إقناعي بأنني لم أُرسل إليك؟
سباستيان
:
اتركني أرجوك .. أنت مغفَّل!
اغرُب عن وجهي قلت!
المهرج
:
إصرارك يدهشني حقًّا! وإذن فأنا لا أعرفك،
ولا أرسلَتني مولاتي ٥
إليك، حتى تطلب منك الحضور للحديث معها، ولا
اسمُك السيد
سيزاريو، ولا يوجد أنفي في وجهي أيضًا!٢ أي إن كل ما هو
صحيحٌ غير صحيحٍ في الواقع!
المهرج
:
أنفث حماقاتي! لقد التقطَ التعبير من أفواه
بعض العظماء، ويطبِّقه
الآن على المهرِّج! أنفثُ حماقاتي! يؤسفني
أن هذه الدنيا، وهي
المهرِّجةُ الكبرى، سوف تتعلَّم التصنُّع والتخنُّث!٥ أرجوك الآن أن ١٥
تتخلَّص من قناع التصنُّع والتظاهر، وأن
تخبرني ماذا «أنفث»
لمولاتي. هل «أنفث» لها أنك قادم؟
سباستيان
:
(يقدِّم إليه نقودًا.)
المهرج
:
(يدخل سير أندرو، وسير توبي وفابيان.)
سير أندرو
(إلى سباستيان)
:
ها أنا ذا ألقاك من جديد! خذ هذه الضربة!٩
(سير أندرو ويضرب سباستيان.)
سباستيان
:
سير توبي
:
كُف يا سيدي عن ذلك وإلا قذفتُ بخنجرك فوق المنزل.١١
المهرج
(جانبًا)
:
سوف أدخل المنزل لأُخبر مولاتي فورًا! ولا
أتمنَّى عندها أن
أكون في موقف بعضكم ولو أُعطيت قرشَين!
٣٠
(يخرج المهرج.)
سير توبي
(وهو يمسك بسباستيان)
:
هيا يا سيد! ابتعد!
سير أندرو
:
لا تعبأ به! عندي وسيلةٌ أخرى للتعامل معه.
سأرفع عليه دعوى
اعتداء بالضرب١٢ إذا كان في إلليريا قانون! وعلى
الرغم من أنني
كنت البادئ فلن يؤثِّر ذلك في صحة الدعوى.
٣٥
(توبي يمسك بسباستيان.)
سباستيان
(إلى توبي)
:
ابعد يدك عني!
سير توبي
:
كلا! لن أتركك الآن! هيا! سُلَّ سيفَك أيها
الجندي الشاب! إنك
مفعم بالحماس! هيا!
سباستيان
:
الآن قد أفلتُّ من قبضتك! فما عساك فاعل؟
٤٠
لئن جرؤت أن تزيد من إثارتي فسُل
سيفك.
(يسل سباستيان سيفه.)
سير توبي
:
ماذا ماذا؟ لا! لا بد أن أُريق بعضًا من ذلك
الدم الوقح في
جسدك.
(يسل سير توبي سيفه.)
(تدخل أوليفيا.)
أوليفيا
:
كُف يا توبي وإلا كان في ذلك موتُك! كُف
فورًا!
سير توبي
:
مولاتي! ٤٥
أوليفيا
:
هل يستمر الحال دومًا هكذا؟ يا أيها التعسُ
اللئيم!
يا من له سُكنى الجبال والكهوف حيث يسكن
الهمج
من لم يُعلِّمهم أحد .. معنى الأدب! اغرب
إذن عن وجهي!
أرجوك لا تغضب سزاريو!١٣ وأنت أيها الصفيق ارحل!
(يخرج سير توبي وسير أندرو وفابيان.)
أرجو صديقي الكريم أن يكون للعقل الرزين لا
للعاطفة
الحكم في هذا التجني الفظ دونما مبرِّرٍ١٤ على سَكِينتك! ٥٠
هيا معي لندخل المنزل،
فسوف أحكي عندها عليك كم من مرةٍ
أثار فيها ذلك الوغد التعس
مشاجراتٍ ليس من ورائها طائل،١٥ فربما ضحكتَ من
هذا الذي جرى، وليس عندك الخيار في اصطحابي!
٥٥
أرجوك ألَّا تتمنَّع! واهًا لنفسي منه ذلك الشقي؛١٦
فقد أثار قلبي المسكين إشفاقًا عليك،
وقلبي١٧ المسكين خافقٌ لديك في
جنبَيك.
سباستيان
(جانبًا)
:
أوليفيا
:
بل هيا أرجوك. أفلا تقبل أن تفعل ما أطلبه؟
سباستيان
:
أقبَلُ يا مولاتي.٢٠
أوليفيا
:
ما دمت تقول فهيا افعل ما أقضي به!
(يخرجان.)
المشهد الثاني
(تدخل ماريا والمهرج.)٢١
ماريا
:
هيا أرجوك البس هذه العباءة، وهذه اللحية،
واجعله يتصوَّر أنك
الكاهن سير توباس.٢٢ هيا وأسرع. وريثما تنتهي سأدعو
السير توبي
للحضور.
(تخرج ماريا.)
المهرج
(وحده على المسرح)
:
سوف ألبس هاتَين! وسوف أُجيد التنكُّر
فيهما!
ليتني كنت أول المنافقين الذين يرتدون هذه
العباءة! ليست قامتي
طويلةً حتى تناسب الوقوف على المنبر، وليس
جسدي هزيلًا حتى ٥
يوحي بأنني حَبرٌ علَّامة، ولا تناقض بين
ادِّعاء الشرف وما أنا فيه
من نعمةٍ وحسن الضيافة، وبين التظاهر بحمل
الهموم والتبحُّر في
العلم!٢٣ ها قد أتى شركائي في
التدبير!
(يدخل سير توبي وماريا.) ١٠
سير توبي
:
باركك جوف يا أيها الأستاذ الكاهن.
المهرج
:
عمت صباحًا٢٤ يا سير توبي. فكما قال الراهب
الهرم ابن مدينة براغ،
الذي لم يرَ القلمَ والحِبر يومًا في حياته،
وهو قول بالغ اللماحية،
وهكذا فما دمت أنا موجودًا، وأنا الأستاذ
الكاهن، فالأستاذ الكاهن
موجود! إذ ما «موجودٌ» إلا «موجودٌ»، وما
«كلٌّ» إلا «كلٌّ». ١٥
سير توبي
:
إليه يا سير توباس.
الكاهن
(يغيِّر نبرات صوته)
:
أنتم يا من هنا! السلام على من في الحبس!
سير توبي
:
الوغد بديع التمثيل! وغد رائع!
(مالفوليو يظهر خلف ستار يمثل باب السجن وفي ظلام مفترض.) ٢٠
مالفوليو
:
من ينادي؟
المهرج
:
السير توباس، الكاهن، وقد أتى لزيارة مالفوليو
المجنون.
مالفوليو
:
يا سير توباس! يا سير توباس! يا سير توباس
الكريم! اذهب إلى
مولاتي!
المهرج
:
اخرج من جسمه أيها العفريت المريع! ما أشد
تضليلك لهذا ٢٥
الرجل! أفلا تتحدَّث إلا عن النساء؟
سير توبي
(جانبًا)
:
أحسنتم يا أستاذ!
مالفوليو
:
يا سير توباس! لم يذق رجلٌ ما ذُقتُه من
ظلم! يا سير توباس
الكريم، لا تظن أني مجنون. لقد حبسوني هنا
في ظلام رهيب. ٣٠
المهرج
:
تبًّا لك يا إبليس الخبيث! (إني أدعوك بألطف
الألفاظ؛ فأنا من
السادة المهذَّبين الذين يجاملون الكل حتى
الشيطان). تقول إن المنزل
مظلم؟٢٧ ٣٥
مالفوليو
:
حالِكٌ كالجحيم يا سير توباس!
المهرج
:
عجبًا! إن به نوافذ مقوسةً في شفافية
المتاريس المصمتة، والنوافذ
العليا في جهة الجنوب الشمالي وضاءةٌ مثل
الأبنوس، ومع ذلك
تشكو من حجب الضوء عنك؟٢٨
مالفوليو
:
لست مجنونًا يا سير توباس. أؤكِّد لك أن هذا المنزل
مظلم! ٤٠
المهرج
:
أخطأتَ أيها المجنون! فلا ظلام إلا الجهل،
وأنت أشد تيهًا فيه من
قوم فرعون في غياهب ضبابهم!٢٩
مالفوليو
:
أقول لك إن هذا المنزل مظلم كالجهل، ولو كان
الجهل في ظلام ٤٥
جهنم. وأؤكِّد لك أنه ما من شخص أُسيء إليه٣٠ قدر هذه الإساءة.
وأنا عاقل مثلك، ولك أن تختبر عقلي بأسئلة
منطقية.
المهرج
:
ما رأي فيثاغورت٣١ في الطيور البرية؟ ٥٠
مالفوليو
:
يقول إن روح جدتنا ربما حلَّت في جسد طائر.
المهرج
:
وما رأيك في هذا القول؟
مالفوليو
:
أرى أن الروح سامية ولا أوافق على قوله إطلاقًا!٣٢ ٥٥
المهرج
:
وداعًا! وابقَ دائمًا في الظلام. لا بد أن
تقبل رأي فيثاغورث قبل أن
أقبل أنك عاقل؛ فأنت تخشى أن تذبح ديك
الغابة حتى لا تفقد
روح جدتك! وداعًا! ٦٠
مالفوليو
:
سير توباس! سير توباس!
سير توبي
:
يا عزيزي ما أروع سير توباس!
المهرج
:
حقًّا! فأنا أسبح في أي مياه!٣٣
ماريا
:
كان يمكنك أن تؤدِّي دورك دون لحية وعباءة، ما دام
لا يراك.٣٤ ٦٥
سير توبي
:
اذهب إليه الآن وتكلَّم بصوتك المعتاد، وعد
فقل لي كيف وجدته.
ليتنا ننتهي من هذه المكيدة تمامًا. فإذا
كان من الممكن إطلاق سراحه
دون متاعب، فعلينا بذلك؛ إذ إنني أغضبت بنت
أخي إلى الحد
الذي يمنعني من متابعة هذه آمنًا حتى نعرف
الفائز! وتعالَي ٧٠
إليَّ في غرفتي حالما تفرغين من عملك.٣٥
(يخرج السير توبي مع ماريا.)
المهرج
(يغنِّي)
:
روبين يا روبين أيها المرح،
قل لي وكيف حال من تحبها؟٣٦ ٧٥
مالفوليو
:
المهرج!
المهرج
(يغنِّي)
:
حبيبتي والله جد قاسية.
مالفوليو
:
يا أيها المهرِّج!
المهرج
(يغنِّي)
:
وا أسفا! وكيف تقسو هكذا؟
مالفوليو
:
أقول أيها المهرِّج! ٨٠
المهرج
(يغنِّي)
:
لأنها تحب غيري يا فتى … من ينادي؟
مالفوليو
:
أيها المهرِّج الكريم! كعادتي سوف أكافئك
خير مكافأة، فساعدني!
أحضر لي شمعةً وقلمًا وحبرًا وورقًا. وقسمًا
بكرم محتدي لسوف
أشكر لك حقًّا صنيعك. ٨٥
المهرج
:
سيد مالفوليو؟
مالفوليو
:
ماذا أيها المهرِّج الكريم؟
المهرج
:
وا أسفا يا سيدي، كيف فقدت قوى عقلك الخمس؟٣٧
مالفوليو
:
لم يتلقَّ رجلٌ قط إساءةً أبشع وأبرز ممَّا
تلقَّيت؛ فقواي العقلية في
سلامة قواك العقلية أيها المهرِّج.
٩٠
المهرج
:
مثلي فقط؟ إذن فأنت مجنونٌ حقًّا، ما دمت
تتمتَّع بقوى عقلية
تستوي مع المهرِّج.
مالفوليو
:
المهرج
:
خذ الحذر فيما تقوله إذ وصل الكاهن (يتحدَّث
بالصوت المصطنع ٩٥
للسير توباس) مالفوليو! مالفوليو! أدعو الله
أن يرد إليك قواك
العقلية، فاجتهد حتى تنام، وأقلع عن الهذر والتُّرَّهات.٤٠
مالفوليو
:
يا سير توباس! ١٠٠
المهرج
(بصوت سير توباس)
:
لا تتحادث معه أيها الرجل الطيب (بصوت
المهرج) من؟ أنا يا سيدي؟ لا! لن أحادثه يا
سيدي! أستودعك الله
يا سير توباس! (بصوت سير توباس) آمين آمين!
(بصوت المهرج
وبعد فترة)٤١ سوف أفعل ذلك يا سيدي.
قطعًا.
مالفوليو
:
أيها المهرِّج! أيها المهرِّج أقول! ١٠٥
المهرج
:
وا أسفا يا سيدي! اصبر! ماذا تقول يا سيدي؟
لقد وبَّخني لمحادثتي
إياك.
مالفوليو
:
يا أيها المهرِّج الكريم! أرجوك أن تأتيني
ببعض الضوء وبعض
الورق، وأؤكِّد لك أن قواي العقلية توازي
قوى أي رجل في
إلليريا.
المهرج
:
يا تعسًا لك إن كانت كذلك وحسب يا سيدي! ١١٠
مالفوليو
:
قسمًا بهذه اليد هذا صحيح! أيها المهرِّج
الكريم! بعض الحِبر والورق
والضوء، وسلِّم ما سوف أكتبه إلى مولاتي.
ولسوف تزيد مكافأتك
عن مكافأة نقل أي رسالة في الماضي.
المهرج
:
سأُساعدك في ذلك. ولكن .. اصدقني القول:
ألست مجنونًا حقًّا؟ ١١٥
أم تراك تتصنَّع الجنون؟
مالفووليو
:
صدِّقني، لست مجنونًا، وأنا أصدقك القول.
المهرج
:
لكني لن أُصدِّق مجنونًا حتى أشاهد مخه.
سأُحضر لك الضوء ١٢٠
والورق والحبر.
مالفوليو
:
وستنال مني أيها المهرِّج أكبر مكافأة. اذهب الآن
أرجوك.
المهرج
(يغنِّي)
:
ذهبتُ سيدي ذهبتُ من هنا حقًّا،
لكنني أعود بعد لحظةٍ لكَ، ١٢٥
كأنني شخصيةُ الرذيلة القديمة التي
تعود فورًا كي تجيب سُؤلكَ،
فإنها بخنجرٍ من الخشب
وسورةٍ جبارة من الغضب،
تصيح في الشيطان أن
قلم أبي أظفارك، ١٣٠
كأنها ابنه الغضوبُ الجانح.
إلى اللقاء يا شيطانُ يا صالح.
(يخرج المهرج.)٤٢
المشهد الثالث
(يدخل سباستيان.)٤٣
سباستيان
:
هذا هو الهواءُ من حولي وتلك شمسُنا
الجميلة،
وقد حبتني هذه الحلية .. أُحسها قطعًا
وأُبصرها
ورغم أنني في دهشةٍ يلفُّني العجب،
فإنه ليس الجنون. وأين أنطونيو إذن؟
لم أستطع لُقياه في فندقنا «إلِفانت» ..
لكنه حلَّ به وقيل لي هناك إنه ٥
قد جاب أقطار المدينة باحثًا عني!
لشد ما أحتاج للرأي السديد منه الآن!
إذ إنه رغم اقتناع عقلي بالذي تدل كل حاسةٍ
عليه؛
أي إن هذا من ثمار غلطةٍ قد وقعت،
وليس برهانًا على الجنون، ١٠
فإن كل ما حدث .. وفَيض هذا الخير فجأة،
لا تعرف الدنيا له مثيلًا .. ولا يُسيغه
عقلٌ ومنطق!
وهكذا فإنني أريد أن أُكذِّب الذي تراه
عيني!
وهكذا أُصارع العقل الذي يُقنعني
بأنني لا بد أن أكون مجنونًا،
أو أن تكون هذه الفتاةُ مجنونة! لكن لو أنها
كانت كذلك، ١٥
لَمَا استطاعت أن تُدير بيتها . أن تأمُر
الأتباع أو أن
تعقد الصفقات بالحِذق الذي شهدتُه
وبالثبات
والبراعة التي رأيتها! في الأمر قطعًا خدعة!٤٤
يكفي فها هي قد أتت! ٢٠
(تدخل أوليفيا مع كاهن.)
أوليفيا
(إلى سباستيان)
:
أرجوك لا تلُم تعجُّلي. إن كنتَ صادق
النوايا
فاذهب معي في صُحبة الكاهن
إلى الكنيسة القريبة ..٤٥
واحلف أمامه وتحت سقفها المقدَّس
يمين إخلاصٍ٤٦ مجرَّدٍ على هواك الصادق؛
٢٥
كي تطمئن روحي التي تثيرها الشكوكُ
الضارياتُ والغَيرة،
وسوف يحفظُ القسيسُ هذا السر
حتى يحين الموعدُ الذي تُريدُ فيه أن
يذيع،
وعندها يأتي زفافُنا مناسبًا مكانتي.
ماذا تقول؟ ٣٠
سباستيان
:
أمضي خلف الرجل الصالح، بل هاك يدي،
فإذا أقسمتُ يمين الصدق ظَلِلت وفيًّا
للأبد.
أوليفيا
:
وإذن هيا يا أبت الصالح، وليبسم رب
الأكوان
إذ يشهد فنحوز رضاه عمَّا أفعلُه الآن.٤٧ ٣٥
(يخرجون.)
١
المكان: أمام منزل أوليفيا. والواضح أن المناقشة كانت قد
بدأت من فترة، كما دام المهرِّج يقول لسباستيان «إصرارك
يُدهشني حقًّا» (٥).
٢
«ولا يوجد أنفي في وجهي أيضًا!»: هذا
أقصى ما يصل إليه إنكار الواضح كقولك
بالعربية: «وليس يصح في الأذهان شيء، إذا
احتاج النهار إلى دليل.» وكان المثل
الإنجليزي القديم يقول: «واضح وضوح الأنف
في وجه الإنسان.»
٣
«تنفث»
(vent):
وكانت الكلمة تُستخدم بمعانٍ حقيقية
ومجازية في القرن السادس عشر، وهكذا فرغم
أن سباستيان لم يخطئ أو يتعمَّد التصنُّع،
فاستعمال الكلمة يُتيح للمهرِّج أن يرد
عليه باعتبارها كلمةً مُتكلَّفة، ومن ثم
يستخدمها في سياقات تجعلها تبدو
مضحكة.
٤
يرد بيتا سباستيان في طبعة الفوليو
(١٦٢٣م) وما بعدها على سطر واحد باعتباره
نثرًا، ولكن كابيل
(Capell)
في طبعته عام ١٧٧٩م لاحَظَ إيقاع النظم
فيه، ففصل التفعيلات الخمس الأولى عن
التفعيلتَين التاليتَين. ويقول كريك إن
هذا معقول لأن سباستيان يستخدم النظم في
حواره كله؛ ولهذا فهو يقبل هذا التقسيم،
وتقسيم الحوار التالي لسباستيان في ١٨–٢٠،
ويقول إن الفارق بين نظمه ونثر المهرِّج
وأندرو وتوبي مقصود بوضوح، وحواره مع
أوليفيا نظم من أوله لآخره.
٥
«التصنُّع والتخنُّث»: في الأصل كلمة
cookney،
لم تكن تلك الكلمة تعني ما تعنيه لنا
اليوم أي من أبناء شرقي مدينة لندن
«الإيست إند» أو وصف اللهجة التي
يتكلَّمون الإنجليزية بها، ولكنها كانت
تعني الطفل المدلَّل الذي يكتسب لغةً
متصنَّعة ويتكلَّمها بلهجة مخنَّثة (في
المعجم مُخنَّث فقط
milksop،
واقتران التصنُّع بالتخنُّث له تاريخ طويل
يشهد به تطوُّر معنى الكلمة، وهكذا لم أجد
مناصًا من الجمع بينهما، خصوصًا والمهرِّج
يعترض على «تصنُّع» سباستيان في هذا السطر
وفي السطر التالي.
٦
«المهرج السخيف»: في الأصل
foolish
Greek، وهذا قد يعني: (١)
من يقول الهذر الذي لا يُفهم (من تعبير
It is Greek to
me؛ أي يوناني لا يفهم)
أو (٢) المهرِّج
(merrygreek)
السخيف، وكانت هذه الصفة للمهرِّج تُكتب
بالإنجليزية كلمةً واحدة، فقسمها سباستيان
إلى كلمتَين. ولمَّا كانت النسبة إلى
اليونان غير أصلية في المعنى، حذفتها
واستعضت عنها بالدلالة.
٧
المعنى المباشر هو أن المهرِّج يظن أن
سباستيان هو فيولا، وكان قد نال منها بعض
المال قبل ذلك في اليوم نفسه
(٣ / ١ / ٤٤)، وذلك دليل على غاية الكرم
أو الإسراف، ولكن كريك يقترح معنًى آخر،
وهو أن سباستيان قد رفع يده كأنما
ليلطمه!
٨
«أربع عشرة سنة»: أي إذا سدَّدوا المبلغ
المطلوب على مدار تلك المدة، والصورة
مستقاة من تحديد قيمة العقار بضرب قيمة
إيجاره السنوي في عدد معيَّن من السنين،
١٢ عادةً وقد يكون ١٤.
٩
تخيل مفاجأة الجمهور حين يتلقى السير أندرو
ضربات سباستيان! ومفاجأته!
١٠
اقترح كابيل إضافة «وهذه» أخرى حتى
يكتمل البيت الخماسي التفعيلة، واتَّبعهُ
بعض محرِّري طبعات القرن التاسع عشر (لا
المحدثين)، وقد كتب فيرنس امتداحًا ساخرًا
لذلك يقول فيه إنه من العار ألَّا يُضرب
السير أندرو وفق بحر الشعر الكامل (أي لا
المجزوء)! ولكن مجزوء الرجز لديَّ
يكفي!
١١
تهديد سير توبي ورد المهرِّج (الذي يقوله لنفسه)
يعني أن المكان يقع خارج منزل أوليفيا. ولكن
التهديد بقذف الخنجر فوق المنزل يعني أن المنزل
صغير لا تحيط به مساكن، وهو ما يفسد ما قصده من
الإيحاء بقوة ساعده!
١٢
يقول كريك إن ذكر «دعوى الاعتداء
بالضرب» (action of
battery) يرد ثلاث مرات
في شيكسبير وفي مسرحيات تنتمي لهذه
الفترة، والإشارتان الأخريان في «هاملت»
(٥ / ١ / ٩٩) وفي «صاعًا بصاع» (دقة بدقة)
(٢ / ١ / ١٧١–١٧٣)، وكلها إشارات
فكاهية.
١٣
تذكُّر أوليفيا اسم سيزاريو حتى يتأكَّد
الجمهور من الخلط الذي أحدثه حضوره،
والمهرِّج يذكره كذلك في مُستهل المشهد،
و«الصفيق» في الأصل
rudesby،
وهي كلمة مهجورة الآن.
١٤
«التجني الفظ دونما مبرِّر»
(uncivil and unjust
extent): والصفتان فهمهما
يسير، وأمَّا
extent
فيشرحها الدكتور جونسون قائلًا: «إنها
تعني في القانون extendi
facias؛ أي الأمر
التنفيذي بالاستيلاء على البضائع لصالح
الملك. ومن ثم فهي تعني التجَني أو العنف
بصفة عامة.» ولمَّا كان المُحدَثون
يشرحونها بالعدوان فحسب
(assault)،
فقد قبلت هذا المعنى.
١٥
«ليس من ورائها طائل»: في الأصل
botch’d
up، المعنى الحرفي هو أنه
أساء في اختلاقها بلا هدف فجاءت عقيمة،
والمقصود أنها لا لزوم لها ولا فائدة.
والطريف أننا ما زلنا نستخدم هذا التعبير
في الإنجليزية المعاصرة في صفة العمل الذي
أساء صاحبه أداءه.
١٦
«واهًا لنفسي منه ذلك الشقي»
(Beshrew his soul for
me): لو كانت اللهجة أو
النغمة
(tone)
جادة، لكان المعنى «إنني ألعنه» أو «عليه
مني اللعنة»، ولكن النغمة هازلة؛ ولذلك
فهي أقرب ما تكون إلى العامية «الله
يخيِّبه» أو كما كانت ماري منيب تقول «جته
نيلة» أو «ينيله»، والإحساس بالنغمة جوهري
في محاولة ترجمة أمثال هذه العبارات.
وللممثلة أن تنطق العبارة الفصحى التي
أوردتها بلهجة تنم عن المعنى الذي تنقله
العامية!
١٧
أي إن قلبي الحقيقي هو القلب الذي لديك،
وهو ما يمثِّل استمرار اللهجة
الهازلة.
١٨
لاحظ كيف يُفاجأ سباستيان بما قالته
أوليفيا في أبياته المقفاة.
١٩
جدول النسيان هو
Lethe وفق
ما تقوله الأساطير الإغريقية، ولكن الكلمة
أصبحت استعارةً ميتة؛ ولذلك تُرجمت
بمعناها دون ذكر اسم النهر.
٢٠
لاحظ أن سباستيان في شبه ذهول.
٢١
المكان: قصر أوليفيا «رو
Rowe».
٢٢
«السير توباس»: انظر الحاشية على السطر
٢٧٥ في المشهد الرابع من الفصل الثالث
تفسيرًا للقب السير. وأمَّا اسم توباس
فيدل على وَلَع شيكسبير بكل ما هو متناقض
مضحك، فمن المحتمَل أنه استعار الاسم من
«حكاية السير توباس» «و«التوباز» هو
الياقوت الأصفر) التي رواها تشوسر في
«حكايات كنتربري»، وهي حكاية رومانسية
ساخرة، كما ورد الاسم أيضًا في «إنديميون»
(Endimion)
من تأليف
Lyly؛ حيث
يُطلَق هذا الاسم على مقاتل متفاخر طنَّان
الألفاظ. وكانت تُنسب إلى التوباز القدرة
على شفاء المجانين من اللوثة، كما جاء في
كتاب وُضع عام ١٥٨٤م، وكتاب آخر وُضع عام
١٥٨٣م يقول بذلك.
٢٣
كان المعروف عن العلماء (بالمعنى
الديني) التقشُّف والزهد، وهو هنا يمتدح
ما ينعم به من رغد العيش في ضيافة
أوليفيا، ويقول إن نعيم الدنيا لا يتناقض
مع العلم.
٢٤
«عمت صباحًا»: يقولها المهرِّج
باللاتينية فيُخطئ في الإعراب إذ يقول
Bonos
dies، وصحتها
Bonus،
ويقول كريك إن هذا الخطأ من «اختراع»
شيكسبير على الأرجح، ويستشهد بإحدى
الشخصيات في مسرحية «خاب سعي العشاق» التي
تصحِّح قولًا باللاتينية لشخصية أخرى.
وتقول دونو إنه من المناسب للمهرِّج أن
يستخدم «لاتينيةً رديئة» باعتباره
مهرِّجًا، وباعتباره السير توباس.
٢٥
«فكما قال الراهب … إلى ابنة أخ الملك
جوربوداك»: يستشهد المهرِّج من جديد بقول
زائف لأحد الثقات الخياليين، مثل
كوينابالوس في ١ / ٥ / ٣٣. وأمَّا
جوربوداك
(Gorboduc)
فهو ملك ينتمي للتاريخ الأسطوري
البريطاني، ويرد اسمه في الروايات
التاريخية المسجَّلة، وفي مأساة تحمل اسمه
كتبها نورتون وساكفيل
(Norton and
Sackville) عام
١٥٦٢م.
٢٦
«كل ما هو موجود موجود»: منطق وهمي يسخر
فيه من لغة أهل «العلم» في زمانه.
٢٧
«الغرفة المظلمة» التي وردت في
٣ / ٤ / ١٣٦ و«المنزل المظلم» هنا تعبيرات
مترادفان.
٢٨
ثلاثة تعبيرات متناقضة، والتناقض فيها
مقصود؛ فالشفاف مُصمت، والنوافذ جهة
الجنوب الشمالي، وهي وضَّاءة مثل الأبنوس
(وهو معتم أسود!) ولكن هوتسون
(Hotson)
يقول في كتابه المشار إليه آنفًا وهو
(The First Night of
Twelfth Night, 1954) إن
المهرِّج يشير إلى المكان الذي قُدِّمت
فيه المسرحية أول مرة، ويقول كلامًا غير
مقنع.
٢٩
الإشارة إلى غياهب قوم فرعون تستند إلى
ما ورد في الكتاب المقدس (سفر الخروج
١٠ / ٢١–٢٣)، عن الظلام الذي أنزله الله
عليهم، وهو يسمِّيه الضباب؛ لأن وصفه يقول
إنه كان «ملموسًا»، «حتى يُلمس الظلام»
(١٠ / ٢٢)، والإشارة إلى قصة دينية من
سمات عمل الكاهن.
٣٠
«أُسيء إليه»
(abused):
تتكرَّر الكلمة في السطر ٩٠ ثم تُكرِّرها
أوليفيا في ٥ / ١ / ٣٧٨.
٣١
«فيثاغورث»
(Pythagoras):
المقصود هو نظرية تناسخ الأرواح التي تكثر الإشارة
إليها في الأدب الإليزابيثي
(transmigration of
souls). وليست للطيور البرية
دلالة خاصة، ولكن المهرِّج يأتي بها حتى يأتي
بفكاهة «ديك الغابة» (المشهور بالغباء) في السطر
٦٠ (انظر الإشارة السابقة إليه في
٢ / ٥ / ٨٣).
٣٢
يقول هارولد جنكيز
(Jenkins) إن
اعتراض مالفوليو يمثِّل اعتراض كثير من مفكري عصر
النهضة.
٣٣
«أسبح في أي مياه»: المعنى واضح، وهو أنه قادر
على أداء أي شيء، ولكن الشراح يختلفون في مصدر
العبارة؛ لأنها لم تكن من الأمثال السائرة.
٣٤
تقول
ماهود: «يوحي ذلك بأن شيكسبير خطرت له تلك الفكرة
بعد كتابة الحوار السابق، فكتب ما كتب مسرعًا.»
وقد يكون هذا صحيحًا، ولكن كريك يقول إن ارتداء
العباءة واللحية لازم في المسرح حتى يساعد
الممثِّل على تقمُّص الدور، وقد شهدت ذلك في خبرتي
بالمسرح، وكذلك لتذكير الجمهور بأنه يمثِّل رجل
دين، والجمهور يحتاج إلى رموز بصرية محسوسة، وبعد
أن ينتهي من أداء الدور يعيد العباءة واللحية إلى
ماريا، ويستأنف الحديث بصوته المعتاد. وفجأةً
يستأنف الحديث بصوت الكاهن، الأمر الذي يُدهِش
الجمهور ويمتِّعه! والواقع أن عبارة ماريا تساعد
المهرِّج على وضع ستارة أو حاجز على المسرح لتمثيل
الغرفة المظلمة؛ فهي جزء من الإرشادات المسرحية
التي كان شيسكبير يُدرجها في المتن نفسه. كما إن
الملابس في ذلك العصر كانت كثيرًا ما تُغني عن
الإضاءة والديكور، فلها وظيفة درامية يجب ألَّا
نستهين بها.
٣٥
«ليتنا نتتهي … تفرغين من عملك»: أخذت
في تفسير المخاطَب في هذه العبارات برأي
ويلسون، الذي يؤيِّده كريك وتؤيِّده دونو،
وهو الذي يقول إنه يوجِّه الكلام هنا إلى
ماريا؛ فهي صاحبة التدبير أولًا، وهي أقرب
الناس إلى بنت أخيه ثانيًا، ثالثًا فنحن
نعرف من الفصل الخامس أنهما قد تزوَّجا
(في نحو هذا الوقت من أحداث المسرحية)،
ومن ثم فهو يدعوها إلى غرفته باعتبارها
زوجته. ويضيف كريك إن الزواج هنا قد يجري
«بالتعاقد الشفوي» أو ما يسمَّى في
القانون (per verba de
praesen-ti) على نحو ما
يشير إليه الكاهن في ٥ / ١ / ١٥٤، وما
دامت هذه العبارات تقال إلى ماريا فهي
مبرِّر كافٍ لخروجها. ولكن ويلسون لا
يقدِّم أسبابًا مقنعةً لعدم توجيه هذه
العبارات إلى المهرِّج أيضًا، وربما كان
سير توبي يوجِّه الكلام إليه أيضًا، كأنما
يكرِّر في العبارة الأخيرة قوله في
العبارة: «عد فقل لي كيف وجدته.» وإذا كان
المخرج أو القارئ للنص الإنجليزي حرًّا في
تفسير المُخاطَب لخلو الأفعال الإنجليزية
من علامات التذكير والتأنيث، فالمترجم
العربي لا بد أن يقرِّر إن كان رجلًا أو
امرأةً حتى يبيِّن ذلك في شكل الفعل. وقد
اخترت، كما قلت، توجيه العبارات إلى
ماريا.
٣٦
الهدف الرئيسي لهذه الأغنية تذكير
مالفوليو بأنه يستمع إلى المهرِّج الآن،
ولكنها مختارة بدقة من شعر السير توباس
وايات
(Wyatt)
الشاعر المعاصر. ويقول كتاب عن «الموسيقى
والشعر في بلاط الملوك الأوائل من أسرة
تيودور» (صادر عام ١٩٦١م ويشير إليه كريك)
إن هذا الشاعر ربما كان قد أعاد صياغة
كلمات أغنية قديمة. وقد أوردها كينيث ميور
(Kenneth
Muir) في طبعته لديوان
ذلك الشاعر عام ١٩٤٩م، وهي مطبوعة كما
يقول كريك في صورة أغنية لثلاثة أصوات.
وأمَّا كلماتها الأولى فتقول:
ويقول بيتر سينج
(seng) في
كتابه عن أغنيات شيكسبير (١٩٦٧م) الذي
يشير إليه كريك إن كلمات الأغنية موجَّهة
إلى مالفوليو بقصد السخرية من موقفه،
قائلًا: «فهو العاشق، وأوليفيا هي
الحبيبة، و«الآخر» الذي تحبُّه هو فيولا
المتنكِّرة في زي رجل» (ص١١١) (في كريك
ص١٢٥).
(١) روبين يا روبين أيها المرح،
قل لي وكيف حال من تحبها،
وسوف أحكي حال من أحبها.
(٢) حبيبتي والله جد قاسية
وا أسفا! وكيف تقسو هكذا؟
لأنها تحب غيري يا فتى!
وذاك خير من غرامي!
وهكذا تحيد عن مرامي!
٣٧
«قوى عقلك الخمس» (your five
wits): المقصود خمس طاقات ذهنية
حدَّدها كاتب في مطلع القرن السادس عشر (١٥٠٩م) في
قصيدة بعنوان تسرية المتعة، وهي: الذكاء العادي
(common wit)
والمخيلة
(imagination)
والواهمة fantasy
(كلمة ابن خلدون) والتقدير
(estimation)
والذاكرة (memory)
(الحافظة عند ابن خلدون)، وكانت مسرحية «كل إنسان
المجهولة» المؤلف تتضمَّن شخصيةً تجسِّد هذه القوى
العقلية معًا (١٤٩٥م تقريبًا).
٣٨
«لقد عاملوني هنا معاملة الجماد»
(They have here
propertied me): وقد ورد
هذا المعنى في «الملك جون» ٥ / ٢ / ٧٩–٨٢
و«يوليوس قيصر» ٦ / ١ / ٣٩–٤٠. واستعمال
property
فعلًا استعمال مهجور ونادر. ولا يورد
المعجم شاهدًا له قبل عام ١٥٩٥م. والمقصود
أنهم عاملوه معاملة ما يمتلكونه من
«أشياء»؛ أي سلبوا إنسانيته.
٣٩
يشير مالفوليو إلى السير توباس بلفظ الجمع
الذي يفيد التحقير، ولمَّا كان دور ذلك
الكاهن قد لعبه المهرِّج الذي يقول السير
توبي عنه إنه «حمار» (٢ / ٣ / ١٧)، فإن
مالفوليو يصيب في قوله دون أن
يدري.
٤٠
«الهذر والترهات»: الأصل
bibble
babble وسبق لشيكسبير
استخدام التعبير في «هنري الخامس»
(٤ / ١ / ٧٠)، وكان التعبير قد شاع منذ
منتصف القرن السادس عشر.
٤١
استندت في الإرشاد المسرحي هنا (بعد
فترة) إلى رأي الدكتور جونسون.
٤٢
«يخرج المهرج»: هذا معناه أننا لا نرى مالفوليو على
المسرح، ولكننا إذا افترضنا وجوده على المسرح ولو خلف ستار
(يمثِّل الجدار) على نحو ما يفعل بعض المخرجين المحدثين،
فلا بد من النص على خروجه.
٤٣
المكان: حديقة منزل أوليفيا (كابيل
Capell).
٤٤
إشارة سباستيان إلى مراقبته سلوك
أوليفيا يدل على أنه قضى بعض الوقت في
منزلها ولم يصل لتوه؛ أي إن علينا أن
نفترض أنه (منذ اصطحابها له إلى داخل
المنزل في آخر المشهد الأول) قد انقضى زمن
طويل يعد بالأيام لا بالساعات. وأعتقد أن
ذلك هو ما قصد إليه هارلي جرانفيل-باركر
حين نصَّ في حديثه عن إخراج المسرحية على
تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء، ومراعاة وجود
استراحة أثناء العرض بعد ٢ / ٣، وبعد
٤ / ١، وهو ما يهمنا هنا (ص١٤٠ من كتابه
المشار إليه في المقدمة).
٤٥
«إلى الكنيسة القريبة»
(Into the chantry
by): أصل الكلمة يرجع إلى
chant
الذي كان من معانيه الرئيسية الأغنية
الدينية، وكان الأغنياء في العصور الوسطى
يرصدون قدرًا مُعيَّنًا من المال، أو
يخصِّصون وقفًا يُدر ربحًا منتظمًا،
للإنفاق على إقامة الصلوات ترحُّمًا
عليهم، وكان هذا المال يسمَّى
chantry،
ولمَّا كان بعضهم ينشئ كنائس صغيرةً جدًّا
لهذا الغرض، أصبح هذا اللفظ يُطلَق على
هذه الكنيسة التي كانت عادةً ما تُلحقُ
بقصر هذا الغني أو ذاك. وليس معنى ذلك أن
أوليفيا أقامت ذلك المصلَّى خصوصًا
للترحُّم على روح أخيها، كما يزعم بعض
النقاد، ولا أن نفترض أنه يشير إلى كنيسة
حقيقية في لندن تقع بجوار المسرح الذي قيل
إن المسرحية قُدمت فيه.
٤٦
لاحظ أن اليمين الذي تشير إليه هو
«وثيقة» الزفاف وإن كانت شفوية.
٤٧
لاحظ أن الأبيات التي يُختتم بها المشهد
مقفاة.